عالم السحر والشعوذة

[gdwl]
نعجز أحيانا عن إيجاد حلول لمشاكلنا.. نجرب كل الطرق الممكنة، فنجد الأبواب موصدة، نبحث عن حل هنا و هناك، ففي حالة المرض المستعصي، لا نترك طبيبا إلا طرقنا بابه.. وقد تضيع جهودنا هباء، ولان الإنسان بطبعه عنيد يرفض الاستسلام والفشل، تجده يبحث عن أي حل ممكن حتى إن لجأ إلي السحرة.. الدجالين.. لكن هل تنجح مساعيه أم يعود خائب الرجاء؟
.
القصة قديمه وأزليه منذ أن كان الملكان ببابل هاروت وماروت يعلمان الناس السحر، وكان لهما تلاميذ حولوا ما تعلموه من سحر إلى أداة تفريق بين المرء وزوجه، ليستمر السحرة في كل زمان ومكان.. قديما كان من أشهرهم سحرة موسي، وحديثا كان "راسبوتين" الذي ما زالت أسطورته لغزا محكما لا يعرف له العالم سرا.
أما الآن.. اختلط الحابل بالنابل ودخل في خضم السحرة دجالون ونصابون، استغل الكثير منهم حاجة الناس لمعرفة الغيب أو حل مشاكلهم لجلب المال وإيهامهم بأشياء لا ظل لها من الحقيقة، لكن هل كانوا كلهم كاذبين ؟ أم أن منهم سحرة حقيقيين؟
.
الكاتب المصري صلاح منتصر كان له تجربة مريرة مع زوجته الراحلة عندما أصابها مرض مستعصي عجز الطب عن إيجاد حل له.. ولجأ بعد رحلة من اليأس إلى السحرة وتعامل مع الكثير منهم وحكي عن هذه التجربة فقال" لجأت إليهم بعد أن أدركت انه ربما يكون لديهم علاجا لما تعانيه زوجتي ولا انسي الليالي التي سهرتها مع زوجتي ونحن نضع الأطباق المليئة بالكتابات العجيبة في الندي وننتظر أن تبتل به لتشربها.. ورغم فشل كل المحاولات التي قمنا بها إلا أننا لم نترك شخصا يقوم بهذه الأنشطة، إلا ذهبنا إليه سواء في مصر أو خارجها .. وكان سبب إصرارنا أننا كنا نبحث عن الأمل".
.
إذا كان صلاح منتصر قد توقف عن اللجوء إلي السحرة بوفاة زوجته.. فان نادر إبراهيم (25 عاما) لم يتوقف إلا بعد أن تزوجت حبيبته شخصا آخر، تحدث عن قصته فقال:" لا ادري كيف تورطت في الأمر لكني أحببتها.. كانت جارتي، وزميلتي في الدراسة، ولأني لم أتحمل كتمان عاطفتي صارحتها فقالت أنها لا تشعر نحوي إلا بمشاعر الأخوة والصداقة.. قررت أن أحادثها مرة أخري بعد عدة سنوات،فجاءني نفس الرد.. وشاء القدر أن تعرفت علي صديق مهتم بالسحر والدجل فقررت أن اخبره بمشكلتي فساعدني وأعطاني ورقة وطلب مني أن احفر حفرة واضعها أمام باب منزلها وبالفعل فعلت ذلك ليلا وأعطاني بعض الكلمات ارددها، فالتقيتها بعد ذلك وقابلتني بعبارات جميلة، لكن سرعان ما عادت مشاعرها كما كانت، فعدت لصديقي الذي أعطاني ورقة أخرى بها تعاويذ جديدة، لكنها فشلت هذه المرة، وذهبت إلى غيره بدون فائدة، وأنفقت نقودا كثيرة بلا طائل حتي استيقظت ذات يوم علي خبر زواجها وتوقفت منذ وقتها عن الذهاب للسحرة والدجالين".
.
يبدو أن المشاكل العاطفية احد دوافع الذهاب إلى الدجالين والسحرة.. محمد سمير طالب في كلية الطب يقول: "أحببت زميلة لي.. كنت أتمني خطبتها، واستعنت بأحد أقربائي من المهتمين بشئون الفلك والأبراج، أعطيته اسمها فقال لي أنها لن توافق بي، لكني تقدمت إليها فرفضت، فقررت أن استعين بالسحرة، فطلب مني أحدهم رش ماء خاص علي باب الكلية وانتظرت حتى تمر عليه وحاولت بعدها أن اكلمها لكنها أصرت علي موقفها الأول.. فطلب مني الساحر أن اخذ تراب من موضع مشت عليه واحضره له وفعلت ولكن بلا فائدة".

خ.م كان الأمر معها مختلف فتقول:"بلغت 28 سنه ولم أتزوج، وكلما تقدم أحدهم يفشل الارتباط، فألحت أمي أن نذهب للشيخ حمدي الذي أخبرني أن احدي قريباتي قامت بعمل سحر يمنعني من الزواج وبالفعل قام بعمل تعاويذ ظهر بعدها السحر ملفوفا في قطعة قماش متهرئة ورفض أن يخبرني باسم قريبتي التي عملت لي السحر.. تركته وأنا اعتقد انه مجرد أفاق، لكن بعد شهر واحد تقدم أحدهم لخطبتي وهو زوجي الحالي، ولا أعلم أكان ذلك بسبب الشيخ حمدي أم لا..!؟".

أما ا.ع فله قصة مريرة مع الدجالين، فيقول:" كنت سعيدا مع زوجتي وعشنا عشر سنوات أنجبنا خلالها ثلاثة أبناء إلى أن بدأت زوجتي تكرهني بشدة وتطور الأمر أن طلبت الطلاق وأصرت عليه، أخبرني احد الأصدقاء انه ربما كان هناك سحر وذهبت لأحد السحرة فقال لي هناك سحر لكنه لا يستطيع فكه وذهبت لآخر وحاول وفشل وتركت زوجتي المنزل وإلى الآن لا ادري ماذا افعل ؟".
ناجي.. شاب يعمل في فرنسا، كان مرتبطا بإحدى قريباته وعلي وشك الزواج منها، لكنه فوجئ حينما عاد أنها كانت علي علاقة حب بشخص أخر، فتركها.. مما أثار غضب والديها، وهنا كانت بداية قصته مع أجواء السحرة، يقول عن ذلك: "فوجئت بمرض شديد يصيبني أنفقت فيه كل مدخراتي بلا فائدة، وقررت العودة إلي بلدي الأصلي، لكن كنت قد تعرفت علي صديق جزائري اقترح علي الذهاب لساحر مغربي، أكد لي أن أقاربي قاموا بسحر لي وقام بفكه والحمد لله عدت كما كنت..".
.
أما إيهاب أنور فيقول " تزوجت منذ سبعة أعوام ولم أنجب، وذهبت لكثير من الأطباء بلا فائدة، وقيل لي اذهب إلي احد السحرة ربما وجدت عنده حلا لمشكلتك لكني رفضت وقابلت صديق قال لي عليك بالطب فلكل داء دواء وطلب مني أن أكثر من الاستغفار، وقمت بذلك فعلا والحمد لله رزقني الله بطفل دون الحاجة لأحد".
.
وفي زيارة إلى من احترفوا العمل في هذا المجال، كانت البداية مع "الحاجة فاطمة".. امرأة في أواخر الستينات.. كان لديها في منزلها زحام شديد، وبعد وقت طويل أدخلتني وسألتها فقالت:" اعمل في هذا العمل منذ سنوات طويلة.. اقرأ الطالع، واشفي المريض، وأزوج العانس، واكشف اللص" وعن مصادرها التي تأتي منها بهذه المعلومات تقول "انه نور من الله وبصيرة جاءتني من كثرة العبادة وتلاوة القران وهناك أسرار لا استطيع كشفها" ، ورفضت إظهار أي دلائل على قدرتها الخارقة واعتبرت ذلك إهانة لها.
أما "الشيخ عبد الستار"، رجل ابيض البشرة في أواخر الأربعينيات، سألته عن نفسه قال: "منذ سنوات كان لي صاحب من الجن استخدمته في الكشف، وكان الأمر يحتاج لصوم وكثرة ذكر ورياضات معينه"، طلبت من "الشيخ عبد الستار" أن يجري لي تجربة عملية، فاحضر إناء ووضع فيه ماء وأغلق نور الغرفة وبدأ في تلاوة تعاويذ معينه وسمعت صوتا غريبا كأنه همهمة، لم استطع أن أتبين كلماته وبعد أن أضاء الحجرة اخبرني الشيخ انه عن طريق هذا الجني يكشف الأسرار.. تركته لقناعاته، دون أن أعقب.

ولعل موقف الدين واضحا من مثل تلك الممارسات، ففي إحدى فتاوى الشيخ عبد العزيز بن باز يقول: " لا يجوز للمريض أن يذهب إلى الكهنة الذين يدعون معرفة المغيبات ليعرف منهم مرضه، كما لا يجوز له أن يصدقهم فيما يخبرونه به فإنهم يتكلمون رجماً بالغيب أو يستحضرون الجن ليستعينوا بهم على ما يريدون، وهؤلاء شأنهم الكفر والضلال لكونهم يدعون أمور الغيب."
ربما كان هذا الرأي الشرعي.. لكن هل يتوقف السيل المنهمر من مختلف الفئات عن الذهاب إلي السحرة رغبه في كشف ضر أو جلب منفعة؟ أشك في هذا

[/gdwl]
 
هور يانعه في بساتين المنتدى نجني ثمارها من خلال الطرح الرائع لمواضيع اروع
وجمالية لا يضاهيها سوى هذا النثر البهي
فمع نشيد الطيور
وتباشير فجر كل يوم
وتغريد كل عصفور
وتفتح الزهور
اشكرك من عميق القلب على هذا الطرح الجميل
بانتظار المزيد من الجمال والمواضيع الرائعه
 
عودة
أعلى