أوسكار عامودا
أوسكار عامودا
الإنســـــــــــــــــــا ن
الانسان المقهور يعيش في عالم من العنف المفروض , عنف يأتي من الطبيعة وغوائلها التي لا تستطيع لها ردعا ,والتي تشكل تهديدا فعليا لقوته وأمنه ( الأوبئة – الحروب ) هذا العنف يجعله يعيش في عالم الضرورة ..
في حالة فقدان متفا وت في قدره للسيطرة على مصيره , انه اعتبا ط الطبيعة عندما تقسو دون ان يجد وسيلة لحمايته .. للشعور بالأمن ازاء ماتشكله من تهديد, فتبدو أخطار الطبيعة مضخمة وبنفس القدر تتضخم مشاعر عجزه وقلقه ... يعيش الانسان في حالة تهديد الطبيعة الدائم وقلق متزايد وارتباك في توازنه ... ان كانت ستحمل له الخير من خلال عطائها أو البلاء من خلال قسوتها , القلق على الرزق والأمن يلازمه على الدوام بشكل مستمر وأينما كان ....مما يجعله يتقرب من القوى التي تسيطر على الكون ..
لدى الانسان المتخلف ميل سحري لأنسنة الطبيعة انه يصورها وكأنها ام معطاء رحومة, وتارة على صورة أب قاسي شديد العقاب وذلك يثير فيه أشد أشكال القلق الضمني .. انه يعيش بشكل نكوصي .. كل القلق والمخاوف التي عاناها في طفولته .. من حالات الاحباط والقسوة والاهمال التي ألمت به وتحيا في لا وعيه .. كعقاب له على ذنب وهمي اقترفه أو غلطة ارتكبها ...وعجز الانسان أمام هذه المشاعر التي تملأ عالمه , يعاني الانسان المتخلف عجزا شبه جذري أمام أهوال الطبيعة ... ( فالقدرية والأمثال الشعبية كلها محاولات سحرية لادخال بعض التنظيم على هذا الاعتباط .. بغية السيطرة عليه .. أما من خلال الاستكانة للمقدر المكتوب .. أو من خلال تبريره كجزء من طبيعة الحياة نفسها يجب قبوله )..
وهتاك عنف آخر تضاف الى القهر .. القهر الانساني.. تلك القوة التي يفرضها المتسلط عليه , أو المالك الذي يتحكم بقوته ..........
فتترابط حلقات القهر , وتقيد الانسان وتفقده السيطرة على مصيره .... فارضة عليه
قانونها , وبذلك يصبح الانسان لاحق له .. ولا قيمة.. الا ما شاء الطرف المتسلط أن يتكرم عليه .. لايجد الانسان مكانة له في علاقة التسلط العنفي هذه سوى الرضوخ والتبعية .. والوقوع في الدونية كقدر مفروض , وينتابه الاعجاب ويتضخم تقديره ... ... للمتسلط الذي يرى بان له حق شبه الهي في السيادة ............ وهي علاقة رضوخ ( مازوشي ) من خلال الاعتراف بحق فرض سيادة المتسلط , وتبرز هتا حالات التزلف والتقرب وبالتالي يصبح هذا الانسان الحليف الاول للمتسلط في حربه على الوجود الانساني ......................................
يعيش الانسان الانسان في حالة عجز ازاء قوى الطبيعة وغوائلها , وهو في حالة تهديد دائم لأمنه وقوته ..... وبذلك يفقد موقفه العام من الحياة .. ويقع في اسلوب التوقع والانتظار , والتلقي الفاتر لما قد يحدث , فينعدم لديه الثقة بالنفس .. اذلا شيء مضمون في وجوده ويصل الامر به الى حد انعدام الثقة بقدرة الغير على التأثير والتغير , مما يلقي به وبشكل نكوصي .. في الاتكالية على منقذ منتظر بشكل سحري .. أمام كل هذا العجز وانعدام في الثقة تجاه الاخرين يشكل لديه عقد تجعل الخوف يتحكم به ...... الخوف من السلطة ... الخوف من قوى الطبيعة هذه المشاعر تدفع به الى تجنب المجابهة والمواجهة .. نظرا لافتقار الثقة بنفسه , واحساسه بعدم القدرة ,
مما يؤدي به الى الانحسار ضمن حدود ضيقة , هي حدود الظواهر المألوفة لديه فهو يتجنب كل جديد ويتجنب الظواهر الغير المألوفة .. كل جديد يثير فيه القلق واحساس بانعدام الأمن .. ولذلك فهو يخشى التجريب , ويتشبث بالقديم والتقليدي مما يجعل عملية التحديث تجابه بمقاومة شديدة
....................................
ان طول معاناة الانسان المقهور , ومدى القهر والتسلط الذي فرض عليه .. تنعكس على تجربته المعاشة على شكل تضخم آلام الماضي , وتأزم في معاناة الحاضر , وانسداد آفاق المستقبل .....
يفقد هذا الانسان السيطرة على مصيره .. فينعدم الضمانات في الصحة والرزق ويبقى أسيرا للظروف , فلايدري متى يعمل ويحصل على قوته .. واذا عمل لايدري كم يستمر العمل وكم يدوم الرزق .....
فيتضخم لدى هذا الانسان بشكل غير محتمل آلام حاضره المعاش ومستقبل متشائم .. كل شيء يثير في نفسه خوف الكارثة .. ازاء هذا اليأس من الخلاص وأمام هذا الجهد الذي يبذله من قلق دائم وتوتر .. تزداد لديه العدوانية المتراكمة والمقموعة تكون قابلة للانفجار في أي لحظة ...
لكن الخوف من نتا ئج هذه العدوانية والخشية من فلتانها .. يضاعف جهده لقمع طاقته الحيوية من خلال فريد من الرضوخ الاستسلامي طلبا للأمن لايملك الانسان المقهور حلا سوى الهروب الى الماضي الخرافي أو الواقعي الذي قد تحمل أمجاده بعض العزاء له .. أو من خلال التمسك باوهام الخلاص السحري .. من خلال معجزة ما.....................................
(سيكولوجيا الانسان المقهور ) مع التعديل