د. مهدي كاكه يي : مكامن ضعف الدولة (التركية)

  • بادئ الموضوع بادئ الموضوع Kurd Day
  • تاريخ البدء تاريخ البدء

Kurd Day

Kurd Day Team
مكامن ضعف الدولة (التركية)
عوامل داخلية (1)
د. مهدي كاكه يي
العيش في أحلام الإمبراطورية العثمانية
إنّ الأنظمة التربوية التركية و المؤسسات الثقافية و الإعلامية فيها، خلقت أجيالاً تركية خيالية، تم تخديرها بأمجاد الأتراك و تأسيسهم للإمبراطورية العثمانية و حُكمهم لكثير من الشعوب و الدول في كل من قارة آسيا و أوروبا خلال تلك الحقبة الزمنية. عملية غسل أدمغة الأتراك هذه، خلقت عقليات تتوهم أنّ الزمن قد توقف عند الحكم العثماني و أنّ الأتراك لا يزالون قادرين على التحكّم بمصائر الشعوب و القوميات، كما كانوا يفعلونها خلال الحكم العثماني. هذه التربية الكارثية رسخت في المواطن التركي التفكير بعقلية زمن الإمبراطورية العثمانية و خلقت، بشكل عام، شخصية تركية متغطرسة، تؤمن بتفوقها على الشعوب الأخرى و بكونها أحسن و أرقى من الشعوب الأخرى. من نتائج هذه التربية هي إعتقاد الأتراك بأنّ الشعوب و القوميات غير التركية هي أدنى مستواً منهم و ما عليهم إلا أن يكونوا خدماً لهم، كما صرح بعض قادتهم صراحةً بذلك. من جهة أخرى، فأنّ هذه التربية الإستعلائية تقود المواطن التركي الى الإحباط و اليأس، حينما يتأكد من أنّ الواقع يُفنّد ما غُرس في عقليته، حين يكتشف بأن (تركيا) هي بلد صغير و فقير و متأخر و تتحكم فيها الدول الكبرى و أنّ الكثير من الشعوب الأخرى لها مستواً معيشياً أعلى بكثير من ذلك الذي لدى الشعب التركي. الملايين من الأتراك الذين يتركون بلادهم و يهاجرون الى الدول الصناعية، طلباً للعيش الكريم، تشهد على الوهم الذي تربى عليه المواطن التركي المسكين. من هنا يمكن فهم المجتمع التركي بأنه مجتمع لا يزال يحمل عقلية فترة الإمبراطورية العثمانية في معالجة القضايا القومية و الدينية و الإنسانية، بينما البشرية قد دخلت الى عالم العولمة و ثورة المعلومات و الإتصالات و تعيش في زمن إنبثاق الحريات و الديمقراطيات التي بدأت تنتشر في مختلف بقاع العالم على كوكبنا الأرضي.
العنصرية التركية
مرة أخرى أضطر الى العودة الى موضوع التربية، حيث أنّ الطفل التركي، منذ صغره يتم تلقينه في المدارس بالأفكار العنصرية و يعلّموه ترديد عبارة (يكون سعيداً مَن يكون تركياً!!). هذا الفكرالعنصري الذي يتشبع به الإنسان التركي، يجعله لا يعترف بحق الآخر غير التركي في الحياة. من نتائج هذه الآفة الشوفينية هي إنكار الأتراك لحقوق الشعوب والقوميات الأخرى في (تركيا) في تقرير مصيرها، بل ينكرون وجودها و يعتبرون تلك القوميات و الشعوب ما هي الا أتراكاً، كما هو الحال مع الكورد في الشمال الكوردستاني الذين يطلقون عليهم إسم "أتراك الجبال". هذه العقلية العنصرية أكسبت الشخصية التركية العنف و العدوان و رفع شعار إخضاع القوميات و الشعوب الأخرى بكل الوسائل و منها بإستخدام العنف و القوة.
أحب هنا أن أنوّه بأنّ التربية الإمبراطورية العثمانية و الشوفينية قد أفسدت العقلية التركية و خلقت منها شخصية متكبرة، عدوانية و شمولية، بغض النظر عن آيديووجيته الدينية و السياسية، و عليه فأنّ رئيس وزراء (تركيا) السيد رجب أردوغان و جنرالات (تركيا) و غيرهم من السياسيين، هم خريجي مدرسة فكرية واحدة، تم غرس العنصرية و الغطرسة و إلغاء وجود الآخر المختلف، فيهم. عبر الحُقب التي مرت بها الجمهورية الكمالية و في ظل كل الحكومات المتعاقبة على الحكم، فأن الموقف من حقوق الشعوب و القوميات غير التركية هو نفسه دون تغيير، سواءّ كان خلال فترات حكم العسكر أو الأحزاب القومية أو اليسارية أو الإسلاموية. السيادة المطلقة للغة و الثقافة التركية في (تركيا) و إلغاء الهويات القومية للشعوب و القوميات الأخرى و منع تداول لغاتها و إلغاء ثقافاتها و منعها من الشراكة في الحكم و تقرير المصير و التحكم بخيرات أرضها خلال الحقبة الكمالية كلها، هي دليل على أحادية المدرسة الفكرية التي تخرّج منها قادة الجمهورية الكمالية منذ تأسيسها و الى الوقت الحاضر.
 
عودة
أعلى