قصص بقلم عارف مصطفى

  • بادئ الموضوع بادئ الموضوع Kurd Day
  • تاريخ البدء تاريخ البدء

Kurd Day

Kurd Day Team
مشاهدة المرفق 390

عارف مصطفى - سري كاني


حل المساء على القرية الجبلية الوادعة الجميلة التي تختبئ بين الهضاب والجبال , ولم يعد حتى الساعة جوان وولداه ريناس وبنكين , حيث كانوا يعملون في حقلهم الصغير .

خرجت أم ريناس تتفقد الطريق المؤدية إلى السهول والتي تسير موازية لنهر الزاب الكبير ,لكن العتمة الشديدة لم تريها شيئاً . كانت العادة أن يعود القرويون إلى بيوتهم باكراً مع غياب الشمس واصطباغ الغيوم لونها الدموي الساحر ساعة الغروب .

جلست أم ريناس على إحدى الصخور ترقب الطريق والدموع تؤنس وحدتها , المطر انتبه إلى دموعها فبدأ بالهطول تضامناً مع أم ريناس , كانت الأنباء التي سرت في ساعات النهار أن العسكر التركي اخترق الحدود وأطلق النار على كل من صادف بحججه الواهية , يبعث القلق لدى أم ريناس , فقد عاد كل أبناء القرية دون أن يظهر زوجها أو ولداها , وفجأة رأت خيالاً يتحرك من بعيد , مسحت عينيها وهرعت تتفقد القادم : رباه إنه بنكين ...أين أبوك وأخوك ؟

لكن بنكين لم يستطع أن يجيبها فعيناه الواسعتان أوحت لها أن جرحاً عميقاً قد استقر في حياتهم إلى الأبد .



Armang

13/ 8 / 2008
 
الانتظار...قصة قصيرة بقلم : عارف مصطفـــــــى

عقرب الساعات أصبح بطيء الحركة , و آهين تعد كل ثانية فيها , الحافلة التي تنتظر قدومها من القامشلي مازال على موعدها نصف ساعة , ورغم وجود الزحمة الشديدة في الكراج لم تستطع أن ترى شيئاً مما يحيط بها , فانتباهها كان منصبَّاً في عقرب الساعة , وبوابة الكراج , ووجهاً يشبه اشراقة الشمس على الكرة الأرضية ينير لها الحياة من جديد , بعد ليل طويل أثقل شطر الأرض بسواده الدامس على مر الساعات والدقائق المرهقة .

قلبها بدأ يرتجف رويداً رويدا ً .

مع اقتراب الساعة العاشرة , ولكنها استعادت رباطة جأشها , فهي التي تعيش تجربة الحب الأولى حاولت أن تسيطر على مشاعرها كي لا تحترق بنار الفراق , إن حدث – لا سمح الله – ذلك , فقد سمعت كثيراً عن علاقات بدأت , وسرعان ما انتهت .

الحافلة ( القامشلي – الحسكة ) تخترق الكراج , لم يكن ذلك يعني شيئاً لأحد سوى آهين فربما هي حياة جديدة , وقفت دون إرادتها , توجهت نحوها بخطى متثاقلة .... حذرة , كان المسافرون على متن الحافلة يهبطون الواحد تلو الآخر , يتوجهون إلى المدينة عبر البوابة الكبيرة , عشرة ركاب ... إحدى عشر ...... هاهو بدا أجمل من الصورة التي أرسلها بالنت , اقترب منها اقتربت منه , مد يده إليها :

<!--[if !supportLists]-->- سباتى بخير بى<!--[endif]-->

<!--[if !supportLists]-->- سباتى بخير بى <!--[endif]-->

وفجأة أطلق جرس المنبه رنينه القوي حيث موعد استيقاظها في الساعة السابعة والنصف صباحاً لتذهب إلى المدرسة .

2 / 1 / 2009
 
لم يعد بعد...قصة قصيرة

فتح الباب بهدوء محاولاً أن لا يحدث جلبة , فكل من في البيت نيامٌ في مثل هذه الساعة المتأخرة من الليل والتي شارف فيها الظلام أن يهجر الكون مفسحاً المجال لنور الشمس أن تشرق من جديد , توجه نحو المشجب خلع معطفه الأسود الطويل , وعلقه برفق جانب ثيابه المكدسة , كانت المرآة بجانبه لكنه لم يستطع النظر إليها فالظلام مخيمٌ ونظارته مخبأة في جيبه , إنه يفعل ذلك في كل ليلة عند عودته إلى البيت , وهو يميل يسرة ويمنة ليرى مدى ما فعلته الخمرة في عينيه من احمرار , و ما طرأ من تغير في تقاسيم وجهه المجعد .
اتجه نحو غرفة النوم وهو يتأرجح , الباب مغلق , أدار القبضة ولكنَّ أمراً غريباً تبين له , فالباب مقفول من الداخل وزوجته لم تعتد أن تفعل ذلك سابقاً , جرب ثانية بقوة أكبر دون فائدة ,تساءل في نفسه [ يا ترى ما الأمر ؟ ] اتجه نحو غرفة الأولاد , حاول فتحها لكنه واجه الأمر ذاته , عاد إلى غرفة نومه , طرق الباب :
- هند افتحي الباب
هند.............هند
دون أن ترد هند بجواب ما , رفع صوته أكثر فأكثر لكنَّ جسده كان يلفظ أنفاسه الأخيرة فقد أعياها التعب , فخر مغمى عليه أمام الباب لا يجد من يستقبله أو ينتظره .
فتح عينيه في اليوم التالي نظر إلى حالته المأسوية ,استجمع قواه ,طرق الباب صارخاً : افتحي يا بنت الـ.......... .
دفع الباب بكتفه دفعة خلعت القفل , لم يجد أحداً , توجه إلى غرفة الأولاد وجد الأمر ذاته فقد نفذت هند
 
سيجارة وفـاجـعـة...قصة قصيرة

لحظاتٌ لم تتجاوز بضع ثوان ٍِ , كانت أشبه بانعطاف تاريخي لشعب من شعوب المعمورة , حيث بدلت هذه اللحظات خارطة الحاضر , وأحلام المستقبل لتجعلها في صفحة الماضي البعيد , وربما البعيد جداً لأناس أبرياء لا ذنب لهم سوى أنهم , استقلوا حافلة العم أبو محمود .

لم يعد السائق أبو محمود يستطيع التحكم بمقود سيارته ( حافلته الكبيرة ذات 45 راكباً ) بينما هو يشعل سيجارته الفاخرة التي آثر أن يدخنها رغم تعرجات الطريق الخطرة والتي تسير مركباتها باتجاهين متعاكسين , فانفجار في إحدى العجلات الأمامية أدى إلى اختلال التوازن فشرعت الحافلة تسير دون توجيه , أو هوادة , وما هي إلا بضع ثوان ٍ خاطفة حتى تناثرت الأشلاء مندفعة من النوافذ , والأبواب تختلط لحومها الغضة , ودمائها الحمراء القانية بالزجاج المتناثر معها , حقاً كان مشهداً مروَّعاً تقشعر له الأبدان , وترتعد له الضمائر أسفاً وحزناً ,

فليس في الحسبان أنَّ حادثاً أليماً سيفجع بهؤلاء المسافرين من حلب إلى ديريك .

أبو محمود – السائق - الذي عَلـُقَ بين كرسيه المريح ( عالهوا ما بتحس بالطريق) كما يقول , وبين مقود الحافلة ( ثلاثون عاماً ما بيرجف الدركسيون بايدي , صار حافظني أكثر مما حفظته ) وهذه أيضاً من مقولاته الشهيرة التي ما برح يتباهى بها كلما سنحت له الفرصة , في المجالس الصغيرة , أو الكبيرة , خاصة كانت أم عامة , فالسائقون يحبون دائماً إبراز مهاراتهم القيادية كأنهم بهذه الخبرة الطويلة , كتموا على أنفاس القدر فهرب القدر المر بعيداً عن عجلات سياراتهم , ولكن للأسف يا أبو محمود فقدرك أن يصبح الشيئين الذين قضيت عمراً تتباهى , وتتفاخر بهما أن يكونا هما من يصنعان نهايتك المؤلمة .

لقد كان للصدمة دوي هائل فسائق الشاحنة التي تسير بالاتجاه المعاكس لم يتوقع أن تتوجه الحافلة نحوه خارجة من محورها , أو لم يترك قدر الله مجالاً لكليهما الهرب مما هو مكتوب .

حاول فريق الإسعاف – الذي وصل كعادته متأخراً - أن ينقذ الأحياء منهم , وبينما المسعفين يبحثون وإذ بفتاة تئن دون أن تظهر , أو يعثر أحد ما عليها فصوتها كان أشبه بنداء قادم عبر الآف الأميال . توجه طاقم المساعدة يزيح الجثث المقطعة الأوصال ليصل إلى مصدر الصوت , المقاعد المتراصة بأناقة وانسياب , تبعثرت تاركة الفوضى تجول , وتصول في أرجاء الحافلة , كأن زوبعة مرت هنا مقتحمة كل المنافذ , مخلفة هذا المشهد الفظيع .

خمسة ناجون فقط كتب لهم الحياة ثلاثة شلّتَ أطرافهم مابين علوية , و سفلية , واثنان سليمان مازالت آثار جروحهما تظهران كدليل غير قابل للشك أن صاحبيهما خاضا معركة طاحنة استطاعا في نهايتها أن ينجوا من براثن الموت المحقق .

تقول أم محمود لنساء الحي : لقد خطف القدر زوجي عنوة , فهو لم يتسبب بأي حادث كل حياته ولكن ......... ربما حظه التعيس هو الذي أودى بحياته .... يا خسارة يا زوجي لو لم تنفجر العجلة .

أما سيجارته الفاخرة التي تزامنت مع انفجار العجلة لم تكن في قاموس ألفاظها ,لكن ربما لو أنه

لم يشعلها ما حصلت الفاجعة , وربما لا , فقدره هو ذاك القدر دون أي مرد .

عارف مصـطـفـى – سري كاني
 
هور يانعه في بساتين المنتدى نجني ثمارها من خلال الطرح الرائع لمواضيع اروع
وجمالية لا يضاهيها سوى هذا النثر البهي
فمع نشيد الطيور
وتباشير فجر كل يوم
وتغريد كل عصفور
وتفتح الزهور
اشكرك من عميق القلب على هذا الطرح الجميل
بانتظار المزيد من الجمال والمواضيع الرائعه
 
عودة
أعلى