في يوم الأم

بسم الله الرحمن الرحيم

في يوم الأم


عبد الناصر طاووس في 19/2/2012م الموافق لـ27/3/1433 من ربيع الأول

حظي الوالدان مكانة عالية في القرآن والحديث النبوي مالم يحظه مخلوق آخر ؛ وما ذلك إلا لدورهما الكبير في هذه الحياة . إذهما سر وجود الأبناء وسبب استمرار الحياة ؛والأم التي هي المرأة قال فيها سبحانه وتعالى : { وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِنْدَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلَاهُمَا فَلَا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ وَلَا تَنْهَرْهُمَا وَقُلْ لَهُمَا قَوْلًا كَرِيمًا [ الإسراء : 23/17]
وقال سبحانه : {وَاعْبُدُوا اللَّهَ وَلَا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا وَبِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَالْجَارِ ذِي الْقُرْبَى وَالْجَارِ الْجُنُبِ وَالصَّاحِبِ بِالْجَنْبِ وَابْنِ السَّبِيلِ وَمَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ مَنْ كَانَ مُخْتَالًا فَخُورًا } [سورة النساء:4/36] " هذه الأمور هي من الدين الذي اتفقت عليهالشرائع،" { وَقَضَى رَبُّكَ } والمعنى : قضاء دينيا وأمر أمرا شرعيا أنك بعد فراغك من بر الوالدين ، يجب أن تشتغل ببر سائر الأقارب الأقرب فالأقرب ، ثم بإصلاح أحوال المساكين وأبناء السبيل . "الرازي ج10ص 38 وتيسير الكريم الرحمن في تفسير كلام المنان.
"وأَمَر ربك -أيها الإنسان- وألزم وأوجب أن يفرد سبحانه وتعالى وحده بالعبادة، وأمر بالإحسان إلى الأب والأم، وبخاصة حالةُ الشيخوخة، فلا تضجر ولا تستثقل شيئًا تراه من أحدهما أو منهما، ولا تسمعهما قولا سيئًا، حتى ولا التأفيف الذي هو أدنى مراتب القول السيئ، ولا يصدر منك إليهما فعل قبيح، ولكن ارفق بهما، وقل لهما -دائما- قولا لينًا لطيفًا." التفسير الميسر: عدد من أساتذة التفسير تحت إشراف الدكتور عبد الله بن عبد المحسن التركي"ص17
وهي التي أوصى بها النبي(صلى الله عليه وسلم) حين قال: لرجل جاء يسأله من أحق الناس بحسن صحابتي ؟ قال: أمك . قال: ثم من ؟ قال : أمك.قال ثم من ؟ قال : أمك. قال: ثم من ؟ قال: أبوك . "وسئل مرة عن أفضل الأعمال فقال :" الصلاة لوقتها ،...... وبر الوالدين "
وفي صحيح البخاري عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما قال: سألت النبي (صلى الله عليه وسلم) أي العمل أحب إلى الله عز وجل ؟ قال: " الصلاة على وقتها " قال: ثم أي ؟ قال: " ثم بر الوالدين " قال ثم أي ؟ قال: " الجهاد في سبيل الله " فأخبره (صلى الله عليه وسلم) أن بر الوالدين أفضل الأعمال بعد الصلاة التي هي أعظم دعائم الإسلام.ورتب ذلك " بثم " التي تعطى الترتيب والمهلة.
فالآيتان تأمران بالإحسان إلى الوالدين والحديث الأول يقدم حق الأم على حق الأب ومعاملتها بالإحسان والحديث الثاني يبين أن فضل الأعمال الصلاة لوقتها ،ثم الجهاد في سبيل الله، ثم بر الوالدين .
وعن ابن عمر أنه رأى رجلا في الطواف يحمل أمه ويقول:

إني لـهـا مـطـية لا تـذعـــر ... إذا الركــاب نـفـرت لا تنفـر

ما حملتني وأرضعتني أكثر ... الله ربي ذو الجـلال الأكـبـر

ثم قال تظنني جازيتها يا ابن عمر ؟ قال : لا ولو زفرة واحدة وعنه عليه الصلاة و السلام : " إياكم وعقوق الوالدين فإن الجنة توجد ريحها من مسيرة ألف عام ولا يجد ريحها عاق ولا قاطع رحم ولا شيخ زان ولا جار إزاره خيلاء إن الكبرياء لله رب العالمين " وسئل الفضيل بن عياض عن بر الوالدين فقال : أن لا تقوم إلى خدمتهما عن كسل . وسئل بعضهم فقال : أن لا ترفع صوتك عليهما ولا تنظر شزرا إليهما ولا يريا منك مخالفة في ظاهر ولا باطن وأن تترحم عليهما ما عاشا وتدعو لهما إذا ماتا وتقوم بخدمة أصدقائهما من بعدهما . " إن من أبر البر أن يصل الرجل أهل ود أبيه "
وعن النبي صلى الله عليه و سلم : " رضا الله في رضا الوالدين وسخطه في سخطهما " وروي : " يفعل البار ما يشاء أن يفعل فلن يدخل النار ويفعل العاق ما يشاء أن يفعل فلن يدخل الجنة " وروي عنسعيد بن المسيب : إن البار لا يموت ميتة سوء . الكشاف :للزمخشري في صدر تفسير سورة الإسراء ،ج 1 ،ص 680و681 وابن كثير ج5 ص64و229.
« وروى البزار عن بريدة عن أبيه: ان جلا سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم وكان يطوف حاملاً أمه ، فقال : هل اديتُ حقها؟ قال : لا ، ولا بزفرة واحدة »
قال الإِمام ابن كثير : " وقد جاء فى بر الوالدين أحاديث كثيرة ، منها الحديث المروى من طرق عنأنسوغيره : " أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما صعد المنبر قال : آمين . آمين . آمين .
فقالوا : يا رسول الله ، علام أمنت؟ قال : " أتاني جبريل فقال: يا محمد، رغم أنف امرئ ذكرت عنده فلم يصل عليك، فقل: آمين فقلت آمين. ثم قال: رغم أنف امرئ دخل عليه شهر رمضان ثم خرج ولم يغفر له ، قل : آمين . فقلت آمين. ثم قال: رغم أنف امرئ أدرك أبويه أو أحدهما فلم يدخلاه الجنة . قل: آمين، فقلت: آمين ".
وعن مالك بن ربيعة الساعدي قال : " بينما أنا جالس عند رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذ جاءه رجل من الأنصار فقال : يا رسول الله ، هل بقى على من بر أبوي شيء بعد موتهما أبرهما به ؟ قال : " نعم : خصال أربع. الصلاة عليهما والاستغفار لهما، وإنفاذ عهدهما، وإكرام صديقهما، وصلة الرحم التي لا رحم لك إلا من قِبَلهما، فهو الذي بقى عليك بعد موتهما من برهما" .
وقال الحسن البصري : البرأن تطيعهما في كل ما أمراك يه ، مالم تكن معصية لله والعقوق:هجرانهما وأن تحرمهما خيرك ،وفي هذا بقولتعالى: { وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ وَقُلْ رَبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا (24) }فلا تمنعنهما من شيء يريدانه .
وقال فيها الإمام الخميني:" المرأة نصف المجتمع ومربية النصف الآخر"وأضيف وتلد النصف الآخر.
وكيف لا تتبوأ المرأة هذه المكانة وهي سبب الوجود بعد الله، وصلاحها صلاح المجتمع وفسادها فساده فهذا شوقي يقول :


وإذا النساء نشأن في أمية *** رضع الرجال جهالة وخمولا


وقال حافظ إبراهيم :


الأم مدرسة إذا أعددتها *** أعددت شعبا طيب الأعراق


إن للأمهات دوراً أكبر من ذلك فهذه الأم التي هي الزوجة والوالدة والمرضعة والمربية والمجاهدة والمقدمة للمجاهدين.
قال محمد صالح بحر العلوم :

لو أن لي ألف روح لافتديت بها * أما بإيمانهـا كـانت تغذيني

إن ثرت ضد طغاة قيدوا بلدي * رأيت في عينها شعبا يهنيني

كانت مثالا لخير الأمهـات وفي * سجل أعمالها خير البراهين

وحسبها شرفا أني الوحيد لها *وتشتهي لي موتا في الميادين

كأنما الثكل في هذا المجال لها*شكل من الخلد مضمونا بمضمون


نعم فالتي تهز الأرض بيمناها تهز العالم بشمالها ، فهي (الخنساء )التي قالت لابنها يوم أستشهد أبناؤها الأربعة يوم القادسية "الحمد لله الذي شرفني باستشهادهم وهي( أسماء بنت أبي بكر) التي قالت لابنها عبد الله بن الزبير رضي الله عنهما" :إن كنت على حق وإليه تدعو فامض إليه، فإن الشاة المذبوحة لا يضرها السلخ "
وهي التي وراء كل رجل عظيم وهي نصف المجتمع ومربية النصف الآخر ؛ فكيف لا يكون لها شأن عند الله ورسوله وعند الناس ؟بل جعل النبي (صلى الله عليه وسلم) إكرامها من عناوين الكرم لقوله(صلى الله عليه وسلم):"ما أكرمها إلا كريم وما أهانها إلا لئيم "، ولذلك فقد ركز الغرب على إفساد المرأة ؛ لأن في
إ فسادها إفساداً للمجتمع :أليسوا هم القائلون في بروتوكولاتهم: "علينا أن نكسب المرأة فمتى كسبناها ربحنا القضية ". أليس اليهود هم القائلون: "كأس وغانية تفعلان في أمة محمد ما لايفعله ألف مدفع ".
فهنيئا لك أيتها الأم والزوجة والبنت والحياة .
 
طبعا الاسلام كرم المراة بشكل عام والام بشكل خاص
شكرا لالك اخي
والله يجزيك الخير
 
عودة
أعلى