
سوريا –خاص الكردية نيوز –مسعود عكو
ينتصف النهار بنا على الطريق الدولي بين القامشلي (شمال شرق سورية ) ومنطقة تل كوجر ، الشمس تلعب في الافق مع الغيوم لعبة الظهور والاختفاء لم تكن المهمة صعبة في العثور على خيمة يمتهن كل قاطنيها "مهنة البغاء" ومقدماتها من استقابل حافل ورقص مثير وإغراء تمهيدا لاسقاط الفريسة بين سيقان الجميلات .
الجزء الأصعب من المهمة أن تقنع من بداخلها أنك صحفي تريد إجراء تحقيق حول عروضهم وزبائنهم وطريقة وأسلوب حياتهم ، إنه يبدو اكثر من محال لكنك حين تعرف أن المال هو السيد تحت سقف تلك الخيم تمتلك أول مفاتيح انجاز المهمة .
سائقي تولى ذاك عني وفتح لي الأبواب ، وبعد طول أخذ ورد وبعد ويل وتهديد ـ قبل راعي الخيمة وكبيرها أبو العنود التحدث للكردية نيوز كاشفا النقاب عن بعض من تفاصيل "خيم الحجيات " التي لايعرف الا زبائنها ما يجري بداخلها.
الحديث الاول لأبو عنود
يقول أبو العنود "نحن من ريف حلب، نتنقل غالبا بين محافظات حلب والرقة ودير الزور والحسكة، نجوبها كثيراً، نحط رحالنا على مفترق طرق رئيسية؛ وأحياناً ندخل داخل حدود بعض القرى القريبة من الطرق العامة، لدينا كافة مستلزمات الحياة، من مياه وأكل، وأواني للطبخ والغسيل".
أبو العنود تابع حديثه "لا نرى عيباً في عملنا هذا، إنه المصدر الوحيد للحياة، وهذه أحوالنا منذ خمسين سنة، كان أبي يمتهن الكار وقد ورثت المهنة عنه، سأرثها لابني أيضا ، إلى أن تنتهي الحياة، لا نخجل من عملنا فالكثير من زبائننا لا تروق لهم الجلسات والسهرات الممتعة إلا عندنا، إذاً هناك شيء يشدهم إلينا، ونحن نقدم لهم مرادهم".
أبو العنود تكلم عن انحسار البزنس متأثرًا بالأوضاع الإقتصادية العامة وقال "الأسعار أصبحت رخيصة مقارنة بالسنوات الماضية ، ، وبين الفينة والأخرى يأتينا زبون واحد أو اثنان ، وندخل في البازار حتى نصل إلى أسعارٍ رخيصة جداً، إلا أننا مضطرين للعمل، وإلا لا معيشة لنا".
خيمة المتعة
الخيمة تبدو كبيت متكامل وأحيانا كملهى ليلي لكن بهندسة مختلفة وطريقة بناء بدوية مصنوعة بالكامل من الجادر وفيها مستلزمات الرقص وتلفاز ومسجلة تستمد الطاقة الكهربائية من مولد خاص .
تبدأ السهرة بمجرد وصول الزبون ، والزبائن نوعان دائمون ومارقون ،ولكل منهما استقبال يليق به لكن الزبائن الدائمون لديهم حظوظ أكثر من الإستعراض واللهو .
خضر رجل طاعن في السن، رفض ذكر إسمه بالكامل كان أحد مريدي هذه البيوت، وتكلم بحسرة عن إحدى الجميلات عندما كانت ترقص أمامه، لقد أحبها وحاول أن يخرجها من مستنقعها، إلا أنها رفضت الزواج به، وقالت لن أترك أهلي بدون مصدر رزق.
تابع خضر حكايته "زبائن الحجيات من أكبر رجالات المجتمع، بينهم الأغاوات، والإقطاعيين، ورجال الشرطة من مختلف القوميات والأديان ، كلهم زبائن دائمون، بل ذات مرة زار خيمة من تلك الخيم أناس أجانب ، إن نساء تلك الخيم رائعات الجمال".
بحسب بعض زبائن تلك الخيم يشكل الخوف من معرفة الناس لترددهم على بيوت الدعارة، هي التي تدفعهم للذهاب إلى تلك الخيم، كما أن السهرات التي تنظم تروق الكثيرين منهم، ومنهم من يكون مستاءً من حياته فيذهب لتضييع الوقت، وأسباب أخرى مختلفة.
فوق الرقابة
في أغلب الأحيان، هناك غض نظر من الجهات الأمنية تجاه تلك البيوت، وهي لا تخضع لأية قوانين خاصة تلك التي ينبغي مراجعة أصحابها للمستوصفات والمستشفيات، بغية إجراء الفحوصات الضرورية للأمراض المتنقلة عبر الجنس كالأيدز، أو الأمراض الوبائية الأخرى كتشمع الكبد والسرطان.
م.ح باحث اجتماعي يقول عن الحجيات "يرجع تاريخ الحجيات إلى أكثر من مائة سنة، فقد ذكر في الكثير من الكتب عن تواجدهم في فترة الاحتلال العثماني، مروراً بفترة الاستعمار الفرنسي، كما أنه ليس هناك مصدر حقيقي ودقيق عن أصول الحجيات ونسبهم، ولكن أخذ الطابع البدوي على لغتهم وأغانيهم، بل وحتى لباسهم".
تاريخ وقصة تطول
و الحجيات، تسمية أطلقت منذ عقود على نساء تلك الخيم، ورثن الدعارة من أمهاتهن ويشرف على عملهن في أغلب الأحيان، أبائهن أو أزواجهن، بدأن حياتهن بالرقص والغناء في مضافات المخاتير والأغاوات، ومن ثم انتقلوا إلى الخيم لممارسة الدعارة على مفترق الطرق، زبائنهن رجال وشباب، أغنياء وفقراء، أشخاص عاديون وأحياناً مسؤولون، في الواقع إن خيمهم بيوت دعارة متنقلة بين أماكن مختلفة.
تختلف الآراء حول نسب هؤلاء الأناس، البعض منهم قال أنهم أناس كانوا يرقصون ويقدمون عروضاً من الدبكة، وتحول مع مرور الزمن إلى رقص ودعارة، حيث كان سابقاً يكاد أن يكون مستحيلاً لمس امرأة من اللائي يرقصن في الخيم، إلا إذا كان أحدهم زبوناً دائماً، حينئذ ممكن له أن ينفرد بإحداهن.
وذهب البعض الأخر في تأويله إلى أنهن مومسات يعملن في الدعارة بغية العيش وطلب الرزق، فغالبيتهن إما مطلقات أو أرامل، وليس لديهن أي سبيل للعيش والحياة، سوى التعري والرقص .
ان اكثر ما يشجع الحجيات اليوم ما قاله فيهم صباح عبيد نقيب الفنانين السوريين ان اسوء واحدة فيهن اشرف من هيفاء وهبة ؟؟!!.