ذكريات كثيرة تتزاحم في ذاكرتي تأبى الرحيل .. وكأنها أصبحت زادي اليومي الذي لا غنى لي عنه , حيث تمتزج مآسي الماضي بأحزان الحاضر , وحلو الأيام بمرها , ولكنها أبدا ترجع بي إلى لحظات الطفولة المشبعة بالدموع ؛ لحظات الزمن البارد الذي يلسعني بسياطه فيدمي مني القلب والروح ويرميني مثل سفينة من ورق تبحر في عالم من المجهول تعصف بها الأمواج كيفما شاءت ..!
وعيناي تائهتان في البعيد تبحثان عن طوق نجاة , وكثيرا ما كنت أتساءل وما زلت .. لماذا لست مثل كل هؤلاء الذين يحيطون بي , حيث كل شيء لديهم مباح والغاية عندهم تبرر الوسيلة .. لماذا لا أفرح معهم حين يفرحون .. وأضحك حين يضحكون .. وأحلم مثلما يحلمون ..؟
ومثلما الأسئلة الحيرى كانت الأجوبة تهرب مني , أو ربما كنت أهرب منها لأتجنب مما هو أشد إيلاما وأحرص كل الحرص على ألا ينزف الجرح من جديد فإن لجراحي في كل يوم بداية ولها في كل يوم حكاية .
هكذا شاءت لي الأقدار .. وهكذا شئت لنفسي أن تكون معتدة بذاتها ؛ كالسنديانة صامدة في وجه الريح العاتية , ومثل الجبل الأشم في وجه العاصفة الهوجاء . لأن الهدف عظيم وعلى قدر الهدف تكون التضحيات عظيمة .. يجب أن أحيا واقفا ومثلما الأشجار أموت واقفا , وكل ما عدا ذلك حماقة ..!
لا أنكر أنني أخفقت كثيرا .. واستسلمت لليأس أحيانا , لكنني مع كل كبوة كنت أنهض من جديد مثلما النبتة الطرية التي تنحني للريح بتواضع ثم لا تلبث أن تنتصب سامقة من جديد لتعانق الشمس وتترنح سكرى حين تداعب النسمة خضرتها ..!
سيدتي الجميلة .. استغربي كما تشائين .. وعاتبيني مثلما تريدين .. وقولي لي كل الذي تريدين .. ستجديني مثلما أنا مذ عرفت نفسي لا تغيير ولا تبديل .
هكذا آليت على نفسي أن تكون وليكن ما يكون ؛ ولكنك إن أردت أن تعرفي عني المزيد فلا سبيل لك إلا أن تصغي السمع إليّ وتمنحيني فرصة كي أحكي لك الحكاية من أولها .
فأنا وأنت توأمان من الأزل و سوف نبقى للأزل شئنا ذلك أم أبينا إذ لا حيلة لنا في ذلك وكثيرا من الأشياء تأتي على خلاف ما نرسم لها .
إذن لنكن أنا وأنت شركاء في المعاناة .. وكذلك في لحظات السرور نضحك معا ونبكي معا , أضمد جراحك النازفة .. أمسح عن وجنتيك حبات اللؤلؤ المتسللة خلسة من عينيك تحفر مجراها ببطء وهي حبلى بالأحزان .. أداعب خصلات شعرك الغارقة في أحلامها .. أهدهدك كي تنامي .. ومثل طفلة حالمة تغمضين جفنيك على أرجوحة تجيء بك وتغدو فوق عتبات الزمن المنسية , ثم تهرولين متعثرة بين الحين والآخر مخلفة وراءك ضحتك المجنونة ؛ المتكسرة عبر الأثير لتستقر في سمعي وتدغدغ مشاعري فتثور مثل بركان غاضب .
وعهدا علي سوف أبقى أذكرك .. وسوف أبقى أكتب عنك .. وسوف أجعل من البحر مدادا كي أبقى أكتب لك .. بل سوف أتغنى بك .. وسوف أتحنث لك .. وسوف أجعل من كلماتي قربانا لكل حرف من حروف اسمك .. ولكل شريان ووريد تثور فيه دماءك .. ولكل مسام تتسلل منه أنفاسك .. ولكل رجفة تحلم بهما شفتيك .. ولكل اختلاجة تصدر عن جسدك .. ولكل آهة تبوح بها حنجرتك .. ولكل ذرة تراب قدستها قدماك .. ولكل نسمة هواء تداعب فستانك الذي يأبى أن يفارق جسدك حيث يتوحد كل منهما في الآخر .. وسوف أبقى أذكرك عندما تتهاوى الشمس بلونها الدامي خلف التلال .. وعندما يبتعد القمر خجولا متواريا خلف أستار الليل ..؟!! .
أيتها المرأة الخرافية .. الخرافية في طهرها .. في عهرها .. في صمتها .. في كلامها .. في تنهيدتها .. خرافية عندما تكونين مقبلة .. عندما تكونين مدبرة .. خرافية وأنت هادئة .. ثائرة .. حائرة ...؟! .
ولكم تمنيت أن تكون كلماتي خرافية كما هي أنت لتتألق معك وتسمو ؛ ولكن هيهات ..؟ لأنك أنت الكلمات .. أنت البهجة .. أنت النسمة .. أنت البسمة .. بل أنت إكسير الحياة ..؟! .
ساعديني يا سيدتي .. كي أقول فيك كل ما أعرف وما لا أعرف .. كل ما قرأت وما لم أقرأ .. كل ما سمعت وما لم أسمع …
ساعديني كي أفرغ فيك كل أحلام الطفولة …
ساعديني كي أجمع كل أنواع الورود من فل ونرجس وياسمين وزنبق وأزرعها في جسدك كي تنمو وتكبر وأعتصر من حلمتيك خمرا أفرغه في كؤوس من أثير وأطوف به كي يلقي على العالم أمنا وسلاما …
ساعديني كي أخلط دمي بدمك لأطهره من دنس الذين اجترحوا الخطايا ...
ساعديني كي أرسم من عينيك ليلا وأنجما وأقمارا …
ساعديني كي أصنع من نهديك عودا ومن حلمتيك أوتارا …
ساعديني كي أمزق جسدك المتمرد أشلاءا وأصنع منه مجرّاة وأفلاكا وأنهارا …
ساعديني كي أنثر من روحي قصاصات تطوف بك وأغزل لك من عيني أستارا …
ساعديني ليس لأجلك ولا لأجلي بل لأجل أولئك الذين رحلوا ورحلت معهم أمنياتهم …
ساعديني فقط لتكوني سيدة النساء .. معجزة النساء .. ملهمة النساء .. ولتكوني فقط فقط .. خاتمة النساء ..؟؟؟!!! .
كل محطات القطار التي أمر بها .. وكل الموانئ التي أرسو عندها .. وكل المطارات التي تتزاحم فيها حقائب السفر تشعرني بالحزن دائما لأنها تذكرني بك , وتذكرني بالمحبين عندما يغادرون دون وداع ..؟! .
مليكتي .. تعالي نعيد الزمان إلى الوراء , لنعود طفلين نهرول خلف أحلامنا الوردية , نسرق من عمر الزمن فقط لحظاته الحلوة ونترك وراءنا أيامنا المترعة بأحزانها , فما زال لدينا متسع من الوقت ؛ حيث الأمنيات تتسلق النوافذ المشرعة للحب .. وللحياة …
أحبك .. أحبك .. أحبك ....... لا ........ بل أعبدك ...! .
علي سليفي
23 / 11 / 2009 علي سليفي
وعيناي تائهتان في البعيد تبحثان عن طوق نجاة , وكثيرا ما كنت أتساءل وما زلت .. لماذا لست مثل كل هؤلاء الذين يحيطون بي , حيث كل شيء لديهم مباح والغاية عندهم تبرر الوسيلة .. لماذا لا أفرح معهم حين يفرحون .. وأضحك حين يضحكون .. وأحلم مثلما يحلمون ..؟
ومثلما الأسئلة الحيرى كانت الأجوبة تهرب مني , أو ربما كنت أهرب منها لأتجنب مما هو أشد إيلاما وأحرص كل الحرص على ألا ينزف الجرح من جديد فإن لجراحي في كل يوم بداية ولها في كل يوم حكاية .
هكذا شاءت لي الأقدار .. وهكذا شئت لنفسي أن تكون معتدة بذاتها ؛ كالسنديانة صامدة في وجه الريح العاتية , ومثل الجبل الأشم في وجه العاصفة الهوجاء . لأن الهدف عظيم وعلى قدر الهدف تكون التضحيات عظيمة .. يجب أن أحيا واقفا ومثلما الأشجار أموت واقفا , وكل ما عدا ذلك حماقة ..!
لا أنكر أنني أخفقت كثيرا .. واستسلمت لليأس أحيانا , لكنني مع كل كبوة كنت أنهض من جديد مثلما النبتة الطرية التي تنحني للريح بتواضع ثم لا تلبث أن تنتصب سامقة من جديد لتعانق الشمس وتترنح سكرى حين تداعب النسمة خضرتها ..!
سيدتي الجميلة .. استغربي كما تشائين .. وعاتبيني مثلما تريدين .. وقولي لي كل الذي تريدين .. ستجديني مثلما أنا مذ عرفت نفسي لا تغيير ولا تبديل .
هكذا آليت على نفسي أن تكون وليكن ما يكون ؛ ولكنك إن أردت أن تعرفي عني المزيد فلا سبيل لك إلا أن تصغي السمع إليّ وتمنحيني فرصة كي أحكي لك الحكاية من أولها .
فأنا وأنت توأمان من الأزل و سوف نبقى للأزل شئنا ذلك أم أبينا إذ لا حيلة لنا في ذلك وكثيرا من الأشياء تأتي على خلاف ما نرسم لها .
إذن لنكن أنا وأنت شركاء في المعاناة .. وكذلك في لحظات السرور نضحك معا ونبكي معا , أضمد جراحك النازفة .. أمسح عن وجنتيك حبات اللؤلؤ المتسللة خلسة من عينيك تحفر مجراها ببطء وهي حبلى بالأحزان .. أداعب خصلات شعرك الغارقة في أحلامها .. أهدهدك كي تنامي .. ومثل طفلة حالمة تغمضين جفنيك على أرجوحة تجيء بك وتغدو فوق عتبات الزمن المنسية , ثم تهرولين متعثرة بين الحين والآخر مخلفة وراءك ضحتك المجنونة ؛ المتكسرة عبر الأثير لتستقر في سمعي وتدغدغ مشاعري فتثور مثل بركان غاضب .
وعهدا علي سوف أبقى أذكرك .. وسوف أبقى أكتب عنك .. وسوف أجعل من البحر مدادا كي أبقى أكتب لك .. بل سوف أتغنى بك .. وسوف أتحنث لك .. وسوف أجعل من كلماتي قربانا لكل حرف من حروف اسمك .. ولكل شريان ووريد تثور فيه دماءك .. ولكل مسام تتسلل منه أنفاسك .. ولكل رجفة تحلم بهما شفتيك .. ولكل اختلاجة تصدر عن جسدك .. ولكل آهة تبوح بها حنجرتك .. ولكل ذرة تراب قدستها قدماك .. ولكل نسمة هواء تداعب فستانك الذي يأبى أن يفارق جسدك حيث يتوحد كل منهما في الآخر .. وسوف أبقى أذكرك عندما تتهاوى الشمس بلونها الدامي خلف التلال .. وعندما يبتعد القمر خجولا متواريا خلف أستار الليل ..؟!! .
أيتها المرأة الخرافية .. الخرافية في طهرها .. في عهرها .. في صمتها .. في كلامها .. في تنهيدتها .. خرافية عندما تكونين مقبلة .. عندما تكونين مدبرة .. خرافية وأنت هادئة .. ثائرة .. حائرة ...؟! .
ولكم تمنيت أن تكون كلماتي خرافية كما هي أنت لتتألق معك وتسمو ؛ ولكن هيهات ..؟ لأنك أنت الكلمات .. أنت البهجة .. أنت النسمة .. أنت البسمة .. بل أنت إكسير الحياة ..؟! .
ساعديني يا سيدتي .. كي أقول فيك كل ما أعرف وما لا أعرف .. كل ما قرأت وما لم أقرأ .. كل ما سمعت وما لم أسمع …
ساعديني كي أفرغ فيك كل أحلام الطفولة …
ساعديني كي أجمع كل أنواع الورود من فل ونرجس وياسمين وزنبق وأزرعها في جسدك كي تنمو وتكبر وأعتصر من حلمتيك خمرا أفرغه في كؤوس من أثير وأطوف به كي يلقي على العالم أمنا وسلاما …
ساعديني كي أخلط دمي بدمك لأطهره من دنس الذين اجترحوا الخطايا ...
ساعديني كي أرسم من عينيك ليلا وأنجما وأقمارا …
ساعديني كي أصنع من نهديك عودا ومن حلمتيك أوتارا …
ساعديني كي أمزق جسدك المتمرد أشلاءا وأصنع منه مجرّاة وأفلاكا وأنهارا …
ساعديني كي أنثر من روحي قصاصات تطوف بك وأغزل لك من عيني أستارا …
ساعديني ليس لأجلك ولا لأجلي بل لأجل أولئك الذين رحلوا ورحلت معهم أمنياتهم …
ساعديني فقط لتكوني سيدة النساء .. معجزة النساء .. ملهمة النساء .. ولتكوني فقط فقط .. خاتمة النساء ..؟؟؟!!! .
كل محطات القطار التي أمر بها .. وكل الموانئ التي أرسو عندها .. وكل المطارات التي تتزاحم فيها حقائب السفر تشعرني بالحزن دائما لأنها تذكرني بك , وتذكرني بالمحبين عندما يغادرون دون وداع ..؟! .
مليكتي .. تعالي نعيد الزمان إلى الوراء , لنعود طفلين نهرول خلف أحلامنا الوردية , نسرق من عمر الزمن فقط لحظاته الحلوة ونترك وراءنا أيامنا المترعة بأحزانها , فما زال لدينا متسع من الوقت ؛ حيث الأمنيات تتسلق النوافذ المشرعة للحب .. وللحياة …
أحبك .. أحبك .. أحبك ....... لا ........ بل أعبدك ...! .
علي سليفي
23 / 11 / 2009 علي سليفي