Kurd Day
Kurd Day Team
مفهوم الثقافة -كأي مفهوم ذي صلة بالحياة الاجتماعية-تتعدد تعريفاته بحسب الزاوية التي يُنظر إليها، أو نتائج مؤثرات على فهمها... لكن الغالب في الاستعمال هو: المعنى المعرفي وانعكاساته على السلوك.
فالمثقف بهذا المعنى، هو شخص حاز معرفة وعلما وأدبا ... وانعكست خلاصاتها في منظومة سلوكية يتميز بها. فهو ذو معرفة واسعة منوعة-من جهة، وهو من جهة أخرى، ذو سلوك إيجابي متأثر بمعارفه التي توفر له وعيا – كل فرد بحسب خصائصه الذاتية والتحصيلية-يترك أثرا مباشرا أو غير مباشر على محيطه الذي يتحسس ملكاته وقدراته المعرفية والفلسفية والعلمية والأدبية... ويقدّرها بدرجات متفاوتة، وقد يقلّده كثيرون في أسلوب حياته –فكرا وسلوكا-. فيصبح قدوة لمن يحيطون به، أو يطّلعون على آثاره النظرية (كتاباته وأقواله...). وهذا من مظاهر تأثير الفرد المتميز على المجتمع في تكوين قِيَم ومفاهيم اجتماعية فيه.
يطلق على المجموعات المتميزة في المجتمع-ومنها المثقفون-اسم النخب أو "النخبة" لتميّز المنتمين اليها في ميدان ما، كالثقافة، أو الحالة الاجتماعية أو حرف ومهن عالية أو راقية أو قيادات في كتل وأحزاب، ودوما في صلة مع المعرفة. ويفرق بعضهم بين المثقف وبين أصحاب المهن(الحرف).
ويعتبر بعض الأيديولوجيين مفهوم "النخبة المثقفة"، غالبا، إشارة إلى جماعات قليلة الفعالية، سياسيا-أو ذات طبيعة أنانية ومتعالية... لكن ذلك لا ينفي عنها صفة التمّيز. وغالبا ما، يكون الدافع لهذا التوصيف سياسيا، للتقليل من شأن هذه النخب، وعزل تأثيرها عن الشعب والجماهير البسيطة، ليسهل عليها إدارتها وفقا لأيديولوجيتها التي يمكن للمثقفين إدراك بنيتها ومراميها، وكشف الغايات السياسية فيها. فهي تتبه الهجوم وسيلة لتحقيق ذلك. وأصبح ذلك شعارا تتبناه " الهجوم خير وسيلة للدفاع". وفي الحقيقة هو شعار معناه، الهجوم خير وسيلة للنجاح.
هناك حاجة لاعتماد معايير متفق عليها؛ تسهّل تحديد طبيعة واتجاه كل فرد أو مجموعة.
من بين يطلق عليهم" مثقفون" من يميل إلى نمط انتهازي في حياته الاجتماعية والسياسية، غير أن صفة الانتهازية أكثر حضورا في واقع الطبقة السياسية -مثقفين كانوا ام لا-.
والانتهازية خاصة ذات صلة بنمط التربية، وطبيعة الاعتقاد والمصداقية فيه... ولا تخص فئة أو شريحة أو طبقة أو جماعة... بشكل ميكانيكي. وللمناخ الثقافي السائد دوره في ذلك، وهذه هي النقطة التي استغلها الأيديولوجيون في التوصيف، بأسلوب مغالط.
فمادام التغيير ممكنا وليست حالة ثابتة دائمة-فهذا يعني ان الأحوال تتغير وفقا لظروف يمكن التأثير فيها بجهود إنسانية نضالية واعية.
من الطبيعي، أن يكون أبناء الطبقة الكادحة (العمال والفلاحين ...) والذين يعيشون ظروف حياة قاسية ومعاناة... أكثر استعدادا لتحمل الظروف الشاقة، واحتمال القابلية للتضحية من أجل ما يؤمنون به إذا قورنوا بأبناء الطبقة البورجوازية والإقطاعية، التي اعتادت الرفاهية والترف. إلا أن التجربة-تاريخيا وواقعيا-، تؤكد أن من أبناء هاتين الطبقتين من هو أكثر استعدادا للتفاعل مع القِيَم النبيلة، كالوطنية مثلا وحقوق الانسان أو المعتقد الديني... والتضحية من أجلها في سياق نضالي آمن بها، نتيجة لظروف تربوية زرعت فيه قناعات وقيما أخلاقية.
وعلى العكس من ذلك فإن هناك من بين أبناء الطبقة الكادحة من يشكل أسوا المثَل للإنسان المنفلت عن الضوابط والقيم، نتيجة لظروف الحرمان والإهمال بشكل عام، والجهل وسوء التربية... وقد أسمى (لينين) هذا النوع بـ "الحثالة" او "حثالة البروليتاريا" في استدراك لصرف الأنظار عن أسلوب استثمار الطبقات الكادحة. وان هؤلاء غالبا هم الأكثر استعدادا للانخراط في لعبة المتنفذين والمنتفعين من قيادات سياسية، لاسيما من ذوي الثقافة الأيديولوجية، حيث ترتد الأمور فيها إلى مرجع واحد "القائد " يكون ذا دور أساسي في إدارة كل الأمور. فهو المُنظِر والمقرر و...الخ. وغالبا ما يتبع نهج الرشا بأشكال مختلفة، لاستقطاب أمثال هؤلاء وتسخيرهم في مشاريعه. ونفرق هنا بين حالتين، وان بدتا متشابهتين:
1- حالة الذي ينخرط في سلوك ايجابي من اجل القضايا الوطنية والقومية والإنسانية، بناء على قناعة يؤمن بها، واستعداد متصل بذلك، بغض النظر عن تصنيفه طبقيا او فئويا.
2- حالة الذي يُغرّر به، أو يُغرى بإثارة غرائز لديه، سواء تلك المتصلة بغرائزه المادية الداخلية وشهواتها، أو تلك المتعلقة برغباته في المال والمنصب وغير ذلك. وقد ينتمي الى اية طبقة. إلا ان الطبقات التي تنتشر فيها الجهالة والفقر والتخلف... قد تتوفر فيها ظروف الاستجابة لمثل هذه الأحوال أكثر. وتصلح وقودا لمشاريع الأيديولوجيا. ويستغل الأيديولوجيون الحالتين وكل ما يمكنهم، في التجنيد والتحشيد لاتجاههم، مع التركيز على الحالة الثانية. ويجعلون من واقعها، ثقافة اجتماعية لأغراض سياسية. من بينها: تسهيل قيادة الجماهير بعد زرع هذا النمط الثقافي فيها، أي الثقافة المحركة للغرائز والشهوات والانفعالات في اتجاهاتها المختلفة، المادية (الداخلية والخارجية) والمعنوية، تحت أسماء مثيرة وبراقة، إضافة إلى نظام لا يخلو من شدة وعنف بتجليات مختلفة في تطبيقاته لاستكمال النتيجة والغاية.
إن الموقف السلبي العدائي من النخب -والنخبة الثقافية خاصة-له أساس سيكولوجي تجاه تميّزهم بالوعي والمعرفة والعلم والفلسفة، وفهم ما يجري من قبل المستغلين عموما، ومنذ أعدم "سقراط" بسبب آرائه في التنوير. ويستثمر النظام العادل المثقفين والمبدعين... عادة للمساهمة في اثراء الحياة في جميع جوانبها وتطورها.
هذه النظرة للمثقفين من جهة سياسيين-ومسؤولي القبائل والعشائر والمتنفذين عموما بما فيها سلطات ونظم ... هو بسبب الشعور بصعوبة اخضاعهم لقيادتهم، والخوف منهم كجهة محتملة تهدد مصالح الحكام من وجهة نظرهم. وإن هذا المعنى سائد بقوة في الشعوب المتخلفة حيث تنتشر الأمية فيها كما هو الحال في الاتجاه الحزبي الكوردي في سوريا منذ البدايات. فكلما القياديون أن المكاسب باتت أقرب زادت ضراوتهم، لعلمهم بان الديمقراطية ستفرز القوى والمستويات وتكشف حقيقتهم.
وقد كشفت الثورة السورية عن كثير من الزيف في مفاصل حياة النظام والأحزاب عموما.
محمد قاسم
فالمثقف بهذا المعنى، هو شخص حاز معرفة وعلما وأدبا ... وانعكست خلاصاتها في منظومة سلوكية يتميز بها. فهو ذو معرفة واسعة منوعة-من جهة، وهو من جهة أخرى، ذو سلوك إيجابي متأثر بمعارفه التي توفر له وعيا – كل فرد بحسب خصائصه الذاتية والتحصيلية-يترك أثرا مباشرا أو غير مباشر على محيطه الذي يتحسس ملكاته وقدراته المعرفية والفلسفية والعلمية والأدبية... ويقدّرها بدرجات متفاوتة، وقد يقلّده كثيرون في أسلوب حياته –فكرا وسلوكا-. فيصبح قدوة لمن يحيطون به، أو يطّلعون على آثاره النظرية (كتاباته وأقواله...). وهذا من مظاهر تأثير الفرد المتميز على المجتمع في تكوين قِيَم ومفاهيم اجتماعية فيه.
يطلق على المجموعات المتميزة في المجتمع-ومنها المثقفون-اسم النخب أو "النخبة" لتميّز المنتمين اليها في ميدان ما، كالثقافة، أو الحالة الاجتماعية أو حرف ومهن عالية أو راقية أو قيادات في كتل وأحزاب، ودوما في صلة مع المعرفة. ويفرق بعضهم بين المثقف وبين أصحاب المهن(الحرف).
ويعتبر بعض الأيديولوجيين مفهوم "النخبة المثقفة"، غالبا، إشارة إلى جماعات قليلة الفعالية، سياسيا-أو ذات طبيعة أنانية ومتعالية... لكن ذلك لا ينفي عنها صفة التمّيز. وغالبا ما، يكون الدافع لهذا التوصيف سياسيا، للتقليل من شأن هذه النخب، وعزل تأثيرها عن الشعب والجماهير البسيطة، ليسهل عليها إدارتها وفقا لأيديولوجيتها التي يمكن للمثقفين إدراك بنيتها ومراميها، وكشف الغايات السياسية فيها. فهي تتبه الهجوم وسيلة لتحقيق ذلك. وأصبح ذلك شعارا تتبناه " الهجوم خير وسيلة للدفاع". وفي الحقيقة هو شعار معناه، الهجوم خير وسيلة للنجاح.
هناك حاجة لاعتماد معايير متفق عليها؛ تسهّل تحديد طبيعة واتجاه كل فرد أو مجموعة.
من بين يطلق عليهم" مثقفون" من يميل إلى نمط انتهازي في حياته الاجتماعية والسياسية، غير أن صفة الانتهازية أكثر حضورا في واقع الطبقة السياسية -مثقفين كانوا ام لا-.
والانتهازية خاصة ذات صلة بنمط التربية، وطبيعة الاعتقاد والمصداقية فيه... ولا تخص فئة أو شريحة أو طبقة أو جماعة... بشكل ميكانيكي. وللمناخ الثقافي السائد دوره في ذلك، وهذه هي النقطة التي استغلها الأيديولوجيون في التوصيف، بأسلوب مغالط.
فمادام التغيير ممكنا وليست حالة ثابتة دائمة-فهذا يعني ان الأحوال تتغير وفقا لظروف يمكن التأثير فيها بجهود إنسانية نضالية واعية.
من الطبيعي، أن يكون أبناء الطبقة الكادحة (العمال والفلاحين ...) والذين يعيشون ظروف حياة قاسية ومعاناة... أكثر استعدادا لتحمل الظروف الشاقة، واحتمال القابلية للتضحية من أجل ما يؤمنون به إذا قورنوا بأبناء الطبقة البورجوازية والإقطاعية، التي اعتادت الرفاهية والترف. إلا أن التجربة-تاريخيا وواقعيا-، تؤكد أن من أبناء هاتين الطبقتين من هو أكثر استعدادا للتفاعل مع القِيَم النبيلة، كالوطنية مثلا وحقوق الانسان أو المعتقد الديني... والتضحية من أجلها في سياق نضالي آمن بها، نتيجة لظروف تربوية زرعت فيه قناعات وقيما أخلاقية.
وعلى العكس من ذلك فإن هناك من بين أبناء الطبقة الكادحة من يشكل أسوا المثَل للإنسان المنفلت عن الضوابط والقيم، نتيجة لظروف الحرمان والإهمال بشكل عام، والجهل وسوء التربية... وقد أسمى (لينين) هذا النوع بـ "الحثالة" او "حثالة البروليتاريا" في استدراك لصرف الأنظار عن أسلوب استثمار الطبقات الكادحة. وان هؤلاء غالبا هم الأكثر استعدادا للانخراط في لعبة المتنفذين والمنتفعين من قيادات سياسية، لاسيما من ذوي الثقافة الأيديولوجية، حيث ترتد الأمور فيها إلى مرجع واحد "القائد " يكون ذا دور أساسي في إدارة كل الأمور. فهو المُنظِر والمقرر و...الخ. وغالبا ما يتبع نهج الرشا بأشكال مختلفة، لاستقطاب أمثال هؤلاء وتسخيرهم في مشاريعه. ونفرق هنا بين حالتين، وان بدتا متشابهتين:
1- حالة الذي ينخرط في سلوك ايجابي من اجل القضايا الوطنية والقومية والإنسانية، بناء على قناعة يؤمن بها، واستعداد متصل بذلك، بغض النظر عن تصنيفه طبقيا او فئويا.
2- حالة الذي يُغرّر به، أو يُغرى بإثارة غرائز لديه، سواء تلك المتصلة بغرائزه المادية الداخلية وشهواتها، أو تلك المتعلقة برغباته في المال والمنصب وغير ذلك. وقد ينتمي الى اية طبقة. إلا ان الطبقات التي تنتشر فيها الجهالة والفقر والتخلف... قد تتوفر فيها ظروف الاستجابة لمثل هذه الأحوال أكثر. وتصلح وقودا لمشاريع الأيديولوجيا. ويستغل الأيديولوجيون الحالتين وكل ما يمكنهم، في التجنيد والتحشيد لاتجاههم، مع التركيز على الحالة الثانية. ويجعلون من واقعها، ثقافة اجتماعية لأغراض سياسية. من بينها: تسهيل قيادة الجماهير بعد زرع هذا النمط الثقافي فيها، أي الثقافة المحركة للغرائز والشهوات والانفعالات في اتجاهاتها المختلفة، المادية (الداخلية والخارجية) والمعنوية، تحت أسماء مثيرة وبراقة، إضافة إلى نظام لا يخلو من شدة وعنف بتجليات مختلفة في تطبيقاته لاستكمال النتيجة والغاية.
إن الموقف السلبي العدائي من النخب -والنخبة الثقافية خاصة-له أساس سيكولوجي تجاه تميّزهم بالوعي والمعرفة والعلم والفلسفة، وفهم ما يجري من قبل المستغلين عموما، ومنذ أعدم "سقراط" بسبب آرائه في التنوير. ويستثمر النظام العادل المثقفين والمبدعين... عادة للمساهمة في اثراء الحياة في جميع جوانبها وتطورها.
هذه النظرة للمثقفين من جهة سياسيين-ومسؤولي القبائل والعشائر والمتنفذين عموما بما فيها سلطات ونظم ... هو بسبب الشعور بصعوبة اخضاعهم لقيادتهم، والخوف منهم كجهة محتملة تهدد مصالح الحكام من وجهة نظرهم. وإن هذا المعنى سائد بقوة في الشعوب المتخلفة حيث تنتشر الأمية فيها كما هو الحال في الاتجاه الحزبي الكوردي في سوريا منذ البدايات. فكلما القياديون أن المكاسب باتت أقرب زادت ضراوتهم، لعلمهم بان الديمقراطية ستفرز القوى والمستويات وتكشف حقيقتهم.
وقد كشفت الثورة السورية عن كثير من الزيف في مفاصل حياة النظام والأحزاب عموما.
محمد قاسم