كول نار
Kurd Day Team

شهدت العديد من المناطق الزراعية القريبة من الانهر والجداول المائية في محافظة ديالى خلال الاشهر الماضية تجارة لم تكن مألوفة من قبل؛ تعتمد على صيد ما يعرف محليا بـ»الدعلج» - أحد انواع الحيوانات التي تنتمي الى فصيلة الثدييات – وبيعها، بعد تزايد الاقبال على شرائها من قبل فئات متنوعة لتأمين العلاج ضد بعض الامراض او استعماله في الشعوذة والسحر.
هيثم عبد الله الغانم (مزارع)، أكد ان «آلية صيد حيوان الدعلج الذي يمتاز بكراهيته للضوء والعيش في جحور تمتد لعدة أمتار في عمق الارض، لذا تكون هناك عدة طرق لصيده؛ منها توجيه ضوء مصابيحنا نحوه مباشرة ما يؤدي الى توقفه وهذه نقطة ضعف بالنسبة له ومن ثم الامساك به بعصا غليظة تحوي مربطاً للرأس، او نصب مصائد حديدية في بوابات الجحور بعد وضع طعم يتمثل بالحبوب او التمور».
واشار الغانم الى ان «الدعالج التي يتم اصطيادها توضع في اقفاص حديدية لحين ترتيب عملية بيعها للزبائن؛ الذين يفضلون السمينة وغير المصابة نتيجة عملية الصيد»، مبيناً أن «سعر الدعلج يزيد في بعض الأحيان على الـ50 ألف دينار».
واضاف ان «موسم صيد الدعالج غير ثابت، لكنها مهنة بدأت تستقطب الكثير من المزارعين بسبب مغرياتها المادية واعطائها احساساً بالمغامرة، بكون عملية الصيد تتطلب جهداً ومثابرة وصبراً».
فيما اشار المزارع فرات حسين سالم ( 36 عاماً)، يسكن في قرية زراعية قرب نهر ديالى، الى ان «صيد حيوان الدعلج لم يكن مألوفاً في مناطقنا من قبل، وهي تجارة بدأت تبرز في السنوات الثلاث الماضية؛ نظراً لوجود اقبال عليها من قبل اشخاص كثر اغلبهم من العاصمة بغداد»، لافتا الى ان «ضعف واردات الزراعة وتنامي معوقات الانتاج دفعتنا الى تأمين موارد عيش أخرى في البيئة التي نعيش فيها».
ويقول سالم وهو يمسك بيده آلة تعرف محلياً بـ»الچلاب»، وهي عبارة عن آلة معدنية ذات قبضة خشبية تستعمل لتقطيع الاشجار ومنها النخيل، ان «صيد الدعالج باتت تجارة يسعى الكثير من شبان الاسر الفلاحية الى امتهانها، بسبب ما تشكله من مصدر دخل جيد»، مبيناً ان «سعر حيوان الدعلج يتراوح بين 30-50 الف دينار؛ وفقاً لوزنه وحالته الصحية».
واشار سالم الى أنه «نجح في اصطياد ثلاثة دعالج قبل اسبوع، لكنه لم يصطد شيئاً منذ يومين برغم عمله الدؤوب الذي يستمر ساعات طويلة»، موضحاً ان «اعدادها تزداد في موسم وتنخفض في موسم آخر».
اما المهندس الزراعي شبيب عيسى موسى فقد قال ان «الدعلج حيوان ينتمي الى فصيلة الثدييات، وتغطي ظهره أشواك تزيد اطوالها على 10 سنتمترات يستعملها للدفاع عن نفسه في مواجهة أي عدو»، مضيفاً أن «وزن الدعلج قد يصل احيانا الى 20 كغم، وهي حالات نادرة لكن متوسط وزنه يفوق الـ10 كغم». وتابع موسى قائلاً ان «ابرز اطعمة الدعالج هي الحبوب بجميع انواعها، اضافة الى التمور»، منوهاً ان «افضل اوقات صيد الدعالج هي في فصل الشتاء، وخاصة في الليل عند اختفاء الضوء بشكل شبه تام».
إلى ذلك، أكد لؤي القادري (مختص بطب الاعشاب) ان «لحم الدعالج مذكور في كتاب (الام) للشافعي؛ على انه من مأكولات اهل العراق وتستعمل لحومه منذ قرون طويلة لعلاج امراض المعدة».
وانتقد القادري تزايد معدلات صيد الدعالج في ديالى، وبروز استعمالات كثيرة للحيوان منها الزينة او السحر، ما قد يؤدي الى هلاك الحيوان وانقراضه في السنوات المقبلة».
في حين أشار وحيد خليل المحمدي (صاحب محل لبيع الاعشاب الطبية في بعقوبة)، الى ان «لحوم الدعالج تعدّ دواء مجرباً للعديد من أمراض المعدة، منها القرحة، وجرى وصفه في هذا المضمار في أحد كتب طب الاعشاب المهمة».
واضاف المحمدي ان «لحم الدعالج طيب المذاق ويشبه الى حد كبير لحم الاغنام؛ الا ان معدلات الاقبال على اكله محدودة جداً بسبب شكله القبيح»، لافتا الى ان «الدعالج تعتمد في طعامها على الحبوب والخضروات والنباتات بأنواعها المتعددة».
وتابع ان «البعض يشتري الدعالج من أجل تحنيطه ووضعه كزينة في المنازل، اضافة الى ان البعض يستعمل اجزاء من الدعالج في اعداد خلطات سحرية».
وسبب تدني الانتاج الزراعي في بعض مناطق ديالى الى بروز مهن لم تكن معروفة من قبل، تعتمد على صيد حيوانات برية محددة مثل الثعابين والدعالج، اضافة الى الحيوانات المفترسة الاخرى التي يستعمل الجزء الاكبر منها في صناعة التحنيط او السحر او لأغراض دوائية علاجية.