Kurd Day
Kurd Day Team

د. شفيق ابراهيم
شنكال تلك المدينة الوادعة والراقدة في جوار جبل شنكال والتي لم تتذوق طعم السلام والطمأنينة والحرية إلا ما ندر و الأسباب لذلك عديدة أهمها أنها المدينة الكردية الايزيدية الأصيلة التي حافظت على دين يعتبر من الديانات التوحيدية الأولى في منطقة ميزوبوتاميا التاريخية وتعتبر كذلك من أقدم مصادر الديانات التوحيدية الأخرى اليهودية والمسيحية والإسلام .
وبسبب تمسك الايزيديين بديانتهم هذه فإنهم تعرضوا إلى مجازر وحشية عبر التاريخ ويقدر عدد الحملات العسكرية على الديانة الايزيدية والايزيديون عموما بحوالي 73 حملة ومعظمها تمت من قبل المسلمين على اختلاف قومياتهم وحكامهم ولكن بالرغم من كل هذه الحملات الشرسة فان الكرد الايزيديين حافظوا على ديانتهم
ووجودهم الآن يقتصر على مناطق معينة من كردستان وأهم هذه المناطق هي شنكال وشيخان ولالش والتي تعتبر قبلة الايزيديين وفي هذه المدن تنتشر الأماكن المقدسة والمزارات المختلفة لهم , وفي السنوات الأخيرة من حصول إقليم كوردستان على حريته تفاءل الايزيديون خيرا بأن ينعكس ذلك عليهم ايجابيا ,وبالفعل تنفست الديانة الايزيدية والايزيديون الصعداء وبدؤوا بالتفاعل مع محيطهم القومي الكردي المسلم واندمجوا شيئا فشيئا في الحياة الاجتماعية ولكن هبوب رياح التغيير السلبي والقادم من دول الجوار والتي سميت زورا وبهتانا بالربيع العربي وهي في الحقيقة لم تكن سوى شتاءا قاسيا مرت على شعوب المنطقة بأجمعها وخاصة الأقليات القومية والدينية مثل المسيحيين العرب والايزيديين الكرد وتمثل ذلك كله في بروز التنظيمات الإسلامية الجهادية واحتلالها لواجهة ثورات الربيع العربي بكل ماتحمله من مشاريع التخلف والعودة إلى الوراء لقرون كاملة خلت وعدم تقبلهم لأحد غيرهم ومحاربتهم لما تبقى من أقليات في ما يسمى بالوطن العربي سواءا أكانت هذه الأقليات عرقية أودينية والشاهد على ذلك هو نزوع هذه الثورات نحو محاربة الشعب الكردي بكل أطيافه سواء المسلمة أو المسيحية أو الايزيدية وتسييرهم لحملات شرسة لإنهاء وجوده والقضاء على حريته والتي اكتسبها بفضل ضعف أو سقوط الأنظمة المركزية في العراق وسوريا وبناءها لكيان قومي ونجد في هذه الأوقات حملات شرسة على الوجود الكردي برمته ويرتكب في حقهم مجازر وحشية بعيدة عن القيم الإنسانية والحضارية وما حملة هؤلاء الدواعش على الايزيديين في شنكال إلا واحدة منها حيث تم تهجير معظم السكان الايزيديين الكرد من مدنهم وقراهم وقتل كل من يقع في أيديهم وتم سبي النساء وقتل الأطفال والشيوخ وتمكن من الهرب ماتبقى منهم في مشهد تراجيدي تقشعر له الأبدان والمؤسف في الأمر أن القوات الكردية من البيشمركة والتي كان يعقد عليها الآمال لحماية هؤلاء الأخوة لم يصمدوا في وجه الغزاة وشكلت ذلك نكسة خطيرة لأسطورة البيشمركة وهيبتهم حيث تركوا السكان العزل بمواجهة أخطر تنظيم إرهابي ليس عنده أدنى التزام أخلاقي بالمعايير الإنسانية في الحروب والسلم وليس عندهم إلا لون واحد في كل شيء وهو اللون الأسود والذي يدل على سواد قلوبهم ومشروعهم الهدام لكل الحضارات والقيم الإنسانية, والحركة السياسية الكردستانية اليوم أمام امتحان صعب للحفاظ على هذه الفئة الأصيلة من الشعب الكردستاني والعزيزة على كل كردي حر, حيث يعتبر هم الأصل وهم المنبع لكل الشعب الكردستاني وقيمه وتراثه وتقاليده وعاداته والبقية يعتبرون فروعا لهم شذوا عن دين آبائهم وأجدادهم والحفاظ على هؤلاء الأخوة ضرورة إنسانية قبل إن تكون ضرورة قومية وأي تخاذل في الدفاع عنهم تعتبر جريمة وخيانة لكل الشعب الكردستاني ويجب على القومية الكردية استنفار كل الطاقات في معركة الحفاظ على الديانة الايزيدية الكردية وعدم تركهم وحيدا في براثن غزاة همج ووحشيين ليس لديهم إلا نهج الحرق للبشر والحجر حيثما وجدوا , والخطر كبير على الشعب الكردستاني كافة مسلمين ومسيحيين وايزيديين وليس على الايزيديين وحدهم وهم البداية والبقية سوف يكونون النهاية.