الكورد في المعادلة السياسية السورية 1

  • بادئ الموضوع بادئ الموضوع عاشق وطن
  • تاريخ البدء تاريخ البدء
الكورد في المعادلة السياسية السورية 1
clear.gif
پير روسته م

پير روسته م



مدخل إلى الموضوع:

تعتبر الشعوب الهندوأوروبية إحدى الأرومة الأساسية في تكوين مجموعة كبيرة من شعوب العالم والذين يعودون (أي الآريون أو الهندوأوربيين) وحسبما "يدّعي وليام والمستشرقون الغربيون المختصون في فلسفة الأديان أن الآريين هم شعوب هندو أوروبية بشرتها بيضاء (أي الشُقر)، وأنهم حكموا الهند منذ حوالي 3000 سنة وكانوا حسب نظام الكاست الاجتماعي ينتمون الى خاصة الخاصة أي رجال الدين البراهمين، وأنهم أبناء الآلهة" (من ويكبيديا، الموسوعة الحرة). وتنتشر هذه الشعوب ضمن مساحات جغرافية شاسعة تمتد من جبال أوروبا وقفقاسيا إلى سهول ووديان آسيا حيث كانت الهجرات لتلك القبائل البدوية الرعوية الباحثة عن الكلأ والمأوى لقطعان الماشية وبخصوص هذه المسألة تؤكد المصادر التاريخية بأن تلك الهجرات حصلت مطلع ﺍﻷلف ﺍﻟﺜﺎنية قبل ﺍﻟﻤﻴﻼﺩ وأمتزجت مع شعوبها الأصلية لتكون أمم وشعوب جديدة، وقد وصلت بعض تلك الهجرات إلى ميزوبوتاميا. وهكذا فإن الشعب الكوردي يعتبر من الشعوب (الأصيلة) القديمة والتي سكنت ميزوبوتاميا وكوردستان الحالية وبالتالي فهي (أي كوردستان) ليست بـ(كيان مزروع) كما يحلو للبعض أن يسمي الجغرافية الكوردية بها وعلى غرار غيرها من الجغرافيات في المنطقة.

وبالتالي فإن الشعب الكوردي كمكون إجتماعي أتني يعتبر من الشعوب القديمة التي أستوطنت تاريخياً منطقة ميزوبوتاميا – ما يعرف حالياً بـ(ما بين النهرين) – وهم (أي الكورد) ينحدرون، وحسب الدراسات الأنتربولوجية، من أصول هندوأوروبية والتي تتوزع على فروع وشعوب وقبائل قديمة عدة؛ منهم الكورد والجرمان والفرس وغيرهم من الشعوب والأمم وفي أصول الكورد يقول "المؤرخ الكردي محمد أمين زكي (1880 - 1948) في كتابه (خلاصة تاريخ الكرد وكردستان) يتألف – أي الكورد، والتوضيح من عندنا – من طبقتين من الشعوب، الطبقة الأولى، وكانت تقطن كردستان منذ فجر التاريخ ويسميها محمد أمين زكي "شعوب جبال زاكروس"، وحسب رأي المؤرخ المذكور هي شعوب "لولو، كوتي، كورتي، جوتي، جودي، كاساي، سوباري، خالدي، ميتاني، هوري، نايري"، وهي الأصل القديم جداً للشعب الكردي والطبقة الثانية: هي طبقة الشعوب الهندو-أوروبية التي هاجرت إلى كردستان في القرن العاشر قبل الميلاد، واستوطنت كردستان مع شعوبها الأصلية وهم "الميديين والكاردوخيين"، وامتزجت مع شعوبها الأصلية ليشكلا معاً الأمة الكردية.

ولقد عرف الشعب الكوردي وكمجموع شعوب المنطقة مراحل قوة وإزدهار؛ (الامبراطورية الميدية في القرن السادس قبل الميلاد) وفي مراحل أخرى عاشت التقهقر والتراجع وهكذا فإن جغرافية (كوردستان) قد تعرضت تاريخياً للعديد من الحروب والويلات والانتكاسات وخاصةً بعد إنهيار الامبراطورية الميدية ولكن ومن الفترة الممتدة من القرن السادس قبل الميلاد (إنهيار ميديا) وإلى الفترة العثمانية فقد مر الكورد بما يعرف بمرحلة "الثغرة التاريخية". أما مصطلح كوردستان كمصطلح جغرافي فقد ظهر "أول مرة في القرن الـ12 الميلادي في عهد السلاجقة، عندما فصل السلطان السلجوقي سنجار القسم الغربي من إقليم الجبال وجعله ولاية تحت حكم قريبه سليمان شاه وأطلق عليه كردستان. وكانت هذه الولاية تشتمل على الأراضي الممتدة بين أذربيجان ولورستان (مناطق سنا، دينور، همدان، كرمنشاه.. إلخ) إضافة إلى المناطق الواقعة غرب جبال زاجروس، مثل شهرزور وكوي سنجق". (موقع الجزيرة-نت).

ولكن الفترة الحديثة والتي شهدت بروز الفكر القومي و"الدولة القومية" في أوروبا أواسط القرن التاسع عشر، كان لها تأثيرها المباشر على ولادة الوعي القومي عند مجمل شعوب الشرق ومنهم الشعب الكوردي والذي عمل هو الآخر على نيل حريته وإستقلاله بعدما كان قد تعرض للتقسيم بين الامبراطوريتين العثمانية والصفوية إثر معركة جالديران 1514 ميلادية. ولكن وعوضاً أن يتحقق حلم الكورد في دولة قومية واحدة على جزئي كوردستان المقسم آنذاك بين العثمانيين والصفويين أقتضت مصالح الدول الاستعمارية – الغربية والشرقية (المحلية) – بأن يتم تقسيم كوردستان مرة أخرى وبين دولٍ أربعة (تركيا، إيران، العراق وسوريا) وذلك بموجب إتفاقيات ومعاهدات جديدة شهدت ولادة حكومات إستعمارية محلية – سوريا والعراق بالإضافة إلى كلٍ من تركيا وإيران وريثتي الإمبراطوريتين العثمانية والصفوية – ليحلوا محل الاستعمار الغربي في إحتلالها لكوردستان. وهكذا ألحق جزء من كوردستان وبموجب إتفاقيات سايكس-بيكو (1916) وغيرها من المعاهدات بالدولة السورية الحديثة.

وهكذا ونتيجةً لعوامل وحوامل سياسية عدة؛ منها تأثير الثورات الكوردية في الأجزاء الأخرى من كوردستان وذلك من خلال الدور الكبير لبعض تلك القيادات التي كانت قد لجأت إلى غرب كوردستان (سوريا) هرباً من قمع الأنظمة الإستعمارية أثر إنتكاسة الثورات الكوردية (ثورات صاصون، شيخ سعيد بيران 1925، إنتفاضة ديرسم 1937، ثورات البارزانيون الأولى 1931 والثانية 1943-1945 وكذلك ثورة أيلول 1961-1975 وغيرها العديد من الثورات والانتفاضات الكوردية) في تلك الأجزاء من كوردستان وعلى الأخص الجزء الشمالي (تركيا) فقد شهدت غرب كوردستان ولادة أول حزب سياسي (الحزب الديمقراطي الكردستاني) في (14.6.1957) والذي طرح في مرحلة التأسيس شعار "تحرير وتوحيد كوردستان" إلا أن ظروف الاعتقال في بداية الستينات من القرن الماضي (12 آب 1960) والتي شملت أغلبية القيادة في الحزب ومن ثم ونتيجةً للخلافات التي نشأت داخل السجن بين تياري الحزب أدى إلى إنقسامه بين اليمين واليسار وكان من نتائجها الكارثية على مستوى القضية الكوردية؛ التضحية بشعار الحزب ومن قِبَل الجناحين وهكذا أستمرت الخلافات داخل صفوف الحركة السياسية الكوردية وكانت من نتائجها الوخيمة تمزق الحركة في يومنا هذا بين العديد من الفصائل والكتل السياسية الحزبية.
 
الكورد في المعادلة السياسية السورية2

لمحة عن اللوحة السياسية في سوريا وغرب كوردستان:

أولاً: الأحزاب الكوردية

كما قلنا سابقاً؛ بأن تأسيس أول حزب كوردي (الحزب الديمقراطي الكردستاني) يعود إلى (14.6.1957) وكان المؤسسون الأوائل هم: "عثمان صبري- محمد علي خوجة – حميد حاج درويش –رشيد حمو – حمزة نويران – شوكت حنان – خليل محمد وهناك أيضاً الشيخ محمد عيسى" (من مقابلة مع الأستاذ رشيد حمو) وقد تعرض الحزب لأولى إنتكاساتها الإنقسامية في عام 1965 وذلك بين ما عرف لاحقاً باليمين واليسار – وللأسف – ورغم جهود قيادة كوردستان العراق (الحزب الديمقراطي الكوردستاني) وبإشراف مباشر من الملا مصطفى بارزاني قائد قيادة الثورة ودعوته لطرفي الانشقاق بالاضافة لعدد من الوطنيين الكورد للحضور إلى جنوب كوردستان وعقد مؤتمر نوبردان في (15 آب لعام 1970) وذلك بهدف توحيد الحزب، إلا أن الخلافات أستمرت رغم كل الجهود وهكذا وبدل أن يتوحد الجناحان داخل صفوف البارتي أنبثق طرفٌ ثالث سُمّي بالقيادة المرحلية وفيما بعد عُرِف باسم الحزب الديمقراطي الكردي في سوريا (البارتي) وذلك بالاضافة للجناحين السابقين وهما: ("الحزب الديمقراطي الكردي في سوريا – اليساري" يقوده عثمان صبري يؤمن بوجود شعب وأرض وقضية كردية في سوريا. والآخر هو "الحزب الديمقراطي الكردي في سوريا" وعرف بين الجماهير باليمين ورأى بأن الكرد في سوريا مجرد مواطنين لهم بعض الحقوق الثقافية والسياسية والإجتماعية وظهر في قيادته السيد عبدالحميد درويش) (من مقالة: الحركة الكردية في سوريا – التكوين والمهام بقلم د. كاوا آزيزي أستاذ العلوم السياسية في جامعة صلاح الدين – هولير). وكذلك أستمرت الانقسامات في صفوف الأحزاب الثلاثة تلك إلى أن أصبحت الخريطة السياسية للحركة الكوردية في غرب كوردستان تضم التيارات والأحزاب والأطر التالية، في يومن هذا:

أ- أحزاب الجبهة الديمقراطية الكردية في سوريا:
1- الحزب الديمقراطي الكردي في سوريا (البارتي) - نذير مصطفى/ السكرتير العام للحزب سابقاً وحالياً عبد الحكيم بشار سكرتيراً للجنة المركزية.
2- حزب المساواة الديمقراطي الكردي في سوريا (سابقاً - الحزب الديمقراطي التقدمي الكردي في سوريا) ـ عزيز داوود/ سكرتير عام الحزب.
3- الحزب الوطني الديمقراطي الكردي في سوريا ـ طاهر سفوك/ سكرتير الحزب.

ب ـ أحزاب التحالف الديمقراطي الكردي في سوريا (قبل الأزمة الأخيرة):
1- الحزب الديمقراطي التقدمي الكردي في سوريا ـ عبد الحميد درويش/ سكرتير الحزب.
2- الحزب اليساري الكردي في سوريا ـ محمد موسى/ سكرتير الحزب.
3ـ حزب الوحدة الديمقراطي الكردي في سوريا (يكيتي) اسماعيل عمر/ رئيس الحزب ومحي الدين شيخ آلي سكرتيراً.
4ـ الحزب الديمقراطي الكردي في سوريا ـ نصر الدين ابراهيم/ سكرتير الحزب.

ج ـ لجنة التنسيق الثلاثية:
1ـ حزب آزادي الكردي في سوريا ـ خير الدين مراد/ سكرتير الحزب.
2ـ حزب يكيتي الكردي في سوريا ـ فؤاد عليكو/ سكرتير اللجنة المركزية للحزب.
3ـ تيار المستقبل الكردي في سوريا ـ مشعل التمو/ سكرتير الحركة.

د ـ حزب الاتحاد الديمقراطي في سوريا ـ فؤاد عمر/ سكرتير الحزب.
هـ ـ الوفاق الديمقراطي الكردي السوري – فوزي شنكالي/ المنسق العام للحركة.
و ـ حزب الاتحاد الشعبي الكردي في سوريا.
ز ـ الحزب الديمقراطي الكردي السوري ـ جمال شيخ باقي/ سكرتير الحزب.

وبالإضافة إلى تلك الأحزاب والأطر التي ذكرناها هناك عدد من الأحزاب والتي تشكلت وتأسست مؤخراً في الخارج والشتات مثل الحزب الديمقراطي الكوردستاني بقيادة جان كورد (سابقاً) وكذلك حزب المؤتمر الوطني الكوردستاني بزعامة جواد ملا وأيضاً تيار أحرار كوردستان وكذلك حركة 12 آذار وغيرها من هذه (المجاميع) والحركات الكوردية، إلا أن في حقيقة الأمر فأن أغلب هذه الأحزاب والحركات لا تملك القاعدة الحزبية ناهيك عن القاعدة الجماهيرية، بل أن أعضاء بعض هذه المسميات لا تتعدى عدد أصابع اليد الواحدة أو أكثر بقليل. وهكذا فليس هناك إلا بعض الكتل والأطر السياسية في غرب كوردستان والتي يمكن أن تدعي صفة الحزب وذلك لامتلاكها مقومات "المؤسسة الحزبية".

ثانياً: الأحزاب السورية

يمكن القول بأن اللوحة السياسية عند الأحزاب السورية الأخرى هي قريبة إلى الحالة الكوردية؛ حيث التمزقات والانشقاقات قد أنهكت قواها الفعلية – يستثنى من القاعدة هذه، حزب البعث؛ كونه المستفيد الوحيد من الوضع الراهن وهو (أي البعث/ النظام) ومن خلال الأجهزة الأمنية المخابراتية والتي تفعل مفاعيلها في تمزيق الحركة الوطنية السورية ومنها الكوردية وبالتالي فإن الحياة السياسية السورية يشهد نوع من الصراع العبثي الداخلي بين تلك التيارات الحزبية – من يجدر بهم أن يكونوا أصحاب القضية الواحدة – وقد نجحت الأجهزة الأمنية السورية في تمزيق صفوف كل التيارات السياسية – وليس فقط الحركة الكوردية – بمن فيهم شركاءها في الجبهة الوطنية التقدمية؛ فالحزب الشيوعي السوري يمثل بجناحين في الجبهة مع وجود كتل أخرى خارجها وكذلك الأمر بالنسبة مع القوميين (الناصريين والإشتراكيين) وغيرهم، وبنظرة سريعة إلى الخارطة السياسية السورية تتبين لنا الحقيقة السابقة، ويمكن أن نقسم الأحزاب السورية بين الموالاة والمعارضة؛ حيث الموالاة تتمثل في الجبهة الوطنية التقدمية وتقودهم حزب البعث وهي (أي الجبهة) تضم الأحزاب التالية: حزب البعث العربي الاشتراكي والذي نشأ في بداية الأربعينات على يد ميشيل عفلق وصلاح البيطار وهناك الحزب الشيوعي السوري (بشقيه الموجودين في النظام؛ جناح وصال بكداش وجناح يوسف فيصل) والاتحاد الاشتراكي العربي وحزب الوحدويين الاشتراكيين وحركة الاشتراكيين العرب والحزب الوحدوي الاشتراكي الديمقراطي والاتحاد العربي الديمقراطي. ومنذ أواخر العام 2001، يحضر الحزب السوري القومي الاجتماعي اجتماعات الجبهة بصفة مراقب.

أما المعارضة فإنها تتشكل هي الأخرى من طيف واسع من الأحزاب والتكتلات السياسية الموزعة بين إسلاميين متشددين ومعتدلين ويساريون ماركسيون وكذلك قوميون (ناصريين وإشتراكيين وحدويين) وعلمانيون ليبراليون يتوزعون بين كتل وأطر سياسية عدة – في الداخل والخارج – حيث هناك قوى إعلان دمشق وهو إئتلاف تشكل في تشرين الأول 2005 وتميز بأنه أول إعلان معارض يصدر عن جهات سورية معارضة في الداخل السوري بعد أن كانت هذه البيانات من اختصاص المعارضة في الخارج. ويضم الإعلان أحزاباً سياسية وتحالفات مثل التجمع الوطني الديمقراطي في سوريا والتحالف الديمقراطي الكردي في سوريا ولجان إحياء المجتمع المدني والجبهة الديمقراطية الكردية في سوريا وحزب المستقبل وحزب العمل الشيوعي واللجنة السورية لحقوق الإنسان والمنظمة الآشورية وشخصيات سياسية وفكرية متعددة مستقلة مثل عضو مجلس الشعب السابق المعارض رياض سيف، والمفكر الإسلامي جودت سعيد، والدكتور عبد الرزاق عيد والأستاذ سمير النشار، و د. فداء أكرم الحوراني، ود. عادل زكار، وعبد الكريم الضحاك، والمحامي هيثم المالح ونايف قيسية وغيرهم العديد من المفكرين والشخصيات السياسية المستقلة.

وهكذا فإلى جانب القوى والأحزاب الكوردية المتمثلة في كلٍ من الجبهة الديمقراطية الكردية والتحالف الديمقراطي الكردي في سوريا وبأحزابها السبعة التي أشرنا إليهم في الفقرة السابقة فإن التجمع الوطني الديمقراطي والذي (تأسس عام 1979) يعتبر من أكبر الكتل السياسية الذي يحتضنه (قوى إعلان دمشق) ويضم بدوره: الاتحاد الاشتراكي العربي الديمقراطي المنشق عن الحزب الاشتراكي العربي الذي تأسس عام 1964 والحزب الشيوعي السوري – المكتب السياسي (حزب الشعب الديمقراطي حديثاً) حيث أنشق الحزب الشيوعي المكتب السياسي (رياض الترك) عن الحزب الشيوعي السوري (خالد بكداش) عام 1972 والحزب الثالث في هذا التجمع هو (حزب البعث العربي الاشتراكي الديمقراطي) والذي أنشق عن الحزب الحاكم أثر الخلافات السياسية بين قادتها في عام 1970 على أثر الانقلاب الذي قاده وزير الدفاع آنذاك؛ حافظ الأسد على صلاح جديد وغيره من قادة الحزب وأما الحزبان الآخران في التجمع هما حركة الاشتراكيين العرب وحزب العمال الثوري. ولكن وبعد إنعقاد المجلس الوطني لقوى الاعلان في الأول من كانون الأول 2007 وبحضور 163 عضو وإنتخاب قيادة جديدة لكل من المجلس الوطني والأمانة العامة للإعلان وعدم تمكن بعض الرموز القديمة من الاحتفاظ بمقاعدهم وخاصةً من جانب الاتحاد الاشتراكي العربي الديمقراطي في قيادة الأمانة وتعليق الأخير لعضويته و من ثم جاءت الحملة الأمنية والاعتقالات التي شملت معظم الكوادر – حيث ما زال 13 قيادياً من قيادات الاعلان معتقلاً – لتشل وإلى درجةٍ كبيرة نشاط قوى إعلان دمشق.

وإلى جانب هذه الكتل والأطر السياسية التي تعمل في الداخل هناك بعض الجبهات والتجمعات التي تأسست خارج البلاد منها؛ جبهة الخلاص الوطني وهي "جبهة سورية معارضة، تعمل من أجل بناء دولة ديمقراطية مدنية حديثة في سورية، قائمة على التعددية والانتخابات الحرة والنزيهة المعبرة عن إرادة شعبها، وخالية من الانتهاكات لحقوق أي فئة، وتُحفظ فيها حقوق الأقليات الدينية أو الإثنية أو الطائفية. وتضم جبهة الخلاص الوطني في سورية طيفاً عريضاً من أحزاب وشخصيات معارضة في الداخل والخارج مؤيدة لمشروعها المعروض على مؤتمرها التأسيسي في لندن في 5 حزيران/ يونيو 2006. وتمثل هذه الأحزاب جميع مكونات المجتمع السوري، بما في ذلك القوميين والليبراليين الديمقراطيين واليساريين والإسلاميين، وأحزاب الأقليات الإثنية" (التعريف مقتبس من موقع الجبهة). وأبرز رموز الجبهة هم جماعة الإخوان المسلمين متمثلةً بمراقبها العام السيد "علي صدر الدين البيانوني"، وهناك إلى جانب جماعة الاخوان، نائب الرئيس السوري السابق الأستاذ "عبد الحليم خدام" ومن الجانب الكوردي الأستاذ صلاح بدر الدين وبعض الشخصيات الثقافية والسياسية الأخرى. وجديرٌ بالذكر أن جماعة الإخوان المسلمين تأسست في سوريا على يد الدكتور مصطفى السباعي عام 1945، وظلت الجماعة تشارك في الحياة السياسية بأشكالها المختلفة حتى عام 1962، حيث بدأت بعدها تدخل في مواجهات وخلافات مع النظام الحاكم وعلى أثره كان القانون رقم 49 لعام 1980 والذي ينص على الحكم بالإعدام لكل من ينتسب إلى جماعة الإخوان المسلمين.

ويضاف إلى هذه الكتل السياسية مجموعة كبيرة من التجمعات والأحزاب والتيارات التي تشكلت مؤخراً – في الداخل والخارج – منها: (التجمع الليبرالي الديمقراطي في سوريا) والذي كان من بين الأسماء المؤسسة له نبيل فياض وكمال اللبواني وغيرهم وكذلك (التجمع الديمقراطي الحر) "كحزب ليبرالي معارض تقوده، ولأول مرة، امرأة سورية تحمل الجنسيتين الأمريكية والإماراتية وهي مؤسسة الحزب ورئيسته، السيدة رهاب بيطار" وهناك (التجمع القومي الموحد) وهو الحزب الذي يقوده رفعت الأسد وكذلك تأسس (التيار السوري الديمقراطي) في ابريل/ نيسان من عام 2005 وهناك أيضاً (المجلس الوطني للحقيقة والعدالة والمصالحة) وكذلك أعلنت مجموعة من الشخصيات السورية المعارضة المقيمة في الولايات المتحدة (المجلس الوطني السوري). وبالإضافة إلى هذا الطيف السياسي الواسع هناك العديد من اللجان والمنظمات الحقوقية الانسانية السورية – منها الكوردية – والتي تشكلت ونشطت بعد "خطاب القسم" للرئيس السوري بشار الأسد. يمكن القول بأن هذه هي أغلب الفعاليات والكتل السياسية وليس جميعها؛ حيث هناك بعض المسميات الحزبية والتي ربما لم نسمع بها، بل لم يسمع بها أغلب السوريين المقيمين في الداخل وحتى أولئك المشتتين في المهجر والبلاد الأوروبية جراء سياسات النظام القمعية.
 
الكورد في المعادلة السياسية السورية3

مواقف الكتل السياسية من القضية الكوردية:

* رؤية الحركة الكوردية لقضيتها: إننا سنحاول أن نقف على مواقف الحركة الكوردية وطرحها لقضيتها وذلك من خلال برامج بعض الأحزاب والكتل السياسية؛ (التحالف والجبهة ولجنة التنسيق) حيث أن تلك البرامج، من جهة، تشكل نوع من التوافق السياسي خاصةً بين الأحزاب المنضوية داخل أطر وجبهات محددة، ومن الجهة الأخرى؛ هي من الصعوبة أن نقف ونلم بكل البرامج السياسية للأحزاب الكوردية وذلك من خلال مقالٍ ما وإن كنا سنخصص مساحة ما للمنهاج السياسي الذي تبناه المؤتمر العاشر للحزب الديمقراطي الكردي في سوريا (البارتي). ولكن وقبل أن نقف عند تلك الرؤى وغيرها، يمكن القول بأن الحركة الكوردية في سوريا وخاصةً بعد تجربة السجن في عام 1961 "اتسمت بطابعها السياسي السلمي"، حيث تقول (ويكيبيديا، الموسوعة الحرة) بخصوص هذه المسألة: "نأت (أي الحركة الكوردية والتوضيح من عندنا – كاتب المقال) بنفسها وبالأكراد عن المواجهة الدامية ورد الفعل السوري العنيف".

وكذلك تضيف الموسوعة الحرة (ويكيبيديا) وتقول: "ظهرت الحركة الكردية في سورية في الثلاثينيات من هذا القرن على شكل جمعيات ونواد ثقافية واجتماعية ورياضية. وانحصر نشاط الحركة القومية الكردية في المطالبة بحقوق ثقافية وسياسية متواضعة. وتعاونت مع الجمعيات التي نشطت على الساحة التركية مثل جمعية خويبون. وأصدرت مجلة "هاوار" (أي الصرخة) باللغة الكردية. وتأسس في سورية الحزب الديموقراطي الكردستاني، عام 1957، وترأسه الدكتور نور الدين زازا، ودعا في انطلاقته إلى تحرير كردستان وتوحيدها عن طريق الثورة. وطال الاعتقال عام 1960، معظم قياديي الحزب، فانفرط عقده. ولما خرج قادته من السجون، عام 1961، أعادوا النظر في برنامجهم وقصروه على المطالبة بحقوق الأكراد السوريين الثقافية والسياسية". وتضيف أيضاً "ظهر في الوقت نفسه حزب كردي آخر، هو الحزب الديموقراطي اليساري الكردي، أراد المشي في النهج الثوري الأول للحزب الديموقراطي الكردستاني، لكنه اضطر بدوره إلى انتهاج سياسة معتدلة في أواخر الستينيات". ويمكن التأكيد بأن تلك البرامج لم تشهد تعديلات جذرية إلا مؤخراً ومن قبل بعض الأحزاب الراديكالية واليسارية كالحزب الديمقراطي الكردي في سوريا (البارتي) وكلٍ من حزب آزادي وحزب يكيتي الكردي في سوريا.

ولتوضيح الفكرة للقارئ – أكثر – نقتطع الفقرة التالية من المنهاج السياسي للحزب الديمقراطي الكردي في سوريا (البارتي) حيث يطالب في المادة الخامسة من المنهاج ما يلي: "ينطلق ((البارتي)) في نضاله من واقع وجود شعب كردى في سوريا يعيش على أرضه التاريخية، وهي بذلك تكون قضية (أرض وشعب) وهو يشكل القومية الثانية في البلاد بنسبة 15% وتتنكر السلطات بشكل تام لوجوده وما يستتبع ذلك من حرمانه من كافة حقوقه القومية المشروعة ويتعرض لسياسة الصهر القومي والتمييز العنصري في العديد من المشاريع الشوفينية كالإحصاء الرجعي الجائر لعام 1962 والحزام العربي العنصري الشوفيني وسياسة التعريب الشاملة للمناطق الكردية وإجراءات اقتصادية شوفينية تهدف إلى إفقار المناطق الكردية رغم مداخيل الإنتاج العام المرتفعة لهذه المناطق وندرة شديدة في الخدمات العامة والتمييز في كل مظاهر الحياة السياسية والثقافية والاجتماعية والخدمية".

ويطرح الحزب (أي البارتي) رؤيته لحل القضية الكوردية في غرب كوردستان (سوريا) وذلك من خلال تحقيق المطالب التالية:
1ـ إزالة جميع المشاريع الشوفينية من حزام وإحصاء ومعالجة آثارها وتداعياتها، والتعويض عن المتضررين منها.
2_ الكف عن سياسات التعريب وإزالة جميع آثارها وإعادة الأمور إلى ما هي عليه قبل سياسات التعريب.
3ـ الاعتراف بوجود الشعب الكردي في سوريا كشعب يعيش على أرضه التاريخية (قضية أرض وشعب) ويشكل القومية الثانية في البلاد بنسبة 15% وإقرار ذلك في دستور البلاد.
4ـ تأمين الحقوق السياسية والثقافية والاجتماعية والاقتصادية للشعب الكردي في سوريا عبر تحقيق ما يلي:
أولاً ـ على الصعيد السياسي:
أ- تحقيق الإدارة الذاتية للمناطق الكردية.
ب- تمثيل الشعب الكردي في المؤسسات المركزية للدولة (البرلمان والحكومة والنقابات المركزية المختلفة من غرف صناعة وتجارة وزراعة ومختلف النقابات المهنية سواء ذات الطابع السياسي أو المهني أو الخدمي بنسبة تماثل نسبة السكان أي بنسبة 15%).
ت- إعادة النظر في الحدود الإدارية للمناطق الكردية وإحداث محافظات ومناطق جديدة في تلك المناطق.
ث- تمكين الشعب الكردي من المساهمة في شؤون إدارة البلاد العامة وعلى قاعدة الشراكة الوطنية.
ثانياً ـ على الصعيد الثقافي:
أ- الاعتراف الدستوري باللغة الكردية كلغة أولى في المناطق الكردية إلى جانب اللغة العربية واللغة الثانية في عموم سوريا وذلك بغية تحقيق التواصل والتفاعل الثقافي بين أبناء البلد الواحد.
ب- إحداث مديريات خاصة في الوزارات ذات الشأن والتي تهم المناطق الكردية خاصة في وزارة الثقافة والتربية والتعليم ا لعالي مثل (إحداث مديرية للثقافة الكردية في وزارة الثقافة ـ تشكيل لجان كردية خاصة في وزارات التربية والتعليم العالي).
ت- العمل على تطوير مختلف أوجه الثقافة الكردية من لغة ـ فولكلور ـ موسيقى ـ فن ـ نشرات ثقافية مختلفة وتأمين مستلزمات وسبل تطويرها.
ث- تدريس اللغة الكردية في الجامعات والمعاهد المركزية كأحد اللغات الوطنية (كمادة إضافية في معظم كليات الأدب والعلوم الإنسانية والاجتماعية وكمادة تخصصية تمنح بموجبها شهادة جامعية أو شهادة معهد في اللغة الكردية تؤهل حاملها لتدريس هذه اللغة).
ج- إعادة النظر في مناهج التدريس في وزارتي التربية والتعليم العالي بحيث تقر فيها بوضوح بواقع الشعب الكردي ولغته وثقافته وفولكلوره... وكل ما يتعلق به.
ح- السماح بإصدار نشرات دورية ثقافية أدبية فنية... وكل أشكال الأنشطة التي تساهم في تعزيز وتطوير اللغة والثقافة الكرديتين ونشرها في عموم البلاد.
خ- تخصيص ساعات محدودة من الإعلام السوري الرسمي (التلفزيون والإذاعة) للغة والثقافة الكرديتين.
ثالثاً ـ على الصعيد الاجتماعي:
أ- السماح للفرق الفولكلورية الفنية بالعرض والاستعراض في مختلف المحافظات والمهرجانات العامة والخاصة.
ب- السماح بإقامة الحفلات الفنية العامة الخاصة باللغة الكردية دون أخذ موافقة الجهات الأمنية.
ت- السماح بالأعياد القومية الكردية (عيد النوروز ـ جارشه مه ره ش الخاص بالأخوة الايزيدية).

يمكن القول بأن الرؤية السابقة لحل القضية الكوردية في غرب كوردستان (سوريا) والتي أقتطعناها من المنهاج السياسي للبارتي تشكل تقاطعاً بين مجموع الأحزاب ذات التوجه اليساري والراديكالي – كما قلنا في البداية – ولكن ولكي لا نقع في التعويم والتعميم سوف نقف عند كل من الرؤية المشتركة للجبهة والتحالف الديمقراطي الكردي من جهة وكذلك الرؤية التي طرحتها لجنة التنسيق الثلاثية وأخيراً سنقف عند الرؤية التي خرجت بها مؤتمر باريس والذي ضم أغلب الأحزاب الكوردية، إن لم نقل جميعها، وذلك في الأول من كانون الثاني لعام 2005م.

تقوم الرؤية المشتركة للتحالف والجبهة على معالجة القضية من خلال ثلاث محاور محددة؛ حيث المحور الأول يتناول الإجراءات الاستثنائية والتي تعرض لها الكورد دون سواهم وبالتالي فيجب إلغاءها ومعالجة آثارها ويتم تحديدها في الرؤية بالنقاط التالية: "إلغاء السياسة الشوفينية وسياسة التعريب والقوانين الاستثنائية والمشاريع العنصرية المطبقة بحق الشعب الكردي في سوريا وإزالة آثارها، وفي المقدمة منها قانون الإحصاء الاستثنائي الخاص بمحافظة الحسكة عام 1962، والحزام العربي، والتعويض على المتضررين وإعارة المناطق الكردية اهتماماً خاصاً في فترة انتقالية تكفي لإزالة آثار الإهمال المتعمد لها. إعادة الجنسية للمجردين منها، وفتح باب التسجيل للمكتومين وإنصافهم أسوة بغيرهم من المواطنين. إعادة الأسماء الكردية إلى القرى والمناطق والمحال التجارية ..الخ". وهكذا يتم تلخيص الإجراءات الاستثنائية بالنقاط السابقة الذكر.

والمحور الثاني يتعلق بالمجال الثقافي والاجتماعي؛ حيث يطرح فيه مجموعة النقاط التالية: "تأسيس هيئات خاصة بالشأن الثقافي والتربوي والتعليمي الكردي في الوزارات المعنية للإشراف والعمل على تطوير اللغة والثقافة الكرديتين، وإحياء التراث القومي الكردي والاهتمام بأدبه وفولكلوره. السماح بإصدار صحف ومجلات باللغة الكردية ( سياسية، ثقافية، أدبية..الخ). السماح بتأسيس جمعيات وأندية ثقافية، وفرق فنية وفولكلورية.. إجازة البث الإذاعي والتلفزيوني باللغة الكردية، وتخصيص أوقات للبث بهذه اللغة في المحطات الرسمية. تدريس اللغة الكردية في المدارس والجامعات واعتبارها اللغة الثانية بعد العربية في البلاد. الترخيص بافتتاح مدارس خاصة للكرد تحت إشراف الوزارات المعنية. فتح باب العمل والتوظيف أمام الكرد، وفق الشروط المطبقة مع سائر المواطنين. إجراء بحث اجتماعي دقيق في محافظة الحسكة وإعادة توزيع الأراضي على الفلاحين، كل في منطقته على قدم المساواة وفق معايير اجتماعية معاشية عادلة".

والمحور أو الجانب الأخير يتناول المجال السياسي؛ حيث يطالب بـ"الإقرار الدستوري بالوجود القومي الكردي كثاني قومية في البلاد، وتأمين ما يترتب على ذلك من حقوق (سياسية وثقافية واجتماعية)، وحل القضية الكردية حلاً ديمقراطياً عادلاً على قاعدة وحدة الوطن. إشراك الكرد وتمثيلهم في المؤسسات الدستورية المركزية والمحلية تبعاً لواقعهم السكاني. إعادة النظر في التقسيمات الإدارية في المناطق الكردية، وتطوير الإدارة المحلية فيها بما يتلاءم مع خصوصيتها القومية. إحداث وزارة خاصة لها مديرياتها في المحافظات المعنية تهتم بشؤون القوميات والأقليات القومية". هذه هي – باختصار – رؤية الكتل والأحزاب السياسية الكوردية المنضوية تحت راية كل من الجبهة والتحالف الكورديين معاً. ونلاحظ بأنها تتقاطع في العديد من النقاط – إن لم نقل أغلبها – مع رؤية (البارتي) في منهاجها السياسي ولكن يجب لا تغيب عن بالنا نقطة أساسية تم نسفها في الرؤية المشتركة؛ ألا وهي غياب إعتبار أن "القضية الكوردية في سوريا هي قضية أرض وشعب"؛ أي الجغرافية الكوردستانية والتي على أساسها بنى (البارتي) وغيره من بعض القوى، التي ذكرناهم قبل قليل، رؤيتهم لحل المسألة الكوردية في غرب كوردستان.

وإذا عدنا إلى الرؤية التي اقترحتها (لجنة التنسيق) والمؤتلفة من كل: حزب آزادي وحزب يكيتي وتيار المستقبل الكردي فإننا سوف نلاحظ حجم وكبر مساحات التقاطع بين الرؤيتين؛ رؤية لجنة التنسيق من جهة ومن الجهة الأخرى الرؤية المشتركة لكل من الجبهة والتحالف. ولكن يمكن القول بأن هناك نقاط تفصيلية أكثر في (رؤية لجنة التنسيق) حيث تقف عند بعض المسائل برؤية أكثر وضوحاً وشفافيةً وأيضاً تطرح بعض النقاط التي لم تطرحها (رؤية الجبهة والتحالف)؛ فمثلاً في الجانب الوطني وبالإضافة إلى ما ورد في الرؤية المشتركة لهذا الأخير تطالب رؤية لجنة التنسيق بـ"اعتماد مبدأ الحوار.. (و)التوافق الوطني أساساً في إقرار وصياغة القضايا والمسائل كافة" وكذلك مسألة "تحقيق مبدأ المساواة بين المرأة بالرجل وضمان حقوقها كافة بما ينسجم مع مبادئ الدولة العلمانية.. (و) الاهتمام بالشباب.. (و) المؤسسات الثقافية والتربوية.. (وهكذا) فصل الدين عن الدولة وتأكيد علمانية الدولة" وكذلك الوقوف عند مسألة الاهتمام "بشؤون القوميات والأقليات القومية" مع أن هذا الأمر يرد مرة أخرى في الرؤية نفسها للجنة التنسيق وكذلك عند كل من الجبهة والتحالف وذلك عند الوقوف على القضية الكوردية وفي الجانب السياسي منها وبالتالي فيمكن اعتبار ورودها هنا نوع من التوضيح والزيادة وليس التباين والاختلاف.

أما مؤتمر باريس والذي أنعقد بتاريخ (1"12"2005) بحضور وتمثيل الكتل السياسية الكردية الأساسية والفاعلة في ساحة إقليم كوردستان (سوريا) وإلى جانبهم مجموعة من الشخصيات الثقافية والسياسية الكردية منها والعربية وأيضاً الأجنبية (أوربية وأمريكية) فقد خرجوا؛ (أي المؤتمرون) بمجموعة توصيات حول الوضع السوري بشكلٍ عام وعلى الأخص ما يتعلق منها بالقضية الكوردية والعمل المشترك وتوحيد طاقات الشعب الكوردي ضمن ميثاق وطني جامع وصولاً لحل عادل لقضية شعبنا والتي يمكن تلخيصها في البنود التالية: بـ"أن القضية الكردية في سوريا قضية شعب على أرضه التاريخية، وأنه لا بد من الاعتراف بالقومية الكردية كثاني قومية في سوريا وإيجاد حل عادل لهذه القضية، هذا الحل الذي يتطلب بالضرورة إزالة كافة المشاريع العنصرية والقوانين الاستثنائية بحق الشعب الكردي، والاعتراف الدستوري بلغته والدعوة إلى إطلاق الحريات العامة وإطلاق سراح جميع السجناء السياسيين ومعتقلي الرأي وإنهاء حالة الطوارئ والأحكام العرفية والتأكيد على قاعدة التكافؤ والشراكة الفعلية وضرورة إيلاء الاهتمام بتفعيل حوار عربي كردي خدمةً للنضال الموحد من أجل الديمقراطية وحقوق الإنسان".

وهكذا يمكن القول في الختام بأن الرؤى السابق تتقاطع وبشكلٍ جد واسع وبالتالي يمكن جعل توصيات مؤتمر باريس الأساس في الرؤية الكوردية المشتركة؛ حيث أجتمعت عندها الغالبية المطلقة من الأحزاب الكوردية وبالتالي تجميع الطاقات حولها للعمل على توحيد الصفوف وتقديم ورقة كوردية واحدة كبرنامج سياسي عصري وشفاف وينسجم مع متطلبات المرحلة ومستحقاتها من جهة ومن الجهة الأخرى يلبي طموحات ورغبات شعبنا لنيل كافة حقوقه القومية المشروعة. وبالتأكيد يجب أن لا يستبعد أي طرف أو كتلة سياسية من هذا الحراك السياسي الكوردي وأيضاً أن يكون للمستقلين؛ من شخصيات اجتماعية وطنية وثقافية و(رموز) دينية معتدلة، مكان في ذاك المحفل (المرجعية الكوردية أو المجلس السياسي) وأن تكون لها دورها في هذا المشروع القومي الكوردي وهكذا تجميع كل طاقات وإمكانيات شعبنا حول تلك الجبهة العريضة لتكون بحق المرجعية الكوردية في اتخاذ القرارات ورسم سياسات المرحلة الحالية والمقبلة للحركة الوطنية الكوردية في سوريا في علاقتها بالداخل مع قوى المعارضة أو السلطة نفسها وأيضاً في علاقتها بالأقاليم الكوردستانية الأخرى وقواها السياسية وكذلك في علاقتها مع العالم الخارجي عموماً.
 
الكورد في المعادلة السياسية السورية4

* موقف (مواقف) أحزاب السلطة من القضية الكوردية:
أ- موقف الحكومة السورية من القضية الكوردية: كون حزب البعث يقود الدولة والمجتمع وذلك بموجب المادة الثامنة من الدستور السوري فيمكن إعتبار موقف حزب البعث العربي الاشتراكي هو الموقف الرسمي للنظام من القضية الكوردية وذلك على الرغم من الحقيقة التي نعرفها عن تركيبة النظام؛ على أنه جهاز مافيوي أمني بحيث يتحكم مجموعة من رموز المال والأمن بزمام الأمور – محصورة في العائلة الحاكمة والحاشية التي تأتمر بأمرها – وهي التي تدير وتقود عملياً دفة الحكم في البلاد ولكن من خلال واجهة سياسية (الجبهة الوطنية التقدمية) وبقيادة حزب البعث. ولذلك سنقف على مواقف أحزاب الجبهة وعلى الأخص موقف كلٍ من حزب البعث والحزب الشيوعي السوري لكونهما أكثر الأحزاب حضوراً – مع بعض التحفظ – في الساحة السورية عموماً وبخصوص القضية الكوردية على وجه الخصوص.
من المعلوم بأن فرنسا أعلنت إستقلال سوريا عام (1941) ولكنها (أي سوريا) قد نالت إستقلالها الحقيقي في عام (1946) بانضمامها إلى منظمة الأمم المتحدة وذلك بعد ثورات عديدة شهدتها معظم الجغرافية السورية ومنها المناطق الكوردية حيث كانت حركة المريدين التي تأسست في بداية الثلاثينات من القرن الماضي في (جبل الأكراد – كرداغ) بمنطقة عفرين والتي أستمرت مقاومتها ضد الفرنسيين حتى عام (1939) وكذلك ثورة (إبراهيم هنانو) في (جبل سمعان) حيث تقول (ويكيبيديا، الموسوعة الحرة) بخصوص هذا الزعيم ما يلي: (ولد إبراهيم هنانو في بلد "كفر تخاريم" في محافظة إدلب غربي حلب في سوريا. نشأ في أسرة كردية غنية، حيث كان والده سليمان آغا أحد أكبر أثرياء مدينة حلب، و والدته كريمة الحاج علي الصرما من أعيان كفر تخاريم؛ أتم الدراسة الابتدائية في كفر تخاريم، ثم إنتقل إلى حلب حيث أتم دراسته الثانوية. قام أبراهيم بأخذ أربعة آلاف ليرة ذهبية من والده بدون علمه ليدرس بالجامعة السلطانية في الأستانة، حيث كان والده يرفض سفره إلى الآستانة، و عاد إلى أهله بعد أربعة سنين ثم غادر مرة ثانية إلى استانبول لينهي دراسة الحقوق بعد ثلاث سنين أخرى". ويضيف المصدر السابق "..تم عقد اجتماع في منزل قائم مقام ادلب عمر زكي الأفيوني نهاية عام 1919 برئاسة هنانو، ضم الإجتماع كبار وجهاء ادلب والمناطق المجاورة لها، وعدد من الوطنيين من انطاكيا والحفة واللاذقية، لتنظيم شؤون الثورة، ..و كان أول صدام مسلح بين الثوار و القوات الفرنسية في (23 أكتوبر 1919)، حيث استمر القتال لقرابة السبع ساعات. و أقام هنانو محكمة للثورة لكل من يتعامل مع فرنسا أو يسيء للثورة".
وبالاضافة إلى ما ذكرنا سابقاً فقد شهدت بقية المناطق الكوردية العديد من الثورات والمعارك وذلك بهدف الاستقلال، منها: ثورة عامودا بقيادة سعيد آغا الدقوري "وقد اضطرت القوات الفرنسية إلى استعمال المدفعية والطيران لإخمادها"، وكذلك "قاد الكرد ثورة بياندور شرق مدينة القامشلي، وقتلوا قائد الحملة الفرنسية على الجزيرة (السورية والتوضيح من عندنا) الكولونيل روغان" (من مقالة: القضية الكردية في سوريا للسياسي الكوردي محمد موسى محمد). وهكذا كان – وما زال – للكورد أدواراً رئيسية في تاريخ سوريا الحديث والقديم؛ ومنهم على سبيل الذكر وليس الحصر نقول: كان أول وزيرٍ للدفاع في سوريا (يوسف العظمة) من أبناء الشعب الكوردي حيث قاد معركة ميسلون في (24 يوليه 1920) بوجه الفرنسيين وكان أحد قرابين الاستقلال وأيضاً يعتبر المجاهد (محو إيبو شاشو) "الكردي أول من أطلق الرصاص على الحملة الفرنسية في حلب" (المصدر السابق) وهو من (مواليد /1881/ قرية "باسكا" في سهل "ليجة" على الحدود السورية التركية وقد كانت تابعة لناحية "راجو" -منطقة "عفرين" قبل ضم "لواء الاسكندرون" إلى "تركية") (موقع حلب- شخصيات) وهناك أيضاً عدد من رؤساء الجمهورية ورؤساء الحكومة من أبناء الشعب الكوردي الذين حكموا سوريا بعد الاستقلال ومنهم: حسني الزعيم رئيساً للجمهورية من (30) مارس إلى (14) أغسطس (1949) وأيضاً فوزي سلو في رئاسة الحكومة ما بين (3 ديسمبر 1951) و(11 يوليو 1953) وهناك الآخرون غيرهم.
وهكذا فإن تاريخ سوريا الحديث يشهد بأنه كان للكورد أدوار رئيسية في رسم ملامحها وهو (أي التاريخ السوري) نتاج بطولات وتضحيات كل الشعب السوري بجميع مكوناته العرقية والدينية وكذلك السياسية وقد حاولنا أن نسلط بعض الضوء على أجزاء من ذاك التاريخ الحافل بتضحيات شعبنا وذلك من خلال سردنا الموجز لما مضى ورأينا كيف أن الكورد لم يبخلوا بشيء في سبيل استقلال سوريا وبالتالي أستحقوا شرف قيادتها مع غيرهم من المكونات السورية إلى أن كان عهد الإنقلابات في البلد وذلك على الدستور والبرلمان والحياة السياسية والذي أنتهى بإنقلاب البعث في عام (1963) الذي أودى بالبلاد إلى حالة القمع والاستبداد والديكتاتورية رافعاً لشعار (عروبة سورية) وبالتالي ملغياً بذاك كل المكونات العرقية الأخرى؛ حيث الكورد والذين يشكلون القومية الثانية في البلاد بعد العرب وكذلك فهناك كلٍ من الآشوريين – السريان وكذلك بعض الأقليات العرقية الأخرى مثل التركمان والأرمن والجراكس.
ويمكن اعتبار وثيقة الضابط الاستخباراتي السوري (محمد طلب هلال) في (12/11/1962) والذي كان رئيساً للشعبة السياسية في الحسكة آنذاك، (الروح) التي أنبثقت عنها فيما بعد سياسة حزب البعث والحكومة السورية وذلك باتجاه القضية الكوردية في غرب كوردستان؛ حيث تم تطبيق معظم بنود و(مقترحات) ذاك الضابط الاستخباراتي والذي قدمها من خلال مشروع عنصري شوفيني ليفتح بذلك بداية السياسة القومجية ومحاولة صهر وإذابة المكونات السورية الأخرى وعلى الأخص منها، الكورد في بوتقة العروبة. حيث يكفي الاطلاع على (المشروع) ذاك لنرى مدى الحقد والعنصرية الذي يكمن داخلها ويعمل بها قادة وساسة البعث وكل الحكومات السورية ومنذ ذاك التاريخ الأسود في حياة كل السوريين وعلى الأخص منهم أبناء شعبنا الكوردي في ذاك الإقليم الكوردستاني وذلك من بعد كل تلك التضحيات والبطولات التي قدمها. وإننا لسوف نكتفي أن نقدم للقارئ الكريم المقترحات التي يدبجها (محمد طلب هلال) للقيادة السياسية في دمشق كي يأخذوا بها وذلك لحل (المشكلة الكردية) حيث يكتب:

مقترحات بشأن المشكلة الكردية....الملازم أول: محمد طلب هلال
دراسة عن محافظة الجزيرة من النواحي
القومية، الإجتماعية، السياسية
الملازم أول: محمد طلب هلال
رئيس الشعبة السياسية بالحسكة
إزاء كل ماذكر، لابدّ لنا في زحمة الأحداث من أن تعالج الأمور ببرودة العقل ولهيب الإيمان، بعيدة كل البعد عن أن تكون المعالجة صدى أحداث يومية، أو جانبية، أو ردة من ردود الفعل، حتى لانقع في الشرك والتخطيط الذي يرسمه الأغيار.
علينا أولاً أن نتجنبَ مواطن الزلق، لنرسي أسس التخطيط على العلم والدراسة الشاملة ضمن هذه المرحلة التاريخية التي نمرّ بها، حيث أصبح معلوم لدينا بشكل واضح وجلي، أننا نخوضها في شمالي قطرنا العربي العراقي، معركة عقيدة وسلاح، فلابدّ أن نشرع، وعلى الفور من الإنسجام في التخطيط مع مانقوم به من عمليات في شمالي العراقي، وفي هذه المرحلة بالذات، إذ ماالفائدة أن تنتهي هناك، وتبقى هنا وعلى مستوى من الدلال، أو القريب من الدلال باسم المواطنة، وقد بان وظهر كل شيء، وإنكشفت جميع الأوراق هنا وهناك، وفي تركيا وإيران أيضاً بالنسبة للأكراد. لذا نقترح أن يوضع تخطيط شامل بالنسبة للجزيرة، وجذري، كي لاتعود المشكلة من جديد بعد فترة من الزمن، أو فترات، فالمنطقة كلها كما علمنا في تركيا والعراق وسوريا، بل وحتى إيران، ملتحمة مع بعضها على طول الحدود (ويقصد بذلك المناطق الكوردية وهذا إعتراف من أعتى رموز العقلية القومجية العروبية بأن تلك المناطق/ المنطقة تشكل جغرافية كوردستان – التعليق من كاتب المقال/ البحث)، وعلينا إستغلال موقف تركيا الآن، لأنه قد يتغير في المستقبل وفق أهواء السياسة الإستعمارية، حيث هم الآن يهجّرون كل عنصر خطر إلى داخل البلاد؛ لذا فاننا نقترح:
1-أن تعمد الدولة إلى عمليات التهجير إلى الداخل، مع التوزيع في الداخل، ومع ملاحظة عناصر الخطر أولاً فأولاً، ولابأس أن تكون الخطة ثنائية أوثلاثية السنين، تبدأ بالعناصر الخطرة، لتنتهي إلى العناصر الأقل خطورة... وهكذا.
2-سياسة التجهيل: أي عدم إنشاء مدارس، أو معاهد علمية في المنطقة، لأن هذا أثبت عكس المطلوب بشكل صارخ وقوي.
3- إن الأكثرية الساحقة من الأكراد المقيمين في الجزيرة، يتمتعون بالجنسية التركية (وهذا ليس بمستغرب؛ كون تركيا كانت إمتداداً للخلافة العثمانية وكانت سوريا جزء من الخلافة الاسلامية وبالتالي فكان كل أمم الخلافة يحملون تلك الوثائق وليس الشعب الكوردي لوحدهم، أيضاً التعليق من كاتب هذا البحث). فلابدّ لتصحيح السجلات المدنية، وهذا يجري الآن، إنما نطلب أن يترتب على ذلك إجلاء كل من لم تثبت جنسيته، وتسليمه إلى الدولة التابع لها. أضف إلى ذلك يجب أن يدرس من تثبت جنسيته دراسة معقولة، وملاحظة كيفية كسب الجنسية، لأن الجنسية لا تكسب إلا بمرسوم جمهوري. فكل جنسية ليست بمرسوم، يجب أن تناقش، تبقي من تبقي، أي الأقل خطراً، وتنزع من تنزع عنه الجنسية (لاحظوا معنا "نزع الجنسية" كذلك التعليق من كاتب هذا البحث)، لنعيده بالتالي إلى وطنه. ثم هناك تنازع الجنسيات، فانك تجد أحدهم يحمل جنسيتين في آن واحد، أو قل ثلاث جنسيات، فلابد والحالة هذه أن يُعاد إلى جنسيته الأولى، وعلى كل حال، فالمهم مايترتب على ذلك الإحصاء والتدقيق من أعمال، حيث يجب أن تقوم فوراً عمليات الإجلاء.
4- سد باب العمل: لابدّ لنا أيضاً مساهمة في الخطة من سدِّ أبواب العمل أمام الأكراد، حتى نجعلهم في وضع، أولاً غير قادر على التحرك، وثانياً في وضع غير المستقر المستعد للرحيل في أية لحظة (وهذه السياسة طبقت مؤخراً من خلال "منع الأجهزة الأمنية لأبناء شعبنا المجردون من الجنسية في العمل في المطاعم وغيرها، كونهم محرومون أساساً من العمل لدى دوائر الدولة" – التعليق من عندنا)، وهذا يجب أن يأخذ به الإصلاح الزراعي، أولاً في الجزيرة، بأن لايؤجر، ولايملك الأكراد، والعناصر العربية كثيرة وموفورة، بحمد الله (وقد طبقت تلك السياسة من خلال "الحزام العربي" وكذلك المراسيم الجمهورية اللاحقة كالمرسوم الجمهوري في الفترة الأخيرة والذي حمل رقم (49) وفي تصادف عجيب مع القانون رقم (49) والذي يحكم بالاعدام على كل من ينتمي لجماعة الاخوان المسلمون؛ حيث هنا الاعدام الفردي بالنسبة للإخوان وهناك الاعدام الجماعي لشعب "شعبنا الكوردي في غرب كوردستان" – أيضاً التعليق من عندنا).
5-شن حملة من الدعاية الواسعة بين العناصر العربية ومركّزة على الأكراد، بتهيئة العناصر العربية أولاً لحساب ما، وخلخلة وضع الأكراد ثانياً، بحيث يجعلهم في وضع غير مستقر (وقد رأينا تطبيقات هذه السياسة في الأحداث الدامية بملعب قامشلي الرياضي بتاريخ 12/3/2004 وما كانت من بعدها من إنتفاضة شعبنا في غرب كوردستان – التعليق من عندنا).
6-نزع الصفة الدينية عن مشايخ الدين عند الأكراد (بل وصل الجريمة لحد قتلهم؛ جريمة إغتيال محمد معشوق خزنوي في عام 2005 – أيضاً التعليق من كاتب المقال)، وإرسال مشايخ بخطة مرسومة عرباً أقحاحاً، أو نقلهم إلى الداخل، بدلاً من غيرهم، لأن مجالسهم، ليست مجالس دينية أبداً، بل وبدقة العبارة مجالس كردية، فهم لدى دعوتنا إياهم، لا يرسلون برقيات ضد البرزاني، إنما يرسلون ضد سفك دماء المسلمين، وأي قول هذا القول!.
7- ضرب الأكراد في بعضهم، وهذا سهل، وقد يكون ميسوراً بإثارة من يدّعون منهم بأنهم من أصول عربية، على العناصر الخطرة منهم، كما يكشف هذا العمل أوراق من يدّعون بأنهم عرباً.
8-إسكان عناصر عربية وقومية في المناطق الكردية على الحدود، فهم حصن المستقبل، ورقابة بنفس الوقت على الأكراد، ريثما يتم تهجيرهم، ونقترح أن تكونَ هذه من "شَمّر" لأنهم أولاً من أفقر القبائل بالأرض، وثانياً مضمونين قومياً مئة بالمئة (ولكن طبقت هذه السياسة من خلال الحزام العربي أو ما سمي بـ"مزارع الدولة" في عام 1974 حيث يقول بيان صادر عن المنظمة الكردية لحقوق الانسان في الذكرى (34) بخصوص هذا المشروع العنصري ما يلي: وبعد ذلك تتالت الأعمال التنفيذية لهذا المشروع الاستيطاني، حيث بدأت السلطة بالاستيلاء على أراضي المواطنين الكرد على طول الحدود السورية مع كل من تركيا والعراق في محافظة الحسكة وبطول /375/ كم وعرض ما بين /10 – 15/ كم، لتشكل ما يسمى "مزارع الدولة". وفي 24/6/1974 اجتمعت القيادة القطرية لحزب البعث وأصدرت قرارها رقم /521/ المتضمن التعليمات التنفيذية الخاصة بتطبيق هذا المشروع العنصري، حيث جلبت مواطنون عرب من محافظتي الرقة وحلب وسلمتهم الأراضي المستولى عليها وبنت لهم تجمعات سكنية نموذجية تتمتع بكافة المواصفات الصحية والتي بلغت /41/ تجمع استيطاني، في تحد صارخ لكل القوانين والأعراف الدولية وبشكل خاص مواد الإعلان العالمي لحقوق الانسان – التعليق كذلك منا؛ كاتب الدراسة).
9-جعل الشريط الشمالي للجزيرة منطقة عسكرية كمنطقة الجبهة، بحيث توضع فيها قطعات عسكرية مهمتها إسكان العرب، وإجلاء الأكراد، وفق ماترسم الدولة من خطة. (ربما يطبق قريباً – التعليق منا).
10-إنشاء مزارع جماعية للعرب الذين تسكنهم الدولة في الشريط الشمالي، على أن تكون هذه المزارع مدربة ومسلحة عسكرياً كالمستعمرات اليهودية على الحدود تماماً. (نعتقد بأن هذا الاقتراح لا يحتاج إلى تعليق).
11-عدم السماح لمن لايتكلم اللغة العربية بأن يمارس حق الإنتخاب والترشيح في المناطق المذكورة. (الرجل يريد أن يبذ اليهود في مشروعه العنصري، كذلك التعليق من عندنا).
12- منع إعطاء الجنسية السورية مطلقاً لمن يريد السكن في تلك المنطقة، مهما كانت جنسيته الأصلية (عدا الجنسية العربية)...إلخ.
هذا، وإن هذه المقترحات ليست كافية، بل أردنا منها إثارة المسؤولين بحسب خبرتنا، لتكون تباشير مشروع خطة جذرية شاملة، لتؤخذ للذكرى بعين الإعتبار.
الملازم أول محمد طلب هلال رئيس الشعبة السياسية
وهكذا فـ(الرجل) لا يريد أن تكتفي القيادة السياسية في دمشق بمقترحاته العنصرية هذه وإنما فقط أن تجعلها "تباشير مشروع خطة جذرية شاملة" وقد عملت (كل) الحكومات البعثية – الأمنية في سوريا بهذه النصيحة ولم تخيب ظن ذاك الضابط الاستخباراتي الشوفيني. وكانت من نتائجها حرمان ما يربو على (150) ألف مواطن كوردي – أنذاك والعدد الحالي يتجاوز (300) ألف مواطن كوردي بحسب التزايد السكاني العام في سوريا وغرب كوردستان – وكذلك سلب الأراضي من مالكيها الأصليين (الكورد) وإعطائها لمواطنين عرب جلبوا من مناطق بعيدة (محافظتي الرقة وحلب) ومن خلال المشروع السيء الصيت المعروف بـ"الحزام العربي" وغيرها من المراسيم مثل المرسوم الجمهوري رقم (49) وغيرها من القوانين والاجراءات الأمنية العنصرية، ناهيك عن عدم الاعتراف بالشعب الكوردي كثاني قومية في البلاد وكذلك عدم الاعتراف بالجغرافية الكوردستانية للمناطق الكوردية مما حرم شعبنا من حقوقه السياسية والثقافية والاجتماعية والاقتصادية. يمكن القول وبايجاز؛ هذه هي السياسة البعثية – الأمنية للسلطات السورية تجاه القضية الكوردية في غرب كوردستان.
ب- موقف/ مواقف الحزب أو الأحزاب الشيوعية السورية: إن مواقف الأحزاب الشيوعية تختلف بإختلاف التيارات الشيوعية وعلاقة كل فصيل مع السلطة والحزب الحاكم (حزب البعث) وكذلك بحسب الأزمنة وقوة الفصيل وعلاقته بالحركة الكوردية؛ حيث يتدرج من الاعتراف بالشعب الكوردي كمكون إجتماعي سياسي أصيل في سوريا وبالتالي له حق تقرير المصير ككل شعوب العالم (رابطة العمل الشيوعي سابقاً) ووصولاً إلى القول: بوجود (الأكراد في سوريا) ولكن على أساس (مواطنين سوريين) لهم (حقوق المواطنة وبعض الحقوق الثقافية) الحزب الشيوعي السوري (جناحي الجبهة الوطنية التقدمية) ويكتب الأستاذ (غسان المفلح) في مقالته (الحركة الكردية في سوريا بين الواقع والطموح) موضحاً هذه المسألة كما يلي: "الحركة الشيوعية كانت قد تعاملت مع هذه القضية (الكوردية – التوضيح من عندنا) بمنطق مختلف نسبيا ويختلف من حزب شيوعي إلى آخر.. ــ مثال من سوريا، تعامل الحزب الشيوعي الرسمي بزعامة خالد بكداش والذي هو كردي سوري وبين تجربة حزب العمل الشيوعي في سوريا ــ هذا المنطق الذي تمحور حول: الحل الاشتراكي غير المحكي عنه في أدبيات بكداش للمسألة الكردية, وحق تقرير المصير الذي كان في برنامج حزب العمل الشيوعي منذ بداياته التأسيسية 1973".
وهكذا فإن الموقف من القضية الكوردية يمكن إعتباره الترموسياسي – إن جاز التعبير – في علاقة الأحزاب الشيوعية مع السلطات الأمنية السورية وكذلك في علاقة الحركة الكوردية والسورية عموماً مع غيرها من الأحزاب وبهذا الصدد يكتب الأخ (ربحان رمضان) في مقالته (سلطة، حزب، عشيرة ثلاثة أقانيم في اقنيم واحد) ما يلي: "فتقبل العلاقة (أي الأحزاب السورية مع أي فصيل آخر – التوضيح من كاتب المقال) مع هذا الطرف لأن النظام راض عنه، وترفض العلاقة مع ذاك لأن النظام غاضب عليه، مثالنا على ذلك موقف غالبية الأحزاب السياسية السورية من حزب العمل الشيوعي الذي كان تبتعد عنه الأحزاب السياسية بما فيها غالبية الأحزاب الكردية نتيجة ملاحقة أجهزة أمن النظام لنشطاءه رغم موقفه المتميز تجاه القضية الكردية في تلك الفترة واعترافه بحق تقرير المصير للشعب الكردي في سوريا ضمن برنامجه السياسي..!!".
بل وصل الأمر بأحد الرموز الشيوعية والذي قضى حياته بحدود عقدين من الزمن في سجون النظام السوري؛ ألا وهو الأستاذ (رياض الترك) أحد أبرز رموز المعارضة السورية والذي يقود حالياً (حزب الشعب الديمقراطي، الحزب الشيوعي – المكتب السياسي سابقاً) لأن يقول وفي أكثر من مناسبة بأنه: "لا يريد أن يحاور كردياً يحمل معه خارطة كردستان"، (من مقالة الحركة الكرية السورية، بين السلطة والمعارضة بقلم سليمان يوسف يسوسف)؛ حيث أن "مقولة كردستان سوريا" هي مرفوضة من قبل كل الأحزاب و"القوى الوطنية" السورية ويعتبرونها (اي جغرافية غرب كوردستان) من القضايا التي "تتعارض مع الحقائق الموضوعية والتاريخية لسوريا، وتنسف الثوابت الوطنية للشعب السوري، فهي (المعارضة) تؤكد دوماً في بياناتها، على أن (المشكلة الكردية في سوريا هي قضية وطنية بامتياز)، مما يعني أنها ترفض القبول بها والتعامل معها على اساس( قومية كردستانية). وقد رفض بشدة وفد المنظمات الأهلية، الذي ضم شخصيات من المعارضة السورية، اضافة كلمة (قومية) الى جانب (القضية الكردية في سوريا) في البيان المشترك الذي صدر للرأي العام في ختام جولته الى الجزيرة في أعقاب أحداث آذار" (نفس المصدر السابق).
وكذلك فإن موقف الجناحين الرئيسيين للحركة الشيوعية في سوريا والمنضويان تحت راية الجبهة الوطنية التقدمية بقيادة حزب البعث ليس بأفضل من موقف (حزب الشعب الديمقراطي) والذي جاء على لسان زعيمها الأستاذ (رياض الترك)؛ حيث يكتب الصديق الأستاذ (صالح بوظان) في مقالٍ له يحمل العنوان "موقف الحزب الشيوعي السوري من أكراد سوريا بين الوثائق والتصريحات (جناح يوسف فيصل)" موضحاً المسألة كما يلي: "أعتقد أن ما قاله السيد يوسف فيصل في مقابلته مع موقع كلنا شركاء بتاريخ 18 تموز 2007 حول موقفه من القضية الكردية في سوريا يستحق التأمل والتحليل، بعيداً عن التشنج وردود الفعل المباشرة. ومرد ذلك حسب زعمي أن يوسف فيصل شخصية سياسية سورية كبيرة، ويعتبر القائد الشيوعي رقم واحد اليوم بعد وفاة خالد بكداش. زد على ذلك أن هذا التصريح قد يخلق قلقاً لدى أعضاء هذا الحزب وجماهيره أكثر مما سيخلق عند الأكراد، لأنه يتناقض مع ما جاء في وثائقه". ويضيف كذلك "ولكي أضع القارئ في صلب الموضوع الذي أتناوله، سأورد حرفياً ما قاله السيد يوسف فيصل، كما نشر موقع كلنا شركا الالكتروني على لسانه، حيث قال: (نحن لا نرى أن هناك قضية قومية كردية في سورية بمعنى حق تقرير المصير، لأن هناك حديثاً عند الأكراد، أن هناك شعباً كردياً في سورية وشعب عربي. برأينا هناك جماهير شعبية عامة.. هناك مواطنون سوريون.. كلهم سوريون ونحن نعتبر بأن هناك قضية كردية بمعنى الحقوق الإنسانية، كقضية الإحصاء وبعض القوانين في تسجيل المواليد الجدد وغير ذلك.. نحن ننظر إلى الأكراد كمواطنين سوريين".
وبالتالي فإن السيد (يوسف فيصل) يرفض القضية الكوردية على أنها "قضية شعب يعيش على أرضه التاريخية" حيث يقول في تصريح له: "لا يوجد مشكلة قوميات، أو (مشكلة كردية) في سورية.... نرفض بشكل مطلق (شعار كردستان) سوريا،القضية بالنسبة لنا هي قضية حقوق ثقافية وحقوق مواطنة كاملة لجميع أبناء القوميات من اكراد وآشوريين/سريان, وأرمن وغيرهم... ومنح الجنسية السورية لكل من يستحقها". (من مقال الحركة الكرية السورية، بين السلطة والمعارضة بقلم سليمان يوسف يسوسف). وللعلم فإن موقف هذا الفصيل الشيوعي (أي جناح يوسف فيصل) هو متقدم على موقف الجناح الشيوعي الآخر (خالد بكداش) وذلك على الرغم من الأصول الكوردية للأخير؛ حيث أقر (جناح يوسف فيصل) بـ"حقوق الكرد الثقافية في وثائقه" وذلك في ثمانينات القرن الماضي "أي بعد أكثر من نصف قرن من تأسيسه. كما أنه تجاهل إحصاء 1962 لربع قرن من الزمن.. ففي تقرير المؤتمر العاشر، وفي فقرة الوضع الداخلي جاء حرفياً ما يلي: ..وكما نعلم توجد في البلاد عدة أحزاب تنشط في أوساط الشعب الكردي وهي معظمها قوى وطنية تتمسك بوحدة البلاد، وتناضل من أجل إلغاء إحصاء عام 1962 ومن أجل حقوق المواطنة الكاملة، وضمان الحقوق الثقافية لأبناء الشعب الكردي" (من مقالة الأستاذ صالح بوظان السابقة).
أما موقف الجناح الآخر؛ أي الحزب الشيوعي السوري (جناح وصال بكداش) فلا يرتقي كثيراً فوق رؤية حزب البعث بالنسبة للقضية الكوردية وكذلك بالنسبة للأحزاب القومية (الناصرية والاشتراكية) الأخرى والتي تدور في فلك الجبهة الوطنية التقدمية فإن مواقفها نابعة عن العقلية العروبية والتي ترى في سوريا (أرضاً وشعباً، جزء لا يتجزء عن الجغرافية والأمة العربية) وهي بالتالي تنظر (أي تلك الأحزاب) للمسألة الكوردية (على أنها مشكلة خلقتها الإستعمار الغربي والقوى العميلة في المنطقة، الطابور الخامس لكي تُنزِف جسد الأمة العربية)بمعارك وصراعات داخلية وتلهيها عن "معركتها الحقيقية مع قوى الاستعمار والامبريالية في المنطقة وربيبتها الكيان الصهيوني المزروع على أرض فلسطين" وربما يكون هناك – إلى درجةٍ ما – تبيان في المواقف عند الفصيل الأخير الذي أنضم للجبهة بصفة مراقب؛ ألا وهو (الحزب السوري القومي الاجتماعي) لكونه ينادي بالقومية السورية الجامعة وشعار (سوريا أولاً) ولكن ومثل كل فصائل الموالاة/ السلطة يرى بأن حل (المشكلة الكردية) لن تكون إلا من خلال (المواطنة السورية) والتي ستكون بالتأكيد ذات لون وهوية وثقافة عربية وخاصةً في ظل الظروف والمناخات الحالية وذلك من خلال الأنساق المفاهيمية التي تعمل مفاعيلها في هذه الحركات والأحزاب
 
الكورد في المعادلة السياسية السورية (الحلقة الخامسة)

* موقف الأحزاب والكتل السياسية السورية الأخرى من القضية الكوردية:

أ- موقف إعلان دمشق: كون الاعلان، من جهة، يضم طيف واسع من الأحزاب والكتل السياسية والموزعة بين قوميين (عرب وكورد وآشوريين) وإسلاميون وليبراليون ويساريون ماركسيون، ومن الجهة الأخرى، تعمل في الداخل السوري (أي أن قياداتها موجودة في سوريا وليس في الخارج) فإن مواقفها (مواقف إعلان دمشق) تخضع لمتغيرات وتحولات عدة متأثرةً من ناحية بقوة ونفوذ تيار من التيارات المنضوية داخل الاعلان – وقد رأينا هذا الشيء من خلال المجلس الوطني وكيف أن التيار الليبرالي واليساري أستطاع أن يصيغ خطاب سياسي إلى درجةٍ ما يتباين مع الموقف المعلن من قبل الأمانة العامة التي كانت تهيمن عليها، إلى تاريخ إنعقاد المجلس، التيار القومي العروبي والمتمثل في الاتحاد الاشتراكي العربي الديمقراطي – ومن ناحية أخرى فإن الخطاب السياسي والمواقف المتخذة في الإعلان يخضع لعملية المد والجذر في المناخ السياسي – الأمني في البلد (سوريا).

حيث بالعودة إلى الوثائق الأساسية والبيانات التي صدرت مؤخراً عن قوى الإعلان – وهنا سوف نعتمد التباين في مواقف الإعلان بخصوص القضية الكوردية؛ كونها موضوع بحثنا – فإننا نقف بكل جلاء على الحقيقة السابقة؛ بأن مواقفها باتجاه هذه القضية تتأرجح بين مفهوم (المواطنة السورية) وبين تصحيح أوضاع بعض مواطني سوريا الغير مجنسين بالجنسية السورية جراء إحصاء عام 1962 حيث بالعودة إلى كل من الوثيقة الأساسية وكذلك البيان الختامي للمجلس الوطني لقوى إعلان دمشق فسوف نقرأ موقف الاعلان من القضية الكوردية في غرب كوردستان كما يلي: "سورية جزء من الوطن العربي، ارتبط به في الماضي وفي الحاضر، وسوف يرتبط مستقبلاً، بأشكال حديثة وعملية تستفيد من تجارب الاتحاد والتعاون المعاصرة. وعلى أساس ذلك، نحن نرى أن مسار الاستقلال الوطني والتقدم والديمقراطية المعقد حولنا مرتبط بمسارنا نفسه وبشكل متبادل، وسوف يكون له تأثير هام في مستقبلنا الخاص والمشترك". وأن "عملية التغيير هذه تتضمن احترام كل مكونات الشعب السوري وحقوقه وتأسيسها على قاعدة المساواة التامة أمام القانون، وإيجاد حل ديمقراطي عادل للقضية الكردية، وضمان حقوق الآثوريين (السريان)، في إطار وحدة سورية أرضاً وشعباً".


وبقراءة متأنية ودقيقة وما يتضمن النص السابق من نقاط غامضة وظلالية، تُكشف لنا جملة قضايا ومفاهيم في غاية الخطورة، وخاصةً التي تتعلق بوجود شعبنا الكوردي في سوريا ومفهوم ونظرة الإعلان لها وما ستتبعها من سياسات عملية تجاهه؛ حيث إن مفهوم "سورية جزء من الوطن العربي" هو إلغاء لكل المفاهيم من قبيل "غرب كوردستان" أو "الجزء الغربي من كوردستان والملحق حديثاً بالدولة السورية" أو ما تطرحها بعض الأحزاب والفصائل الكوردية من شعار أن "الشعب الكوردي في سوريا يعيش على أرضه التاريخية" وأن "قضيتنا هي قضية أرض وشعب" وهي المنضوية – أو فصائل وأحزاب منها – في الإعلان نفسه، وبهذا فهي (أي تلك الأحزاب الكوردية) تناقض برامجها السياسية بشكل غير مقبول ومرفوض تماماً، ولا يمكن أن تدرج هذه تحت مسمى "التوافقات السياسية"، حيث لا يمكن التنازل عن المبادئ الأساسية بحجة التوافق السياسي. وهكذا فإن مشروع الإعلان بصدد هذه المسألة؛ جغرافية كوردستان والموجودة قسم منها داخل الدولة السورية الحديثة هي حالة يمكن إدراجها ضمن سياق مفاهيم الإنكار والإلغاء لذاك الوجود الجغرافي.


لكن الموقف الذي صدر قبل أشهر عن الأمانة العامة لقوى إعلان دمشق ومن خلال بيانٍ لهم تحت عنوان: (بيان إلى الرأي العام حول المتغيرات في سوريا والمنطقة) والمنشور بتاريخ (5/9/2008) على عدد من المواقع الالكترونية ومنها موقع الإعلان نفسه يكشف عن تراجعات خطيرة – حتى – بالنسبة لمواقفها السابقة والمطروحة من خلال وثائقها السياسية الأساسية ومن جملة تلك التراجعات رؤيتها وموقفها من القضية الكوردية – موضوع دراستنا – حيث من ضمن ما يقوله البيان هو: (شهدت منطقتنا في الأشهر الأخيرة جملة من الأحداث والمتغيرات الهامة، تركت آثارها على مجمل اللوحة التي سادت في المرحلة السابقة. وقد انتقل المسار العام من حالة التوتر وحافة الحرب إلى نوع من التهدئة في أكثر من ملف، ومن المؤكد أن "السياسة السورية الجديدة" تقع في أسس تلك المتغيرات، تتأثّر بها وتؤثّر فيها عميقاً. تعرّض النظام السوري على مدى السنوات الأخيرة لضغوط شديدة مارستها أمريكا والغرب عموماً، على خلفية اتهامه بالتدخل في الملفات الإقليمية المضطربة في فلسطين ولبنان والعراق من جانب، ومن جانب آخر، عانى النظام عزلة عربية واضحة ومؤثّرة، على الخلفية ذاتها. ..إن إعلان دمشق بصفته أحد أطياف المعارضة الوطنية الديمقراطية في سوريا، وبكامل الوضوح، لم يكن في نهجه وليس من أهدافه تعزيز عزلة النظام ومحاصرته، بل إن مشروعه الديمقراطي يركّز أساساً على الدفع نحو انفتاح النظام على الشعب السوري قبل أو بالتزامن مع انفتاحه المطلوب على العرب والعالم، خاصة وأن تجارب الحصار السابقة قد علّمتنا أن الشعوب هي التي تتضرر منها أولاً وأخيراً، وليست الأنظمة الاستبدادية وحدها. وركائز هذا الانفتاح الداخلي هو إلغاء حالة الطوارئ وتقدم مسألة الحريات وسيادة القانون وإلغاء القانون 49 لعام 1980 وحل مشكلة الأكراد المجردين من الجنسية ومعالجة الأزمة المعيشية الخانقة. كما أن الانتقال بسوريا نحو الديمقراطية واحترام حقوق الإنسان سيبقى هدفاً ثابتاً للشعب السوري والمعارضة الوطنية الديمقراطية بغضّ النظر عمّا ستؤول إليه حالة الانفتاح الجارية، وبخاصة إذا لم تنعكس فعلياً في الواقع السوري".


وهكذا فإننا نلاحظ تراجع كبير عن مواقف الإعلان السابقة وذلك في عدد من النقاط التي نقرأها من خلال البيان السابق:


أولاً- القول والإدعاء بأن هناك "سياسة سورية جديدة" وأيضاً محاولة تبرئة النظام مما أرتكبه وتورط به من جرائم سياسية سابقة والإيحاء للقارئ بأن هناك مشروع غربي – أمريكي يستهدف سوريا (العروبة) منسجماً بذاك مع موقف النظام؛ حيث يقول البيان في ذلك: "تعرّض النظام السوري على مدى السنوات الأخيرة لضغوط شديدة مارستها أمريكا والغرب عموماً، على خلفية اتهامه بالتدخل في الملفات الإقليمية المضطربة في فلسطين ولبنان والعراق..". هكذا وبكل بساطة وكأن النظام لم يتدخل فعلياُ وعملياً "في الملفات الإقليمية" لتزيد من إضطرابها وخلط الأوراق فيها.


ثانياً- محاولة طلب الغفران من النظام والتقرب إليه وذلك من خلال القول بأن "إعلان دمشق بصفته أحد أطياف المعارضة الوطنية الديمقراطية في سوريا، وبكامل الوضوح، لم يكن في نهجه وليس من أهدافه تعزيز عزلة النظام ومحاصرته.." بل المطلوب هو تغييرات داخلية محددة بعدد من الخطوات الاصلاحية – كما يقول به النظام السوري نفسه – وبالتالي الانفتاح على الشعب من خلال تلك الاصلاحات وذلك على الرغم من مطالبة البيان بأن "الانتقال بسوريا نحو الديمقراطية واحترام حقوق الإنسان سيبقى هدفاً ثابتاً للشعب السوري والمعارضة الوطنية الديمقراطية بغضّ النظر عمّا ستؤول إليه حالة الانفتاح الجارية". حيث نلاحظ أيضاً غياب الشعار الأساسي للإعلان "التغيير السلمي الديمقراطي التدرجي" وإستبداله بشعار السلطة؛ "الانتقال بسوريا نحو الديمقراطية" وهذا بحد ذاته يعتبر تراجعاً كبيراً عن روح إعلان دمشق، حيث يعتبر الشعار السابق له "التغيير السلمي" بمثابة هوية سياسية له.


ثالثاً- إنه الموقف والنقطة الأكثر أهميةً لنا؛ كونها موضوع البحث من ناحية ومن الناحية الأخرى لأنها تتعلق بقضيتنا القومية في غرب كوردستان، والتي تلخصت في البيان الأخير لقوى إعلان دمشق بالتالي: "حل مشكلة الأكراد المجردين من الجنسية". وهكذا يمكن لنا أن نتساءل: هل هناك تراجع في الموقف أكثر ذاك وذلك بعد أن كان الموقف من خلال الوثيقة الأساسية وكذلك بيان المجلس الوطني لقوى إعلان دمشق والمطالب بـ"حل عادل للقضية الكوردية"؛ حيث تم إستبدال "القضية" بـ(المشكلة) في البيان الأخير ومجردة في مسألة "مواطنية" وذلك بإعطاء الجنسية السورية لبعض أبناء شعبنا الكوردي والذين جردوا منها بموجب قانون الاحصاء العنصري لعام 1962م. وبالتالي (قراءة الفاتحة) على القضية الكوردية في غرب كوردستان وما تستتبعها من حقوق سياسية وثقافية وإجتماعية وإقتصادية.


وبهذا فإن سياسة (قوى إعلان دمشق)، بصدد جغرافية كوردستان وحقوق الشعب الكوردي، لا يختلف عن سياسات النظام الحالي – الذي يدعي دائماً وأبداً بأن مشكلة الجنسية لبعض مواطني محافظة الحسكة على طاولة الرئيس وهي في طريقها إلى الحل القريب ومنذ ما يقارب أكثر من قرنين وذلك في عهد كلٍ من الأب والأبن – وكذلك هو موقف التيار القومي العروبي تجاه القضية القومية للكورد حيث "لا شيء جديد تحت الشمس" وفي مواقف هذه التيارات السياسية، وبالتالي فإن القوى السياسية الكوردية والمؤتلفة ضمن الإعلان تكون بهذا قد تخلت عن جزء من كوردستان لصالح القوميين العرب، بل يمكن أن يقال عنهم – وكما وصفهم الزميل الأستاذ أكثم نعيسة في مقاله "تعالوا نعرّف هذا اليأس" – بأنهم كانوا "ملكيين أكثر من الملك" حيث يقول في مقاله ذاك أيضاً: "صدر البيان الختامي للمجلس الوطني ليطرح أفكاراً مطموسة المعالم فلا هي ديمقراطية ولا إسلامية ولا علمانية ولا اقلياتية، إلا أن ما كان أقل ضبابيةً فيه هو رؤيته القومية التوجه؛ حيث يعتبر أن سورية وطن عربي صغير ضمن وطن عربي اكبر، (و)من المستغرب أن قوى كردية وقعت على الوثيقة في موافقة منها على مبادئ تخص الأمة العربية وفردانيتها في المنطقة، وهكذا خلصنا إلى أن نكتشف وجود أكراد قوميين عرب أكثر من العرب أنفسهم، ومرحى لهم لأنهم كانوا ملكيين أكثر من الملكيين أنفسهم". وأخيراً نقول: يمكن أن يكون ذاك الذي سبق ما يلخص موقف قوى الاعلان من القضية الكوردية وهنا نترك الإجابة على أسئلة الأخ والزميل أكثم نعيسة برسم الأحزاب السياسية الكوردية المنضوية في إعلان دمشق.
 
هور يانعه في بساتين المنتدى نجني ثمارها من خلال الطرح الرائع لمواضيع اروع
وجمالية لا يضاهيها سوى هذا النثر البهي
فمع نشيد الطيور
وتباشير فجر كل يوم
وتغريد كل عصفور
وتفتح الزهور
اشكرك من عميق القلب على هذا الطرح الجميل
بانتظار المزيد من الجمال والمواضيع الرائعه
 
عودة
أعلى