رد: الف رد ورد
المدنُ التي نسكنها هي مدارسُ الموت، لأنّها غيرُ إنسانية. صارتْ كلُّ واحدةٍ منها مجمّعَ ضجيجٍ و نتانة، أصبحتْ كلٌّ منها فوضى مباني نحتشدُ فيها بالملايين، خاسرينَ بهذا مقوماتِ الحياة.
نجدُ أنفسنا تعساءَ بلا أملٍ داخلَ هذهِ المتاهةِ منَ العبثِ التي لا نخرجُ منها إلا أمواتًا، لأنَّ مصيرنا هو مضاعفةُ الهالكينَ مضاعفةً لا نهائيّة. في كلَّ مرّةٍ تتقدّمُ المدنُ الواحدة تلو الأخرى، تائقةً للاندماج، نحوَ فوضى مطلقة، منَ الضجيجِ و النتانة. في كلِّ مرةٍ ترتفع أثمانُ الأراضي، و في هذا التيهِ المعقّدِ الذي يبدّدُ الفضاءَ الحر، ترتفع عائداتُ الاستثمارِ يومًا بعدَ يوم. لأنّهُ منَ الأهميّةِ بمكانٍ للمالِ أنْ يشتغل، و للمدنِ التي نسكنها أنْ تتقدّم. و يبقى أيضًا مشروعًا لكلِّ جيلً أنْ يضاعفَ ارتفاعَ مبانيه، و أنْ يصلهُ الماءُ فيها مرّةً كلَّ يومين... البنّائونَ لا يسعَوْنَ إلا للتملصِ منْ قدرهم، و الرحيلَ للعيشِ في القرية."
البير كاراكو