د. محمد أحمد البرازي
سكرتير جمعية الصداقة الكازاخستانية الكوردستانية
سنحاول في الأيام المقبلة، إن شاء الله، أن نلقي الضوء على الكورد في بعض المناطق من العالم التي لايعلم الكثير منا عن وجود الكورد فيها كي نفيد ونستفيد، واخترنا لكم اليوم أن نتحدث عن كورد أوكرانيا، وقبل أن نتحدث عن الكورد في أوكرانيا علينا أن نعطيكم لمحة عن جغرافية أوكرانيا وموجز عن تاريخها.
جمهورية أوكرانيا، عاصمتها كييف مساحتها تقدر 604 كم2 تقريباً اما القرم فتقدر 27 الف كم2، ويقدر عدد سكانها بـ47 مليون نسمة تقريباً. أوكرانيا هي من بلدان أوروبا الشرقية، يحدها من الجنوب البحر الأسود، ومن الشمال روسيا وروسيا البيضاء ومن الغرب بولندا وسلوفاكيا، أما من الشرق فروسيا ومن الجنوب الغربي مولدافيا ورومانيا. تحتل المركز الأول من بين الدول الأوروبية من ناحية المساحة وكانت إحدى الجمهوريات السابقة في الاتحاد السوفيتي السابق، وتعتبر من حيث المساحة ثاني أكبر دولة بعد روسيا الاتحادية في أوربا.
يتكلم الشعب الأوكراني باللغتين الأوكرانية والروسية والتي تعدان اللغتين الرسميتين في البلاد، لكن هناك الكثير من القوميات فيها، بينهم 77% أوكران والباقي يتوزعون بين روس وتتر ورومان وملوافين وقرم ويونانين ويهود وهنغارين وبلغارين وبولونين وكورد.
حصلت على أستقلالها في 24 أب 1991 وهي أول من قامت بالعزل عن الاتحاد السوفيتي، وأصبحت عضواً في الامم المتحدة. جزيرة القرم كانت تابعة أرضاً وشعباً لروسيا إلى عام 1954 ولكن تم ضمها في عهد نكيتا خرشوف إلى أوكرانيا حيث كان نيكتا خرشوف أوكراني الاصل.
الكورد في أوكرانيا أظن ما ستقرأونه سيكون غريباً على البعض حينما يعلمون بأن الوجود الكوردي في أوكرانيا ليس جديداً، بل قبل الميلاد باكثر من 500 سنة، أي في أيام السكوثيين، ويورد لنا المؤرخ والعالم الاوكراني السيد فلنتين ستيتسيوك بأننا نعتمد على المواقع الجغرافية في أوكرانيا وعلى بعض الأسماء، ونعرف بأن وجود الكورد كان هنا قبل الميلاد، حيث كان يعيش الكورد في الحقبة ما بين القرن الخامس إلى الثاني قبل الميلاد، واليوم أكثر من 250 مدينة وقرية لازالت تسمى بأسماءها الكوردية. سنذكر تلك القرى والمدن بعد قليل، بعد ان نورد بعض المعلومات التاريخية المهمة، حيث نقصد بالسكوثيين، الشعوب التي سيطرت على مناطق تمتد من ميديا بحدودها التاريخية المعروفة وحتى سوريا وفلسطين، وسيطروا على آسيا الوسطى وكانت لهم حضارة معروفة لكن بعد سيطرة الأمراء الميديين على قوادهم انتهت تلك الحضارة ، ثم حلت محلهم بالسيطرة أمبراطورية ميديا، وما نعلمه عنهم أنهم كانوا يعبدون الشمس، وكانت تسميتهم هذه تطلق على السكان القاطنين من شمال تركيا وحتى شرق روسيا، وفي الكتب المسيحية جاء ذكرهم على انهم من الجنس الهندوأوربي، وبعضهم يعتبرهم يأجوج ومأجوج، كما ان اليهود يعتبرونهم من نسل يافث بن نوح، على أي حال سنورد في مقال آخر بالتفصيل عن هذه الأقوام بعد ان نتاكد من المعلومات ودقة المصادر، التي يصعب تأكيدها تاريخياً لما كان يوجد بين تلك الأقوام من علاقات وترابطات وحروب وغيرها. بالعودة إلى موضوع تلك المدن نذكر: يقول فلنتين: إن أسماء تلك المدن تقرأ باللغة الروسية والأوكرانية، لكن في تلك اللغات ليس لها أي معنى، وبالعودة إلى أصلها، لوحظ انها قد تحمل معاني كوردية، وسنورد كمثال بعضها وليس جميعها لكثرتها: -مدينة كوتاي- كوتاي باللغة الكوردية تعني النهاية، ويقال بأن تلك المدينة كانت تعتبر آخر نقطة للحضارة لذا من الممكن أنها آخر الحدود الجغرافية لها. - ترب والي - تعتبر من أقدم مدن أوكرانيا وتترجم إلى، قبر والي أي زيارة والي أو مقبرة لهم هناك فسميت باسم ترب والي. -بق لااي - بق تترجم إلى الكوردي ضفدع، لااي،لا اعرف بالضبط معناها تحتاج لخبير ومن الممكن أنها تعني، صوت ضفدع، او مستنقع ضفادع. – جفان- جفان بالترجمة تعني أجتماع ممكن كانوا يجتمعون في تلك المدينة وسميت جفان أي مدينة الاجتماعات. -باز نيكل- باز يترجم إلى الكوردي الصقر ونيكل منخار الصقر. -مدينة بلاكير- أي وزعوا أو توزعوا وتفرقوا وممكن يكون بالا أي، عالي وكار أي العمل، أي تصبح العمل العالي. - كرمك أف - أي النبع الساخن أو الماء الساخن ويعود الاسم إلى موقع نبع كلسي يخرج منه ماء ساخن. - مدينة بالة شفكي- أي حصاد ليلي، على ما يبدو كانوا يحصدون في الليل وسميت بهدا الاسم. - مدينة جار كس - أي أربعة أشخاص وهذه لها دلالات عديدة، بحسب المنطقة وهناك الكثير من الأسماء لا أستطيع ذكرها ومن الممكن في أبحاث آخرى، فهي تحتاج لبحث أكاديمي وأحتاج إلى من يجيد اللغة الكوردية بشكل أفضل مني لكي نستطيع معاً أن نقدم الأفضل لقرائنا.
في العهد الحديث ألتجأ الكورد إلى أوكرانيا في عهد السوفيت، وبعد أنهيار السوفييت تضاعف عددهم، حيث قصد الكورد في الاجزاء الاربعة من كوردستان من أجل العمل والدراسة ومنهم من بقي هناك وحصل على الجنسية كما قصد الكثير من الكورد أرمينيا وجورجيا بسبب العمل، وظلوا هناك وأصبحوا مواطنين أوكرانيين والعدد الحقيقي لا أحد يستطيع أن يتأكد منه لكن بحسب الأقوال وبعض الإحصائيات يتراوح عددهم من 25 إلى 30 الف كوردي ويعيشون في مدن، أديسا، كييف، خاركون، نيكالييف، خورسان، زبروجة، دانيسك، قرم وغيرها. يوجد في أوكراينا كما يقال البيت الكوردي، بأسم المركز الثقافي الكوردي "ميديا" يترأس المركز السيد تيمور مامويان، ويصدرون جريدة شهرية بأسم صون ميديا باللغة الروسية والأنكليزية وأضيف إليها الكوردية اللاتينية في الأعوام الاخيرة، وفي أديس هناك فرق فلكلورية وبعض المراكز لتعليم اللغة الكوردية ولهم مراكز وفروع من الميديا، ومركز الميديا في العاصمة كييف. أما الكورد في القرم فيعود تاريخهم إلى أيام الاتحاد السوفييتي وهم لايجيدون اللغة الكوردية ويعتبرون أنفسهم تتر ومن الصعب أن تقنعهم بأنهم كورد إلا القليل منهم يعترفون بكورديتهم. إلا ان هناك في القرم مركز ثقافي أو البيت الكوردي، وهي جمعية قرم الكوردية ويترأسها سليم وحيد وهناك مراكز أو البيوت الكوردية للثقافة في كل من خاركوف ونيكاليف، وخورسان ومركزهم في كيف كما أسلفنا سابقاُ. سأتجه إلى جورجيا وسأنشر لكم عن الكورد في جورجيا في بحث قادم إن شاء الله.
د.محمد أحمد البرازي .....
التعديل الأخير بواسطة المشرف:
