دانيال ميتران صديقة الشعب الكردي في الأيام الصعبة

  • بادئ الموضوع بادئ الموضوع Kurd Day
  • تاريخ البدء تاريخ البدء

Kurd Day

Kurd Day Team
clear.gif


دانيال ميتران صديقة الشعب الكردي في الأيام الصعبة

إبراهيم باجلان/خانقين

رزء الشعب الكردي في 22/11/2011 تشرين الثاني لهذا العام، برحيل واحدة من أصلب واخلص صديقاته في تاريخه المعاصر. تلك الصديقة البارزة والباسلة( دانيال ميتران)، التي وقفت إلى جانب شعبنا وساندت قضيته العادلة في المحافل الدولية، في فترة صعبة تعتبر من الفترات السوداء، والتي مرت عليه في تاريخه القديم والمعاصر، ولاسيما عقب اتفاقية الجزائر السوداء المخزية، في آذار 1975، وهي الفترة التي اتخذت أساليب قمع وتشريد الشعب الكردي منحى خطرا، بلغت ذروتها أواخر الثمانيات من القرن الماضي، وهي تلك الأعوام العسيرة المليئة بالإحزان والويلات، حيث ارتكب خلالها النظام الشوفيني العنصري، أفظع واقذر الجرائم والمجازر الجماعية البشعة ضد شعب كوردستان ، ابتداء بتهجير القرى الحدودية وبعمق(10) إلى (20) كيلومترات، ومرورا بالمجازر الكيمياوية في حلبجة وكرميان والى تخوم بهدنيان.

تلك الفظائع التي بلغت ذروتها في حملات الأنفال التي انتهت بابادة (180) الف مواطن كردي من النساء والاطفال والشباب والشيوخ الأبرياء . وفي سابقة لم يسبقه نظام آخر بارتكاب مثل هذه الجرائم ضد أبناء شعبه، كما قامت بتدمير(4500) قرية وقصبة كردستانية وتسويتها بالأرض. تلك الفواجع والمآسي الفظيعة التي تعجز الأقلام عن وصف أهوالها التي يشيب لهولها الولدان تلك الويلات والدمار التي ألحقها النظام العنصري الفاشي بديار الكورد ببرودة أعصاب وبضمائر ميتة، وسط صمت إقليمي ودولي رهيب ومخزي فرضتها* المصالح الاقتصادية والسياسية القذرة في تلك الأجواء القاتمة ارتفع صوت سيدة عظيمة ومناضلة باسلة من فرنسا، مخاطبة الضمائر البشرية قائلة وبصوت مرتفع ( لاتنسوهم إن الصمت يقتلهم). ولذلك استحقت وبجدارة لقب أم الكورد.

ام الكورد في سطور

ولدت السيدة دانيال ميتران عام 1924 في قصبة فيردون الفرنسية، من أسرة تعمل في مجال التربية والتعليم، وتشتهر بوطنيتها وحبها للحرية والكرامة. ولذلك عندما اختلت قوات ألمانيا النازية بلادها فرنسا خلال الحرب العالمية الثانية، انخرطت وأسرتها في النضال ضد النازية وخلال حرب المقاومة تعرفت على السيد فرنسوا ميتران الذي كان هو الأخر مناضلا في صفوف المقاومة، ومن هنا جاء تعاطفها مع القضية الكردية، لأنها ذاقت مرارة الاحتلال الأجنبي وقسوة النازيين المتغطرسين، لذا نذرت حياتها للدفاع عن حقوق وكرامة الإنسان في كل مكان، وكانت من مؤسسي منظمة فرنسا الحريات لمساعدة ضحايا الاضطهاد والقمع والفواجع في العالم* وفي عام 1944 اقترنت بالسيد فرنسوا ميتران والذي كان رئيسا للجمهورية الفرنسية سنة 1992، وكان له دور بارز في إصدار قرار المنطقة الآمنة في كردستان.

مواقف وتضامن السيدة ميتران مع الشعب الكردي

منذ العام 1989 بدأت تولي اهتماما خاصا بالقضية الكردية وظلت دائبة في جهودها المخلصة لمساندة الشعب الكردي حتى أخر أيام حياتها.

مؤتمر باريس اهم انتصار للقضية الكردية

ومن ابرز إعمال أم الكورد السيدة دانيال ميتران ، مبادرتها إلى عقد مؤتمر باريس في العام 1989، والذي عقد تحت عنوان الأكراد حقوق الإنسان والهوية خلال الفترة(14/15) تشرين الاول أكتوبر 1989 بمبادرة من مؤسسة- فرنسا الحريات و(المعهد الكردي) في مركز المؤتمرات الدولية. ذلك المؤتمر الذي وصفه الباحث والشاعر الكردي الأستاذ جلال زنكابادي بأنه يتعبر(صحوة للضمير البشري) ولأنه كان من أهم واكبر وابرز إحداث عقد الثمانيات في القرن العشرين الذي شهد تدمير كردستان وجينوسايد شعبها، والذي شارك فيه(245) شخصية عالمية وكردية و(85) صحفيا من بلدان أسيا وأوربا وأمريكا واستراليا. والذين تدارسوا طوال يومين مصير الشعب الكردي والسبل الكفيلة بتوعية الرأي العام العالمي بهذه القضية على نحو أفضل.* وساهم العديد من الشخصيات البارزة غير الكردية في المؤتمر بمداخلات صميمية وحميمة للتضامن والمؤازرة والتعاضد وقيمة جدا لكونها نابعة من إدراك وفهم صائبين وعميقين للقضية المطروحة ولان معظم الشخصيات المشاركة في المؤتمر كانوا من السياسيين والمفكرين ومن المناضلين من اجل حقوق الإنسان . ولهذا يمكن اعتبار مؤتمر باريس انعطافة تاريخية في تاريخ القضية الكردية ولم يقف الأمر عند هذا الحد في مساندة ومناصرة قضية شعبنا الكردي من قبل السيدة دانيال ميتران، بل وقفت بعد اقل من عشرة أيام على عقد مؤتمر باريس. عندما وقفت عندما وقفت إمام الكونغرس الأمريكي في 23/10/1989 في جلسة عقدت على شرفها لتدلي بشهادتها التاريخية وبدأت كلمتها بقولها المأثور..( لاتنسوهم إن الصمت يقتلهم)، هكذا وبفضل مساعي وجهود هذه السيدة العظيمة والمدافعة عن حقوق الشعوب المضطهدة – تم كسر طوق الصمت واختراق جدار عزل شعبنا، ليطلع العالم على حقيقة معاناة الشعب الكردي، وواصلت هذه السيدة العظيمة دعمها ومساندتها للشعب الكردي خلال الانتفاضة الشعبية عام 1991 وكان لها دور بارز في إصدار قرار حماية الشعب الكردي ومنع طائرات النظام من التحليق في المنطقة الآمنة. بعد تأسيس حكومة وبرلمان كردستان بذلت مساعيها الحميدة لدعم حكومة إقليم كردستان وخلال حرب الاقتتال أخوة المؤسف بذلت جهودا كبيرة لتقريب وجهات النظر بين الطرفين، حتى تكللت جهودها بالنجاح في عودة السلام إلى كردستان وإنهاء الاقتتال والى الأبد بين الإخوة.

لكل ماتقدم فان حالة الحزن والأسى الذي عم إقليم كردستان لرحليها وإعلان حالة الحداد على المستويين الرسمي والشعبي جزء من وفاء هذا الشعب الذي لاينسى أصدقائه المخلصين الذين دعموه آزروه في أيام المحن والشدائد، وهذا جزء من الوفاء لهذه المرأة المناضلة وعرفان بمواقفها المشرفة، ولأنه وكما قيل( عند ضيق يعرف الصديق).

وقد عبرت برقيات المواساة والعزاء لرحليها والمرسلة من الزعامة الكردية والقيادات الكردية ومن أعلى المستويات بدء برئيس الجمهورية ورئيس إقليم كردستان ورئاسة الوزراء والبرلمان، عن عمق الحب والاحترام والعرفان بالجميل والاعتزاز الذي يكنه شعبنا لهذه الصديقة الكبيرة والمخلصة لشعبنا كما تجلى الحب والاحترام بمشاركة حكومة إقليم كردستان في مراسيم التشييع والدفن. لان الشعب الكردي المعروف بوفائه لن ينسى هذه السيدة العظيمة دانيال ميتران أم الكرد أبدا.
 
عودة
أعلى