الحصن المنسي للعرب

منذ ما يقارب أربع سنوات، وأنا ألتزم بالدفاع عن حقوق الكرد علناً، وإن كان ذلك في مواقع التواصل الاجتماعي، فهو أضعف الإيمان تجاه مأساتهم. الكرد مثلهم مثل باقي الشعوب الأخرى، التي تتكلم لغتها؛ خلق الله لهم أفواهاً تنطق لغتهم، وليس ذنبهم أن دولتهم لها حدود مع أنظمة شوفينية، حاولت تجريدهم منها.
كردستان هي دولة مزقتها اتفاقية مشؤومة، تدعى «سايكس بيكو» لغرض في «نفس» قوى الانتداب آنذاك، ولكن الغريب أن مَنْ قسَّم الدولة، هو نفسه مَنْ يبارك عودتها الآن، وكما نقول بالعامية «الذيب ما يهرول عبث». هنا لابد أن نفكر، ونسأل أنفسنا نحن العرب: أين نحن من القضية الكردية، ولماذا لم ننصرهم، وهم بحربهم «داعش» إنما يقفون معنا؟ هم شعب له وطن، تمتد حدوده جنوباً في العراق «إقليم كردستان العراق»، وشمالاً «جنوب شرق تركيا»، وغرباً «شمال سوريا» ويدعى غرب كردستان، أو كما يطلق عليه الكرد «إقليم روج آڤا»، وشرقاً حيث العاصمة الأولى لكردستان، مهاباد، «شرق إيران»، التي أسقطها الروس، تلك المدينة التي انتفضت قبل ثلاثة أسابيع بسبب محاولة اعتداء أحد ضباط الملالي على فتاة كردية «فريناز خسرواني»، التي اختارت الموت «شرفاً وشجاعةً»، وإن كان ذلك بالانتحار، بدل السقوط ضحيةً لدناءته، فأشعلت شرارة المظاهرات لاستعادة أرضهم المسلوبة، حينها فقط أصبح العرب يعرفون ما يسمى بـ «شرق كردستان»، ويسمعون بقاضي محمد، الذي أسس في العام 1946 جمهورية مهاباد مع الزعيم الملا مصطفى البارزاني «والد رئيس إقليم كردستان العراق الحالي».
أحداث شرق كردستان طغت على المسرح الإخباري العربي، خصوصاً مع تجرعنا المآسي بسبب تدخل النظام الإيراني الفاشي في العراق، حيث تكثر الويلات فيه، وفي سوريا حيث أصبحت عاصمتها دمشق «محافظة إيرانية»، يدخلونها متى يريدون، وفي لبنان، والبحرين، وأخيراً في اليمن، وهي تحاول الآن أن تفعل مثل ذلك في إقليم كردستان العراق.
إيران أول مَنْ مدَّ البيشمركة في إقليم كردستان العراق بالعتاد الثقيل في حربهم ضد «داعش»، ليس لسواد عين الكرد، ولكن هي السياسة، فهي تعطي باليد اليمنى أسلحة للرئيس مسعود البارزاني «رئيس إقليم كردستان» وتدفع باليسرى الأموال لأناس آخرين في الإقليم لكيلا يتم التمديد له لولاية أخرى بسبب التقارب بينه وبين تركيا والولايات المتحدة، وموافقته على وجود أمريكي فرنسي بريطاني في الإقليم على الحدود مع إيران.
لقد منع إقليم كردستان العراق إيران من فتح ممر للنظام السوري، وأقفل الباب في وجهها لاستقبال أي موفد من بشار. هذا الخبر لم يأخذ صدى كبيراً عند العرب، وكان الأولى أن يُشاد به، حيث لم يرضخ الإقليم مثل بقية الدول التي لها علاقات مع إيران، رغم أنه في حاجة إلى الدعم منها، لكونه لم يجد الدعم من العرب، والمجتمع الدولي.
لقد فرح العرب بانتفاضة «شرق كردستان» الإقليم الذي تحتله إيران، لأنها ستساهم في أن تكف إيران من تدخلاتها في المنطقة إذا انشغلت بداخلها.
كردستان «المنسية» تشكِّل الحصن المنيع للعرب، ولقد طوّرنا علاقتنا مع المملكة المغربية، وهي «سابع جار»، إن صح القول، وكانت من الداعمين لنا لوجستياً في عاصفة الحزم، فماذا عن كردستان، وهي الأقرب جغرافياً؟
كتب محمود درويش، رحمه الله، قصيدة اسمها «ليس للكردي إلا الريح»، وأنا أقتبس منه، وأقول ليس للعربي إلا الكردي

عبير ال جبار نقلا عن صحيفة الشرق السعودية
 
رد: الحصن المنسي للعرب

يسعدنا وشيرفنا تواجدك معنا كاتبنا العزيزة عبير الجبار
لاستمرار الدكتاتورية يجب ان يكون عدو حتى لو وهمي شكلي
تغير زعيم في وطن العربي قد يكلف مليون عربي ويستلم مكانه دكتاتور اخر
المشكلة في اعتراف بالاخر
نرجو لشرق الاوسط الحرية والازدهار وللكرد حرية والاستقلال ولكم الصحة والعافية والدوام

دمتي قلما نيرا مدافعا عن الحق
 
عودة
أعلى