من يحمل الامانة (الجزء الثاني)

  • بادئ الموضوع بادئ الموضوع muhmmad alo
  • تاريخ البدء تاريخ البدء

muhmmad alo

كاتب
الجزء الثاني

خامساً: المجتمع كركاب السفينة:

يضرب - صلى الله عليه وسلم – مثلاً بليغاً فيقول :"مثل القائم على حدود الله والواقع فيها كمثل قوم استهموا على سفينة فأصاب بعضهم أعلاها وبعضهم أسفلها؛ فكان الذين في أسفلها إذا استقوا من الماء مروا على من فوقهم، فقالوا: لو أنا خرقنا في نصيبنا خرقا ولم نؤذ من فوقنا، فإن يتركوهم وما أرادوا هلكوا جميعا، وإن أخذوا على أيديهم نجوا ونجوا جميعا".
إننا جميعاً ركاب في هذه السفينة، ومطلوب منا أن نأخذ على أيدي الذين يريدون الفساد وإثارة الفتنة، والفتنة كل الفتنة هي الصد عن سبيل الله، فلا يسوغ لأحد منا وهو يشعر أنه يركب هذه السفينة وأن الخطر يعم الجميع أن يتخلى عن حمل الأمانة.
سادساً: وفي قصص السابقين عبرة:

يعرض الله علينا في كتابه الكريم صوراً من أولئك الذين يتخلون عن حمل الأمانة، وكيف أن العقاب حل بهم، ومنهم أولئك الذين قال الله سبحانه عنهم :]واسألهم عن القرية التي كانت حاضرة البحر إذ يعدون في السبت إذ تأتيهم حيتانهم يوم سبتهم شرعاً ويوم لا يسبتون لا تأتيهم كذلك نبلوهم بما كانوا يفسقون. وإذ قالت أمة منهم لم تعظون قوماً الله مهلكهم أو معذبهم عذاباً شديداً قالوا معذرة إلى ربكم ولعلهم يتقون. فلما نسوا ما ذكروا به أنجينا الذين ينهون عن السوء وأخذنا الذين ظلموا بعذاب بئيس بما كانوا يفسقون[ : ويخبر الله سبحانه وتعالى أن بني إسرائيل قد حققت عليهم اللعنة لأنهم تخلوا عن حمل الأمانة ]لعن الذين كفروا من بني إسرائيل على لسان داود وعيسى ابن مريم ذلك بما عصوا وكانوا يعتدون . كانوا لا يتناهون عن منكر فعلوه.[ .
إذاً هاهي نماذج تورد في مساق القدوة السيئة التي يراد بهذه الأمة أن تتجنبها وألا تسير على طريقها، فما بالنا نقول بلسان حالنا ]لم تعظون قوماً الله مهلكهم أو معذبهم عذاباً شديداً[ ولماذا نفترض أن القضية تعني فلان وغيره، وإن لم يكن اسمه موسى وهارون، فالمنطق هو المنطق، والسبيل هو السبيل، إنه سبيل أولئك الجبناء الذين كتب الله لهم الأرض المقدسة فاختاروا التيه والضلال فتاهوا أربعين سنة عقوبة لهم على تخليهم عن هذه الأمانة .
سابعاً: ماذا ستقول عنا الأجيال؟

إننا جميعاً نتفق على انتقاد ذاك الجيل الذي كان على يده إضاعة بلاد الأندلس، ولا يزال الصغار والكبار يقرؤون في التاريخ بأن أولئك خانوا المسلمين وخانوا الأمة أجمع فتحولت تلك البلاد إلى بلاد نصرانية، والمساجد قد صارت كنائس ما فيهن إلا نواقيس وصلبان، فماذا نقول عن أولئك؟
وماذا نقول عن أولئك الذين ضاعت على أيديهم تلك البلاد التي فتحها أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم - . يقول ابن عمر: ارتج علينا الثلج ونحن بأذربيجان، فقد جاب أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم – كل البقاع، ماذا نقول عن أولئك الذين أضاعوا ذلك المجد؟
وماذا نقول عن أولئك الذين ساهموا بقصد أو بغير قصد في حياكة ونسج أكفان الخلافة الإسلامية حتى تفرقت الأمة الإسلامية شذر مذر وتفرقت إلى أحزاب يلعن بعضها بعضاً ويقتل بعضها بعضاً؟
ماذا نقول عن أولئك الذين أضاعوا أولى القبلتين وثالث المساجد التي لا تشد الرحال إلا إليها؟
ما دمنا نعيب أولئك، ومادمنا نرى أنهم تخلوا عن تحمل تلك المسؤولية، فماذا سيقول الجيل الذي سيلينا عنا؟ ألا يحق لهم أن يتحدثوا عنا باللغة نفسها؟ ألا يحق لهم أن يصفونا بما نصف به أولئك وما الذي يميزنا عن غيرنا؟
ثامناً :

إننا نرى أن ثمة مجالات عدة في حياة المسلمين يمكن أن تسهم في خدمة الأمة ونصر هذا الدين والذب عنه، فالأمة تحتاج إلى كل التخصصات والأدوار، وما من أحد يجيد فنًّا من فنون هذه الدنيا أو علماً من علومها، أو ينبغ في ميدان من ميادينها، إلا ويرى أنه سيجد مكاناً في ساحة الأمة الواسعة الفسيحة، يمكن أن يؤدي من خلاله دوراً، ويمكن أن يسهم من خلاله في أداء الأمانة وحملها، فما دام الأمر كذلك فلماذا يخص الأمر نخبة خاصة من الناس؟ فالأمة تحتاج إلى كل الطاقات وكل التخصصات.
والأمراض التي حلت بهذه الأمة أوسع وأشمل من أن يحيط بها فئة محدودة من الناس أو نوع من الناس من أصحاب القدرات الخاصة، ما دام ذلك كذلك إذاً فالأمانة ينبغي أن يحملها الجميع.
إن هذه المقدمات الثمان توصلنا إلى النتيجة التي نريد الوصول إليها التي توصلنا للإجابة على هذا السؤال الذي طرحناه أول الحديث من يحمل الأمانة؟
ننتقل بعد ذلك للإشارة إلى صورة من صور الأمانة التي يجب على الأمة أن تحملها وأن تتواصى بالقيام بها وأدائها وهي صور على سبيل المثال لا الحصر.
من صور حمل الأمانة:

إن الوقت لا يتسع للإفاضة، والمقام يدعوننا إلى الإشارة والحر تكفيه الإشارة، ومن صور حمل الأمانة:
أولا: المحافظة على المجتمع:

من الأمانات المهمة التي ينبغي أن يتحملها المجتمع أجمع المحافظة على المجتمع وحمايته من الفساد، فلم يعد أحد من المسلمين اليوم يشك في أن مجتمعات المسلمين مستهدفة، وأنه يراد لهذه المجتمعات أن تغوص في أوحال الرذيلة والفساد، وأن تتخلى عن دينها، كيف لا نشك في ذلك ونحن نقرأ قول الله تعالى :] ولن ترضى عنك اليهود ولا النصارى حتى تتبع ملتهم [. وقوله :]ولا يزالون يقاتلونكم حتى يردوكم عن دينكم إن استطاعوا[ ،وقوله عز وجل: ]يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا بطانة من دونكم لا يألونكم خبالاً ودوا ما عنتم قد بدت البغضاء من أفواههم وما تخفي صدورهم أكبر قد بينا لكم الآيات إن كنتم تعقلون[ .
فما دام هناك يهود ونصارى فلن يرضوا عن هذه الأمة حتى تتبع ملتهم، وارتماء الأمة في أوحال الفساد والرذيلة، وتخليها عن دينها واختيارها للشعارات الأرضية الباطلة، لن يكون كافيا لديهم، فلا بد أن يسوقوا الأمة إلى أن تتنصر أو تتهود، وها نحن نرى صور الفساد وتيارات الهدم والفتن تتوارث على مجتمعات المسلمين، ولستم بحاجة إلى أن أثير أشجانكم بذكر الأمثلة والصور والتناقضات، ويكفي أحدنا دلالة على ذلك أن يخرج إلى شارع من شوارع المسلمين، أو سوق من أسواقهم، ليرى نتائج هذا الغزو ونتاج هذا التدمير الذي يراد لهذه الأمة، فما دامت هذه المجتمعات مستهدفة يراد لها أن تتنكب الطريق، فمن المسؤول عن الحفاظ على المجتمع؟ ومن المسؤول عن الدفاع عنه؟ ومن الذي ينبغي عليه أن يقف في خندق الدفاع عن هذا المجتمع: عن عقيدته ودينه وخلقه وسلوكه؟ أليس أبناء المجتمع أجمع ؟ أليس المسلمون أجمع كلهم ينبغي أن يقفوا صفاً واحداً في الميدان ؟
فالواجب علينا جميعاً أن نقف في خندق الحماية والدفاع عن حرمات هذا المجتمع ودينه وعقائده، أن نقف في وجه هذه الحملة.
ولو أن المسلمين أدركوا الأمانة والمسؤولية لما استطاع الأعداء أن يصنعوا شيئاً، ولارتدت سهام أولئك في نحورهم.
ثانياً : نشر العلم والدعوة للدين:

لئن كانت مسؤولية نشر العلم والدعوة للدين تعني أهل العلم بصفة أخص، فهذا لايعني أننا نُعفى من المسؤولية، فبعضنا لا يملك علماً لكنه يملك المال الذي يستطيع من خلاله أن يُوظَّف من يعمل على نشر هذا الدين، ويملك الخدمات التي يمكن أن يقدمها لأولئك الذين ينشرون العلم ويقدمونه للناس جميعاً.
إننا بحاجة إلى أن نعلم الناس عقائدهم وأحكام دينهم، أن نعلم الناس أن يعتقدوا أن الله واحد لا شريك له، أن يعتقدوا أن الله متصف بالأسماء الحسنى والصفات العلا ، وأن يعتقدوا أن أنبياء الله ورسله هم أفضل الناس وأبر الناس وأصدق الناس ، أن يعتقدوا أن أبر الناس بعد رسله هم أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم – ، وإلى أن نعلم الناس أحكام العبادة والطهارة، وإلى أن نعلم الناس ما يحل وما يحرم عليهم في معاملاتهم وفي بيعهم وشرائهم ، وفي حديثهم ومنطقهم وفي سلوكهم.
وهي مهمة يمكن أن يقوم بها الجميع من خلال عقد حلق العلم، من خلال المساهمة بالمادة وبالرأي، والمساهمة بالتشجيع والتأييد.
ثالثاً: بيان الحق والدين:

إن من حق الأمة أن تسمع كلمة الحق واضحة، وقد أخذ الله ميثاق الذين أوتوا العلم بأن يبينوه للناس ]وإذ أخذ الله ميثاق الذين أوتوا الكتاب لتبيننه للناس ولاتكتمونه فنبذوه وراء ظهورهم واشتروا به ثمناً قليلاً فبئس ما يشترون [ ، لقد عاب الله عز وجل على أولئك الذين يكتمون ما أنزل الله فقال:]إن الذين يكتمون ما أنزلنا من البينات والهدى من بعد ما بيناه للناس في الكتاب أولئك يلعنهم الله ويلعنهم اللاعنون إلا الذين تابوا وأصلحوا وبينوا[، فلا تقبل توبتهم إلا إذا بينوا، والذين يسكتون عن بيان الحق مقابل نصيب عاجل من الدنيا لن يكون لهم نصيب يوم التغابن]إن الذين يكتمون ما أنزل الله من الكتاب ويشترون به ثمناً قليلاً أولئك لا خلاق له في الآخرة[ ، إذاً مع هذا الوعيد الشديد على كتمان ما أنزل، مع هذا الذم لأولئك الذين أخذ عليهم الميثاق أن يبينوا للناس دين الله، لا يبقى لأحد من هذه الأمة عذراً أن يعلم أمراً مما أنزله الله فيكتمه.
لماذا أنزل الله عز وجل هذا الدين؟ لماذا أنزل هذه النصوص التي تأمر الناس بالخضوع لله دون سواه؟ أليس من حق الناس أن يعلموا ما أنزل الله عليهم؟ أن يعلموا لماذا أنزل الله هذه النصوص التي تأمر بالإحتكام إلى شرع الله سبحانه ونبذ التحاكم إلى ما سواه؟ أليس من حق الناس أن يعلموا أن المؤمن يجب عليه أن يبرأ من كل كافر؟ أليس مما أنزل الله على الناس النهي عن أن يأكلوا الربا أضعافاً مضاعفة؟ أليس من واجب من أتاه الله علماً أن يبلغ الناس؟ أليس مما أنزل الله أن تحتشم المرأة وتتحجب وأن تبتعد عن مجالس الرجال؟ أليس من واجب من أتاه الله علماً أن يبلغ ما آتاه الله؟
إذاً فكل ما جاء عن الله في كتابه وسنة رسوله فهو بحق يجب أن يعلمه الناس ، ولولا ذلك لما أنزل الله آيات تتلى إلى يوم القيامة، وحين يُكتم عن الناس هذا الأمر فإننا نستوجب على أنفسنا لعنة الله والملائكة والناس أجمعين، أيحق بعد ذلك لأحد من هذه الأمة أن يكتم شيئاً مما أنزل الله؟
رابعاً: دعوة سائر الناس إلى الإسلام:

ومن صور الأمانة التي تتحملها الأمة أجمع نقل هذا الدين إلى سائر المجتمعات، كم يموت كل يوم على الشرك والكفر؟ كم يموت ممن لا يعلم شيئاً عن دين الله؟ كم يموت من أولئك الذين يعتقدون أن نبيهم هو الميرزا غلام أحمد؟ أو الذين يمرغون جباههم عند قبر الحسين؟ وكم يموت من أولئك الذين يطوفون حول قبور من يزعمون أنهم من أولياء الله؟ كم يموت على النصرانية والبوذية وعلى الإلحاد في العالم بأسره ممن لم يسمع كلمة الحق واضحة؟
وواقع هؤلاء مسؤولية من؟ واجب من؟ فهل دعوة هؤلاء واجب فئة أو طائفة خاصة؟ أم هو واجب أمة أجمع؟
في هذا العصر الذي يمتاز بأنه عصر الانفجار الهائل في وسائل الاتصال ونقل المعلومات والذي أصبح العالم فيه قرية واحدة كما يقال، مع ذلك يتخلى المسلمون لتبقى قنوات الفضاء ووسائل الاتصال والأجهزة الحديثة وقفاً على دعاة الفاحشة والرذيلة؟ أو على دعاة الضلال؟ أما أهل المنهج الحق الذين حملهم الله تبليغ هذا الدين للأمة أجمع كما أخبر قائلهم وقد وقف بفرسه على المحيط: يا رب والله أعلم خلف هذا البحر قوماً لخضته لأدعوهم لدين الله.
مسؤولية من وأمانة من دعوة هذا العالم بأسره إلى عبادة الله؟ أليست مسؤولية المسلمين ؟ أليست أمانة المسلمين أجمع صغيرهم وكبيرهم؟
أسأل الله أن يعلي كلمته، وينصر دينه؛ إنه سميع مجيب، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وآله وصحبه،،
 
مشكوورة اخوي الغالي عالموضوع المفيد
بصراحة اشكال متلك بالمنتدى
رح يقدرو يفيدونا كتيير

مع تحيات قموورة
 
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
اخت قمورة
والله اشكال متلي هون في سبيل الله وارجو الافادة
دمت في حفظ الله ورعايته
 
هور يانعه في بساتين المنتدى نجني ثمارها من خلال الطرح الرائع لمواضيع اروع
وجمالية لا يضاهيها سوى هذا النثر البهي
فمع نشيد الطيور
وتباشير فجر كل يوم
وتغريد كل عصفور
وتفتح الزهور
اشكرك من عميق القلب على هذا الطرح الجميل
بانتظار المزيد من الجمال والمواضيع الرائعه
 
عودة
أعلى