صالح مسلم : عشر سنوات من الامتحان

  • بادئ الموضوع بادئ الموضوع Kurd Day
  • تاريخ البدء تاريخ البدء

Kurd Day

Kurd Day Team


يقال أنهم سألوا نابليون عن أصعب الأوقات التي مرت عليه فأجابهم بأنه وقت الامتحان. والامتحان يعني تطبيق ماتعلمه المرء عملياً على أرض الواقع و النجاح و الرسوب فيه مقترن بالنتيجة الأيجابية و السلبية و تأثيرها على مسيرة المرء ، وهكذا بالنسبة لنا نحن حزب الاتحاد الديموقراطي PYD ما زلنا في فترة امتحان نأمل فيها النجاح , فمنذ أن تأسس الحزب في 20/9/2003 و إلى هذه الأيام , أيام الذكرى العاشرة لتأسيسه 20/9/2013 نمر كل لحظة و عبر السنوات العشر في امتحان

عمل و نضال من أجل الوصول إلى نتيجة فيها ما هو الخير و الحرية لشعبنا و ، فقد استقينا النظري من مناهل شتى ولكن و الحق يقال أن معظمها كانت من مدرسة وفلسفة القائد أبو ومن تجارب الآباء والأجداد الذين قضوا حياتهم في صراع مرير مع أعداء الشعب الكردي منذ أواسط القرن التاسع عشر بشكل خاص مروراً بالمحطات البارزة في هذه المسيرة مثل الشيخ سعيد والسيد رضا وقاضي محمد وملا مصطفى البارزاني وعبدالرحمن قاسملو وشرفكندي ونوري ديرسمي والعم عثمان صبري. ولم يكن من المسموح لنا أن نرتكب أخطاءهم لأن الخطأ يعني عدم استنباط الدرس من سيرتهم أي خيانة لدمائهم وذكراهم حسب مفهومنا.

عندما تأسس حزبنا كانت العلاقات بين النظامين السوري والتركي تمر في فترة شهر العسل، وكان على الشعب الكردي في غرب كردستان دفع هذه الفاتورة، وهذا ما حصل وخاصة أن سرهلدان قامشلو جاء بعد أربعة أشهر ونصف من تأسيس الحزب، بل حتى أن الجماهير لم تكن تعلم بماهية الحزب، وفجأة وجد أعضاء ومؤيدو الحزب أنفسهم متهمين ومدانين بالتمرد والعصيان في مواجهة آلة القمع البعثية بجميع أجهزتها ووسائلها، وكذلك من جانب جميع الأحزاب الكردية ومواليها، مما أدى إلى اعتقال جميع الأعضاء والمؤيدين بدون استثناء وتعرض الجميع للتعذيب والإهانات بدون استثناء، و في فترات مختلفة، مما أدى إلى استشهاد كثيرين من الرفاق سواء تحت التعذيب مثل الرفيق أحمد حسين حسين (أبو جودي) أو القتل غدراً مثل الرفيقة شيلان كوباني ورفاقها الأربعة. شهادة هؤلاء الرفاق كما الشهادات الأخرى وضعت رفاقنا الحزبيين في طريق اللاعودة ، فالتراجع عن الأهداف التي استشهد من أجلها هؤلاء الرفاق يعني خيانة لدمائهم. وهكذا توالت الاستشهادات مروراُ بشهداء نوروز في قامشلو والرقة واستشهاد الاستاذ عثمان واالرفيق عيسى حسو ولا زالت المسيرة مستمرة وكل أعضاء الحزب مرشحون للشهادة.

خلال هذه المسيرة ومنذ الأيام الأولى تعرض الحزب للخيانة أيضاً، فقد ظهر من بين المنتمين إليه من أراد أن يضع الحزب في موقع مضاد لفلسفته وسبب وجوده ويجعل منه حزباً تابعاً أو تقليدياً في أحسن الأحوال، وهذا كان الفصل الثاني من الامتحان، فقد استطاع الحزب نفي هذه المفاهيم وإبعاد أصحابها عن صفوف النضال، وقيادة الجماهير في أصعب الأوقات، فقد مرت اوقات صعبة إلى درجة أن الأصدقاء التقليديين، ناهيك عن أعضاء ومؤيدي الأحزاب الأخرى، كانوا يتجنبون لقاء أعضاء الحزب خوفاً من بطش أجهزة القمع البعثية.

لم يتوانى الحزب عن إلقاء الخطوات التي تطور النضال ووسائله من مرحلة إلى أخرى، فما أن قام بتنظيم صفوفه حتى بدأ بتنظيم شرائح المجتمع، فكان اتحاد ستار ثم اتحاد الشبيبة، ثم تم إطلاق الإطار الذي يجمع كل ذلك تحت مظلته وهو إطار منظومة مجتمع غرب كردستان، ثم أعلن عن مشروع الإدارة الذاتية الديموقراطية في مؤتمره الثالث عام 2007 ، أما السنوات اللاحقة فقد كانت من أجل ترسيخ وبناء المنظومة التي جرى تبنيها نظرياً، فمن الطبيعي أن حزب وجميع الهياكل الأخرى في المنظومة تحتاج إلى كوادر متعلمة متدربة قادرة على القيام بالمهام التدريبية والتنفيذية على أرض الواقع، وخاصة أن النظام القمعي البعثي كان بالمرصاد لكل كادر ينكشف، مما أدى إلى امتلاء أقبية المخابرات ومعتقلات النظام بأعضاء وكوادر وناشطي الحزب ناهيك عن المتعاطفين والمؤيدين.

جاءت الثورة السورية في آذار 2011 بعد المؤتمر الرابع للحزب بأربعة أشهر ونصف مثل سرهلدان قامشلو تماماً، ولكن هذه المرة كان الحزب أكثر استعداداً وخبرة على الصعيد النظري والعملي، فكانت رؤيته المستقبلية ثاقبة وتحليله للمجريات سليماً وتوقعاته للتطورات أقرب إلى الواقع، فاختار أن يكون جزءاً من الثورة ولكن باللون الكردي والشعارات والمطالب الكردية، وتوجه نحو تنظيم صفوف الجماهير انطلاقاً من أن إرادة الشعب المنظم تماثل إرادة الله، وجعل من الدفاع المشروع عن النفس سياسة دفاعية للمجتمع في غرب كردستان، ونتيجة للنضال الدؤوب والعزيمة التي لا تلين تم تأسيس إطار "حركة المجتمع الديموقراطي" في غرب كردستان ونتخاب مجلس الشعب لغرب كردستان، كل ذلك من ثمار النضال الجماهيري الذي يقودها حزبنا، كما أن حزبنا قام بتطوير نفسه أيضاً عندما عقد أكبر مؤتمراته في عاصمة غرب كردستان قامشلو لأول مرة وبحضور آلاف الجماهير المدعوة، حيث تبنى الرئاسة القرينة (المشتركة) للحزب ورفع أعضاء مجلسه وعدل نظامه الداخلي وبرنامجه بما يتواكب مع المرحلة التي انعقد فيها المؤتر الاستثنائي الخامس في 19/6/2012.

بفضل النضال الذي خاضه شعبنا في غرب كردستان بطليعة حزبنا والمؤسسات المجتمعية التي كانت ثمرة للنضال وتنظيم المجتمع أصبح مجتمعنا في غرب كردستان قادراً على إدارة وحماية نفسه، من خلال الخطوة الثورية التي ألقاها في 19/7/2012، وخلال سنة من التجربة العملية في إدارة شؤونه، رغم كل العراقيل والعقبات الداخلية والخارجية مثلما نشاهد اليوم ، وأصبحنا قادرين على تقديم عشرات الشهداء في اليوم الواحد دفاعاً عن كرامتنا وشرفنا كمجتمع يتطلع إلى الحرية والانعتاق. ولا شك أن مجتمعنا في غرب كردستان بتركيبته التي نفتخر ونقول إنها "تركيبة الديموقراطية الطبيعية" بكردها الايزيديين والعلويين والسنة، وعربها وسريانيها وآشوريها وكلدانيها وأرمنها وتركمانها، يستحق كل الحرية والرفاه والتقدم الحضاري بعيداً عن الرجعية والتخلف والمفاهيم البالية.

نحن كقيادة وكوادر وأعضاء حزب الاتحاد الديموقراطي (PYD) وإدراكاً منا بالمسؤولية الملقاة على عاتقنا، وبمناسبة الذكرى العاشرة لتأسيس حزبنا، نجدد عهدنا لشعبنا ولشهدائنا وللإنسانية الديموقراطية بأننا لن نتردد لحظة واحدة في تقديم مانستطيع من أجل تحقيق الأهداف التي استشهد في سبيلها رفاقنا، وسنكون لا ئقين بذكراهم إلى الأبد.

والشعب هو الذي سيحكم إن كنا ناجحين في الامتحان أم لا إلى هذه المرحلة.

صالح مسلم محمد

الرئيس القرين للحزب

19/9/2013
 
عودة
أعلى