ولد محمد علي عوني عام 1898 م في مدينة “سيورك” – محافظة ديار بكر (جنوب شرق تركيا) حيث أتم دراسته الابتدائية والثانوية. كان والده عبدالقادر عوني مفتياً بسيورك وكان قد درس في الأزهر الشريف وكان يتقن اللغة العربية بجانب اللغات الشرقية. وخوفاً على ابنه من ملاحقة السلطات التركية للطلبة الاكراد ارسله والده الى مصر حيث كان قد نزح اليها قسم كبير من العائلة ليكمل بدوره دراسته بالأزهر الشريف وقد حصل محمد علي عوني على الشهادة العالمية (تعادل الآن شهادة الدكتوراه).
بعد تخرجه عين في الديوان الملكي في عهد الملك فؤاد الاول ليشرف عليى قسم الوثائق والفرمانات الخاصة بتاريخ مصر منذ عهد محمد علي باشا والمدونة باللغة التركية القديمة (العثمانية) واشرف على توثيقها بعد ترجمتها الى اللغة العربية. كما انيطت اليه مسؤولية الاشراف على ترجمة الوثائق الخاصة بأسرة محمد علي باشا، كان محمد علي عوني يتقن عدة لغات شرقية (التركية – الكردية – الفارسية – العربية)، كما كان يتقن اللغة الفرنسية. وقد مكنت معرفته بهذه اللغات واطلاعه الواسع على التاريخ والجغرافيا التاريخية لبلدان الشرق الاوسط والشرق الادنى، وعلاقاته الواسعة مع المفكرين والمستشرقين المهتمين بالشرق، مكنته ان يصبح من اهم المتخصصين في ترجمة الكتب التاريخية القديمة والتي تستدعي بالاضافة الى معرفة عدة لغات، معرفة كيفية مقابلة الاسماء القديمة للمدن والاشخاص بالاسماء الحديثة، كذلك تحويل التقاويم القديمة في اللغة العربية والفارسية والتركية الى السنوات الميلادية والهجرية. كان محور اهتمامه عند انتقاؤه الكتب التي ترجمها او ألفها، هو التعريف للقارئ العربي بتاريخ الشعوب الاصلية في المنطقة (العرب – الفرس – الكرد) والتعريف باسهامهم في تأسيس الحضارة الاسلامية والثقافة العربية. أهم اعماله: -ركز محمد علي عوني على تعريف القارئ العربي عن طريق الترجمة، بثلاثة مؤلفين يعدوا من اوائل من سلطوا الاضواء على تاريخ شعوب المنطقة. لقد بدأ اهتمامه بالمؤلف شرف الدين خان البدليسي الذي كتب عام 1005 هـ - 1597 م . كتابه الشهير “شر فنامة” باللغة الفارسية عن تاريخ وماضي الشعب الكردي وعن الامارات الكردية التي حكمت منذ صدر الاسلام لغاية تاريخ التأليف، كما كتب عن تاريخ الشعب الفارسي والشعب التركي. -طبع كتاب شر فنامة (الجزء الخاص بالاكراد في القاهرة عام 1939 م . باللغة الفارسية وعهد لمحمد علي عوني بمهمة تحقيقيه والاشراف على طبعه وكتب له مقدمة باللغة العربية، كما ترجم من الفرنسية الى العربية المقدمة التي كتبها المستشرق الروسي “ف . فيليانوف” لأول طبعة للنسخة الفارسية في الغرب (طبعت في سان بطرسبرج عام 1860 م . ثم اكملها بمقدمة علمية عن احدث الآراء والمباحث في الكرد وكردستان. -كلفته لجنة الألف كتاب في مصر بترجمة كتاب “شر فنامة” من الفارسية الى العربية وقد نشرت وزارة التربية المصرية عام 1958 م . هذه الترجمة (بعد 6 سنوات من وفاته) وأشرف على طبعه وقدم له المرحوم الدكتور يحيى الخشاب استاذ اللغة الفارسية في جامعة القاهرة. -وقد ترجم محمد علي عوني الجزء الثاني من كتاب شر فنامة الخاص بتاريخ الشعب الفارسي ولم ينشر هذا الجزء بعد. -في عام 1936 م . قام بترجمة وتحقيق والتعليق على كتاب (تاريخ الكرد وكردستان من اقدم العصور الى الآن) للمرحوم محمد امين زكي الوزير العراقي الاسبق الذي الفه عام 1931 م . وقد استطاع محمد علي عوني بفضل الامكانات المتوفرة له الاطلاع على آخر الاكتشافات الاثرية والانثروبولوجية.. الخ اثراء هذا الكتاب القيم بمعلومات جديدة وتوضيحات ومقارنات وحواشي ضرورية ومفيدة للقارئ العربي. -في عام 1945 م . ترجم وراجع كتاب (تاريخ الدول والامارات الكردية في العهد الاسلامي) ثم ترجم كتاب (مشاهير الاكراد) لنفس المؤلف. -في الثلاثينيات الف كتاب (القضية الكردية) ونشره باسم مستعار (د. بلة شيركوة) لكي لا يحرج القصر الملكي الذي كانت له علاقات جيدة مع تركيا. -كتب محمد علي عوني سيرة الاسرة التيمورية وهي من اصل كردي وتاريخ نزوحها الى مصر ولم تنشر هذه الدراسة. -عندما خطبت الاميرة فوزية الى شاه ايران رضا بهلوي، كلف القصر الملكي محمد علي عوني تدريس اللغة والحضارة الفارسية للاميرة فوزية، وقد اعطاها اربعون درسا في الفارسية وقد منحه شاه ايران الوالد وساماً فارسياً رفيعاً تقديراً له علاوة على وسام النيل الذي منح له من مصر. -في الاربعينيات كلفته لجنة الألف كتاب بترجمة الجزء العاشر من “سياحة نامة” للمؤلف التركي “اولياء شلبي” الخاص بوصف مصر والسودان والحبشة الذي كتبه حوالي عام 1660 م . ورغم مرور اكثر من نصف قرن على هذه الترجمة فانها لم تنشر للآن ولكن بفضل مجهود الدكتور صلاح فضل، ستنشر دار الكتب هذا الكتاب القيم. توفي محمد علي عوني في يوليو 1952 م . ودفن في سفح جبل المقطم في حديقة المغاوري البكتاشية التي تطل على مقبرة المتصوف الاسلامي “عمر بن الفارض” الذي كان معجباً بفلسفته. في السبعينيات اهدى اولاده مكتبته القيمة بكتبها النادرة الى عدد من اساتذة اللغات الشرقية بجامعة القاهرة واهدوا بعض مخطوطاته ومنها قاموس عربي/ كردي الى المجمع العلمي الكردي في بغداد الذي ألغته الحكومة العراقية قبل نشر القاموس.