روشهات زاخوي
شخصية عامة

عليّ أن ألقم النار طيلة هذه الليلة ليعم الدفئ والنور على المغارة ، كما أن ولاعتي سقطت في الماء حين عبرت النهر مع الرفيق نوري ، إذا انطفأت النيران وخمد الجمر هنا فلن نتمكن من إشعال النيران مرة أخرى والثلج والبرد يعمان هذا المكان البارد، لا نملك سوى معاطفنا وفروة الماعز البري التي اصطادها رفيق نوري قبل أيام ، حسنٌ فعل حين قام بتنظيف فرو الماعز فالأرض باردة تجذب برودة الجو كله إلى أن يأتي 18 شباط حين سيتسلل الدفء إلى التربة أولاً ومن ثم الصخر ثم الهواء، أسلحتنا مبللة وفوهة السبطانة مليئة بالثلج، كان علينا أن نجفف الأسلحة فوراً بواسطة ( الشوتك )* قبل نومنا ، نملك رغيفين من الخبز وقليلاً من الزيتون وهو رفاه بالنسبة لهذا الظرف الطارئ، سنتمكن من أكلها هذه الليلة وعند الشروق.
بعد أن جففنا أسلحتنا ولباسنا وأكلنا طعامنا واستلقاءنا على فرو الماعز البري كانت هناك أمور كثيرة يجب التفكير بها قبل النوم، هل سنستيقظ في الصباح الباكر ومتى سنصل إلى الموقع الآخر لإيصال الرسالة ، هل سنصادف فرائس للصيد أم لا ..؟ هل سنتمكن من الوصول إلى موقعنا بعد يومين ..؟ ... أمور كثيرة تستدعي التفكير قبل النوم:
ثلج، صقيع، برد، طائرات استطلاع أمريكية وتحليقات تركية ، وطريق طويل متعب خاصة وأن الثلج قد أخفى الطريق الوعر وكان علينا أن نصل إلى الموقع الآخر باجتهادنا وتخميننا حسب وجهة الموقع، لم نعد نحتاج للطرقات ، فبالإضافة إلى خبرة الجميع في معرفة جغرافية هذه المناطق صخرة صخرة وقمة قمة فالطرق مسدودة الآن كما أن السير في الطرق في الأحوال العادية هذه الأيام يشكل خطراً بسبب استطلاع طائرات واشنطن.
من أين إلى أين ..!؟ أنا كردي من هذه المنطقة يرضخ أبوايا وأخوتي تحت ضغط وقمع هذه الدول ، وأنا نفسي تلقيت التنكيل والتعذيب والاعتقال ، من هنا ولدنا وهناك سنموت وقبلنا على أنفسنا كل الدروب الوعرة ومن بينها العيش في جبال كردستان فما بالك أيتها الطائرات الأمريكية تحلقين في هذه الأراضي.؟ غريب أمر البشر هذه العهود.
لا توجد أية عوامل يمكنها التأثير على وصولي أنا والرفيق نوري إلى الموقع الآخر وتنفيذ مهمتنا ، فلا طائرات الاستطلاع ولا الغارات الجوية ولا البرد ولا تساقط الثلج، تسير الأمور هنا بشكل جيد.
أما بالنسبة لـلمادة المتفجرة ( تي إن تي ) فباتت متوفرة في مناطقنا لأن معظم القذائف التي أطلقها الجيش التركي أثناء القصف الجوي ومن قبلها القصف المدفعي لم تنفجر ، الرفاق باتوا خبراء في تفريغ القذائف من المواد المتفجرة التي تلزمنا كثيراً وخبراء في تصقيل وتقطيع معدنها لصناعة خبز الصاج عليها.
سيأتي الربيع وتذوب الثلوج وستتفتح الأوراق مرة أخرى وحينها سيكون لدينا الكثير من الأجوية التي ولدت في الشتاء البارد، ستكون هناك خيارات كثيرة وتي إن تي وفير لتستمر الحياة وتستمر الثورة.

الكاتب المقاتل شيركو عبد الله
لكل جوانترين ريزو سلافاززاخو جوان
التعديل الأخير بواسطة المشرف: