Kurd Day
Kurd Day Team
الدولة المروانية
تأسيس الدولة المروانية (الحميدية):
في عام 347هجري سيطر المروانيون بقيادة الأمير (حسين أبو الفوارس) و(شاه باذ أبو شجاع)وهما ولدا دوستك الحميدي على عشائر حيزان وأرديش ومعدن ولم يمض وقت طويل حتى تمكنوا من انتزاع مناطق آمد وجزيرة بوتان ونصيبين وحران وأخلاط والرها وبدليس من الحمدانيين حكام حلب وطالبوا بالملكية والحكم وبالإختصار فقد وقعت العديد من المعارك بينهم وبين ملك الديالمة وفي كل هذه المعارك كان النصر حليف الأكراد والمراوانيين.قتل أبو الفوارس (حسين شاه) في بداية هذه المناوشات كما قتل الشاه باذ أبو شجاع في الحروب الأخيرة التي جرت على الموصل وأصبحت الدولة والأموال والأولاد والنساء بيد ابن اختهم (أبو علي حسن شاه) الذي تزوج من امرأة خاله الديلمية واصبح ملكاً خلفاً لأخواله وكان لمروان بن كسرى أربعة أبناء من زوجته ابنة الدوستك وهم أبو علي حسن وسعيد وأحمد وكسرى كك .
1- أبو علي حسن شاه بن مروان بن كسرى:
في سنة 380هجري وعندما جرح خاله(الشاه باذ) في إحدى المعارك ترجل من فرسه ووقف يخاطب خاله وهو في الرمق الأخير(انهض ياخال لآخذك الى مكان آمن) فرد عليه الخال الحصيف والمعتد بنفسه والحريص على جنده في نفس الوقت قائلاً (لافأنا ميت لامحالة وجراحي لاتساعدني على النهوض والهرب فاجمع عساكرك وانسحب بهم الى الجبال وكن حذراً حريصاً على نفسك لئلا تقتل أنت الآخر) ومنذ ذلك اليوم أصبح أبو علي حسن شاهحاكماً على البلاد وقائلاً لجيش كردستان-آمد-فارقين في هذه الأثناء كان مروان حاكماً على قرية (كرماس)التي تقع بين سيرت ومعدن وكان لمروان طواحين ومزارع ومتزوجاً من أخت الشاه باذ وابنة دوستك الحميدي وأولاده كلهم جاؤوا من رحم هذه المرأة وفي سنة 382هجري شن عساكر الروم هجوماً على مدن خلاط وملاذكرد وأرديش وباركيري ولكن استطاع الجيش الفارقي أن يلحق هزيمة ساحقة بالروم بقيادة أبو علي حسن شاه وانتزع البلاد من أيديهم ثم عقد الطرفان فيما بعد هدنة مدتها عشر سنوات وبهذا الشكل وسع حسن شاه حدود بلاده وقام بتجميلها متحفاً إياها بالعمران والقصور الجميلة ومديد الخير والعطاء الى شعبه وسار على طريق المساواة بين الناس فازداد الغنى وازدهرت البلاد وخطت بقوة نحو ميادين العلم والبناء والزراعة والتجارة ولكن علينا أن نكن الإحترام والتقدير لذلك العجوز الذكي والوزير الفطن المدعو (مم) الذي أمسك زمام الوزارة الكردستانية بيد من حديد وكان يقدم للملك المشورة ويقال بأنه كان يدير طواحين بدون ماء (كناية عن ذكائه) وفي سنة 384هجري قال حسن شاه يوماً لوزيره.أنا لم أعد أتحمل إهانات سكان المدينة الذين يقضون حوائجهم لدى ضباط الجيش ولايعيرون انتباهاً لحكام الدولة وهؤلاء الضباط يتحكمون بمصير البلاد ويسيرون كل شي على حسب هواهم.فرد عليه الوزير القدير.مولاي اترك هذا الأمر لي وسأعرف كيف ألوي أعناقهم وبقي الأمر هكذا حتى جاء عيدنيروز وخرج سكان المدينة الى ساحات والضواحي فقال الوزير للملك اليوم هو يومنا وأعطيا الأوامر للجيش بإغلاق جميع أبواب المدينة ثم القوا القبض على زعمائها وأودعوهم السجن أما المقربون من الملك فقد جاؤوا بهم الى المدينة والباقون هربوا الى خارجها وعمدوا الى قتل كل من كان يتسنم في نفسه الزعامة ووضعوهم في السجن أوقتلوهم ونهبوا أموالهم ومات الكثير منهم في الخارج ولم يعد البعض إلا بعد موت الشاه الى المدينة واقتنعوا منذئذ عن إثارة القلاقل واعتباراً من الآن أصبح حسن شاه ملكاً مشهوراً وذاع صيته وخافه الناس وحسبوا له ألف حساب وأصبحت البلاد بفضل ذكاء هذا الوزير القدير تتقلب في النعيم وتتقدم وتزدهر واختفت منها المشاكل والفوضى وفي سنة 386هجري طلب حسن شاه يد(ست الشام) ابنة سعدالدولة شريف بن سيف الدولة ملك حلب وعندما وصلت العروس السيئة الطالع الى مدينة الرها سمعت خبراً غير سار يفيد بمقتل الملك العريس فعادت الست أدراجها الى بيت أهلها حزينة منكسرة القلب تندب حظها العاثر .
مقتل حسن شاه :
في أحد الأيام خرج الملك من فارقين متوجهاً الى آمد (دياربكر) وكان يصحبه وزيره (شروه بن مم ) وكان الوزير الغدار يطمح للوصول الى الحكم وما فتيء يحبك المؤامرات لقتل سيده آملاً في أن يخلفه في الحكم وفي سنة 387هجري نصب الملك الكردي خيامه خارج المدينة فاستقبله زعماؤها ووجهاؤها وجلبوا له الهدايا وكان من جملة من استقبله شخص يدعى(عبدالبر) وينتمي الى أحدى العائلات الكبيرة في المدينة فأكرمه الملك وأجلسه بجانبه باذلاً له العطاء وقضى معه سهرة ممتعة وودية ولكن الوزير غير المؤتمن وجد فيه ضالته فتقدم من عبدالبر وقال له لقد رأيتم وسمعتم ماذا فعل هذا الملك السفاح بأهل فارقين وأنتم لستم بأقوى منا وبدون شك إذا دخل الملك المدينة فإنه سيفعل بكم مثلما فعل بأهل فارقين وأكثر .وبقليل من التردد اتفقا على قتل حسن شاه وحلفا لبعضهما وبذلا العهود والمواثيق وعندما عاد عبدالبر الى المدينة جمع زعماؤها ووجاؤها وحاكوا جميعاً مؤامرة لقتل الملك وأبقوها طي الكتمان وعندما دخل حسن شاه باب المدينة نثر عبدالبر على رأسه الدراهم فخفض الملك راسه وأغمض عينيه فانهال عليه شخص يدعى(ابن دمنة) من الخلف طعناً بالخناجر وقتله ثم رموا بجثته الى جنوده من فوق سور المدينة وأغلقوا أبوابها واستعدوا للحرب ولكن الوزير الخائن جمع جنوده وعاد بهم الى فارقين وخرجت مدينة آمد لفترة من الوقت من أيدي آل مروان وقد دام حكم حسن شاه سبع سنوات بعد أن ترك للشعب الكردي تراثاً وذكراً ومقاماً عالياً ولبلاده التقدير والاحترام وشهرة وصيتاً لامعتين .
ممهد الدولة سعيد شاه بن مروان بن كسرى:
عندما قتل حسن شاه غدراً في مدينة آمد خلفه أخوه ممهد الدولة سعيد شاه ولبس التاج وسلم الوزارة مرة أخرى ل مم وابنه شروه ودفن جسد ورأس حسن شاه في المقبرة المروانية في مدينة أرزن حيث بنيت عليه قبة كانت تقع في شمال الجسر وتشرف على الجامع وكانت ظاهرة للعيان حتى القرنين السادس والسابع الهجريين .وقد نقل مروان وزوجته بيتهما الى أرزن واستقروا قرب قبر ولدهما. خلف حسن شاه ولداً يدعى(الفضل) الذي اشتهر بأبي دلف فزوجه نصرالدولة ابنته وخلف أبو دلف بنتاً تدعى(فاطمة) فتزوجها ابراهيم بن نصرالدولة وكانت أم ابراهيم هي ابنة سنحاريب زعيم أرامنة صاصون.وفي عام 387هجري أصبح سعيد شاه ملكاً على فارقين وآمد وبذلك حل محل أخيه في الحكم وفي سنة 388هجري طلب يد(ست الشام) ابنة سعد الدولة شريف بن سيف الدولة علي حاكم حلب وكما مر معنا فقد كانت هذه الفتاة مخطوبة لحسن شاه الذي قتل بيد وزيره ولم يتزوجها فتزوجها سعيد شاه وأسكنها مدينة فارقين وترك لوزيره شروه أمور البلاد والعباد.
وكانت البلاد تعيش حالة ازدهار ورخاء تحت حكم المروانيين الأكراد وخاصة تحت حكم سعيد شاه حيث كانت كردستان (آمد-فارقين) تخطو خطوات متسارعة نحو التقدم في ميادين البناء والزراعة والمعيشة عاشت البلاد حياة كلها مساواة وتعاون ومحبة وبنيت فيها القصور الجميلة وازداد الغنى وعم الرخاء والرفاهية القرويين والفلاحين والناس جميعاً.
وفي سنة 390هجري هاجم (باسيل) ملك الروم بقوات كبيرة مدينة آمد وفارقين ولكن تصالح الملكان وعاد سعيد شاه الى بلاده كردستان مرفوع الرأس عزيز الجانب وكانت تأتيه الهدايا من الخليفة العباسي ومن بهاء الدولة حاكم بغداد ومن ملك مصر .وفي سنة 396هجري أعاد ترميم الكثير من أجزاء سور مدينة فارقين وقد نقش اسمه على خمس وعشرين موضعاً من الطرف الخارجي للسور وعلى ثلاثين موضعاً من الواجهة الداخلية وعندما تهدم باب السور بناه من جديد وبنى باب (القلوفه). وكذلك البرج الذي يقع في الباب الأوسط بني على يديه .