د. محمد أحمد البرازي
سكرتير جمعية الصداقة الكازاخستانية الكوردستانية

قالت صحيفة “نيويورك تايمز” الأمريكية إن تكثيف الولايات المتحدة دعمها العسكري للقوات الكردية التي تقاتل ضد تنظيم داعش أثار استياء تركيا ودفعها للنظر في تدابير جديدة من أجل احتواء طموحات الأكراد، ومن بينها إنشاء منطقة عازلة داخل حدود سوريا، إذ ترى أنقرة أن الأكراد السوريين يشكلون تهديدا خطيرا على أمنها القومي بسبب الصلات التي تربطهم بالأكراد في تركيا، حيث بدأت تركيا تراقب بقلق متزايد التعاون المكثف بين القوات الكردية والجيش الأمريكي في الحرب الجارية ضد داعش.
وتشير الصحيفة إلى أن الولايات المتحدة تجري الآن عمليات مراقبة واسعة النطاق في شمال سوريا باستخدام الطائرات بلا طيار والطائرات الحربية التقليدية لمساعدة القوات الكردية، في حين أنشأت القوات الخاصة الأمريكية قنوات اتصال خاصة لتزويد الأكراد بمعلومات استخباراتية ومساعدتهم في تحديد أهداف الغارات الجوية التي يشنها التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة.
وترى الصحيفة في تقريرها أنه باعتبارهم إحدى الجماعات المقاتلة القليلة التي يمكن الاعتماد عليها لمحاربة داعش، أصبح الأكراد حليفا شديد الأهمية بالنسبة للولايات المتحدة.
واعتبرت الصحيفة أنه بدأ التعاون الوثيق بينهما العام الماضي خلال معركة استرداد مدينة كوباني، وتنامى وتطور خلال الأشهر القليلة الماضية وبلغ ذروته في الهزيمة التي تلقاها مقاتلو داعش في مدينة تل أبيض الإستراتيجية الواقعة على الحدود التركية، ولكن مع زحف الأكراد إلى الجنوب نحو الرقة، العاصمة المزعومة لدولة الخلافة التي أعلن داعش عن قيامها، تزيد انتصاراتهم في ساحة المعركة من توتر العلاقات مع تركيا، ففي خضم موجة من التقارير التي تفيد بأن أنقرة تبحث إمكانية تنفيذ توغل عسكري في سوريا لإقامة منطقة عازلة، عقد الرئيس التركي “رجب طيب أردوغان” اجتماعا مع فريق الأمن القومي لبحث كيفية مواجهة النفوذ المتزايد للأكراد السوريين.
وتشير الصحيفة إلى أن وسائل الإعلام التركية تصور فكرة إنشاء منطقة عازلة داخل سوريا بأنها استجابة للتهديدات الأمنية التي تواجه تركيا من قبل داعش والأكراد الذين يقاتلون على الجانب السوري من الحدود، ولكن المحللين يقولون إن المكاسب التي أحرزها الأكراد في سوريا أضفت زخما جديدا على هذه الفكرة، التي ضغطت تركيا طويلا دون جدوى على الولايات المتحدة لتنفيذها.
ولفتت الصحيفة إلى أن الولايات المتحدة ودولا غربية أخرى اتهمت تركيا بتمكين تنظيم داعش من خلال تبني سياسات حدودية متراخية تسمح بتدفق المقاتلين الأجانب والإمدادات، ونفت تركيا هذه الاتهامات، ولكن المسؤولين ووسائل الإعلام الموالية للحكومة أقرت بأنها تعتقد أن استقلال الأكراد في سوريا سيفرض تهديدا أكثر خطورة على تركيا من انتصار داعش.
ويستبعد المحللون احتمال أن تقدم تركيا على إنشاء منطقة عازلة بمفردها نظرا إلى أن ذلك يتطلب عملية عسكرية موسعة ومعركة عنيفة على الأرجح مع القوى الإقليمية والدولية والأكراد .