د. محمد أحمد البرازي
سكرتير جمعية الصداقة الكازاخستانية الكوردستانية

تحت عنوان "سايكس بيكو.. معاهدة "سيڤر" تشرح خريطة الشرق الأوسط الحديث، تحدثت مجلة "فورين بوليسي" الأمريكية في تقرير لها عن معاهدة سايكس سبيكو التي قسمت الشرق الأوسط فى القرن الماضى.
وقالت المجلة، قبل خمس وتسعين سنة من اليوم، اجتمع دبلوماسيون أوروبيون في مصنع للخزف في الضاحية الباريسية "سيڤر"، ووقعوا على معاهدة لإعادة تشكيل الشرق الأوسط على أنقاض الإمبراطورية العثمانية.
وأضافت المجلة أن الخطة انهارت بسرعة إلا أن معاهدة "سيڤر" قصيرة الأمد ليست أقل أهمية من اتفاقية "سايكس بيكو" التي لا ينتهي النقاش حولها.
وتحدثت المجلة عن تفاصيل معاهدة "سيفر" قائلة :" سنة 1915، بينما كانت القوات البريطانية تستعد لغزو إسطنبول عبر شبه جزيرة جاليبولي، كانت الحكومة في لندن تطبع مناديل حريرية مبشرة بانهيار الامبراطورية العثماني، (حيث أصبت معركة جاليبولي واحدة من الانتصارات القليلة للعثمانيين خلال الحرب العالمية الأولى).
ولفتت المجلة إلي أنه بحلول عام 1920، استطاعت قوات التحالف احتلال العاصمة العثمانية، وقع ممثلون عن القوى المنتصرة في الحرب معاهدة مع الحكومة العثمانية المهزومة قسمت أراضي الإمبراطورية إلى مناطق نفوذ أوروبية.
وبموجب معاهدة "سيفر" تم تدويل إسطنبول ومضيق البوسفور، وتم اعطاء أجزاء من أراضي الأناضول إلى اليونان والأكراد والأرمن والفرنسيين والبريطانيين والإيطاليين.
بعد أقل من سنة على التوقيع على معاهدة "سيڤر"، قام ضباط عثمانيون بمقاومة الاحتلال الأجنبي، على غرار مصطفى كمال أتاتورك، ، وبعد عدة سنوات من القتال طردوا الجيوش الأجنبية التي كانت تسعى لفرض شروط المعاهدة، وكانت النتيجة هي تركيا كما نعرفها اليوم، والتي تشكلت حدودها الجديدة في معاهدة "لوزان " سنة 1923.
وأكدت المجلة أن معاهدة "سيڤر" لها دور مهم في رفض تركيا الانفصال الكردي، لافته إلي أن الإبادة الأرمنية تم توظيفها على نطاق واسع من طرف الدبلوماسيين الأوروبيين لتبرير خططهم في الأناضول سنة 1920.
وأشارت المجلة إلي أن الأوروبيين كانوا سعداء بخلق الحدود التي تتفق مع مصالحهم الخاصة ، ولكن فشل معاهدة "سيڤر" أثبت أنهم في بعض الأحيان لم يستطيعوا، لافتة إلى أنه عندما حاولت الدول الأوروبية إعادة رسم خريطة الأناضول، باءت جهودها بفشل ذريع.
وتحدثت المجلة أن عن نجاح الأوروبيين في فرض الحدود في الشرق الأوسط لأنهم كانوا يملكون القوة العسكرية لهزيمة الشعوب التي قاومتهم.
وقالت المجلة، لو نجح المقاوم الوطني السوري يوسف العظمة، وهو ضابط في الجيش العثماني، في تكرار النجاح العسكري لأتاتورك، وهزم الفرنسيين في معركة “ميسلون”، لكان المشروع الأوروبي في بلاد الشام سيلقى نفس مصير معاهدة "سيڤر".
وأكدت المجلة أن تركيا لم تصبح أكثر ديمقراطية من سوريا أو العراق لأن الحظ ساعدها للحصول على حدود جيدة، بل إن هناك مجموعة من العوامل ساعدت أنقرة في تحدي الخطط الأوروبية ورسم حدودها بنفسها ، مثل الجيش، والبنية التحتية الاقتصادية التي ورثتها على الامبراطورية العثمانية.
ولفتت المجلة إلي أن وجود العديد من القوميين الأكراد يزعمون أن الحدود الحالية لتركيا غير صحيحة، مؤكدةً أنه عندما حاول الأمبرياليون الأوروبيون في إنشاء دولة كردية، قاتل العديد من الأكراد إلى جانب أتاتورك لاسقاط المعاهدة، لذلك اعتبرت المجلة أن الولاءات السياسية تستطيع أن تتجاوز الهويات الوطنية.
وتابعت المجلة أن الدولة الكردية التي نصت عليها معاهدة" سيفر" كانت ستصبح تحت السيطرة البريطانية، لذلك اعتبر بعض الأكراد أن هذا يصب في مصلحتهم بينما وجود بعض القوميين الأكراد أن الشكل من “الاستقلال”، تحت السيطرة البريطانية، إشكالية حقيقية، لذلك انضموا للقتال مع الحركة الوطنية التركية.
وذكرت المجلة أن الحكومة التركية الحالية تعمل على تمجيد فضائل التسامح العثماني والتعدد الثقافي، مشيرةً إلى أن تجدد أعمال العنف التي شهدتها تركيا خلال الأسابيع القليلة الماضية يهدد هذه العناصر الهشة المشكّلة للإجماع الوطني.
واكدت المجلة أن حزب "العدالة والتنمية" الحاكم، وحزب الشعوب الديمقراطي المؤيد للاكراد، تنافسوا لفترات طويلة من أجل إقناع الناخبين الأكراد أن التصويت لصالح حزبهم تصويت من أجل السلام، والتنافس على أي الأحزاب يستطيع حل الصراعات المتأججة في تركيا منذ فترة طويلة، من خلال ترسيخ دولة أكثر استقرارا وأكثر شمولية.