الديانة الزرادشتية

  • بادئ الموضوع بادئ الموضوع Kurd Day
  • تاريخ البدء تاريخ البدء

Kurd Day

Kurd Day Team


خالص حسن مسور

الديانة الزرادشتية (1)
قبل زرادشت كان الإيرانيون يعرفون إلهين مقدسين وهما إله النور خالق الشمس والنار والطيبة وصفاء القلب وإله الشر أو الظلمة خالق الشر والظلمة والفساد والفتن والقتل والشتاء والعواصف ومسير الرعود والرياح والبرق والبراكين وكل ماهو سيء ويسيء الى الإنسان وفي وقت ماكان للإيرانيين ثلاث آلهة (ميترا) إله الخضرة والربيع والمراعي ويقول زرادشت نفسه عن ميترا بأنه حامي المرابع والخضرة والمراعي وإذا أراد أن يعطي أحد فلا رادلحكمه.ومن هنا يظهر بأن الأكراد كانوا بدواً رحلاً أصحاب مواشي وأغنام يرتادون المراعي ورؤوس الجبال وسفوحها(زوزان) كما كانت الصراعات لاتنقطع ولاتهدأ فيما بينهم على موارد الكلأ والماء .أما الإله الثاني فهو(يي ما) وهو إله مابعد الموت والثالث هو الإله(آشا)إله الأرض.وفي الحفريات الأثرية التي تعود الى العهد الحثي توصل العلماء الى حقائق جديدة تسلط النور على الديانة الإيرانية بشكل أوضح وتكشف عن أسماء آلهة يعبدها الإيرانيون وهي (ميترا) و(فيروندا)و(ناساي تا). وكان شاه إيران في القرن الرابع عشر قبل الميلاد يقدس هذه الألهة ويبجلها ويباركها ويعتقد الإيرانيون بأن النار شيء مقدس ومبارك وكبير .
كما أن هناك آلهة لاتظهر للعيان ولايراها البشر مثل إله الشر والإله قاتل الدببة والوحوش والإله مسير كل ذي روح ويخضع لإرادته كل شيء وبدونه لايستطيع أحد أن يفعل شيئاً ولم يره أحد وهو بدون بداية ونهاية وخالد لايموت ولايموته أحد.
وفي العهد الميدي عرف الإلهان (صومايان) و(فاهوما) كإلهين للشر وفي الفترة الأخيرة من عصرهم عرفوا إلهاً آخر للشر هو(ديوا إيفاديو) وسمي هذا الأخير فيما بعد ب(أهريمان ديو) أي أهريمان العملاق ولكن في هندستان عرف (داإيفا)كإله للخير وأنه روح النور أماإله الشر عندهم فهو (آصورا) مثلما أن (آهورا) هو إله الخير والنور والرحمة في الديانة الزرادشتية.
زرادشت :
مااسمه ؟ وأين موطنه ؟
لزاردشت أسماء متعددة. زرادشت، زوردشت، زرتشت، زاردشت، زوردسترا وما عدا هذه فله إثنا عشر اسماً آخر واسمه في (الآفستا) زرادسترا وأسبيتامازرادسترا ويسميه الأوربيون (زرواستر) وفي البهلوية (زراتوشت) وبالفارسية الجديدة (زوردشت) وينفرد ابن النديم وحده في القول بأن زرادشت هو ابن (أسبيتمان) وصاحب كتاب ( باسيتاني) وفلسفة ويسميه ( شتاشوزاردوشت) .
وفي رأيي أن المؤرخين يتخبطون في إيراد كثرة من هذه الأسماء وأن اسمه الحقيقي هو( زاردشت) زار تعني اللغة أو الحديث ودشت تعني الحقيقة والإستقامة أي (النبي الناطق بالحقيقة) ولكن يذهب البعض من المؤرخين الى القول بأن زارد تعني الأصفر (زر) وأوشترا بمعنى أوشتر وهو الجمل أي صاحب الجمل الأصفر ولكن إن ماقلته آنفاً من أنه النبي الناطق بالحقيقة أثبت وأصح وأجمل من صاحب الجمل الأصفر والفيلسوف الألماني (نيتشه) يكتب اسمه زارا لأن كلمة (زار-زاراف) بالكردية تعني اللغة أو الحديث ولكن يقال بأن كلمة زاراف تطلق على لغة الطيور والوحوش.
اسم والده :
اسم والد زرادشت هو (بروشف-بروشب)أحد أبناء (فريدون)الذي كان ملكاً على إيران وزرادشت هو ابن (بروشف)بن دوخد بن هاتي كاتاسبا ويستدل من كتب زرادشت بندهشين، زادسبادم، ويكركارت، دينجة، أن نسبه يتصل ب(منوشهر بن إيرج بن فريدون) وأن اسم والدته (دوخدو) وهي من نفس عائلة أبيه.ولكن وجود زرادشت نفسه موضع شك لدى بعض المؤرخين حيث هناك نظرتان حول ذلك الأولى تذهب الى القول بأن زرادشت ليس وجود ولم يأت أبداً الى هذه الدنيا وكل ماقيل فيه هو هراء وقصص وخرافات جاؤا بها على لسانه ونرى مشابهاً لهذه القصص والخرافات في ثنايا التاريخ الذي يصبح بأمثالها كا الملا المشهور جحا وبهلول واليوم لم يعد أحد يؤمن بهذه النظرة وهي غير صحيحة لأن المكتشفات الأثرية أثبتت أن زرادشت كان موجوداً وشخصية تاريخية واقعية وحقيقية وكان صاحب دين ومذهب وكتاب أما النظرة الثانية فنقول بأن زرادشت شخصية حقيقية أثبتها التاريخ وصاحب هذه النظرة هو (أفلاطون) الفيلسوف اليوناني الشهير حيث يقول أن (مازديسرمزدا)ابن أورهو نبي إيران وقد ضحك في اليوم الأول من ولادته.هذا وقد اختلف المؤرخون حول زمن وسنة ولادتهويرى البعض أنه ولد في بداية القرن السادس قبل الميلاد والبعض الآخر يميل الى الاعتقاد بأنه ولد في القرن العاشر قبل الميلاد وآخرون يقولون أنه ولد قبل الميلاد بستين قرناً ويدعي أصحاب النظرة الثانية أن دارا ملك الفرس المشهور كان يدين بالزرادشتية فيما بين سنتي521-485ق.م أو سنة 479ق.م وجعلها دين الدولة الرسمي وتم الإستدلال على ذلك مما ورد في كتابات ونقوش (بهستون) ولكن اعتماداً على الآثار والحفريات القديمة وخاصة النقوش والمخطوطات الآشورية يمكن القول أن الزرادشتية كانت موجودة في دولة ميديا قبل الملك الإيراني كي خسرو (قورش) بمئتي سنة هذا الملك الذي حكم إيران بين سنتي 558-530ق.م أي قبل الميلاد ب714عام لأن اثنين من ملوك ميديا سميا نفسيهما (مزداكا) التي جاءت من كلمة مزدا وبما أن زرادشت كان يطلق على إلهه اسم (أهورا-مزدا) فيمكن عندئذ الاعتقاد بأن هذين الملكين الميديين كانا يعتنقان الديانة الزرادشتية ولهذا فمن المفروض أن تكون هذه الديانة منتشرة قبلهما بمئات السنين بل ،ربما الألف سنة.ويعد أصحاب النظرة الأولى على أن الزرادشتية كانت منتشرة قبل الميلاد ب ستمائة عام ويمثل هذا الاتجاه كل من درمستد وهواردن الفرنسيان وويست بروان الانكليزي وجاكسون الأمريكي وهؤلاء العلماء والمؤرخون يميلون الى الاعتقاد بأن ظهور زرادشت كان في النصف الأخير من القرن السابع قبل الميلاد وكانت ولادته في سنة 660ق.م تحديداً وقتل في عام 583ق.م وكان عمره سبعاً وسبعين عاماً وأن موطن ولادته هي أذربيجان وجاهر برنيه في مدينة بلخ في عهد الملك(كوشتاسب).ويعتقد البعض بأنه هاجر من فلسطين الى إيران وهناك ألف كتابه ونشر أفكاره ولكنه لم يؤمن به أحد ولم يصدقه أحد وبعد حوالي العشر سنوات ذهب الى كوشتاسب فآمن به الملك الإيراني وبنى له موقداً للنار ويقال أنه كان في يد زرادشت كتلة من النار لم تحرق أحداً إذا مسته كما كانت الضياء والنور.هذا والنظرة الأخيرة لم تعد مجدية وأفلست تاريخياً واتخذت النظرة الإيرانية قبولاً وجدية أكثر يؤمن بها معظم الناس وحسب هذا الرأي فإن زرادشت هو من أكراد ميديا ولد في منطقة أذربيجان( أتروباتين) الحالية بالقرب من بحيرة أورمية ويعتقد البعض بأنه بشر بديانته في ميديا وآخرون يميلون الى مدينة بلخ(باكيتا-بختيريا)وقد جاهر هناك بدعوته كنبي وكان موقده يسمى (أترافان)أي بيت النار وفي اللغة الهندية أترافان تعني بيوت النار وكلمة آفان كردية وأبادان فارسية واسم كتابه الذي كتبه باللغة الميدية هو (كاتاها)وهو أول وأقدم كتاب كتبه في ميديا.
وباختصار فإن زرادشت هو كردي من ميديا وسم والده بروشف ولد قرب بحيرة أورمية في سنة 660ق.م وقتل في بلخ على يد الأتراك عام 583ق.م وبقي على قيد الحياة 77عاماً وهاجر الى بلخ (بكتيريا) وهناك جاهر بديانته الزرادشتية وأمضى عشر سنوات يتجول هائماً على وجهه في السهول والجبال.هذا وأن كوشتاسب ليس والد دارا الملك الفارسي الشهير الذي كان ملكاً على برسوبوليس في إيران .
الكوستي - الكوستك :
الكوستي أو الكوستك عبارة عن خيط مجوف يعقد مرتين في الخلف ومرتين في الأمام ويربط على خرق أوثياب (البير) وهولقب ديني زرادشتي والكوستك هذا عبارة عن خيط وخرق كان يتزين بهما الإيرانيون القدماء وعندما جاء زرادشت بارك هذه الحزق والخيوط وأبقى عليها ولايزال حتى اليوم يتزين بهما ويقدسهما الأكراد اليزيديون ولكن الأكراد المسلمين يتمنطقون بإزار حول خصورهم وفوق ثيابنهم أعلى البنطال (الشال) ويلفونها عدة مرات ثم يعقدونها في الأمام.
تزوج زرادشت ثلاث مرات أو تزوج بثلاث نسوة بقي من زوجته الأولى ولداً وثلاث بنات وزوج ابنته (بورشستا)الى الوزير(جاماسب) ومن زوجته الثانية خلف ولدين أحدهما يدعى(أورفاتات نارا) والآخر(هفاريكزا) أصبح أحدهما زعيماً للفلاحين والآخر قائداً للجيش الذي أسسه وبناه والده.أما زوجته الأخيرة وكان اسمها (هفوفه) وهي ابنة (فراش سواسترا)أخ الوزير جاماسب فلم تنجب ذرية وكان جاماسب واخوته من أوائل أصدقاء وحلفاء النبي زرادشت والملك وأولهم جاماسب وثانيهم فراشا.هذا وكان زرادشت في العشرين من عمره عندما جاهر بدينه الجديد وأمضى عشر سنوات يتجول في السهول والجبال فذاق العذاب والهوان وكان مسكنه القفار والكهوف وشقوق الجبال والصخور يشارك الحيوانات عيشها وقد أكثر من التضرع الى الله والبكاء والصراخ.ويجدر بنا القول بأن زرادشت كان ينوح ويصرخ .ومن الجائز أن كلمة زراشدت قد جاءت من معنى الصراخ والتضرع (زارزار)أو زارين أو جاءت بمعنى (دستزيرين) صاحب اليد الذهبية أو من معنى المغني والشاعر الذي ينظم اللغة الكردية شعراً ثم يلحن نظمه ويغنيه بصوت عال ومرتفع ويقال بأن زارا وجد على نهر دائيتي(آراكس)شخصاً يشع منه النور والضياء ممشوق القوام أشبه بعمود فارع الطول فتقدم النوراني نحوه وقال له. أنا فاهوما ملك الجبال فاخلع ثيابك والقها جانباً ثم أخذ معه زرادشت عارياً الى السماء وهناك قابل الله وتعرف على كل شيء وقد شاهد زارا الشخص النوراني ثلاث مرات واعتقد بأنه الإله أو نور الله وأصبح زرادشت بعد ذلك نبياً وكان له دعاء بغسم (مانترام أهونافيريا) وكان دائم الترويد له ويقرئه ويدعو الله ألا يجعله من الطغاة والمتكبرين وأن يبعد عنه الأشخاص المسيئين وكان يقول دائماً يريدنا الله أن نكون صادقين وذوي استقامة. والإله (فاهوما) ينعم على ذلك الشخص الذي يعمل أعمالاً صالحة للإله(أهورا-مزدا) ومن يساعد اخوانه من الفقراء والمحتاجين ينال رضى(أهورا-مزدا)الذي يضرب بيده على ظهره ويكون معه وعوناً له .وقد أراد أعداء زارا الحاق الأذى به وقتله ولكنه كان ينجو منهم مراراً وأول من آمن به وصدقه قبل كل الناس ابن عمه (ميترماه)أو ميتيوماه وتقول والدته (دوخدو) بعد أن حملت بزارا وجدت في منامي القتلة والأشرار وسفاكو الدماء والوحوش المفترسة تهاجمني بلآلاف وتريد أن تشق بطني وتخرج جنيني لتنهش لحمه ولكن في اللحظة الأخيرة نزل من السماء ملك فخلصني من الوحوش والغوغاء وأبعدني عنهم وطردهم ولم يصب من في بطني بأذى.هذا وقد أنتشرت ديانة زاراني بلخ ومنها انتقلت الى الهند واليونان وتركستان ويقال بأنه زاره الفيلسوف اليوناني (توتيانوس)وآمن به واعتنق ديانته وعمل على نشرها في اليونان كما زاره(موبذان)الهند وآمن به وصدقه.
آفستا:
إن الكتاب الذي نزل من السماء هو (آفستا)أو أبستاق وبالسريانية(أبستاكا) وبالفارسية الجديدة (أبستا) أو أويستا .وقد وجد اسم هذا الكتاب في نقوش بهستون مكتوباً (أبستام) وفي البهلوية (أوستاك) ويسميه دارمستد(أبستاك) ويقول الطبري أن اسم كتاب زرادشت هو (أشتا) ولم يستطع أحد قراءته أو الإيمان به فكتب شرحاً له باسم (زند) وآخر باسم (بازند) وكتب فيه عن الكثير من أنواع العلوم مثل الحساب والفلك والطب بكل وضوح ودقة وبين فيه تاريخ الكثير من الشعوب القديمة وقال. آمنوا بما أقول حتى يأتي صاحب الجمل الأحمر وهو يعني به محمد رسول الله ونبي الاسلام فيما بعد ويقول المسعودي إن زرادشت بن استمان هو بني المجوس وأن اسم كتابه هو(زمزم)ويدعى الكتاب عند الإيرانيين (فسيا)أو فستاه ويقال بأن الحروف التي استعملت في هذا الكتاب تبلغ ستين حرفاً ولكن لم يعرف أحد لهجة هذا الكتاب الذي كتبت كلماته بماء الذهب على جلود اثني عشرة ألفاً من البقر وفيه الكثير من التعاليم والأوامر والنواهي وكذلك القوانين والشرائع والشعر وحتى عهد الاسكندر المكدوني كان الإيرانيون يسيرون على هذه القوانين والشرائع ولكن احرق الاسكندر الكثير من سور وأجزاء هذا الكتاب وعندما تولى حكم إيران الملك (أزدشير بن بابك)عاود جمع الأجزاء الباقية من الكتاب الذي كان قد بقي .
قسم هام منه فأتى به وأطلق عليه اسم (اسناد وستا)ويستمر المسعودي قائلاً: لقد كتب زرادشت كتاباً آخر يدعى(زند).
وكتب اعتماداً على زند كتاب(بازند)وبعد موته ألف العلماء الإيرانيون اعتماداً على كتبه الثلاثة كتاباً جديداً باسم (بارد)أو (باور) اليقين والى اليوم لايستطيع المجوس أن ينسوا ذلك الكتاب وكل منهم يحفظ شيئاً منه .
ويقال بأنه كان في سحيستان شخص يحفظه كله.
ويقول المسعودي في موضع آخر في عهد (ماني)ظهر أناس يفسرون كتاب (الزند) بالتأويل فسموا بالزنادقة وواحدهم زنديق وقد جاءت التسمية من (زندي) وفيما بعد كان يقال ممن يعتقد بأزالية الأرض وأقدميتها يقال له زنديق لأن المسلمين يعتقدون بأن الدنيا(الأرض)خلقها الله في ستة أيام بأمره ونوره وستزول بأمره وإرادته أما المعنى من أفستا فهو الأصل والأساس أما في اللغة الكردية فكلمة (أويستا) تعني (آفيت) (خوست) أي رمى وطلب كما أنها كلمات بمعنى الغفوة والنوم(1) وكلمة (أفص)تعني شيء جديد لايزال في بطن أمه أو تعني المرأة الحامل ويحتمل جداً أن أفستا قد جاءت من هذه الكلمة (أفص).ولكن متى كتب وألف فإن الآراء حول ذلك متضاربة.
فالبعض يفترض أنه كتب في سنة 560ق.م ومن الأسماء التي تعتقد بذلك مستر (جالدنر)الذي يقول في دائرة المعارف الإسلامية أن هذا الكتاب الكبير قد طبع للمرة التاسعة أما (جيندر)فيقول :حسبما ورد في كتاب (دين كرد) فقد بقي من كتاب زرادشت (آفستا) جزءان أو سورتان في مدينة (اصطخر) وقد احترقت احدهما في قصر الملك وضاعت الأخرى بيد اليونانيين ويعتقد البعض الآخر ببقاء جزء واحد منه وهو الذي أحرقه المكدونيون بدورهم. والبعض يدعي أن قسماً منه قد خبئي في بلخ أو سمرقند. ألا أنه يمكن التكهن بأن الكتب الثلاثة لزرادشت قد أحرقت بيد اليونانيين ويجمع العلماء على أن من أصل واحد وعشرين جزءاً بقي جزء أو مقطع واحد باسم (كاتاها) وهذا المقطع موجود اليوم بين أيدينا وهو أقدم ماكتبه زرادشت وأقدم مقطع من آفستا وهناك خلاف أيضاً حول كتابته وزمن وجوده فالبعض يعتقد بأن زرادشت هو الذي كتبه بيده وقرأه بصوت عال ملحناً إياه على شكل أغنية ويذهب البعض الى أن القسم الأول فقط كتبه بيده والقسم الثاني كتبه بمساعدة بعض أصدقائه وهناك رأي آخر يذهب الى أن (كاتاها) يتألف من ثلاثة أقسام الأول كتبه زارا بنفسه والثاني كتبه بمساعدة بعض أصدقائه والثالث كتب بعد موته ويترسخ الإعتقاد اليوم بأن الأجزاء الثلاثة كتبها زارا بنفسه لأن كلماتها قديمة جداً وكتبت قبل (آفستا) باللغة الميدية ولغة (الكاتاها) في بعض مواضعه روعة تسحر الألباب ولها وقع حسن على الآذان وأشبه بالترانيم يسهل على كل الناس قراءته وفهمه وليس صعباً مثل (الزند) وفيه ينوح زارا ويتضرع الى ربه كثيراً ويبدو أن زرادشت كان في بداية عمره يطوف الجبال والسهول مناجياً الله بصوت عال ومؤثر رافعاً يديه يطلب منه العون والنجدة والغفران .هذا وقد ضاعت الأقسام الأخرى من كتابه.وفي عهد (أردشير) نقلت من أفواه الرواة مجدداً وتم جمعها في كتاب ويقال بأنها جمعت على يد (فولوكيسيس)بين عامي 51-78م وقبل أردشير الذي حكم بين عامي 226-240م .وقد أصبح الكتاب من جديد واحداً وعشرين جزءاً ومن المحتمل أن تكون هناك إضافات زيدت ونسبت الى زارا ولكن يقول (ويست)المؤرخ الكبير بأن كتاب(آفستا) قد تم جمعه في العهد الساساني وكان يتألف من (347000) كلمة ولكن الكتاب الذي بقي بين أيدينا يتألف من ثلاث وثمانين ألف كلمة فقط.
الونديداد والبستا :
توصلنا الى أن آفستا كتب بيد زرادشت ومن ثم فقد أحرق كله وجمع من جديد في العهد الساساني وحتى هذا فقد ظهر الخلاف حوله فالمؤرخ (ويست)يقول بقي منه الربع فقط وقال آخرون بقي منه حزء واحد من أصل واحد وعشرين جزءاً ويعود الفضل في اكتشاف هذا الجزء الى العالم الفرنسي (إنكوتيل دويرن) الذي وجد في القرن الثامن عشر مخطوطات لأقسام من هذا الكتاب في مكتبة (بودليان) وأراد التعرف على الأجزاء الأخرى منه فسافر الى الهند وجلب معه من هناك ترجمات للأجزاء الباقية الى فرنسا وكان هذا المخطوط جزءاً من واحد وعشرين جزءاً من كتاب آفستا الذي جمع في العهد الساساني ويدعى (الونديداد) وأربعة أجزاء أخرى ظهرت مرتبطة مع بعضها بإسم (بستا) ويمكننا التعريف بالأجزاء الخمسة وهي :
1-الجزء الأول في المدائح.وتتعلق بالصلوات والأدعية والترانيم والقصائد وفي مدح الملائكة والأرواح يباركها ويدعو لها ويضم هذا الجزء الكاتاها أيضاً :
النجدة النجدة
من أجل الناس
فليأت الإله الكبير
لنجدتنا
أي الإلهين الخالدين
فلتأت الأرواح لمساعدتنا
أي أهورا اهدنا الصراط المستقيم
وطهر قلوبنا من الأدران
يامزدا أنت شاب رائع الجمال
أنت عال تفعل كل شيء وقادر على كل شيء
على قدر أعمالنا تحاسبنا
أعطيت النعمة للخيرين
وأعطيت الظلمة للأشرار
كل هذا من خيراتك وعطاءاتك
أي الإله الكبير والعليم
وفي هذا الجزء أيضاً يمتدح الملك(كوشتاسف)كثيراً ويدعو له الله أن يساعده ويمنحه الخير والبركة وطول العمر .
مازدا، أهورا أطلب وأدعو
الخير والطيبة والرفعة وعلوالشأن
لأولئك الأشخاص الذين آمنوا بدينك قبل غيرهم وآمنوا بكتابك وناصروك وقد اعتنق كوشتاسف قبل كل الناس دينك وآمن بكتابك وقدم مساعدته لك وأواني في بيته وأطعمني وسقاني
أي أهورا، أي مزدا
زوجني فراشا أوسترا ابنته
تلك الفتاة الجميلة.الحلوة القوام
التي أحبها كثيراً
أي الإله الكبير
خذ بيده الى الطريق القويم
وطهره وطيب قلبه أي أهورا
إن جاماسب شخص طيب طاهر القلب
آمل وأدعو أن تكون له خير معين
أنعم على ابن عمي ميتيوماه
لأنه قبل كل الناس
مديد المساعدة لأصدقائك وحلفائك
2- الجزء الثاني (فيسبرد):هذا الجزء مكون من 23-27جزءاً واسمه (كرده) ويقترب كثيراً من المدح وفيه الكثير من الترانيم والإبتهالات وينشد في أيام الأفراح والمناسبات الدينية كالأعياد ولكن يظهر أن هذا الجزء هو الأخير في المدح .
3- الونديداد-عدواهريمان: وهو أشبه بقانون ودستور الديانة الزرادشتية. فالعلماء والملمون بالمعرفة هم الذين يستطيعون تلقين الناس تعاليم العقيدة الزرادشتية وقد بين في هذا الجزء نكاح النساء وتوزيع الميراث والإيمان بزرادشت ويحوي الونديداد اثنين وعشرين جزءاً وفي الأول يبحث في خلق الدنيا وبين كيف أن (آرمزد) خلق الكون وأي أرض باركها وكيف أن الإلهين (أنفرومينو) و(أهريمان) خلقا أرواحاً شريرة مقابل الأرواح الخيرة ومن هنا يظهر أن لدى زرادشت الألهة جبهتان جبهة الشر ويمثلها أنفرومينو- أهريمان وجبهة الخير ويمثلها آرمزد-آزر والجبهتان عدوتان لبعضهما ويبين الونديداد الأعمال الشريرة والخيرة ويدعو الى أمور نافعة وصالحة كالإغتسال بالماء وغسل الأموات والأحياء وتطهير الجروح وقص الأظافر والشعر والإبتعاد عن الذنوب. ويقول زرادشت :ضعوا أدوات الحلاقة وقص وقص الأظافر على الطاولة أمام أعينكم وادفنوا الشعر المقصوص والأظافر المقصوصة.
4- بشتا (بسته) :هذ الجزء عبارة عن ترانيم وقصص وهو واحد وعشرين مقطعاً خصه بمدح الملائكة وأولياء الله كما كانت ترانيم (إنشاسنبد) و(سازبند) و(أزد) تقرأ في مناسبة واحدة ووقعت واحد وعرفت كل ترنيمة من تلك الترانيم بإسم ملك من الملائكة ويظهر منها الآن فقط اثنتا عشرة ترنيمة إذاً يكون المفقود منها تسع ترانيم أو أغنية.
5- خوردآفستا(الأفستا الصغير): وهو كله دعاء وتضرع الى الله وصرخات يرددها الناس وفي عهد (أردشير الثاني) وضع كهنة زرادشت ترانيم جديدة تدعى (آزربازمهرسبند) وذلك بين عامي (389-310) ق.م وقد نقل الكثير من هذه الترانيم والأقاويل من آفستا وبعضها نقلت من بازند وباللغة الجديدة التي تنتشر بها وكلها توسلات وأدعية وطقوس وصلوات وهذا الجزء ينقسم بدوره الى أربعة اجزاء:
أ- نيشيش: وهي خمسة أدعية يتضرع بها الى الشمس والقمر ومبترا والماء والنار.
ب- كاتاها: وهي أيضاً خمسة أدعية
ج- سيه روش:(الثلاثين يوم): وفي كل يوم يقرأ واحداً منها وتتألف من مقاطع صغيرة وكبيرة أيضاً.
ح- أفرينكان: وهي أربعة أدعية يرجو فيها من الله الخير والبركة وزيادة الأرزاق كما يرد في (خورد)ذكر الله والتقى والدعاء والصرخات والصلوات وكذلك فهي تواضع لله وتوسلات يتقرب بها الى الله وهو يستعمل كثيراً في أيام الأعياد والأفراح والزواج والدبكات وفي مناسبات أخرى ولكن أضاف الزرادشتيون أجزاء أخرى الى آفستا منها 1-بندهشي-2-أردا وبراف.
قصة الحياة في الديانة الزرادشتية:
يقول زرادشت أن العالم قد مر بأربع مراحل ومدة كل مرحلة ثلاثة آلاف عام(1):
1- المرحلة الأولى: وينعتها بالعصر الذهبي وهو الذي سيطر فيه (بي ما) و (جمشيد) و(أهورامزدا) على الكون وفي هذه المرحلة أسبغ الإله أهورامزدا الخير والبركة على العالم كله.
2- المرحلة الثانية: في هذه المرحلة عمت الظلمة الأرض وضاعت معالمها وسط هذا الظلام الدامس.
3- المرحلة الثالثة: وفيها يتصارع الخير والشر والنور والظلمة فكان النصر للخير والنور وفي هذه المرحلة أيضاً ظهر زرادشت وبين للناس طريق الخير والشر وميز بينهما.
4- المرحلة الرابعة: وفيها انتصر الخير على الشر وعمت العدالة والخير والبركة العالم كله .
خلق الإنسان:
في البداية خلق الإنسان من أجتماع ثلاثة أشياء 1- الجسدالفاني الذي سيصبح تراباً. -2- العقل وبواسطته يميز الإنسان بين الخير والشر -3- الروح وهي مثال الطهارة والبراءة ويقال لها(الفرواز) وهي خالدة لاتضيع وترتبط مع الله ومن أجل ذلك فالجسد الذي يفنى تتلقفه الأدران والأوساخ في الحياة الدنيا ولذلك فمن غير الجائز أن يلمس جسد الأموات ويجب أل تمسه النار أيضاً وألايدفن تحت الأرض لأن النار والأرض مقدستان ومباركتان وفي عهد زرادشت أنشأت (الده كوما)أو الدخمة التي كانت توضع فيها الجثث لكي تنهشها الطيور والوحوش المفترسة والأجل حمل الأموات الى الدخمة(2)هناك عائلة متخصصة في ذلك هي التي تقوم بحمل الجثث وتقرأ عليها الآيات والتراتيل الدينية والدخمة تتألف من أربعة حيطان تحيط بساحة غير مسقوفة يضعون فيها جثث الموتى لكي تنهشها العقبان والضباع ثم يدعون للميت ويطلبون له العفو والمغفرة مدة ثلاثة أيام ويصرخون ويتضرعون وفي اليوم الرابع يصومون ويبتهلون الى الله (أهورامزدا)أن يرحمه ويمرره بسلام فوق جسر القيامة.هذا والإنسان الذي مسه رجس وغير طاهر الجسم عليه ألايسير في موكب الجنازة وأخيراً يلقى بالميت الى الدخمة بعد أن يقرأوا عليه ترانيم واشعار(الكمتامزدا) .
قصيدة الكمتا مزدا:
ايها الإله الكبير مزدا .عداك من يستطيع أن يخلص المظلومين والمضطهدين من أيدي الأعداء الكفرة.أي مزدا أنت إله قوي تحب الحق.مبارك وكبير عليم.أنت الوحيد القادر على اهدائنا الصراط المستقيم.فعلمنا الحقيقة ،غيرك من يستطيع أن يحطم رؤوس الجبابرة الأعداء سواك من يستطيع حمايتنا،أي مزدا زودنا بحاكم صالح ودليل ومرشد طيب القلب يأخذ بيدنا ويوجهنا نحو طاعتك ورحمتك.اجعل قائد ملائكتك هادياً ومرشداً للفقراء والمساكين وطيبي القلب احمنا من الأعداء والأشرار ابعدهم عنا.حطكدم رؤوسهم ومن والاهم وكانوا علينا من أصدقائهم وحلفائهم أيها العدو الغدار ارحل الى شمال بلادنا خارجاً منها لنتخلص منك ومن غدرك.
قتل النفس :
حرم زرادشت قتل النفس وحمل قاتلها خطيئة ووزراً كبيرين وقال إن قاتل نفسه هو عدو الإله(أهورامزدا)وإذا قتل أحد نفسه فإنه ينقص واحداً من عساكر الخيريين وعلى المرء أن يحمي نفسه واخوته من الناس اجمعين كما يحمي البرامكة النار المقدسة .
آهورامزدا:
(آهوأز، راجهان، مزدا خوديه تي) أي إنني الله خالق الكون وكلمة خودا جاءت من دمج كلمتين.خو،وي،دا أي خلق أوجد يعني أنه خلق نفسه أوجد نفسه بنفسه. وفي الكرمانجية تعني الزوجين .
أو خو- دا- دياخو أي أعطى نفسه لوالدته.
وقد تاتي الكلمة بمعنى الأهل وصلة القرابة وولي الأمر فالأكراد يقولون (أز - بيه - خودي- أوخودانم) أي لاأهل لي ولاراع ومقطوع من الشجرة أما كلمات أزد، يزد ، يزدان فقد جاءت بمعنى الأكبر والأقوى فالأزد إله كبير أو أكبر ويزدان غورد تعني أسد الله أو الشجاع القوي. ونستخلص مما تقدم أن الإله أهورامزدا إله واحد أحد لامثيل له ولا حلفاء أو أصدقاء ولانظير ولايظهر أن أهريمان المقابل أو الضد له.وهناك إلهان آخران يتصارعان في جبهتين متضادتين وهما الإله (أسبتامينو) والإله(أنفرومينو) الأول يدير الخير والثاني يدير الشر في العالم أي أن (هرمز)إله للخير و(أهريمن) إله للشر.
ويقول الشهرستاني.في كتابه (الملل والنحل) أن دين زرادشت هو دين التوحيد ومعرفة الله والإيمان به وأن يزد هو الإله الأوحد وعدو أهريمن ويقول في موضع آخر أن الله جعل الظلمة والنور متلازمين ولكن خلق النور قبل الظلمة وكانت الدنبا في البداية كلها نور ثم وجدت الظلمة فيها فيما بعد.
في ديانة زرادشت :
إن الله واحد وأهورامزدا هو هرمز، النور هو الأصل والظلمة زينته وظله والنور مبارك وفي العالم قوتان عظيمتان هما قوة الخير وقوة الشر فالخيرون هم أشخاص طيبون وحلفاء الله والأشرار أشخاص فاسدون وأعداء الله وينقسم العالم الى قطبين متضادين :
1- الحياة والخير والنور والإستقامة من جهة -2- الشر والظلمة والموت والخديعة من جهة أخرى وفي مقدمة القطب الأول الإله (أستبتامينو) وتصحبه ستة أشياء أو حلفاء التربية الجيدة والشعر الجيد، الملكوت الكبير،الأشخاص المباركون، التقدير والاحترام الحياة والنعيم والسمعة الحسنة والخلود بالإضافة الى سبعة أشياء أخرى كالعلم والشجاعة والطهارة والرحمة والطيبة والإيمان والجود. كما يقف وراء القوى الشريرة الإله (أنفرومينو) ومعه كل الأشرار وتناصره سبع جبهات أو صفات شريرة فاسدة وهي النفاق والخداع وافلاس الضمير والخوف والبخل والظلم والقتل.وهاتان القوتان في صراع دائم ومستمر فيما بينهما عداوة لاتنتهي وتدوم الى الأبد وكل قوة تريد أن تسيطر على العالم وتتحكم بمصائر الناس.
ويقول زارا إن الرجل الصالح يجب أن يتحالف دائماً من الخير ويحارب الأشرار .هذا ويمكننا القول بأن الإيمان بالنور والشمس قد ارتبط بالمجتمع الكردستاني الجبلي لأن التجول في الجبال ذات الليالي الحالكة السواد يخلق الرهبة والخوف في النفوس وبدون النور والضياء يصعب السكن والإستقرار في جبال كردستان والنور ضروري في البيوت أيضاً وذلك عندما يجتمع الناس في المجالس ليشاهدوا معالم وجوده بعضهم ولهذا فإن ظاهرة الظلمة في هذه الجبال الرهيبة العمت خيال الأنبياء وحركت لواعج نفوسهم واعتبروها مصدر الشر ومكمن البلاد وستار العصاة والمجرمين أما الشمس فهي تمنح الحياة والدفء والوجود على الأرض وهي تحرك النجوم وتجود عليها باليمن والبركات .وبدون القوى والظواهر الأساسية الأربع لاتسطيع الحياة الاستمرار على هذا الكوكب وهي الحرارة والبرودة والأوكسجين والطعام أو كما يقال النار والماء والهواء والتراب وأن هذه المواد بالإضافة الى الأغذية تدخل في تركيب الأجسام الحية وفي الروح والمخ والدم والعظام والعضلات والأعضاء الداخلية والخارجية وتستحيل الحركة بدونها لكل كائن حي .وفي عهد زرادشت بنيت ثلاثة بيوت للنار (آكردان)أو أترافان:
1- بيت النار في كابول في أفغانستان وفيه يتم إيقاد نيران الإله.
2- بيت نيران الشجعان (الأبطال)على قمة جبل أزنوند(علوند) قرب سواحل بحيرة أورمية.
3- بيت نار العمال (الكادحين) على قمم جبال (ريونت) في خراسان.
وكان زرادشت يبارك الماء والهواء والتراب لأنها ينابيع الخلود وسر الحياة.
ويقول الشهرستاني.بإختصار أن زرادشت قسم الدنيا في الزند آفستا الى قسمين. الروح والجماد وكل شيء في هذا العالم هو قسمان العطاء والعمل أو العمل والعطاء ويقصد زرادشت بذلك أن الله يعطي والإنسان يعمل أو من المفروض أن يعمل الإنسان ثم يتصدق على الفقراء والمساكين والمقعدين وحصر كل جهد الإنسان وحركته في ثلاثة أشياء :
العقيدة أو الإيمان ثم العمل وأخيراً القول والكلام أي الإيمان الصحيح والعمل الصالح والقول الصحيح وبهذه الأمور الثلاثة يتعلم الانسان ويكبر ويصبح عضواً نافعاً في المجتمع. وامتدح زرادشت العمل وتمناه وقال يجب على الإنسان أن يعمل كثيراً ليصبح غنياً ولكي لايمرض يجب ألا يصوم وإذا صام فأياماً معدودات. ويدعو زرادشت الى تعدد الزوجات للإكثار من النسل وحتى ينتصر المؤمنون بقوتهم على الأعداء والمفسدين كما دعا الى العمل المتواصل وبارك الكلب والثور والبقرة لكي تتم الحراثة على الثور ولتصون المواشي بالكلاب.وقال هناك أربعة أمكنة مباركة. بيت النار والبيت والأرض الزراعية والأرض البوار والمراعي لأن في هذه فوائد كبرى فبالنار يتدفأ الإنسان وفي البيت تكون راحته وبالأرض الزراعية يقوي إقتصاده وفي الأرض البور يرعى مواشيه وأغنامه ويقول البيت الذي تدخله النار والدخان لايدخله أهريمن كما يقول ابتعدوا عن الكذب ولاتحنثوا بوعودكم وابتعدوا عن الأموات.هذا وقد فرض على الأكراد الصلاة في ثلاثة أوقات الصبح والظهر والمغرب وهي كلها أوعية وتضرعات الى الله.
المرأة :
بارك زرادشت المرأة وأعلى من مكانتها وقال المرأة شريكة حياة الرجل وعنده الملائكة ستة ذكور وست إناث.ويمكن أن تصبح المرأة سدنة النار وتأخذ لقب (بير) وتكون لها مرتبة دينية كما ذكر زرادشت الجنة والجحيم فلإنسان الصالح ينال بعمله الجنة والشرير مثواه النار وبئس المصر والذي تتساوى حسناته مع سيئاته فسيلقي به الله بين الجنة والنار لاهو يدخل الجنة ولاهو بداخل النار.والديانة الزرادشتية ككل الديانات الباقية اليوم تحض على الفضائل وعمل الخير والتخفيف من عذاب الإنسان وهو انه وينهى عن الشر وفعل السوء وكل مايسيء الى الإنسان في حياته. والزرادشتية ديانة متماسكة كانت منتشرة بشكل واسع وأكثر ديانات العالم انتشاراً في التاريخ.
مقتل زرادشت :
في عهد زرادشت وقعت حرب بين إيران وطوران وكانت حرباً قاسية حيث كانت القتلى بمئات الآلاف والسلب والنهب قائمين على قدم وساق بين الطرفين وذاق الناس الويلات من جراء هذه الحرب الضروس التي سالت فيها الدماء بغزارة ثم جاء وقت تصالح فيه الطرفان الإيراني بقيادة الملك (كوشتاسف) والتركي بقيادة الملك (خارزاسف) ولكن هذه ليست المرة الأولى التي يتصالح فيها الطرفان ثم تندلع الحرب من جديد. وهنا اقترح زرادشت على الملك شيئين:أن يخرج ابنه (اسفنديار ) من السجن ثم يسلمه قيادة الجيش لقتال تركستان ولكن الملك لم يصغ لنصائح زرادشت وأرسل جيشه الى تركستان دون أن يطلق سراح ولده كما طلب منه زارا ذلك لأن اسفنديار كان متهماً بجناية كبيرة لأن أخاه كان قد وشى به سراً عند أبيه الملك مخبراً إياه بأن اسفنديار يريد قتله لتولي العرش فصدق الملك العجوز الوشاية وأدخل ابنه القوي والشجاع السجن ولم يوافق على طلب زرادشت بإخراجه وتسليمه قيادة الجيش وبعد معارك طاحنة بين الطرفين تمكن الملك التركي من تحقيق عدة انتصارات على الجيش الإيراني ودخل العاصمة بلخ فتم تدميرها وإحراقها ونهبها وسلبها وكان من جملة الضحايا زرادشت (1) نفسه مع ثمانين من أتباعه قتلوا في أترافان بلخ أو بيت النار وبذلك اختلطت دماؤهم مع النار المقدسة وهكذا كان مقتل زرادشت على يد الترك.وهنا كان لابد من توجه (جاماسب) نحو السجن وإخراج البطل الهصور (اسفنديار)الذي استلم قيادة الجيش وهاجم مملكة تركستان وبعد مواقع عديدة ألحق بالأتراك هزائم شنعاء وقتل منهم مالا يعد ولا يحصى وتمكن من قتل ملك تركستان(خرزاسف)نفسه في إحدى المعارك وجمع مملكتا إيران وتركستان في مملكة واحدة وأصبح حاكماً عليها.
ماني :
ولد ماني عام 216م وقتل في عام 293م وكان عمره أربعة وعشرين عاماً عندما أعلن نفسه نبياً ودعا الناس الى عبادة الله واعتناق ديانته وقد طاف أربعين سنة في خراسان والصين والهند وهو يدعو الى دينه الجديد.
ديانة ماني :
يعتقد بأن الديانة المانوية هي مزيج من عقائد الديانة الزرادشتية والمسيحية وقد جعلها الملك(شاهبور بن أزدشير)الديانة الرسمية للدولة وبعد عشر سنوات عاد هذا الملك الى الديانة الزرادشتية وأراد قتل ماني ولكنه هرب الى الهند وفي عهد (بهرام) عاد ماني الى إيران ولكن سجنه هذا الشاه وقتله(1) في السجن وعلق جسده على عمود أمام بوابة المدينة وقتل من أتباعه خلق كثير وهرب آخرون الى تركستان ثم عادوا الى وطنهم بعد دخول العرب الى إيران فاتحين ونشط المانويون في العهد الأموي ولكنهم أبيدوا على يد والي الكوفة خالد بن عبدالله القسري وعادوا الى نشاطهم من جديد في العهد العباسي بين عامي 158-159هجري وقد نصح الخليفة العباسي المهدي ابنه الهادي بالقضاء على حركتهم وهي في المهد وأعدم هو أحدهم ويقول الطبري .إن المهدي نصح ابنه بالقضاء على المانويين وحركتهم وكان هذا الخليفة قد أقسم أن ينصب ألف مشنقة إذا بريء من مرضه ويقتل من الزنادقة بالآلاف ولكنه توفي ولم يبرء من مرضه ولم يبر بقسمه ويتابع الطبري ليقول .كان هؤلاء الزنادقة المانويون لايأكلون اللحم ويقدسون الظلمة والنور وينكحون أخواتهم ويغسلون بالبول ويسرقون أطفال المسلمين لئلا يزيد عددهم ويعلمونهم الديانة المانوية عندما يكبرون.
ويقول ابن النديم في الفرس. في أواخر القرن الرابع الهجري كان في بغداد مايقارب الثلاثمائة مانوي أي من أتباع الديانة المانوية وكان الجعد بن درهم من الزنادقة ومؤدباً لمروان بن محمد الأموي ولذلك يقال له مروان الجعدي وكان مروان خليفة للمسلمين بين سنتي 127-132هجري وقد قتل الجعد بن درهم في سجن والي الكوفة خالد بن عبدالله القسري في يوم عيد الأضحى (عيدالقربان) وقطع رأسه وكان كل من بشار بن برد ومحمد بن عبيد الله كاتبين لدى الخليفة المهدي وهما من الزنادقة فأمر المهدي بإعدامهما.وكل البرامكة كانوا من الزنادقة ماعدا محمد بن يحيى كما كان الفضل بن سهل و أخوه الحسن بن سهل قد استوزرا للمأمون وكان محمد بن عبدالملك الزيات وزيراً للمعتصم وكل الوزراء السابقين كانوا من الزنادقة وكان ماني يعتقد بوجود إلهين في الكون النور وهو المسؤول عن الخير في العالم والظلمة وهي مسؤولة عن الشر والأشرار وهما يقتسمان العالم ويديران الكون. ويقول:في البداية كان النور والظلمة يسيران معاً ولكنهما لم يكونا ليختلطان ببعضهما وعندما اختلطا حارب أحدهما الآخر.كما كان ماني يرى بأن ديانته هي الوحيدة الصحيحة بين ديانات العالم ويقول مثلما أن الحر والبرد لايمكن أن يجتمعا وينبثقا من مصدر واحد كذلك الخير والشر لايجتمعان في إنسان واحد ولكنهما يلازمان الإنسان والى الأبد ويعتقد ماني بأن هناك أربعة أشياء هامة وعظيمة وهي الله،نورالله ، وقوة الله وعلمه ، وأن الله ملك الجنة ، وأن النور منبعه الشمس والقمر وتتجلى قوة الله في الهواء والماء والنار والنور وفي ديانته علمه وذكاءه.
تعاليم ماني :
1- الإيمان بما أتيت به -2- الإبتعاد عن عبادة الأصنام والأحجار والأشجار.
3- الإبتعاد عن الكذب -4-نبذ البخل -5- لا تأكلوا اللحم .
6- لاتنتهكوا أعراض الناس -7- لاتسرقوا أموال الناس .-8-تعلموا التميز بين السحر والعلم -9- الإيمان العميق -10- لاتتهاونوا في أعمالكم .
وكان ماني يعتقد بنبوءة زرادشت وبوذا ومن أنبياء إسرائيل كان يؤمن بعيسى المسيح فقط وكان يقول عيسى من نور الله يضيء بنوره وأنه انبثق عن نورالله وأن الشخص الذي صلبه اليهود ليس هو عيسى المسيح بل كان ابناً لإمرأة أرمل.
والمانويون خمس طبقات :
العلماء، مفسروا الأحلام، طلاب علم، الأشخاص الأذكياء،والعارفون المستمعون وبارك ماني العلم والخط والنقوش الجميلة ووضع بنفسه بعض الأحرف الأبجدية وقد ذاعت شهرة نقوش ماني الذي ألف فيها كتاباً تحت اسم (أرشنك)فجعل الناس له من هذه النقوش علامة النبوة وقالوا لايستطيع أحد أن يأتي بهذه النقوش الرائعة والجميلة لو لم يكن نبياً أو عظيماً من العظماء وقد ألف ماني ستة كتب هي :
1- شاه برقان، وفيه يبين الفرق بين الإنسان الصالح والطالح وكيف أن أهريمان يدخل في جسد الشرار ويخدع الناس.
2- صندوق الحياة:وفيه يمتدح الشمس والنور وكيف أن الحياة تبتهج مع النور والشمس .
3- الطريق المستقيم(رياراست):يبين فيه العمل الصحيح والسليم وكيف أن العمل السليم ينير الدرب والسبيل أمام الإنسان.
4- أولبرستي (العبادة):يبين فيه اثنتي عشرة مادة ومحاسن كل منها وفوائدها كما يحوي بعض الأدعية والصلوات وطريق الإنسان الى تطهير قلبه.
5- فشارتي(المخبأ): وفيه يهاجم الديانات الأخرى ويبين مساوئها وعيوبها كما يهاجم الأنبياء القدماء.
6- كتاب الأبطال: وفيه يمتدح الشجعان والأبطال الذين قاموا بأعمال جليلة أو قتلوا من أجل شعوبهم. هذا ويقال لمعتنقي الديانة المانوية (زنديق)لأنهم يؤمنون فقط بكتاب زرادشت (الزند) ويفسرونه حسب رغباتهم ويقولون فقط أنه الكتاب الأصح والقدس ولذلك يقال لهم الزنادقة أو الزندكيون.
الإختلاف بين زرادشت وماني :
1- يؤمن زرادشت بإله واحد أحد.بينما يعتقد ماني بوجود إلهين.
2- زرادشت يعتقد بأن الخير والشر مكمنهما جسد وروح الإنسان بينما يعتقد ماني بطهارة الروح والجسد وحده موبوء بالشر وهو مصدره.
3- الديانة الزرادشتية تميل نحو المادية أكثر .بينما المانويون يقدسون الروح ويبتعدون عن المادة.
4- الزرادشتية ديانة وطنية وقومية ويحصر الزرادشتيون تفكيرهم في المواطن الإيراني ويريد له الخير والتوسع والتقدم والإزدهار. بينما المانوية ديانة عالمية والمانويون لاوطن لهم ويريدون أن يتطهر العالم كله من الرجس والوثان وينعم بالخير والرفاه.
الزرادشتية والإسلام :
لقد أدخل زرادشت الكثير من المعتقدات والأخلاق الإيرانية القديمة في صلب ديانته وخاصة تلك التي وجدها مناسبة لوطنه كما أضاف من عنده أشياء رآها ضرورية وجيدة وجعلها نظاماً وشريعة لمجتمع وطنه مثلما أبقى النبي محمد على الكثير من العادات والأخلاق والتقاليد العربية القديمة وأدخلها في الإسلام مثل تقبيل الحجر الأسود وركوب الخيل واستعمال السيف والسباحة وسقاية واطعام الحجيج من العرب القدماء.وأضاف إليها أشياء رآها مناسبة وجيدة للمجتمع الإسلامي بالإضافة الى نقله من بعض ديانات الشعوب المجاورة له من فرس وروم ويهود وشعوب مابين النهرين كما نبذ العادات العربية البالية وحرمها مثل وأد البنات وقتلهن وزواج عدة رجال من امرأة واحدة والسلب والنهب والسرقة والعصبية القبلية والإقتتال بين المسلمين كما أدخل بعض مايتزين به الشعوب المجاورة مثل الكرد والفرس كقص اللحى واطلاقها أو إطلاق الشوارب وقصها حيث قال: (احلقوا شواربكم واطلقوا لحاكم)كما دعا النبي محمد الى الأخوة والمساواة والعمل الصالح والمفيد وفي كل مكان وزمان نصادف مثل هذه التعاليم في باقي الديانات القديمة. وقوة الديانة تكمن في قوة أصحابها ونبيها وعندما يضعف أصحاب أية ديانة تضعف الديانة ذاتها وتتجه نحو الضياع وللتاريخ والزمن صولات وجولات ودواليب يديرانها في هذه الميادين ويجعلان كل شيء عاليه سافله.
27/3/1967
جكرخوين
 
رد: الديانة الزرادشتية

نظرة مختصرة إلى ماقبل التاريخ


إن العصور التي سبقت كتابة التاريخ تسمى بعصور ماقبل التاريخ وقد دامت هذه الفترة مئات بل آلاف السنين ونحن نعرف الشيء الكثير عنها كما لانستطيع توضيح ماجرى فيها سوى بعض التفاصيل القليلة وأن الكتابات والنقوش المتناثرة التي تعود الى هذه الفترة لاتعطينا إلا النذر اليسير بالنسبة الى هذه العصور الطويلة التي قطعتها البشرية لأن إنسان هذه الفترة لم يستطع أن يدون تاريخه وكان متوحشاً قليل الخبرة يعيش في سفوح الجبال وشقوقها وكهوفها واحتمى بالأدغال والغابات ليقي نفسه من الرياح العاتية والوحوش الضاربة والحر والبرد الشديدين والمطر المنهمر ثم خرج الى السهول فيما بعد بعد أن ابتكر وسائل تمكنه الدفاع بها عن نفسه فاتجه علماء الآثار والتاريخ الى تلك الكهوف وشقوق الجبال ونقبوا عنها واهتموا بحفرياتها ودرسوا عظام الإنسان القديم فتبين لهم أن الإنسانية مرت بمراحل طويلة جداً وقد اتخذت من أسماء تلك الكهوف والمواقع التي اكتشفت فيها آثار الإنسان أسماء لحضارات قديمة حيث تم فيها اكتشاف الكثير من عظام الإنسان ويقاياه وأدواته التي كان يضعها من الحجارة وعظام الحيوانات ومن النحاس والحديد كما تم التعرف على نوع الطعام الذي كان يتغذى به واعتماداً على كل ذلك تمكن العلماء من رسم خطوط عريضة للحضارات البشرية وخط سيرها وأطلقت على هذه الفترة اسم (العصر الحجري)نظراً لأن الإنسان استعمل الحجارة بكثرة في صنع أدواته في هذا العصر الذي ينقسم الى ثلاثة عصور:


أولاً: العصر الحجري القديم (الباليوليتيك):(1)


وهذا العصر قديم وطويل جداً ويبدأ من ظهور الإنسان وحتى أثني عشرة ألف عام قبل الميلاد ونظراً لطوله فقد قسمه العلماء الى قسمين.


أ- العصر الحجري القديم الأول ب- العصر الحجري القديم الثاني .


كما قسموا كل عصر من هذين الى حضارات نسبت الى المواقع التي اكتشفت فيها وعرف بها ومعظمها في فرنسا ففي العصر الحجري القديم الأول اكتشفت بقايا عظام الإنسان في كهوف تعود الىهذا العصر الذي تسود فيه أربعة مواقع حضارات وهي السابقة للعهد الشيلي،والحضارة الشيلية(2)،والحضارة الأشولية ، والحضارة الموسترية . وفي هذه المواقع تم اكتشاف جمجمة في عام 1929م أطلق على صاحبها (إنسان الصين)(1) في كهف (تشوكوتين) قرب العاصمة بكين واكتشفت معها بقايا عظام حيوانات وأدوات حجرية ويعود تاريخ انسان الصين هذا الى نصف مليون عام ثم ظهر إنسان جاوا واكتشفت بقاياه بعد إنسان الصين في جزيرة جاوا بأندونيسيا وبعده اكتشفت عظام إنسان (هيدلبرغ) في ألمانيا عام 1907م وكانت عبارة عن ذقن لشخص ينتمي الى فصيلة هذا الإنسان وفي عام 1911م عثر على بقايا إنسان (بلنتون) في إنكلترا.هذا ويعتقد المؤرخون أن إنسان اليوم (الإنسان العاقل)هو موسابينز قد ظهر في آواخر العصر الحجري القديم الأول (الأدنى)أي في الفترة التي تعود الى الحضارة الموسترية وقد تفرع عن إنسان نياندرتال واكتشفت بقاياه قرب دوسلدورف في ألمانيا عام 1927م.


أما العصر الحجري القديم الثاني فقد قسمه المؤرخون أيضاً الى عدة حضارات


1-الحضارة الأورنياسية: سميت بذلك نسبة الى الموقع الذي اكتشفت فيه وهي أورنياك في حوض نهر الغارون في فرنسا.


2-الحضارة السولترية: نسبة الى موقع (سولتري)الذي اكتشفت فيه.


3- الحضارة المجدلانية:وقد اكتشفت في موقع بهذا الاسم قرب الدوردون بفرنسا وهذه الفترة طويلة جداً.


هذا ويطلق على هذين العصرين اسم العصر الجليدي الرابع في أوربا وبالعصر المطير أو الزمن الرابع (البلايستوسين)في الشرق الأدنى.ظهر في هذا العصر إنسان(غريمالدي) الذي اكتشفت بقاياه قرب مدينة (مانتون) في فرنسا وكان يعيش في فترة قريبة من الفترة الأورنياسية كما كان ذو ملامح زنجية وقد دخل الى فرنسا من أفريقيا وفي عام 1868م تم اكتشاف بقايا إنسان (كرومانيون) في كهف وسط منطقة الدوردون في فرنسا وينتمي الى الإنسان العاقل وقد عاصر الفترة الموسترية وذو ملامح قوقازية طويلة الرأس.وفي العصرين الحجرين القديمين الأول والثاني عاش الإنسان في الكهوف مشاركاً الدببة مسكنها وكان يقتات بثمار الأشجار ويطارد الحيوانات والوحوش ليصطادها ويلتهم لحومها كما صنع بلطات حجرية ذوات اطراف حادة وأخرى مدورة تصلح للعمل والقتال والحرب وفيما بعد صنع أدوات أخرى كالمناشر والسكاكين والمطارق وأدوات حفر مصنوعة من الأحجار والعظام وأغصان الأشجار ثم اكتشف الإنسان النار واستعملها في البداية للتدفئة والإضاءة وإضافة الوحوش الضاربة وكان اكتشاف النار خطوة بشرية هامة وأساسية نحو حضارته العتيدة كما رسم صوراً لحيوانات على جدران الكهوف وأغلبها في وضعية الحيوان الجريح وأهمها صورة لغزال يخترق السهم جسمه ووجد في كهف (تاميرا) في شمال أسبانيا صورة ملونة لثور يعود الى الحضارة المجدلانية هذا بالإضافة الى صور الدببة والغزلان والفيلة والجواميس ورسوم بشرية أيضاً على هذه الجدران الموغلة في القدم.


ثانياً:العصر الحجري المتوسط (الميزوليتيك):


يعتبر عصر انتقالي بين العصرين الأول والثالث أي بدأ الإنسان فيه يسارع الخطى ليقذف بنفسه من العصر الحجري القديم الى الجديد وامتد 12000-7000عام قبل الميلاد بعض المؤرخين يعدون هذا العصر من العصر الحجري القديم لأنه ليس هناك تغيرات هامة فيه بالنسبة للعصر الذي سبقه ولكن تطورت هنا بعض الأدوات الحجرية وأصبحت أفضل آداء وأكثر صقلاً.


ثالثاً:العصر الحجري الحديث (الينوليتيك):


أمتد هذا العصر من 7000-4500عام قبل الميلاد وفيه استطاع الإنسان أن يطور الكثير من أدواته ويشذ بها ويحسن مستوى فعاليتها واستطاع أن يغير عاداته واسلوب حياته كما مس التطور والإرتقاء نواحي غذائه وطعامه فانتقل لأول مرة من مرحلة الصيد والمطاردة وأكل أوراق الشجر الى مرحلة الزراعة واستئناس الحيوان وتدجينه أي أصبح الإنسان صاحب مزرعة وأغنام وحيوانات وأموال وتجارة وبذلك حقق قفزة كبرى الى الأمام ويفضل البعض تسميته بعصر الزراعة والبناء والإستقرار حيث أصبح الإنسان فردياً وبنى مساكن ثابتة لنفسه وأخرى لحيواناته وكان مسكنه يوفر له الراحة من عناء نهاره الطويل كما أصبح هذا الإنسان بمأمن نسبياً من الوحوش المفترسة والفيضانات الكاسحة والعواصف الهوجاء لأن هذا العصر صادف نهايات العصر المطير فجفت المستنقعات والبحيرات والسواقي والأنهار والبعض من الينابيع وأصبح الإنتقال على الأرض سهلاً ميسوراً فخرج الإنسان من كهوف الجبال الى السهول الرحيبة وبنى مسكنه فيها محاذياً الأنهار والبحيرات التي لم تجف وبدأ يحرث الأرض ويزرعها ولكنه هجر فيما بعد ضفاف البحيرات والأنهار خوفاً من الفيضانات المريعة في ذلك الوقت.وكانت تلك بداية تشكل العوائل والعشائر والقبائل التي اختلطت ببعضها وزاحمت بعضها الأخرى على موارد الكلأ والماء وبدأ الإنسان كما أسلفنا بتدجين الحيوانات البرية واستحوذ على المراعي ليرعى حيواناته فيها وبما أن المياه قد قلت في هذا العصر فقد لجأ الناس الى نقلها بالجلود والقراب على اكتافهم من مسافات بعيدة لهم ولحيواناتهم لأنهم كانوا قد سكنوا بعيدين عن مصادر المياه خوفاً من الفيضانات ثم تعلموا استخدام الحيوان للركوب ونقل المياه وبذلك تحولوا الى أنصاف رحل كما استخدموا الحيوان في الحراثة والجر والدرس وصنعوا بيوتاً من شعر الماعز يسهل نقلها ونصبها كما بنى بعضهم قرى صغيرة وصنعوا أوان فخارية وأدوات مصنوعة على الأغلب من حجر الديوريت الذي كان متوفراً في كل مكان ويحصلون عليها أحياناً عن طريق المقايضة كما صنعوا أدوات أخرى لحمل الماء والدرس والحصاد والحراثة فظهرت التجارة ونشط التبادل التجاري وظهرت الملكية الخاصة في المجتمع(1) كما ظهر في هذا العصر القوي والضعيف الظالم والمظلوم فالذي يملك الرجال والأسلحة تكون كلمته مسموعة ويسيطر على الأضعف الذي يفتقر الى المال والرجال فيلاحقه الظلم والإضطهاد وفي هذا العصر أيضاً انقسم الناس الى طبقات وظهر الحكام والمحكومين ولوى آلاف الناس أعناقهم لشخص واحد يملك أسباب القوة والجبروت وبدأت العشائر الأقوى تهاجم الأضعف وتقوم بسلبها ونهبها وفرض سيطرتها عليها وسيي نسائها وذراريها فنحن هنا أمام عصر انتصر فيه المال والقوة والكثرة وذو الثياب الفاخرة والسيوف الماضية على الضعف والفقر والجوع والعري حدث ذلك في مناطق الشرق الأوسط قبل غيرها حيث بدأت تجف سهولها أولاً بعد انتهاء العصر المطير فنزل الناس من الجبال والأماكن العالية ليعمروا السهول والبراريوبدأت الشعوب الجنوبية تهاجر شمالاً نحو المناطق الجبلية وضفاف الأنهار الخصبة كهجرة سكان شبه الجزيرة العربية الى بلاد مابين النهرين (دجلة والفرات)والتقت الشعوب المهاجرة في هذه المنطقة الخصبة ووقعت حروبطاحنة بينها أدت الى انتزاعها هذه المناطق من بعضها مراراً وقد ذابت بعض الشعوب ضمن أخرى في خضم هذه الصراعات التي كانت تبدو لانهاية لها.


رابعاً: العصر الحجري الرابع (الأحدث):


ويمتد من 4500-3200عام قبل الميلاد وتبدأ بعدها عصر الكتابة أو العصور التاريخية والمسمى (الكالكوايتيك)أو الإيتوليتيك حيث عرف الناس في هذا العصر النحاس والقصدير والبرونز الذي وجد في الألف الثالثة قبل الميلاد والحديد في الألف الثانية قبل الميلاد أما في أوروبا فقد ظهر الحديد في الألف الأولى لأن الأرض بدأت تجف كما استقر الإنسان في مناطق الشرق قبل أوروبا حيث تحقق في هذا العصر قفزات كبرى نحو الحضارة والإزدهار فظهرت المدن والدساكرد وانتشرت في كل مكان ودخلت الحيوانات كسلع تجارية وظهرت الكتابة وبدأ الانسان يدون تاريخه.

 
رد: الديانة الزرادشتية

جهد مميز تشكر عليه..
دمت بود عزيزي عبدو
 
هور يانعه في بساتين المنتدى نجني ثمارها من خلال الطرح الرائع لمواضيع اروع
وجمالية لا يضاهيها سوى هذا النثر البهي
فمع نشيد الطيور
وتباشير فجر كل يوم
وتغريد كل عصفور
وتفتح الزهور
اشكرك من عميق القلب على هذا الطرح الجميل
بانتظار المزيد من الجمال والمواضيع الرائعه
 
عودة
أعلى