كوباني الأسيرة الصامدة في وجه كونترا كوردستان

  • بادئ الموضوع بادئ الموضوع Kurd Day
  • تاريخ البدء تاريخ البدء

Kurd Day

Kurd Day Team
كوباني الأسيرة الصامدة في وجه كونترا كوردستان
بقلم الدكتور محمد سليم تمر عضو المجلس العام لحركة الشباب الكورد
722.jpg

إنّ العين لتدمع و القلب لتعصر على مأساة منطقة كوباني بكوردستان سوريا إثر الهجوم البربري لتنظيم داعش الإرهابي عليها منذ عدة أيام تحت أنظار المجتمع الكوردستاني و الإقليمي و الدولي .
إنّها تراجيديا كوردية حيّة بطعم خاص نالت منها الحجر و البشر و الأنعام .
إن قوى الشر الشرق أوسطية و تحديداً المقتسمة لوطننا كوردستان ( كونترا كوردستان) متمثّلة برأس الحربة تنظيم ما يسمى الدولة الإسلامية ( داعش ) قد خططت منذ أمد للإجهاز على المناطق الكوردية بكوردستان العراق و سوريا لإضعاف أية محاولة للاستقلال الكوردستاني المحتمل و المشروع خاصة في إقليم كوردستان العراق الفيدرالي . و وجدت تلك القوى فرصتها بعد إعلان رئاسة إقليم كوردستان عن نيتها تنظيم استفتاء على استقلال كوردستان بعد سنوات عجاف مع حكومة بغداد المركزية برئاسة المالكي و تزايد الخلافات حول ملفات المادة 140 المتعلق بالمناطق الكوردستانية خارج سيطرة حكومة الإقليم و النفط و الغاز و البيشمركة و نسبة الإقليم من الموازنة العامة . فكانت سيطرة داعش بشكل دراماتيكي على أجزاء واسعة من شمالي العراق و خاصة مدينة الموصل و الاستحواذ على الأسلحة الأمريكية المتطورة بمليارات الدولارات العائدة لست فرق عسكرية عراقية في المنطقة دون مقاومة تذكر , و من بعدها الهجوم الواسع على المناطق الكوردستانية و احتلال أجزاء واسعة منها و خاصة شنكال و زمار و سهل نينوى و مخمور و جلولاء و السعدية , و حصول الكارثة الإنسانية بمنطقة شنكال و تشريد و تهجير عشرات الآلاف و قتل المئات من المدنيين الكورد الإيزيديين ؟ إلا أن تدفق الدعم السياسي و الإعلامي و العسكري لإقليم كوردستان في حربه ضد إرهاب تنظيم داعش و صدور قرار مجلس الأمن 2170 الخاص بالحرب ضد إرهاب تنظيمي داعش و جبهة النصرة في العراق و سوريا و بدء القصف الجوي الأمريكي على قوات التنظيم الإرهابي في مناطق التماس مع بيشمركة كوردستان و باقي القوات الكوردية من الأجزاء الأخرى التي أبدت من جانبها دفاعاً مستميتاً عن أرض كوردستان المحررة ؟ كذلك تخلخل الحاضنة الشعبية السنية لداعش في شمالي و غربي العراق بعد تشكيل حكومة التوافق الوطني برئاسة حيدر العبادي بمشاركة المكون السني بقوة أدت كل ذلك مجتمعة لتراجع داعش في حربه ضد كوردستان و تحوله من حالة الهجوم للدفاع إثر تلقيه ضربات قاصمة شلّت حركته في الجبهات العراقية و التي أدت لهروب أميره البغدادي من الموصل لمدينة الرقة بشمالي سوريا و بدء الحلقة التالية من مسلسل كونترا كوردستان بسقوط مطار الطبقة العسكري بشكل دراماتيكي مماثل لسقوط القطعات العسكرية العراقية قبل عدة أشهر و ليكون الجبهة التالية لحرب الإرهاب على الشعب الكوردي منطقة كوباني القريبة منها و المحاصرة من جميع الجهات ؟
تتوزع المناطق الكوردية بكوردستان سوريا بين منطقة الجزيرة المتاخمة لحدود إقليم كوردستان و امتداد حيوي مهم له , و منطقة عفرين المحيطة بكتائب التنظيمات العسكرية المسلحة للمعارضة المعتدلة , و منطقة كوباني المحاصرة المعزولة عن طرق الإمداد و التمويل . فكان اختيار داعش لمنطقة كوباني كهدف تكتيكي قادم بعد فشل محاولته في كوردستان العراق جاءت كونها منطقة معزولة عن المحيط الكوردستاني و السوري المعارض حيث التنظيمات العسكرية المسلحة للمعارضة المعتدلة و محاصرة من ثلاث جهات من قبل تنظيم داعش من جهة تل أبيض شرقاً و جرابلس غرباً و الطريق الدولي الواصل بين حلب و قامشلو جنوباً ؟
إن الهدف الأساسي لكونترا كوردستان و داعش من الهجوم على كوباني في ظل تشتت الصف الكوردي و الكوردستاني في الملف السوري هو احتلالها و تفريغها من سكانها الكورد و بالتالي الضغط على حكومة إقليم كوردستان جماهيرياً و سياسياً و إعلامياً من طرف الشعب الكوردي لجر قوات البيشمركة الكوردية إلى المستنقع السوري و فتح جبهة طويلة معه في محاولة لاستنزافه تدريجياً و إضعافهم و إبعاد الكورد العراقيين عن مساعيهم الدؤوبة لإعلان الاستقلال ؟؟
بالإضافة إلى أن منطقة كوباني الكوردية أضحت بحق نتيجة السنوات الماضية من عمر الثورة السورية أسيرة جهتين مختلفتين , من الداخل القيادات الكوردية بجميع أطيافها و مستوياتها و محاورها الكوردستانية و عدم توصلها لاتفاق كوردي موحد يقود المرحلة الراهنة من تاريخ الشعب الكوردي , و من الخارج كونترا كوردستان و من ضمنهم تنظيم داعش الإرهابي الموجّه تحديداً ضد آمال و طموحات شعبنا الكوردي . و بالتالي أصبحت كوباني بين ليلة و ضحاها بين فكي كماشة تلكم الجهتين التابعتين !؟
و الحال هذه تنذر بكارثة قومية كبيرة مع هجرة غالبية سكانها كما حصلت في شنكال تصيب كل ما على أرض كوباني من وجود الإنسان الكوردي و المدن و القرى الكوردية المستهدفة و الممتلكات و الأموال و التجارة و الثروة الحيوانية و سواها لمسح الصبغة الكوردية في المنطقة , و ربط منطقتي تل أبيض و جرابلس ببعضهما !
إن صمود كوباني بأحيائها و شوارعها و ال 5 % من سكانها بحاجة لدعم مادي و معنوي فوري غير قابل للتأجيل و التسويف من لدن جميع الأطراف الكوردستانية بدون استثناء , خاصة حكومة إقليم كوردستان العراق و المتمتع بعلاقات دولية فاعلة و بالأخص في هذا الوقت الذي تجري فيه الحرب على الإرهاب على قدم و ساق لا سيما من قبل بيشمركة كوردستان . و على قيادة الإقليم استغلال بنود القرار 2170 الصادر عن مجلس الأمن لصالح الأوضاع الكارثية في كوباني بشكل أكبر . و الهجمات الجوية الأمريكية على مواقع داعش في سورية و تحديداً في محيط كوباني تأتي في محلها , لكن لابد من تأمين ممرات تمويل آمنة للقوات المدافعة عن المدينة أياً كانت نمط تفكيرها , بل و الأفضل من ذلك قيام جبهة كوردستانية سورية على المستوى العسكري و السياسي سريعاً لقيادة المرحلة الراهنة الحساسة لضمان الحقوق القومية الكوردية و حماية الأرض و الشعب الكورديين - بعيداً عن اتفاقية هولير التي باتت منتهية الصلاحية بحكم فشل التوافق و عدم جدية الطرفين الموقعين عليه و عدم نجاعة التوافق أصلاً و - و إنزال قوات بيشمركة روجآفا على أرض كوردستان سوريا لتفتح جبهة في غرب سري كانيي للضغط على مؤخرة قوات داعش المهاجمة لكوباني و استنزاف قواتها لدرجة تخفيف الحصار على المدينة .
إلا أنه مع تضاؤل فرص قيام جبهة كوردستانية سورية بوجه هجمات داعش بسبب تعنت حزب الاتحاد الديمقراطي PYD المسيطر على المناطق الكوردية السورية و رفضه قيام قوة مسلحة مشتركة بين الأفرقاء الكورد بصبغة كوردستانية جديدة , و كذلك تحجج الأحزاب الكوردية السورية المنضوية تحت مظلة المجلس الوطني الكوردي بإمكانية حصول اقتتال كوردي كوردي و تخاذلهم و قيامهم فقط بدور المراقب و المتفرج و إطلاق التنظيرات و التصريحات و البيانات الفضفاضة في ظل هذه الأوضاع الصعبة و المأساوية لمنطقة كوباني تحديداً و التي فقدت جميعها مبررات وجودها على الساحة السياسية الكوردية , تصبح الكرة مجدداً في ملعب قيادة المحاور الكوردستانية نفسها (KDP. PKK . YNK ) لتقوم بواجبها القومي الأخلاقي تجاه كوردستان سوريا – و التي أضحت ضحية خلافات و اختلافات تلك المحاور حتى الآن - و وضع خطة موحدة لإنقاذ الوضع المتأزّم بمنطقة كوباني و التي لن تكون الوحيدة في تلقي ضربات كونترا كوردستان و داعش , بل سيكون الدور على باقي المناطق الكوردستانية تباعاً و بالتالي سيكون له عواقب وخيمة على مصير جزء كوردستاني مهم ( كوردستان سوريا) و الذي سيتبعه في قادم الأيام كوردستان تركيا أيضاً لتضييق الخناق على تجربة إقليم كوردستان العراق و سعيه بالاستقلال عن العراق !؟
إن أيّ إجحاف بحق كوردستان سوريا و كوباني تحديداً , و تعرضها لكارثة إنسانية شبيهة بالتي حصلت في شنكال مؤخراً سيكون وصمة عار على جبين أحزاب الحركة السياسية الكوردستانية في الأجزاء الثلاثة من كوردستان دون كوردستان إيران . و سوف لن ينسى التاريخ ما مرّ بها شعبنا الكوردي بكوباني و التخاذل الكوردستاني (إن وجد ) الغير مقنع تجاهه ؟ و مع وجود الدعم الكوردستاني لكوباني ستدخل المدينة التاريخ البشري الحديث كمثال للصمود و البقاء كسراييفو البوسنية و مصراته الليبية اللتان صمدتا في وجه الحرب الهمجية الشرسة على أيدي قوات الصرب و القذافي على التوالي . لتكون كوباني نافذة كوردستانية حيّة على الوحدة القومية الكوردية و المصير المشترك في وجه القوى المعادية للأمة الكوردية و حقوقها العادلة المشروعة بما فيها حق تقرير المصير و الاستقلال .
 
عودة
أعلى