مذكراتكريمنائل الحلقة 13

وصار شغله الشاغل كسب الاموال من خلال تلك العمليات الرخيصة التي ربما ستأخذه في النهاية الى مصير لا يعلم به الا الله....

وخلال فترة وجيزة جمع كريم اموالاً لم يكن يحلم بها يوماً ..وفوق كل هذا اصبح عنده اشخاصاً مهمين في البلد يلجأ اليهم كلما شعر بالخوف او الخطر...........

وفي يوم من الايام كلف بتهريب قطعة اثرية كبيرة الحجم يصل وزنها الى طن ونصف الطن والقطعة كانت عبارة عن رأس ثور مجنح....
ومهمته كانت الوصل برأس الثور الى حدود دولة مجاوية وتسليمها الى اشخاص ينتظرونه هناك في يوم وساعة تم تحديدها مسبقاً...

وقبل القيام بالمهمة بيوم واحد وبينما كان كريم في شقته طرق عليه صديقه عمر الباب.....
عمر : نهارك سعيد يا صديقي الحميم.....
كريم : اهلا يا عمر تفضل بالدخول....
جلس الاثنان في الصالة وصار يسألان عن احوال بعضهما الاخر... ثم نظر عمر في وجه كريم وقال.....
عمر : كريم المهمة ستقوم بها غداً في المساء ان شاء الله ولا تخف كل شيء مخطط لها بدقة وستبقى عيوننا تحرسك حتى اخر نقطة تصل اليها وسيكون بمرافقتك صديقنا زياد فهو يجيد لغة من ينتظرونك على الحدود ما عليكم سوى تسليم الامانة والعودة مسرعاً....
كريم : حسناً يا صديقي انا رهن اشارتك....
عمر : شكراً يا صديقي... والان دعنا نخرج سوبة ونذهب الى احدى الكازينوهات ونسهر سهرة جميلة.....
كريم : كما تريد يا صديقي لنذهب.....

خرج الاثنان واختاروا مكاناً جميلاً بالنسبة لهما... فالمكان لا يخلوا من الرقص الصاخب وكؤوس الخمر التي تملئ كل مكان والحسناوات اللواتي يتحدون القمر بجمالهم....
جلس الاثنان على طاولة صغيرة في احدى زواية وكان المكان رومانسياً بعض الشيء... بعيداً عن الموسيقى الصاخبة وصياح وضحكات السكارى وجنونهم....
وبينما كانوا جالسين التفت عمر الى الصالة يراقب كل من فيها من الراقصين والزبائن ثم عاد ونظر في وجه كريم وقال....
عمر : اتعلم يا صديقي ان هنا انسب مكان تطرد فيها احزانك وهمومك خارج جسدك.....
كريم : لماذا تقول هذا الكلام يا عمر ما بك هل تعاني من مشكلة...؟
عمر : لا عليك يا صديقي لا عليك....
ثم نادى على النادل وامره باحضار افخم انواع المشاريب....
وصار عمر بملئ كأسه ويشرب ويشرب ويشرب حتى كاد ان يفقد توازنه.....
امسك كريم بيده طلباً منه التوقف عن الاشرب فقد بالغ في الشرب اليوم كثيراً......
لكنه امتنع واصر على الاستمرار حتى سكر تماماً....
ثم نهض من مكانه وتوجه الى مسرح الرقص وهو يترنح واخذ يرقص كالمجانين ويرمي بالفلوس فوق رؤوس الراقصات والمغني حتى تعب سقط على الارض....
ركض اليه كريم وحمله بين ذراعيه وخرج به وكان عمر يملى المكان ضجيجاً بصراخه تارى يغني واخرى يشتم هذا وذاك.....
وضع كريم صديقه في السيارة وتحرك به لا يعلم الى اين يذهب وصديقه على هذا الحال ....
وفي النهاية قرر التوقف بالسيارة بقرب من النهر الذي يجري وسط المدينة.....
اخرج كريم صديقه من السيارة وسار به الى ضفة النهر....
دعاه الى الجلوس قرب النهر ثم ركض الى السيارة واخرج من الصندوق قنينة مياه معدينة كبيرة وصار يفرغها على راس صديقه عمر حتى استفاق وعاد لوعيه....
جلس كريم بالقرب منه وسأله.....؟
كريم : عمر ماذا دهاك لم اراك بحياتي في مثل هذا الموقف.... اخبرني ما مشكلتك ...؟
نظر عمر في وجه كريم ثم دمعت عيناه....
كريم : عمر ما بك لما تبكي اخبرني ارجوك ؟
عمر : كريم الم تسأل نفسك يوماً لما انا اصبحت انساناً شريراً منذ نعومة اظافري...؟
كريم : بصراحة سالت نفسي كثيراً لكني لم اتجرئ ان اسألك.....
عمر : اليوم يا صديقي سأخبرك كل شيء عن حياتي منذ الطفولة لحد هذه اللحظة....
كريم : سأكون مسروراً جداً بالاستماع لقصتك تفضل يا صديقي وانا كلي اذاناً صاغية.....
عمر : اسمع يا صديقي .. طفولتي كانت قاسية جداً الى ابعد من ما تتصور....
عانينا الفقر مراراً... فأبي رحمه الله كان انساناً طيباً جدا تحبه كل الناس... لكن شاء القدر ان يتوفى ونحن مازلنا صغاراً وتحملت والدتي عبء قسوة الدنيا وصارت تركض هنا وهناك من اجلنا... خدمت في البيوت واشتغلت بائعة متجولة تبيع اشياءاً بسيطة من اجل ان تعود في المساء تحمل في يديها ما يسد رمق جوعنا....
بقيت على هذا الحال اربع سنوات وكنت انا في وقتها قد جاوزت العاشرة من العمر....
حاولت مراراً ان اترك المدرسة وان اجد لي عملاً اساعد والدتي من ما تعانيه من قسوة الحياة وتعب الايام....
لكنها كانت ترفض بشدة وتصر على ان اواصل دراستي فالمستقبل سيأتي بالخير من ورائه بعد ان احصل على الشهادة .....
وكان لي عماً لم نراه منذ ان توفى والدي رحمه الله....
وبقدرة قادر تغيرت الاحوال وصار يزورنا كل يوم ويغمرنا بعطفه وحنانه دون ان نعرف اسباب هذا التغيير المفاجئ....
توالت الايام ويوماً بعد يوم صرت اكتشف نظرات عمي لوالدتي التي لم ارتاح لها ......
ثم صرت احس بأنزعاج والدتي منه حين كان يزورنا......
وفي احد الايام سألت والدتي لماذا تنزعج منه حين ياتي ولما احس انه نظراته مريبة لكِ...
اوهمتني انها صارت تكرهه منذ ان توفى والدي وانقطع هو عنا تماماً ثم قالت لا تدخل في رأسك افكاراً لا اساس لها فهو في الاول والاخر يبقى عمك...
مرت الايام ونحن على هذا الحال وصار عمي يلح في نظراته وتلميحاته.....
وفي احد الايام وبينما انا عائد من المدرسة سمعت صوت صراخ قبل ان ادخل البيت وكان ذلك الصوت صوت امي....
دفعت بالباب ودخلت مسرعاً لارى ماذا يحدث ولما تصرخ والدي...
واذا بي ارى عمي الحقير ماسكاً بوالدتي وملابسها شبه ممزقة محاولاً اغتصابها....
لم استطع ان استوعب ما ارى وبحركة لا ارادية امسكت باحد الكراسي الخشبية وضربتها برأس عمي وسقط عمي مقتولاً....
انتشر الدم الذي نزف من راسه في الغرفة وادركت وقتها اني تسببت في كارثة لعائلتي الصغيرة....
سقط على ركبي والخوف ملئ قلبي فقد كان موقفاً اول مرة اشاهده في حياتي......
اما والدتي فقد كانت متمالكة اكثر مني... ركضت الي وأخذتي في احضانها وصارت تقول لي ...
والدة عمر : عمر بني لا تخف تمالك نفسك وانتبه ما ساقوله لك......
عمر : ماما انظري ماذا فعلت لقد قتلت عمي....
والدة عمر : اسمع لا تكثر من الكلام انت لم تقتله انا من قتلته....
عمر : ماذا تقولين يا امي انا من قتله قتلته بيدية هاتين وبهذا الكرسي....
والدة عمر : اسمع هذا ما نعرفه انا وانت.. اما الناس والشرطة فسأخبرهم اني انا من قتلته عندما حاول مهاجمتي محاولاً الاعتداء علي...
عمر : ماما ماذا تقولين لن اسمح لكِِِ ان تقولي ذلك...
والدة عمر : افعل ما أمرك به ولا تنطق بكلمة اخرى هل فهمت...
سأوجه التهمة لنفسي وبأذن الله ساخرج منها.. فهو المعتدي علينا.....
انتبه لاخوتك يا بني وأعود اليكم قريباً ان شاء الله......
دخل الناس علينا بعدها ثم جاءت الشرطة وسيارة الاسعاف والقي القبض على والدتي بعد ان قالت للشرطة انها هي من قتلته.....
وسارت الامور عكس ما كنا نتمناه ونتوقعه....
فقد استطاع اولاد عمي شراء ضمائر رجال الشرطة وبعض من اهل الحي ليشهدوا ضد والدتي ويقولوا في المحكمة انها هي من استدرجته من اجل قتله بعد ان اكتشف انها خرجت عن الطريق وستتسبب في تشويه سمعة العائلة.....
وعلى اثرها حكم على والدتي عشرون عاماً .

نهاية الحلقة

انتظروني غدا مع الحلقة الرابعة عشر
 
هور يانعه في بساتين المنتدى نجني ثمارها من خلال الطرح الرائع لمواضيع اروع
وجمالية لا يضاهيها سوى هذا النثر البهي
فمع نشيد الطيور
وتباشير فجر كل يوم
وتغريد كل عصفور
وتفتح الزهور
اشكرك من عميق القلب على هذا الطرح الجميل
بانتظار المزيد من الجمال والمواضيع الرائعه
 
عودة
أعلى