موقع مؤسسة سما للثقافة والفنون: دراسات سوسيولوجية في الشخصية الكردية ( الحلقة السابعة )...للدكتور : أحمد خليل(الحلقة السابعة )...للدكتور : أحمد خليل================================================================================Hozan Amin on 02 شباط, 2010 04:31:00 أنثروپولوجيا الكردمدخل: أسس الشخصيةالشخصية- سواء أكانت شخصية فرد أم شخصية شعب-أشبه بجبل الجليد، يظهر ربعه للعيان، ويختفيثلاثة أرباعه في أعماق المحيط، وقد لخّصنا- فيالحلقة الثانية من هذه السلسلة- تعريف (شخصيةالشعب) بأنها " السمات العامة التي يُعرف بهاشعبٌ ما، من حيث الصفات الجسدية، والمزاج،والذهنية، والثقافة، وأنماط السلوك فيالمواقف المختلفة ". وثمة أربعة أسس (مقوّمات)لشخصيات الشعوب، هي:1 – الأساس الأنثروپولوجي Anthropology: ويتمثّل فيمحورين: الأول هو الخصائص السلالية الدائرةفي فلك الإثنولوجيا Ethnology (علم أجناس البشر).والثاني هو المعطيات الدائرة في فلكالإثنوغرافيا Ethnography (علم وصف الشعوب).2 – الأساس البيئي (الإيكولوجي (Ecology: ويتمثّلفي خصائص جغرافيا التكوين التي نشأت الجماعة(قوم/ شعب/ أمة) في أحضانها، منذ بدايات فجروجودها، وتأثير تلك الجغرافيا في بناءالشخصية على الصعيد البيولوجي والإثنوغرافيوالمعرفي والنفساني والاجتماعي.3 – الأساس الثقافي: ويتمثّل بالدرجة الأولىفي المنظومة المعرفية والنفسانية والأخلاقيةالمتكاملة، التي واكبت الجماعة (قوم/ شعب/ أمة)في عهود التكوين الأولى، وهي تشمل:الميثولوجيا، والدين، والرؤية الوجودية،ومستويات الوعي، وخصائص المزاج، ومنظومةالمُثل العليا، وما يتفرع عن هذه المنظومة منالمبادئ والقيم، وما يترتّب عليها من المواقفوالسلوكيات.4 – الأساس الكفاحي (الصراعي): ويتمثّل فيأنواع التحدّيات التي واجهتها الجماعة (قوم/شعب/ أمة) خلال صيرورتها عبر مراحل التاريخ؛كالمنغّصات، والعوائق، والصعوبات،والتهديدات، والأخطار، وأشكال القهر، إلخ.ومن المهم جداً أخذ أمرين في الاعتبار عندالتعامل مع هذه الأسس:- أولهما: ألا نتعامل مع كل أساس بمعزل عنالأسس الأخرى؛ إذ ليس ثمة شخصية تكون نتاجأساس واحد، وإنما يكون في كل تجلٍّ منتجلّياتها نسبة معيّنة من كل أساس من الأسسالسابقة الذكر.- وثانيهما: ألا نتعامل مع كل أساس على أنه فيحالة سكون وجمود، وإنما من منظور أنه كان علىالدوام في حالة تحوّل، وقد يكون التحوّلتصاعدياً (نحو الأفضل)، أو ارتكاسياً (نحوالأسوأ).والآن ماذا عن الشخصية الكردية من المنظورالأنثروپولوجي؟قبل الإجابة عن هذا التساؤل، أرى من الضروريتذكير نفسي بالضوابط التي قررت التزامها فيهذه الدراسة، ومنها إفساح المجال للآخرين؛ كييقولوا كلمتهم في الشأن الكردي عامة، وفيالشخصية الكردية خاصة، شريطة أن تكون أقوالهمعلمية وموضوعية. ونحن الآن في أمس الحاجة إلىتلك الأقوال، ولا سيّما أنني لست متخصصاً فيالحقل الأنثروپولوجي. فماذا قال الدارسونالآخرون؟أقوال كتّاب أوربيين§ قال الرحّال الإنكليزي كلوديوس ريج، فيالربع الأول من القرن التاسع عشر، يصف الكردالگُوران (ذكر نيكيتين أنهم سكان شماليالطريق الذي يربط كرمنشاه ببغداد حتى نهرسَيروان (ديالى) شمالاً، ومن هناك إلىهَوْرامان): " إن الگُوران يختلفون عن طبقةالمحاربين في سيماء وجوههم وفي لهجتهم،فلوجوههم ملامحُ أكثر نعومة وخطوطٌ أكثرانتظاماً، حتى ليُخيَّل إلى الناظر من جانبوجوههم أنهم من اليونان". (نيكيتين: الكرد، ص204).§ قال هنري فيلد Henry Field (1883 - 1819)في دراسةأجراها على (324) كردياً: الكردي بشكل عام ذو طولمتوسط، وجِذْعه (من الكتفين إلى الحوض) منالنوع الطويل، وسيقانه قصيرة إلى حدّ ما،وجبينه عريض، ورأسه عريض، ونسبة حوالي (40 %) منالكرد الوجه عندهم يتراوح ما بين متوسط الطولوالطويل، وثمة نسبة مماثلة ذات وجه عريضومتوسط العرض، وأنفه محدّب غالباً، وشعرهكثيف غالباً. (جمال رشيد: ظهور الكورد فيالتاريخ، 1/243، 246).§ أورد الأنثروپولوجي الفرنسي إرنست شانترErnest Chantre ، في كتابه (الكرد) المنشور عام (1879 )،نتائج دراسة أجريت على (332) رجلاً كردياً، و(62)امرأة كردية، فذكر أن المظهر العام للكردييوحي بالقسوة (الهمجية)؛ وطابع شخصيتهم قاس(صلب)، وعيونهم صغيرة نارية بريق، وغائرة فيالمحاجر، والرجال بشكل عام سمر الألوان،وطوال القامة، ونحاف، وذوو قوة غير معهودة،إنهم يمشون بخطوات ثابتة، ويرفعون رؤوسهمعالياً بفخار. ( Susan Meiselas: Kurditan In the Shadow of History, P8 ).وذكر إرنست شانتر أيضاً أن نسبة (66 % ) من عيونتلك العيّنة كانت سوداء، وكان شعر (204) أشخاصبني اللون، وشعر (118) شخصاً بين البني والأسود،وشعر (10) أشخاص أشقر اللون، ونسبة (37 %) من أنوفالرجال مستقيم، ونسبة (50 %) منها محدّب، ونسبة(18 %) منها مقعّر، ونسبة (66 %) من أنوف النساءمستقيم. أما الوجه فضيّق، والذقن قوي، والصدرعال. ( Susan Meiselas: Kurditan In the Shadow of History, P 8 ).§ قال الإنكليزي سُون في أوائل القرنالعشرين، وكان قد عاش في جنوبي كردستان فترةليست قليلة: " إذا نظرنا إلى الكردي في تكوينهالجسدي فلا شك في أننا نجد أنفسنا أمام نموذجمتكامل. إن الكرد الشماليين رجال نحاف طوالالقامة، وقلما تجد البدين المفرط البدانة بينالكرد، أنوفهم طويلة، إلا أنها معقوفة قليلاًفي الغالب، أفواههم صغيرة، ووجوههم بيضويةالشكل ومستطيلة، ... ويغلب فيهم اللون الأشقر،وإذا وضعنا طفلاً كردياً من هذا النوع بينمجموعة من الأطفال الإنكليز، لم يمكنناالتمييز بينه وبينهم؛ لأن له بشرة بيضاءمثلهم". (نيكيتين: الكرد، ص 65).§ قال سون أيضاً: " أما في الجنوب فتكونالصورة أكثر توسعاً، والمشية أكثر ثقلاً،وبين (40) رجلاً من العشائر الجنوبية- اختيرواعشوائياً- كان تسعة منهم أقل من ستة أقدامطولاً، رغم أن معدل الطول كان بين بعض العشائرخمسة أقدام وستة إنشات. خطواتهم واسعة ولكنهابطيئة، وتحمّلهم المشاقَّ في العمل كبير،والجبليون منهم ذوو قَوام مستقيم". (نيكيتين:الكرد، ص 65).§ قال سون أيضاً: " لقد رأيت بينهم [= الكرد]العديد من الرجال الذين يحملون وجوهاً غامضة،الشعر رائق ومسترسَل، والشارب طويل سابل،والبَشَرة صافية. كل ذلك يقدم حجة مقنعة- إذاأمكن اعتبار الوجه معياراً- على أن الأنجلو-سكسون والأكراد يرجعون إلى أصل واحد".(نيكيتين: الكرد، ص 65).§ قالت الباحثة الإنكليزية ليدي درور LadyDrower، في النصف الأول من القرن العشرين،متحدثة عن مختار بَعْشيقا أو باعَذرى، فيالمناطق الأيزدية: " وكان وجهه- مثل وجوهالكثيرين الذين رأيناهم في القرية- كبيراًإلى حدّ ما، من النوع السكنديناڤي تقريباً...كان من بين أطفال القرية البعض شقرٌ وذوو عيونزرقاء مثل الساكسونيين". (ليدي درور: طاووس ملكاليزيدية، ص 41).§ قال الكاتب الأرمني أبوڤيان يصف الشخصيةالكردية: " من الممكن معرفة الكردي من النظرةالأولى برجولته وقيافته المهيبة المعبّرة،التي تشير في الوقت نفسه إلى الهزء من الخوف،بالإضافة إلى أن وجه الكردي يتّصف بعيونكبيرة برّاقة (نارية)، وحواجب كثيفة، وجبينعال، وأنف طويل معقوف، وخطوات متينة، أوبعبارة أخرى: صفات الأبطال القدماء ".(مينورسكي: الأكراد، ص 35 – 36).§ قال الباحث الروسي ڤلاديمير مينورسكي VladimirMinorsky: بصورة عامة الشخصية الكردية مختلفة إلىدرجة أنه يصعب الاعتماد على الصفاتالأنثروپولوجية، ومن الممكن العثور عندالكرد على الوجه المدوّر الأرمني، والساميالعربي، والنسطوري المسيحي على الأكثر.(مينورسكي: الأكراد، ص 35).§ قال الباحث الروسي باسيل نِيكيتين Basil Nikitin:" يُجري بعض الباحثين تمييزاً بين الكرد الذينيسكنون شرقي كردستان، والذين يقطنون غربيها.إن الكرد الشرقيين الذين صُوّروا من قبلستولز يتميّزون بسُمرة بَشَرتهم، وشكلُجمجمتهم من نوع brachycephalic (الرؤوس العريضة)،ويشبهون في ذلك الفُرس الذين يجاورونهم، وهذابخلاف الكرد الغربيين الذين درسهم بعناية ڤونلوشان Von Luschan ، من وجهة النظرالأنثروپولوجية، في مناطق كوماژين (قرب قَرَهقُوچ) في نَمْرُود داغ وفي زِنْجيرلي، وقدتبّين أن بينهم نسبة كبيرة شقر اللون والشعر،وشكلُ جمجمتهم من نوع dolichocephalic (الرؤوسالطويلة)، وتوصل لوشان إلى أن الكرد في الأصلشعب أشقر اللون، أزرق العيون، ونوعُ جمجمتهمdolichocephalic، ويُفسِّر كونَ بعضهم سمرُ البَشرة،مع أن نوع جمجمتهم من صنف dolichocephalic، بتزاوجهممع الترك والأرمن والفرس. (نيكيتين: الكرد، ص 63– 64).§ قال دانا آدمز شميدت Dana Adams Schmidt، خلالجولته في منطقة بارزان عام (1962): " وفي الثامنةصباحاً بلغنا قرية (بابان)، واعترتني الدهشةحالاً لمّا رأيت الأطفالَ الشقر، والرجالَذوي العيون الزرق في الطرق، هؤلاء لا بد أنيكونوا نموذجاً بارزانياً متميّزاً، نحافٌوذوو وسامة؛ لا بد أنهم امتزجوا وتزوّجواكثيراً حتى كان منهم هذا الجنس الممتاز". (داناآدمز شميدت: رحلة إلى رجال شجعان، ص 264).§ قال جوناثان راندل Randl Jonathan: لا يمكن تمييزالكردي الأسمر والقصير القامة عن أبناء أورباالجنوبية، أو عن العرب أو الفرس، لكن توجدأعداد كبيرة من الكرد الشقر والطويلي القامة،ومن ذوي العيون الزرق، ويعيشون في شريط ضيّقيمتد من بحيرة أورميه في غرب إيران، ويمر عبرمعظم مناطق شمال العراق، وصولاً إلى الحدودالسورية، وقبل نصف قرن أكد ويليام ويستيرمان،أستاذ التاريخ في جامعة كولومبيا، " أن بإمكانالأكراد ادّعاء أنهم حافظوا على نقاء عرقهم،وحافظوا على السمات الرئيسية لثقافتهم لمدةزمنية، أطول مما فعله أيّ شعب يعيش في أوربااليوم ". (جوناثان راندل: أمة في شقاق، ص 34).§ قال جوناثان راندل أيضاً خلال هجرة الكردالضخمة عام (1991): " لخّص مراسل شبكة سي. بي. إسالأمريكية ألان بيتزي أسباب قيامه بتغطيةأخبار الأكراد في الجبال على الهواء مباشرة،وعلى مدى (21) يوماً، قائلاً: الأطفال جميلون،والرجال شرسون وذوو إباء، والنساء جميلاتوغير محجَّبات، وقد دهش العالم الخارجي عندماتبيّن له أن بعض الأكراد أشقر وذو عيون زرقاء".(جوناثان راندل: أمة في شقاق، ص 85).أقوال كتّاب عربالباحث السوري منذر الموصلي أبرز من كتب فيالشأن الكردي على نحو متكامل، إذ جمع في كتابه(عرب وأكراد) معظم ما يتعلق بالكرد من حيثالتاريخ، والجغرافيا، والشخصية، والمجتمع،والعقيدة، والأدب، وها هو ذا يقول في وصفالكرد: " الكردي بهي الطلعة، ممشوق القَوام،صحيح الجسم، تحدّث كلوديوس ريج عن الأكراد،فقال: إن الأكراد بوجه عام أقوياء أصحّاء، لمأشاهد مطلقاً أناساً ذوي أجسام قوية صحيحة منالجنسين، النساء والرجال، كما شاهدت فيكردستان. وتحدّث عنهم البريطاني مستر هباردعضو لجنة تخطيط الحدود الروسية- التركية عام(1914): ولما دنوا منا شاهدت فيهم سِحَناً وقاماتتدل على نقاوة دم أصحابها وحُسن بنيتهم". (منذرالموصلي: عرب وأكراد، ص 133).وقال منذر الموصلي أيضاً: " قسم من الأكراديميل إلى الامتلاء، لكنهم موصوفون إجمالاًبالجسم المعتدل والبَشَرة البيضاء والحنطية،تبعاً لمناطق تواجدهم. الشعر خرنوبي اللونعلى الغالب، لكن يوجد من هو أشقر الشعرقليلاً، العيون عسلية أو زرقاء، أكراد الشمالعيونهم زرقاء. الكردي قاسي القَسَمات، ويطلقشاربه فيجعله كثيفاً، لأن العناية به دلالةالرجولة والفروسية". (منذر الموصلي: عربوأكراد، 133).وأضاف منذر الموصلي قائلاً: " الأوصافالإثنوغرافية وصفاتهم الطبيعيةالأنثروپولوجية تبعدهم عن أن يكونوا ساميين– حسب التعريف الكلاسيكي الدارج، بل تجعلهممن انحدارات آرية ... ومن المهم أن نذكر أنالملامح العامة للأكراد ليست واحدة بالدقة،بل إن هناك تمايزاً نشأ عن الاختلاطوالامتزاج بسكان منطقة حوض البحر الأبيضالمتوسط، وفي هذا يقول العالم الروسي كونيك:إن أوصاف الكرد الشماليين في تركيا، وفي شمالغربي إيران، تكشف عن مميّزات آرية واضحة. أماأكراد كردستان الجنوبي فيمتازون ببشرةداكنة، وشعر داكن، وبأغلبية ساحقة من العيونالبنية، وبقامة متوسطة الطول، ورأس أقرب إلىالاستدارة ". (منذر الموصلي: عرب وأكراد، ص 134).أقوال كتّاب كردونتناول أخيراً بعض ما ذكره الباحث الكرديالدكتور مِهْرداد إيزادي Mehdad Izady بشأنأنثروپولوجيا الكرد، وهو متخصص في حقلالدراسات الكردية، ومحاضر في قسم حضاراتولغات الشرق الأدنى بجامعة هارڤارد Harvard،وكتاباته عليمة رصينة جادة، وقد جاء في كتابه(الكرد: دليل موجز) Handbook The Kurds: A Concise ما يلي:من حيث الخصائص الطبيعية physical characteristicsوحدهالا يمكن تمييز الكرد من جيرانهم، ولا يوجد ثمةتجانس في الأشكال بين الكرد، والاختلافاتُالموجودة بينهم في هذا الميدان موجودةٌ بينالإثنيات المجاورة لهم أيضاً، وبالرغم منأنهم يشبهون شعوب جنوبي أوربا، وشعوب شرقيالمتوسط، في اللون وخصائص علم الأعضاء physiology،إلا أن في شخصيتهم خصيصتين متلازمتينومستمرتين، هما: سمرة العنصر القوقازيالأصلي. وشقرة العنصر الألبي، وأحياناًالعنصر النوردي (الشمالي). ( P 73. The Kurds: MehrdadIzady).إن هذا النمط الأخير (الألبي/النوردي) يُشاهدكثيراً في مناطق زاخو وأورميه وشُنو Shunu، وفيمناطق كَرْمَنْشاه وهَمَدان، كما أنهيُشاهَد في أقصى شمال غربي كردستان في جبالالبحر الأسود، وتقلّ مشاهدته كثيراً في فيشرق وغرب كردستان، ويمتزج النمطان (الأسمروالأشقر) في وسط وغرب كردستان. إن اللون الشقرشكّل ثلث عيّنة مؤلفة من (598) كردياً، كانواموضوع دراسة أنثروپولوجية، أجراها هنري فيلدHenry Field في العراق عام (1952)، وكثافة هذا النمطظاهرة في زاخو، وتبدأ بالتناقص كلما اتجهناجنوباً نحو كركوك وسليمانية. ( P 73. The Kurds: MehrdadIzady).وأضاف مهرداد قائلاً: يتراوح طول سكان المدنوالقرى، بصورة عامة، بين (5.3 – 5.7) أقدام، وهمأقصر من سكان الجبال الرحّل (البدو) الذينيتراوح طولهم بين (5.7 – 6) أقدام- القدم = 30.5 سم-وإن معظم هذه الفروق في الطول يمكن أن يُعزىإلى الفروق بين مناطق هاتين المجموعتين منحيث توافر الغذاء، لكن من الضروري أن نأخذالفروق الخَلْقية (الجينية) عند المجموعتينفي الاعتبار أيضاً. ( P 73. The Kurds: Mehrdad Izady).وقال مهرداد أيضاً: لقد لاحظ معظم الرحّالةالأوربيين، خلال القرن التاسع عشر وأوائلالقرن العشرين، في تقاريرهم أن الكرد منالفلاحين وسكان المدن الذين يسمّون (گوران)Goran، أكثر سمرة من ذوي اللون الأفتح، والأكثرطولاً، الذين يسمّون (كورمانج) Kurmanj. ويبدو أنالطابع الآري، لغوياً وثقافياً وسلالياً،بدأ يهيمن على المجموعات القوقازية الأصليةمنذ الألف الثاني قبل الميلاد، مع استمرارهجرة المجموعات الهندو- أوربية إلى غربيآسيا، واستقرارها هناك؛ مثل الميتانّيينMitannis، والحثّيين Hittites، والميديين Medes،والساغارتيين Sagarthians، والسكيث Scythians، والفرسPersians، واللان Alans، إن بعض هذه الهجرات كانتبأعداد ضخمة، إلى درجة أنها أحدثت تحوّلاًجذرياً في الأساس الثقافي، وليس في الأساسالعرقي. ( P 73. The Kurds:Mehrdad Izady).ويضيف مهرداد: من هنا يمكن القول بأنه لا يوجدتجانس عرقي كامل في المجتمع الكردي، ويتضحذلك من النظرة الأولى إلى الفروق بين الكرد فيمختلف مواطنهم. إن الأمر المؤكد بالنسبة إلىالتكوين الكردي الأصلي هو التنوع في الأصول،ويمكن أن يُعزى ذلك مباشرة إلى الهجراتوالغزوات التي تعرضت لها كردستان خلال آلافالسنين، ومثال على ذلك أن رشّات (رشقات) a pepperingمن الصفات المغولية موجودة في أجزاء كردستانالتي حلّ فيها بعض الأتراك منذ القرن الثانيعشر الميلادي، إلا أن الإثنية الكردية تشرّبتأولئك الوافدين وهضمتهم. 74). P ,The Kurds: Mehrdad Izady).وذكر مهرداد أن فصيلة الدم في كردستان بشكلعام هي (B)، ويبدو أن هذه الفصيلة تمنح مناعةطبيعية لمقاومة الكوليرا، الذي ما زال يهاجمكردستان على فترات. أما فصيلة الدم (A) فتقاوموباء الطاعون الذي ضرب أوربا بقوة، وكان أقلتأثيراً على الكرد في الماضي. وإن ندرة فصيلةالدم (O) في كردستان، نسبياً- وهي فصيلة مقاومةلمرض الجُدَري الشائع في الشرق الأوسط بشكلعام- تشير إلى أن هذا المرض لم يتغلغل في جبالكردستان. إن هذه المعطيات ينبغي أن تؤخذ فيالاعتبار في أية دراسة تاريخية تتناولالديموغرافيا الكردية، وخاصة عند تحديدأعداد السكان وعلاقة ذلك بجوائح الأوبئةالفتّاكة. ) , P 74 The Kurds: Mehrdad Izady).نتائـجإن المعلومات السابقة توصلنا إلى النتائجالآتية:أولاً: ليس ثمة تجانس عرقي كامل (100 %) فيالمجتمع الكردي، ومع ذلك فهم يشكّلون إثنيةلها طابعها الخاص، ويؤكد آريينس كپرس Ariens Kappersذلك قائلاً: " الكرد، بالرغم من اختلافاتهمالأنثروپولوجية، يشكّلون في الحقيقة عنصراًمتميّزاً ". (جمال رشيد: ظهور الكرد فيالتاريخ، 1/246).ثانياً: الطابع الأنثروپولوجي الكردي العاممزيج من الصفات الشرق أوسطية والأوربية، وإنالنمط الكردي الذي تكثر فيه القامة الطويلة،والبَشرة الفاتحة والشقراء، والعيون الزرق،يوجد- على الغالب- في مناطق شمالي كردستان. أماالنمط الذي تكثر فيه القامة المتوسطة،والبَشرة السمراء، والعيون السود، فيوجد –على الغالب- في جنوبي كردستان. وثمة مزيج منالنمطين في المناطق الوسطى من بلاد الكرد.ثالثاً: ثمة تشابه إثنوغرافي بين الكردوالشعوب العريقة التي تجاورهم (العرب والفرسوالأرمن)، إضافة إلى وجود طابع مغولي (تركي)بين الكرد بدرجة محدودة في بعض الأجزاء،نتيجة استيطان قبائل تركمانية قليلة في بلادالكرد منذ القرن الثاني عشر الميلادي. ، ويكادهذا الطابع المغولي يضيع في خضمّ الطابعالكردي العام.رابعاً: لا يمكن اتخاذ المعطياتالأنثروپولوجية، مدخلاً علمياً صائباً إلىمعرفة الشخصية الكردية؛ على الصعيد الروحيوالذهني والجمالي والاجتماعي، وبعبارة أخرى:لا تعتبر الخصائص الأنثروپولوجية مفتاحاًللشخصية الكردية، ولا يصحّ، من المنظورالعلمي، أن نقول مثلاً: الكرد أذكياء أو غيرأذكياء لأن أنوف كثيرين منهم محدّبة، والكردذوو مزاج حادّ لأن شوارب كثيرين منهم كثةوعريضة، ولا أن نقول إن المرأة الكردية ذاتشخصية قوية، لأن اللون الغالب عليها هوالحنطي فالأبيض فالأشقر، إن الدراساتالعلمية المعاصرة ترفض اتخاذ خصائص العرق(العنصر) أساساً رئيساً لمعرفة الشخصية،وتركّز في الغالب على البيئة والثقافة.توضيحـاتوفي الختام نسوق التوضيحات الآتية:أولاً: إن ما ذكره الدارسون بصدد الكرد علىالصعيد الأنثروپولوجي يعاني من ثغرات علميةعديدة: منها أنها في أغلبها انطباعاتوملاحظات ووجهات نظر شخصية، تفتقر إلىالمعيارية في دراسة الجينات وقياس أحجامالجمجمة والأجزاء الأخرى من الجسم. ومنهاأيضاً أن الدراسات العلمية القليلة لم تشملعيّنات من جميع أجزاء بلاد الكرد، وإنمااقتصرت كل مرة على عدد قليل من الكرد، وفيأجزاء محدودة من بلادهم. وبتعبير آخر: لا توجدإلى الآن- في حدود ما نعلم- خريطة جينية كرديةشاملة ومتكاملة، ولا قاعدة بياناتإثنوغرافية كردية تفصيلية ودقيقة، يُعتمَدعليها في تحليل الشخصية الكردية من المنظورالأنثروپولوجي.ثانياً: إن عدم وجود تجانس عرقي كامل (100 %) فيالمجتمع الكردي أمر طبيعي، ولا يعني البتّةأنه لا وجود لقوم (شعب/أمة) لهم طابعه الخاصاسمهم (الكرد)، بل لعل المجتمع الكردي، وخاصةفي كردستان المركزية، أكثر تجانساً- علىالصعيد الأنثروپولوجي- من مجتمعات كثيرة فيالشرق والغرب؛ فالشعوب والأمم حالة تاريخيةوثقافية ومجتمعية وشعورية؛ أكثر من كونهاحالة عرقية بالمعنى الجيني الصرف.ثالثاً: إن تلك الدراسات لم تجانب الواقع علىالغالب، إذ يمكن للمرء أن يميّز، بالعينالمجردة، اختلافاً في الأشكال بين الكرد،فثمة حقاً النمط الأسمر والحنطي بنسبة أكثر،والنمط الأشقر بنسبة أقل. وثمة حقاً تبايناًفي الطول بين المتوسط والطويل، وغالبية الكردمن متوسطي الطول. وثمة حقاً تبايناً في شكلالأنف، بين المحدّب بنسبة أكثر، فالمستقيمبنسبة أقل، فالمقعّر بنسبة محدودة. وثمة حقاًتبايناً في شكل الرأس، بين الأقرب إلى الطول،والعريض المستدير. وثمة حقاً طولاً في الجذع،وكثافة في الشعر، عند نسبة كبيرة من الكرد.رابعاً: إن تلك الدراسات لا تتعارض مع حقائقالتاريخ، وهي تتفق تماماً مع المعلوماتالمتعلقة بـ (التكوين الكردي) عبر العصورالقديمة، وبالعودة إلى تلك الحقائقوالمعلومات يتضح أن النمط المتصف بالرأسالعريض المستدير، والقامة المتوسطة، واللونالأسمر والحنطي، هو نمط أسلاف الكردالزاغروسيين الأوائل (يسمّون خطأ: قوقازيين)،وأبرز دليل تاريخي موثَّق على ذلك أنالسومريين كانوا ذوي رؤوس عريضة مستديرة،وكانوا ذوي أنوف محدّبة، وهذا واضح في تمثالالملك السومري الشهير جُوديا. (انظر: ساميسعيد الأحمد: السومريون وتراثهم الحضاري، ص 42.محمد بيومي مهران: تاريخ العراق القديم، ص 164).وسبق القول بأن السومريين كانوا سكّان جبالزاغروس الأصليين، وأنهم خرّيجو حضارة حَلَففي الفترة بين (4400 - 4300 ق. م)، وانحدروا إلىجنوبي ميزوپوتاميا من المناطق الجبلية التيعُرفت بعدئذ باسم (إقليم كردستان – العراق)،وهذا دليل آخر- إلى جانب الدليل اللغوي- يرجّحأن السومريين كانوا فرعاً من أسلاف الكردالزاغروسيين الأوائل، ومرة أخرى نهيببالمتخصصين في الأركيولوجيا إلى أن يعيرواهذا الموضوع كثيراً من الاهتمام، وأعتقد أنهمسيجدون المخرج من الحَيرة في تحديد أصولالسومريين ولغتهم.خامساً: أكّدت الدراسات المتعلقةبالأنثروپولوجيا الكردية غلبة نمطين سلاليينعلى التكوين الكردي،: النمط الأسمر، المتوسطالطول، المستدير الرأس، العريض الوجه. والنمطالأشقر، الأقرب إلى الطول، ذو الرأس الأقربإلى الطول، البيضوي الوجه. ونرى أن هذهالدراسات تؤكد حقيقة أن كرد العصر الحديث همحفدة خُلَّص وأنقياء لفرعي أسلافهم القدماء:الفرع الزاغروسي الأصلي (سومري، لوللي، گوتي،سوباري)، والفرع الآري (الهندو-أوربي) الذياستقر في جبال زاغروس وعلى حوافّها منذ الألفالثاني قبل الميلاد (كاشّي، ميتانّي، مانني،خالدي، ميدي)، واندمج مع الفرع الزاغروسي،وأعطى التكوين الكردي شكله التاريخي الأخير.هذا عن الأساس الأنثروپولوجي في الشخصيةالكردية.وماذا عن الأساس البيئي (الإيكولوجي)؟ذلك هو موضوع الحلقة القادمة.المراجع1. باسيلي نيكيتين: الكرد، ترجمة الدكتورنوري طالباني، دار الساقي، بيروت، الطبعةالثانية، 2001.*الدكتور جمال أحمد رشيد: ظهور الكورد في التاريخ، دار آراس للطباعة والنشر، أربيل،كوردستان العراق، الطبعة الأولى، 2003. *جوناثان راندل: أمة في شقاق (دروب كردستان كما سلكتها)، ترجمة فادي حمّود، دارالنهار، بيروت، 1997. *دانا آدمز شميدت: رحلة إلىرجال شجعان في كردستان، تعريب جرجيس فتحالله المحامي، منشورات دار مكتبة الحياة،بيروت، 1990. *الدكتور سامي سعيد الأحمد:السومريون وتراثهم الحضاري، منشورات الجمعيةالتاريخية العراقية، بغداد، 1975. *ليديدرور: طاووس ملك اليزيدية، ترجمة رزق اللهبطرس، دار الورّاق للنشر المحدودة، لندن،الطبعة الأولى، 2008. *الدكتور محمد بَيُّوميمَهران: تاريخ العراق القديم، دار المعرفةالجامعية، الإسكندرية، 1990.8. مُنذر الموصلي: عرب وأكراد، مطبعة دارالعلم، دمشق، الطبعة الثانية،1991.9. مينورسكي: الأكراد، ترجمة معروف خزنهدار، بغداد، 1968.10 -Susan Meiselas: Kurdistan In the Shadow of History, Random House, NewYork,1997.11 -Mehdad R. Izady: The Kurds; aconcise handbook, Crane Russak, Washington,Philadelphia, London, 1992.ــــــــــــــــــد. أحمد الخليل / في 1 – 2 - 2010dralkhalil@hotmail.com