نوري بريمو: سوريا بين مشروعين متناقضين (سني ـ علوي)

  • بادئ الموضوع بادئ الموضوع Kurd Day
  • تاريخ البدء تاريخ البدء

Kurd Day

Kurd Day Team
ما بين تعنّت نظام الأسد العالق في مستنقع العسكريتاريا والمحتكم إلى منطق العنف وتجييش كافة مقدرات سوريا وضرب وحدتها وسوقها نحو التقسيم لصالح مشروعه العلوي وعدم إعترافه بالهزيمة وتمسكه بكرسي الحكم رغم أنه بات محشورا في خانة ضيقة عنوانها السقوط الحتمي بفعل ضراوة الثورة السورية المتحولة حاليا إلى حرب أهلية تستمد قوتها من نعرات طائفية لا غالب فيها ولا مغلوب، وبفعل تدخلات إقليمية محرّضة لطرفي الصراع، وبفعل عوامل دولية كانت متفرجة ولكن يبدو أنها توصلت إلى قناعة وتتأهب حاليا للتدخل العسكري الذي قد ينقذ سوريا من مختلف الأجندات والشرور.
وبين غرور المعارضة السورية الساعية لتنفيذ مشروعها السني القاضي بالهيمنة لوحدها على كافة مكونات ومقدرات سوريا، والسابحة في سيتوبلاسما أحضان الأكثرية السنية الساعية نحو اعادة أمجادها وبسط نفوذها في بلاد الشام!، والمخدوعة في نفس الوقت بالرهانات الإقليمية الخاسرة وبمشورات بعض العروبيين الشوفينيين والإسلاميين المتشددين!، والمحتكمة لمنطق إقصاء كافة مكونات البلد وكل الشعوب الجارة وخاصة الشعب الكوردي الذي لا يجوز تجاهله كطرف شريك يمتلك قدرا لا يُستهان به من عوامل الوجودية والبقاء والقوة للمساهمة في إنهاء العنف الدائر ولإسقاط النظام ولقلب معادلة الصراع لصالح الشعوب السورية عبر بناء دولة ديمقراطية علمانية تعددية إتحادية تنصف جميع مكونات البلد وتحقق الفيدرالية لكوردستان لسوريا.
وسط هذا التناقض لابل التناحر الشديد بين هذين المشروعين (العلوي والسني) المتصارعَين عبر العصور، يكون طرفا الصراع قد نسفا التاريخ المشترك بينهما وألغيا المشروع السوري من حساباتهما!!، وبسبب هذا الإلغاء يغوص البلد في أوحال الحرب الأهلية وتستمر دوامة العنف والعنف المضاد ويظل الشعب السوري حائرا ومترقبا وبلا حول ولا قوة ويدفع فاتورة الحساب بلا حساب!، وإذا نَحَتِ الأمور وفق هذا المنوال الطائفي فقد يتم إلغاء الدولة السورية من الخارطة السياسية.
ومع استمرار هذا العنف المجنون تبقى هواجس كافة الأقليات القومية والدينية والمذهبية قائمة على الرعب من الحاضر والخوف من المستقبل المجهول الذي سيكون محفوفا بمخاطر الوقوع بين فكي كماشة مشروعي الهلال الشيعي والمحيط السني!؟، وبما أنّ أهل سوريا يدوسون على المشروع السوري ويفكفكون الروابط والوشائج السورية بأيديهم، فستزداد مخاوف الشعب الكوردي وستبقى تحسباته حاضرة ومشروعة ما لم يحدث إنفراج متبادل بين كافة الأطراف وخاصة بين الجانب الكوردي من جهة وقوى المعارضة السورية والجيش الحر من جهة أخرى، لكونهم أفرقاء رئيسيون معنيّون أكثر من غيرهم بالشأن السوري الممنوع من الصرف والإعراب والحلول إلا عبر توافق كل المكونات المتفاعلة في بوتقة المشروع السوري وليس في ثنايا أي مشروع آخر، وهذا لن يحدث ما لم يُعِد كل طرف النظر بروحية مكاشفاتية توافقية في مجمل علاقاته وحساباته وتحسباته ومواقفه وأدائه ورهاناته الخاصة به وغيره، بإتجاه التأسيس العملي لتغيير حقيقي لا بديل عنه في هذا البلد المهدّد بالإنهيار والذي يشهد حراكا عنفيا أغرق الجميع وحصد رؤوس مئات الأولوف وهجّر الملايين ولايزال الحبل على الجرار مادام المتناطحون لا ينوون الإستفادة من الوقت بدل الضائع والتخلي عن بعض الرهانات والمشاريع الإقليمية المفضوحة علنا، وماداموا لايولون الأولوية للحوارت الداخلية بين أهل البلد (السنة والكورد والعلويين والكلدوآشوريين والدروز وغيرهم)، هذه الحوارات التي ستبقى تشكل المدخل الأسلم لتناول أي ملف عالق أو بالأحرى ناشب كما الصفيح السوري الساخن لا بل الذي قد يحترق بسعير نيران إقليمية.
وبهذا الشأن فإنّ المطلوب من المعارضة السورية أن تكفّ عن العَومِ في غياهب مشاريع إسلاماوية وعروباوية عفا عليها الزمن ولا تصلح سوى كمصدات كلامية في بازارات إجترار الماضي والوقوف على أطلال وتشظي الأمة العربية وسط هذا الربيع الشرق أوسطي الذي ينذر بأنّ الوقت قد حان لقوى المعارضة أن تتحرّر من خَبْوَتِها وتتخلّص من تلكؤها وتتخلى عن مشروعها العروبي السني وتتبنى السوريوية وتعترف بالآخر في إطار الخيار الديمقراطي الصائب صوب إعمار سوريا جديدة تتسع لكل السوريين وليس لفئة معينة تحلم بالطغيان على البلاد والعباد اسوة بما كان يفعله نظام البعث الآيل للسقوط عاجلا أم آجلا.
أما الجانب السياسي الكوردي فيُسْتحسَنْ أن لا ينضم إلى كلا هذين المشروعين المدمرَين للبلد، ويحق له السير بإتجاه إمتلاك عوامل ومستلزمات الحسم لصالح مشروعه الخاص (المشروع الكوردي) المطالب بالفدرالية لكوردستان سوريا، من خلال التخلّص حالة التلكؤ ومن بعض عُقَدِه الذاتية المَشوبة بنوعٍ منَ التشويش السياسي الناجم عن إعتماد أساليب غير مجدية ومفتقرة الى الكثير من مقومات التهيئة الذاتية المطلوب توفيرها اليوم عبر إعتماد خطاب سياسي حاسم في ظل توفّر ظروف سورية ومناخات دولية وشرق أوسطية جداً مواتية، وللعلم فإن هذا التلكؤ لا ينفي البتة بأنّ الجهود السلمية المبذولة من قِبَلْ المجلس الوطني الكوردي الذي يستمد قوته وشرعيته ومصداقيته من شارعه المساند له، ستثمر عنها حكما نتائج إيجابية لصالح قضية شعبنا الكوردي الذي يحق له أن لا ينضم إلى أي مشروع سوى مشروعه الكوردي، بسبب توافقها (أي تلك الجهود السلمية) مع ما تنحى نحوه الأسرة الدولية المثابرة على دَمَقْرَطة منطقتنا سواءً شاء حكامها أم أبوا.
ولعلّ الشارع الكوردي المُحتَقَنْ والمكتوي بنيران أطراف عديدة، والذي تسوده حالياً حالة هدوءٍ وقتي مرفق بالاستياء والقلق من عنجهية أداء هذه الجهة أو إقصائية تلك أو تقاعس وتسويفات جهات أخرى، قد يعطي الحق لنفسه وقد ينفذ صبره وقد لا يبقى منتظراً ليوم الفرج "الموعود"!، وقد ينتفض في الغالب ويتحوّل إلى حصان طروادة، إذ لا تستطيع أية جهة كانت صديقة أم معادية، أن تضمن ديمومة هذا الهدوء أو بالأحرى التحسّب النسبي المخيّم حاليا على أجواء كوردستان سوريا، حيث أنّ ما يجري هو ترقبٌ وحذرٌ ممزوجين بمختلف الاحتمالات والمراهنات والمفاجئات، وهو ليس كما قد يصفه البعض خوفاً من أية جهة أو نسياناً للمظالم القومية التي لطالما لحقت به عبر العهود الماضية.
ورغم أن كل طرف يغني على ليلاه جرّاء وجود هذين المشروعين الطاغيين على المشهد السوري الحالي، إلا أن الجانب الكوردي وخاصة المجلس الوطني الكوردي لايزال ملتزما بمشروع الدولة السورية ولم يكترث بأي مشروع آخر إنقسامي، ولايزال يعتبر نفسه شريكاً مكوّناً لسوريا وضلعاً أساسياً في مثلث هندسة أي حراك من شأنه إنقاذ أهل سوريا من بلاء التقاتل الذي قد يؤدي إلى إفناء البلد عن بكرة أبيه، ولا يزال يتبنى الدبلوماسية الإيجابية والحوار البناء مع كافة الشركاء وسيبقى ينبذ أساليب العنف لحل مختلف القضايا وخاصة قضيته القومية، ولكن هذا لايعني بأن لا يحترز ويحتفظ بحقّ إختياره للخيار الكوردي والبدء بتنفيذ المشروع الكوردي في الإطار السوري وبلا أي تأجيل أو تسويف قد يطالب به البعض الذي يتهرّب من الحلول ويتحجج بإعطاء الأولوية لإسقاط النظام!.
 
رد: نوري بريمو: سوريا بين مشروعين متناقضين (سني ـ علوي)

شكرا لالك بافي كدار
دمت بخير
 
عودة
أعلى