Kurd Day
Kurd Day Team

في خضم هذه الثورة السورية التي يبدو أنها قاربت شيئا فشيئا من خط النهاية بإتجاه اسقاط نظام البعث الذي ركب رأسه وتمسّك بالكرسي واعتمد اسلوب العسكريتاريا وقتل قرابة ربع مليون سوري وهجّر ونزّح أكثر من مليونين وقصف بالدبابات والمدافع والطائرات والصواريخ فدّمر أكثر من خمسة ملايين منزل ومنشأة وشرّد أهلها في إطار حملته الهمجية لتدمير البنية التحتية للبلد، والذي أصرّ على إشعال نار الفتنة الطائفية (بين الأكثرية السنية المحكومة والأقلية العلوية الحاكمة) التي باتت تتأجج وتتوسع دائرتها يوما بعد آخر لتتحول إلى صراع اقليمي بين الهلال الشيعي والمحيط السني، والتي قد تتطور (أي الفتنة الطائفية) إلى حرب عالمية أصبحت قاب قوسين أو أدنى من النشوب في الساحة السورية المشتعلة في ظل مناخات دولية ملبّدة بغيوم داكنة تخترق أجواء هذا الربيع الشرق أوسطي وتجعله رقعة جيوسياسية مضطربة في إطار لعبة كسر العظم التي تسبق عاصفة اعادة ترتيب المنطقة وفق ما تقتضيه مصالح شعوبها بالتراضي مع المصالح الدولية في عالم القطب الواحد الذي تحيا في رحابه معمورتنا.
في هذا الخضم وفي ذكرى ميلاد الحزب الديمقراطي الكردي في سوريا (البارتي) الذي تأسس بتاريخ (14-6-1957)، يجري اللعب بالضد من المصلحة القومية العليا لشعبنا الكوردي بغية تفويت هذه الفرصة التاريخية المواتية لنيل حقوقنا المشروعة المتجسدة بالفدرالية في اطار سورية ديموقراطيةاتحادية، حيث نجد بأنّ بعضا من الأوساط الشوفينية (لدى طرفي الصراع العلوي والسني) الناكرة لوجود وحقوق الكورد، تواصل ممارسة سياسة فرّق تسد داخل كوردستان سوريا، من خلال تحريك بعض أجنداتهم للسعي بإتجاه محاولة تعكير صفوة بيتنا الداخلي وتفريق صفوف المجلس الوطني الكوردي وخصوصا الإساءة لمكانة ودور حزبنا (البارتي) للنيل من عزيمته عبر قتل بعض قيادييه واعتقال كوادره وتخويف مؤيديه.
وبالرغم من أنّ البارتي يحترم العهود والمواثيق ويتحلى بأخلاق الكوردايتي ويرفض الإقتتال الكوردي ويواصل السير في مسيرة تلاقي وتوحيد صفوف الكورد، إلا أنّ الأمور تسير ـ مع الأسف ـ بالضد من إرادته وصوب تكريد الصراع من جانب واحد وفرض سلطة طرف واحد على الأطراف الأخرى بقصد قلقلة الأوضاع وزعزعة ثقة مجتمعنا بالحراك الذي يخوضه حزبنا بين جماهيره وفي إطار المجلس الوطني الكوردي، بالترافق مع إيقاظ بعض الجهات الإقليمية حين اللزوم لخلاياها النائمة وتسخير بعض ضعاف النفوس للعزف على مختلف الأوتار والرقص على أنغام المتربصين بحاضر ومستقبل شعبنا الكوردي الذي لا يمكن الشطب عله في الحاضر والمستقبل السوري لأنه يشكل ثاني أكبر قومية في سوريا.
وبهذا الصدد الحساس والمقلق، لا يكاد يمر يوما إلا وتطرق مسامعنا ثمة أصوات نشاز تنبعث من حناجر متخشِّبة تابعة لجهة ميليشياوية تعتبر نفسها حاليا حزبا حاكما!، لكنها ليست سوى نكره بشكلها وبمضمونها وبآفاقها وبسلوكها الدكتاتوري الذي يجعلها مغرورة وتطالب بأحقية فرض سلطة الأمر الواقع في الشارع الكوردي والتعالي على كافة أحزابنا الكوردية وفعاليتنا الإجتماية وخاصة على حزبنا (البارتي) والمزاودة عليه ومحاولة عرقلة نضاله بكافة السبل والوسائل المباحة وغير المباحة!، ليس هذا فحسب لابل إنهم اختاروا لأنفسهم حرفة ركوب موجة الشعاراتية والمطالبة بالسطوة السياسية والإدارية وتوجيه مختلف الإتهامات ضد البارتي الذي يواصل حراكه الديمقراطي السلمي بنجاح رغم أنه بات محاصَرا في دائرة مواجهة أنفلونزا طغيان هكذا طرف شارد وجانح وطافي فوق بحور الانصياع لأوامر أعداء شعبنا الكوردي الذين لطالما حاولوا تدجين البارتي وإدخاله تحت عباءتهم الشمولية لكنهم فشلوا وتقهقروا أمام إصرار أجيال البارتي الماضين بلا ملل ولا كلل في مواصلة المسيرة على هدى نهج البارزاني الخالد ووفق توجيهات السيد مسعود بارزاني رئيس كوردستان.
وبما أنّ النكرة لا محلٌّ لها في الإعراب بحسب قواعد علم النحو في اللغة العربية، وبما أن حزبنا أمسى في مواجهة حزب سلطوي ويفتقر إلى أبسط مقومات الوعي الديموقراطي، فلا بديل إذاً عن أنْ نحسب أكثر من حساب للتصدي له لمنعه من إيقاظ الفتنة الداخلية علما بأنه يدّعي بأنه "مدافع عن الكورد وكوردستان" ويطالعنا بشعاراته التي تدسّ السمِّ في الدسَم في كوردستان سوريا.
ورغم أنّ هذا الطرف المتربص بحاضر حزبنا والمعيق لوحدة حركتنا والمتخندق في خانة عرقلة مسيرة شعبنا المؤيد بغالبيته الساحقة للبارتي قولا وعملا، قد تحدّى إرادتنا وتمادى حدود صبرنا وتعمّد استخدام لغة الشطب والإلغاء ضدنا، إلا أننا اخترنا منذ البداية أن لا نتعامل معه بالمثل وآثرنا أن نتحلى بالصبر وأن نحتكم إلى جادة صواب العقلانية والتسامح وأن نحاول إقناع أنفسنا بأنَّ ما يدور حولنا ليس سوى مجرّد زوبعة في فنجان أو أنها في أحسن الأحوال ظاهرة عرَضية يمكننا إدراجها في خانة الرأي الأخر الذي نعترف به ونحترمه مهما اختلفنا مع أصحابه.
ولكنْ وبما أنّ الضغوطات والإستفزازات التي جرى افتعالها خلال الأشهر الماضية (تسلط وسطو الآبوجيين بالتعاون مع النظام على كافة المناطق الكوردية وهجومهم المسلح على عدد من قرى عفرين وقتلهم لأعضاء من حزبنا وعدد آخر من أهالي تلك القرى ومن ثم اعتقالهم 80 كادرا من رفاقنا دفعة واحدة ومايزال حبل الإعتقالات على الجرار) هي خرق فاضح لإتفاقية هولير التي تم توقيعها برعاية سيادة الرئيس مسعود بارزاني بتاريخ (11-7-2012) وهي ترمي إلى تحقيق أغراض ضغائنية جلّها ضرب عدّة عصافير بحجرة واحدة، ونظراً لأنّ الكيل قد طفح وأنّ السيل قد بلغ الذبى لأنّ "سلطة الأمر الواقع الآبوجية" تحاول أن تجعل النهش في لحم البارتي أمرا مستباحاً، فإننا نعطي الحق لأنفسنا بالبدء بإنشاء مؤسساتنا على أرض الواقع للدفاع بشكل سلمي من خلالها عن هذا الحزب العريق الذي ارتبط اسمه منذ بداية تأسيسه بالقضية الكوردية في كوردستان سوريا.
وبناء عليه وبما أنّ البادي أظلم، وفي الوقت الذي كنا نفضّل فيه وأد الفتنة وعدم الردّ لأنّ أفضل الردود هي أن لا تردّ على أحد، إلا أننا نجد أنفسنا مضطرين على البوح في الحين المناسب بخلفيات هذه الحملة الشعواء التي يتعرض لها حزبنا والمجلس الوطني الكوردي، ونريد أنَّ نعلن للقاصي والداني بأنّ قافلة البارتي ستسير على سكتها الصحيحة وستتسارع قدماً نحو الأمام، وإن البارتي إطار مؤسساتي متين وعصيٌّ على كل من يحاول الإساءة لمكانته التي سنصونها كما يصون الإنسان بؤبؤ عينه، ونؤكد بأنّ الألوف المؤلفة من كوادرنا المنضون في إطار تنظيمات البارتي في الداخل والخارج وخاصة العاملين كالجنود المجهولين في ساحتنا الداخلية المحفوفة حاليا بشتى المخاطر، سيواصلوا مراكمة نضالهم ولن يحيدوا قيد أنملة عن مسيرة الدفاع عن قضيتنا القومية العادلة.
وفي الختام وليس من قبيل توتير الأجواء أو التجني على أية جهة مهما كنا مختلفين معها...، وإنما من باب الدفاع المشروع عن الذات، نقول لكل الذين تراودهم أنفسهم الأمَّارة بالإساءة لمكانة ودور وتاريخ وحاضر البارتي: كفوا بلاءكم عن حزبنا لأنكم لن تنالوا أبداً من خطابه السياسي وخياراته النضالية والتزامه بوحدة الصفوف وأدائه الإيجابي لجهة تفعيل مؤسساته ومؤسسات المجلس الوطني الكوردي ودوره في توسيع دائرة أصدقاء شعبنا هنا وهناك، وإنّ المستقبل لناظره قريب ولن ينال المتربصون بالبارتي سوى الخيبة ولن يُبرؤهم التاريخ.
* مقالة منشورة في جريدة حزبنا الحزب الديموقراطي الكوردي في سوريا (البارتي) العدد (469) التاريخ (15-6-2013)