dariyan
Member
[h=2]المراة والسياسة[/h]النساء الكردستانيات من نقطة الصفر الى قيادة الثورة

زاخو زاغروس
لقد شهدت هذه الأرض أعظم الثورات بقيادة المرأة. حيث قامت المرأة بتحقيق أول مجتمعية، خبزت أول خبز، غنت أول الأغنيات، ألقت أول القصائد، وضعت أول القوانين الأخلاقية. هذا و كانت أول العالمات التي قامت باختراع أول الأدوية، أول الأرقام و أول الآلات.كانت الآلهة الأم التي تنتج، تربي، تمنح القوة المعنوية للقبيلة، تحمي وتغذي الإنسان. فكلمة القدسية التي تعود إلى كلمة القوت ظهرت في هذه الفترة، و لأن المرأة كانت مُجِيدَةُ القوت و الزاد، لذلك كانت بقدر القوت و الزاد مقدسة و تضفي قدسيتها هذه على كل الأفراد بالمحبة و الاحترام و السعادة. ولأن العدالة و الحرية كانت من صفات تلك المجتمعية لذلك عاشت الإنسانية أعظم إبداعاتها واختراعاتها في هذا العصر. وبالرغم من مرور آلاف السنين على ذلك العصر إلا إن البشرية مازالت مديونة لتلك المرحلة الذهبية و التي بقيت في خيال البشرية على إنها جزء من حياة في الجنة. حملات الإبادة التي تعرضت لها النساء بدءا من الآلهات و حتى آخر امرأة تعرضت للقتل، لم تتمكن من الإخفاء عن حقيقة إن هذه الأرض كانت في يوما ما مكانا لنساء عظيمات. و كأن الرسوم المنقوشة على الأحجار، اللوحات الطينية التي بقيت تحت التراب، التحف و التماثيل كانت قد أقسمت للآلهة بأنها ستنطق في يوما بما عاشته النساء من مجد، من حضارة، من مقاومة ومن عظمة. يعني إن مكر الرجل، مهارة الكذب لديه، قوة الحيلة و الجشع لم تنتصر في إخفاء تاريخ المرأة و إمحاءه من ذاكرة هذه الأرض. وكان لا بد من أن ينكشف النساء الكردستانيات من نقطة الصفر إلى قيادة الثورة عن الحقيقة التي طالما تم العمل على نسيانه و طمره من قبل النظام الذكوري. هذا ومن الأهمية القول بأنه مقاومة النساء لم تتوقف في أي حقبة تاريخية، يمكن أن تكون قد حُرِفَت من قبل الرجال المؤرخين، أو يمكن أن لا تكون منظمة مثل الكثير من التنظيمات المتعود عليها، إلا إن النساء لم تستسلم للرجل. ففي كل مرحلة كانت هناك نساء تناضلن و تعملن من أجل الحرية، و قتل الملايين من النساء تحت الكثير من الأسماء تؤكد على هذه الحقيقة. لذلك حقيقة نساء 8 آذار هي حلقة من هذه السلسلة التاريخية. مقاومة هؤلاء النساء هي رمز يعبر عن تاريخ طويل يتم إنكاره و بشكل واعي كي لا تمنح النساء طموح الصراع و المقاومة ضد جبروت الرجل. الجدير بالذكر هو إن عَلَم مقاومة النساء لم ينحني أبدا و تم نقله من جيل إلى جيل آخر. و المشعل الذي تركته لنا الآلهات لم ينطفئ و بقي مشتعلا في وجدان كل إمرأة. و اليوم تقوم النساء الكردستانيات برفع هذا العلم و هذه الشعلة. وبدء مسيرة المرأة العالمية من مدينة نصيبين الكردستانية في هذه السنة يؤكد على هذه الحقيقة. المرأة الكردستانية حققت ثورة اجتماعية خلال الأربعين سنة الأخيرة قامت المرأة الكردستانية واعتمادا على الميراث النضالي للمرأة على تحقيق مسيرة تاريخية. هذه المسيرة التي بدأت في قرية فيس في مدينة آمد في شخص الرفيقة البطلة ساكينة جانسيزالتي كانت من المؤسسين لحزب العمال الكردستاني ، تحولت ومع الزمن إلى ثورة اجتماعية تضم الملايين من النساء. هذا بالإضافة إلى إن الرفاقية، الإخلاص و الصدق الذي أبداه القائد عبدالله أوجلان بصدد قضية تحرر المرأة، كان له الدور التاريخي في دفع هذه المسيرة إلى الأمام و تحقيق ما لا يمكن أن يتخيله العقل. جدلية العلاقة بين القائد أوجلان و النساء الكردستانيات كانت و ستكون إلى مدة طويلة مسألة بحث. لأن هذه العلاقة التي تعتمد على أخلاق الحرية، على المساواة و العدالة فتحت الطريق أمام ثورة فكرية، فلسفية، ونهضة اجتماعية عظيمة. البحث الدائم عن سؤال كيف يجب أن نعيش؟ أدى إلى تغيير كبير في البنية الاجتماعية، السياسية، الأخلاقية و الثقافية للمجتمع الكردي. نضال النساء الكردستانيات ضد التقاليد الاجتماعية البالية و نضال القائد عبدالله أوجلان ضد الرجولة الكلاسيكية و المتعفنة، أدى إلى ظهور شخصية كردية جديدة، فلسفة حياة جديدة، ورؤية تاريخية جديدة. إن كتاب المرأة و العائلة الذي أُصدر في عام 1987 من قبل القائد أوجلان، كان بمثابة الخطوة الأولى من أجل تحقيق التغيير في البراديغما أي ( النظرية المثلى ) التي كانت قد تقود حياة المجتمع الكردي. حيث كان الكرد يعيشون من أجل أهداف و نزوات بسيطة. لقد كان التفكير فقط في إطار كيفية تحقيق الزواج، تأسيس العائلة، جلب الأولاد و انتظار القدر. إلى جانب النظرية المفروضة عليه القائمة على المفهوم المبين « بقدر ما تكون خادما للدولة و للتقاليد تكون ذو قيمة » والذي كان مفهوماً مفروضاً على كافة المجتمعات المضطهدة. لكن بعد إصدارهذا الكتاب و المئات من المجلدات بهذا الصدد من قبل القائد أوجلان، تم البدء بنقاش جديد في المجتمع الكردي وتم طرح أسئلة مهمة.على نحو ما هو دور العائلة في كردستان، لماذا سلب العدو كل شيء من مجتمعنا و لماذا يشجع فقط مؤسسة العائلة، لماذا نهتم بالقضايا البسيطة و الثانوية و لا نكون أصحاب أهداف و طموحات كبيرة، لماذا العائلة تعتبر مخفر من أجل العدو؟ العلاقة الموجودة إلى أي درجة تحرر و إلى أي درجة تقيد الجنسين؟ بالطبع الجواب على هذه الأسئلة كان يعني تحقيق التغيير في الفلسفة و الإيديولوجية التي كانت قد وضعت أمام الأكراد من قبل الدول و الحكومات التي تستعمر كردستان. إن عملية البحث و التحقيق في هذه المسألة كانت قد فتحت الطريق أمام ثورة اجتماعية. فالمجتمع الذي كان قد تحول إلى غصن يابس كان قد بدأ بالاخضرار من جديد. لأنه كان يتحرر يوميا من ما يكبله من أفكار و تقاليد بالية. فانضمام المئات و بعدها الآلاف من الفتيات الكرديات للحركة التحررية الكردستانية، كانت قد حطمت الكثير من القوالب التي كانت تحكم ذهن الرجل الكردي مقاومة الرفيقة ساكينة جانسيز أمام فاشية12 أيلول التركية، انضمام الرفيقة دجلة كوباني بإكليلها و هي عروس، الشجاعة الكبيرة التي أبدتها الرفيقة بريفان، حرق طالبة كلية الطب ذكية ألكان لبدنها في مدينة آمد ضد ممارسات الدولة التركية، إلقاء الرفيقة بيريتان نفسها من المنحدر من أجل أن لا تستسلم للخيانة الكردية، تحول الرفيقة زيلان إلى قنبلة حية و انفجارها في قلب الدولة التركية، كلها كانت ملاحم و بطولات تكسر يوميا مئات الأحكام السيئة التي كانت تُحَكم بها المرأة في مجتمعنا. ليس هذا فحسب ففي كل عملية و كل خطوة تقوم بها النساء المناضلات، كانت المرأة والرجولة الكلاسيكية تتقزم و تظهر مكانها إمرأة و رجولة جديدة. كانت مقاييس الحياة تسمو يوميا في المجتمع الكردستاني. فالمرأة الصامتة تركت مكانها للمرأة التي تتكلم في محاكم الفاشية، المرأة التي كانت تخاف من ظلها تركت مكانها لامرأة تقاوم الجيش التركي، المرأة التي كانت تخجل تركت مكانها لامرأة واثقة من ذاتها، المرأة التي كانت لا حول لها ولا قوة لها تركت مكانها لامرأة متسلحة بكل أنواح الأسلحة الإيديولوجية و الفكرية و العسكرية. أيضا الرجل الكردي الذي كان الجندي الوفي للأعداء أصبح حامي لشعبه، الرجل الذي كان يرى الرجولة في تحقير وتصغير المرأة ترك مكانه لرجل يَكّنُ الاحترام للمرأة و يعظمها. الرجل الذي كان يرى المرأة كشيء ومتعة بدأ ينظر إليها كرفيقة درب، الرجل الذي كان مستسلما لغرائزه و شهواته أصبح يعيش من أجل الحرية. هذا يعني إن التغيير كان كبيرا و جذريا. تحولت المرأة إلى جيش، إلى حزب، إلى تنظيم كونفدرالي شامل و اليوم إلى نظام يهدف إلى حياة ندية حرة مع الرجل في كافة مجالات الحياة. حققت إنجازات كبيرة و تغييرات نوعية في المجتمع الكردي. بحيث لا يمكن أن يتم التفكير بأي خطوة دون أن يكون للمرأة فيها دوراً طليعيا. فأخذ النساء أماكنهن في جميع المجالات بنسبة متساوية مع الرجل، أيضا نظام الرئاسة الثنائية الذي بات يطبق في جميع مجالات الحياة، فتح الطريق أمام دمقرطة الذهنية الرجعية التي كانت سائدة. فالمرأة أصبحت تفكر، تخطط و تنفذ. إنها لم تعد تُعَيَن من قبل الرجل بل تقرر مصيرها بنفسها. هذه التغييرات التي حصلت في المجتمع الكردستاني، أثرت وبشكل مباشر على المنطقة بشكل عام. بالرغم من التجريد و التشهير الذي تعرضت له حركة المرأة الكردستانية، هذا بالإضافة إلى تنفيذ المجازر بحقها من قبل الدول و القوى التي تناهض ثورة المرأة مثل عملية قتل الرفيقة شيلان ورفاقها، ومجزرة باريس التي استهدفت أول رفيقة بدأت بنضال الحرية في صفوف حركتنا الرفيقة ساكينة جانسيز ورفيقاتها. إلا إن النظام السلطوي الرجولي لم ينجح في القضاء على هذه المقاومة و تأثيراتها على النساء في كافة أصقاع العالم. حتى بالعكس تماما كلما تكثفت الهجمات فإن النساء الكردستانيات قمن مثل ورود الثلج البرفين بمواجهة كل أنواع الصقيع و العواصف و لم تستسلمنلأي إعصار مهما كان قوته. بقيت المرأة الكردية عاصية، جسورة و مرتبطة بقيمها و ميراثها.ثورة المرأة في روجافا هي استمرارية لمسيرة ساكينة جانسيز و نساء 8 أذار اعتمادا على الميراث النضالي لحركة المرأة التحررية الكردستانية، تطورت في غربي كردستان حركة نسائية كبيرة بقيادة تنظيم اتحاد ستار، هذا التنظيم الذي تأسس في عام 2004 قام و في فترة زمنية قصير بتحقيق قفزات نوعية في المجتمع الكردي. ولن يكون المبالغة بالقول بأنه بالفعل تم تحقيق ثورة نسائية في المقاطعات الكردية الثلاث. إن تنظيم الملايين من النساء بكل أعمارهن، ليس أمراً سهلا. خاصة الممارسات العنيفة و الهجمات المستمرة الذي كان يشنه نظام البعث على تنظيم اتحاد ستار كان يُصَعب من الأمر بشكل أكثر. فالعمل على تنظيم وتوعية النساء في ظل نظام يقوم باعتقال النساء وتعذيبها و قتلها، يطلب جهدا، صبرا و عزيمة كبيرة، لأن كل شيء كان قد تحول إلى ثورة مضادة تهاجم الحركة النسائية الكردية. إلا إن كادرات اتحاد ستار بالرغم من كل هذه الضغوطات و الهجمات الشرسة من قبل الدولة و التقاليد الاجتماعية، لم تتخلى عن دورها في الصراع ضد الذهنية الرجولية و مؤسساتها بما فيها الدولة، العائلة، المدرسة و غيرها. مقاومة النساء الكرديات في سجون البعث، انخراطهن في صفوف العمل دون الخوف من آليات الدولة، كان له تأثير كبير على منح الجسارة لكل فئات المجتمع لكي تستمر في النضال بالرغم من كل شيء. هذا يعني إن التطورات التي حدثت في السنين الأخيرة لم تظهر بين ليلة و ضحاها، بل إن نضال عشرات السنين للقائد عبدالله أوجلان في ساحة سورية و لبنان، أيضا نضال عشرات السنين للحركة التحررية للمرأة الكردستانية هي التي أدت إلى أن تكون النساء الكردستانيات في ىروج آفا مستعدة لخوض امتحان السنين الأخيرة بنجاح. الأرضية الفلسفية و الفكرية، أيضا التنظيم الذي كان موجودا خلال سنين طوال، التضحيات التي قدمت في تلك السنوات كلها كانت تراكم كمي من أجل التحول إلى تطور نوعي و الذي يعني الثورة. ثورة المرأة في روج آفا ليست ثورة نسائية ومقتصرة على النساء فقط بل إنها في الحقيقة تعتبرثورة سياسية ، ثقافية، اجتماعية، أخلاقية و جمالية. عندما نتوقف ولو باختصار على ما تم انجازه في هذه المجالات سيتم التعرف بشكل أكثر على حقيقة هذه الثورة و محتواها الثورة السياسية: في الحقيقة منذ أن تم استيلاء الرجل على السلطة، تم إبعاد النساء عن مراكز صنع القرار، و بالرغم من إن النساء في المائة السنة الأخيرة كانت تملك حق الاقتراع و الترشيح، إلا إن اللامساواة و النظرة الدونية للمرأة التي كانت سائدة في كل مجالات الحياة كانت تمنعها من ترشيح نفسها. ففي أعوام التسعينات يتم مشاركة الرجال فقط في المناطق الكردية في الانتخابات و لم يتم ترشيح حتى إمرأة واحدة في تلك الوقت. فالأدوار كانت معروفة و هي إن النساء ستصوت و الرجال هم الذين سَيُرشَحون. فالنساء بالنسبة للرجال الذين يعملون في مجال )السياسة( لسن سوى قوة احتياطية أو مستودع لأصوات ليس إلا. وهو اقتراب منفعي و متخلف للغاية. الجدير بالذكر بأن كل من حركة المجتمع الديمقراطي و حزب الاتحاد الديمقراطي قمن بتغيير شامل من هذه الناحية. فالمشاركة من قبل النساء في أكثرية المؤسسات التابعة لهذه التنظيمات هي تقريبا 50 % و أيضا نظام الرئاسة الثنائية الذي بات قانونا طبيعيا، حقق للمرأة ليس فقط المشاركة في مناقشة القرارات، بل القيام بالدور القيادي في المجال السياسي. ومن خلال كل المؤسسات التي تتشكل يمكن رؤية ذلك بشكل واضح. بهذا نرى بأن الرؤية التيكانت تؤكد بأن السياسة هي عمل الرجال و إن النساء لا تفهمن منه، كانت حيلة و خداع من قبل النظام الرجولي، قامت النساء الكردستانيات بالتأكيد على إن النساء تملكن قابلية العمل السياسي مثلهم مثل الرجال و حتى أحيانا أكثر من الرجال أيضا. بالطبع عندما نتطرق لهذه التطورات، يجب أن لا ننسى بإن اقتراب المجلس الوطني الكردي السوري، مازال صاحب النظرة المتخلفة و الدونية للمرأة. و مازال هناك استثمار فظيع لجهود المرأة. حيث نرى بإن مشاركة النساء أحيانا يكون 1- 3 % في مراكز صنع القرار. و عدم ترشيحهم ولو لإمرأة واحدة لتأخذ مكانها في المرجعية السياسية يؤكد على اقترابهم اللاديمقراطي و الغير العادل من قضية المرأة.الثورة الثقافية:
الثورة الثقافية تعني تحقيق تغيير في التقاليد و العادات التي باتت قوانين اجتماعية تطبق بشكل طوعي من قبل جميع الأفراد. ففي مجتمعنا كانت الثقافة الجنسوية هي السائدة. فالمرأة في مجتمعنا كانت و حتى وقتا قريبا «الغصن المكسور، كانت الكائنة التي يجب أن لا ينقص الضرب من على ظهرها و ينقص الجنين في رحمها، كانت ذو الشعر الطويل و العقل الناقص. أيضا البطولة و الرجولة كانت قد توحدت في نفس المصطلح ) ميراني( » و يمكن زيادة المئات من هذه الأمثال التي كانت توجه للمرأة يوميا من أجل وضعها تحت ضغط نفسي لترضى بما تواجهها من ظلم و تعدي. إن المجتمع الذي يعامل نساءه بهذا الشكل، هل يمكن أن يتحدث عن الإرادة، عن الرجولة، عن الشرف؟ غير ممكن بالطبع، لأن رجل يعيش مع امرأة ذو عقل ناقص لا يمكن أن يكون ذكيا و عاقلا، أيضا الرجل الذي يقوم يوميا بشتم المرأة و ضربها و إهانتها، لا يمكن أن يَدّعي بإنه إنسان مغرور و ذو كرامة، بما إنه يعيش مع امرأة تهان يوميا. هذه الثقافة الجنسوية التي كانت تحكم حياتنا كانت قد أضعفت من النسيج الاجتماعي لمجتمعنا و حولت بنيته إلى بنية هشة و هزيلة. في حين نرى وبعد تقديم تضحيات جسام من قبل الفتيات الكرديات، بأن المرأة الكردية إذا ما اكتسبت المعرفة و إذا ما تنظمت و تدربت فإنها تحقق المعجزات. إن الملاحم البطولية التي تحققت من قبل وحدات حماية المرأة في السنتين الأخيرتين كانت قادرة على تغيير الكثير من الأحكام التي كانت تقال بحق المرأة. فالمرأة الكردية أثبتت بأنها تملك القوة والشجاعة التي لا يملكها الكثير من الرجال. أيضا أثبتت بأن البطولة ليست من صفات الرجل فقط و إنما من صفات المرأة أيضا إذا ما تم فتح المجال أمامها لتعبر عن نفسها. الثورة الاجتماعية و الأخلاقية: قبل الثورة و نتيجة الحرب الخاصة التي مورست من قبل حزب البعث، تعرض المجتمع الكردي لتشويه كبير من الناحية الاجتماعية. سياسة التجويع، الفقر و البطالة التي طبقت و بشكل متعمد من قبل نظام البعث في المناطق الكردية، أدت إلى تمزق في البنية الاجتماعية. الاعتقالات اليومية، الحرب النفسية التي كانت تنفذ بحق الشعب الكردي، أدت إلى خلق الذعر و الخوف و الابتعاد عن الفكر التحرري. خاصة بعد اتفاقية أضنة ما بين سورية و تركية و أحداث القامشلي في عام 2004 تم العمل على تطبيق هذه السياسات بشكل مبرمج ومنظم. يمكن القول بأن وضع العائلة الكردية قبل الثورة كان مزريا و متأزما للغاية كنتيجة لكل ما تم ذكره. الانحطاط الأخلاقي الذي بات مثل مرض السرطان نتيجة تعامل الشبيبة بالمخدرات و تورط قسم منها في شبكات لا أخلاقية، أيضا ممارسة الدعارة و التجارة بالنساء، زراعة الحشيش، العلاقات المادية، تطور الحركات العميلة تحت اسم الدين، كلها كانت قد أدت بالمجتمع الكردي إلى حافة الهاوية والانتحار الذي كان قد أصبح مثل الوباء في صفوف النساء كان يعبر عن قمة الأزمة الاجتماعية السائدة.في الحقيقة إن الثورة لعبت دور المنقذ والمسيح. لأن قوة المعنى كانت قد تلاشت و الحقيقة فقدت مصداقيتها في مجتمعنا و هذه الحالة تشكل أخطر الحالات التي يمكن أن يتعرض لها مجتمع ما. لذلك الثورة كانت مداخلة راديكالية لهذه الأزمة و الفوضى الاجتماعية و الأخلاقية. فبعد أن تم البدأ بإخراج قوات نظام البعث من المناطق الكردية، وتم تأسيس وحدات حماية الشعب و حماية المرأة، أيضا عندما تم تأسيس قوات الأسايش، تم إحداث التغيير في العلاقات الاجتماعية أيضا. فالعلاقات المادية تحولت ومع الزمن إلى علاقات معنوية، انضمام كل أفراد العائلة للعملية الثورية و بناء المؤسسات الاجتماعية أدى إلى خلق علاقات جديدة في العائلة مبنية على الاحترام المتبادل و على أهداف و طموحات حياة جديدة. العلاقة بين الرجل و المرأة تغيرت، لأن مشاركة المرأة في كل المجالات، قيام مؤسسات المرأة كبيوت المرأة بالاهتمام المباشر بالمشاكل الاجتماعية، حملات التوعية التي تطورت في أكاديميات اتحاد ستار و أكاديميات نوري ديرسمي، استشهاد الرفيقات من أجل حماية القيم الاجتماعية، كلها ساهمت في تغيير المقاييس الأخلاقية الرجعية القديمة. بحيث بدأت أخلاق الحرية التي تعتمد
على الديمقراطية، الاحترام المتبادل، المحبة، المساواة و العدالة تنظم نفسها في خلايا النسيج الاجتماعي.بذلك يمكن القول بأن الضمير الجماعي بدأ يتشكل في مجتمعنا و الوجدان الذي كان قد تعرض للضمور بدأ ومنذ تلك الفترة بالانبعاث من جديد. بهذا نرى بأن الكثير من الحوادث الأليمة التي كانت تحدث مثل انتحار النساء، جرائم )الشرف(، التجارة بالنساء و التعامل بالمخدرات انخفضت إلى نسبة لا يمكن ان يتصورها العقل. وهذا بحد ذاته ثورة اجتماعية أخلاقية.الثورة الجمالية:
الجمالية (أستَ تيك)في اللغة اللاتينية تعني قمة الحس أو الشعور، هناك علاقة عضوية بين الجمالية و بين الحرية، كما هو الأمر بين القبح و العبودية. لأن الجماليات و التي تضم في داخلها الفن و الإبداع، بحاجة إلى قوة فكرية متحررة لكي تتمكن من إبداع شيء جميل و رائع. فالمجتمعات التي لا تملك حريتها تكون محرومة من قوة الجمال، لأنها لا يمكن أن تبدع وهي مقيدة بألف قيد و قيد. عندما يكون الفكر، الإرادة و حرية الإبداع محبوسا، لا يمكن لأفراد ذلك المجتمع أن يبدعوا. حتى إذا أبدعوا فإنه يكون مقتصرا على أفراد فقط و لا يكون إبداعا جماعيا. في حين الإبداع الجماعي هو الذي يؤدي إلى ثورة جمالية في المجتمع بشكل عام. يعتبر مجتمعنا من أكثر المجتمعات تعرضا للتشوه، فكل شيء سلب منه وقبل كل شيء قوته الإبداعية. لأنه مضطر بأن يعيش من أجل الغير و أن يموت من أجل الغير. فالموسيقا و حتى فترة كانت ممنوعة من قبل مجتمعنا و حتى من أجل النساء كان عارا كبيرا أن تحمل آلة موسيقية، كما كانت كتابة الشعر باللغة الكردية ممنوعة أيضاً. كان لا يمكن أن يقوم الرسامين الكرد بفتح معارض لرسوماتهم. بالطبع حصر الجمال في هذه المجالات سيكون سطحيا و ضيقا. فالجمال يبدأ من الفكر، من العاطفة وبعدها ينعكس على الحياة اليومية. ففي المجتمع الذي يتعرض نسائه يوميا للضرب و تصلن لدرجة الانتحار، هل يمكن الحديث عن الجمالية فيه. أيضا المجتمع الذي يعيش العبودية حتى العنق هل يمكن أن يكون مبدعا؟ بالطبع لا يمكن، لذلك تحقيق الحرية، خلق الإرادة هي التي تخلق الجمالية والإبداع. لذلك تحول المرأة الكردية إلى رمز للجمال في العالم يعود وقبل كل شيء إلى المعرفة، الشجاعة، الثقة بذاتها، يعود إلى تحررها من كل التأثيرات التي فرضها النظام الذكوري، إلى عشقها للحياة الحرة، بطولاتها في الحرب، قوة العزم و الإرادة لديها. تنعكس مميزاتها هذه لتقاسيم وملامح وجهها، لحركاتها و حتى لنظراتها فتجعلها جميلة جذابة. فبقدر ما تكون المرأة متحررة تكون جذابة و مؤثرة. و هذا ما حققته المرأة الكردية . من خلال ما تم ذكره في الأعلى نرى بأن ما كان يجب أن يخلق في عصر تم تحقيقه في عدة سنوات. بالطبع لم تتحقق هذه الخطوات بسهولة، بل كل خطوة تحققت بجهد و تضحيات كبيرة. فإن استشهاد المئات من الرفيقات، و جرح الآلاف منهن هو الذي فتح الطريق أمام ثورة كهذه. إن مقاومة النساء الكرديات ضد عدو شرس مثل داعش قام بهز العالم. بطولة الرفيقة آرين ميركان، أوزغور عفرين، هبون ديريك، سلافا، كلان باطمان و المئات مثلهن أصبحن ميلادا جديدا من أجل جميع النساء. إن قيام النساء في كل العالم بالمظاهرات من أجل التضامن مع وحدات حماية المرأة في مقاومة كوباني بما فيها النساء الأفغانستانيات و الأفريقيات، يعني بأن ثورة النساء الكرديات اكتسبت بعدا إقليمياً و كونياً بنفس الوقت. و البدأ بمسيرة المرأة العالمي في 6آذار من مدينة نصيبين الكردية. هو تأكيد على إن مقاومة المرأة الكردية ضد كل أنواع الظلم و الاستبداد الرجولي جعلت المرأ ة الكردية طليعة في ثورة المرأة العالمية. من ناحية أخرى بدء هذه المسيرة على أرض موزبوتاميا (بلاد الرافدين) له معنى تاريخي بالنسبة لنا كنساء هذه الجغرافية. ففي المكان التي فقدت النساء فيه و لأول مرة حريتها، القيام ببدأ مسيرة حرية المرأة منها بعد آلاف يعني انتقام لكل الآلهات و لكل النساء اللواتي حرقن و ذبحن في سبيل الحرية. هذا و تؤكد النساء بهذا الشكل على إن الثورة الإنسانية الأولى التي تحققت بقيادة النساء على هذه الأرض ستتوج بثورة جديدة و هي ثورة العودة إلى جوهر الإنسان. مثلما تمكنت جداتنا من هذا الشيء، فإن حفيداتهن مرشحات و لائقات بدور كهذا أيضاً. و خلال العقود الأخيرة تم إثبات هذه القدرة أكثر من مرة. إذا ما قمنا بالوصول إلى قوة معرفة الآلهات، و جسدنا في نفسنا مقاومة الملايين من النساء اللواتي أحرقن و ذبحن في المعاقل، و تسلحنا بالشجاعة و البطولة التي تحلت بها كل من البطلات زيلان، آرين و ساكينة جانسيز، و كنا عاصيات مثل نساء 8 آذار فلا يمكن لأي قوة أن تهزمنا. فالنصر سيكون لا محال للحرية ، للعدالةللمساواة، للمرأة..