بصدور عارية سطروا ملحمة العودة في ذكرى النكبة 63
كاتب صحفي ومحلل سياسي سوري
ماحدث في الذكرى 63 للنكبة واضح وضوح الشمس في كبد السماء وقد أزال الجليد عن الطريق نحو العدو الحقيقي المتربص بالامة العربية والذي حاك خيوط الفساد فيها ودعم فرقتها وحواجزها . اليوم وفي هذه الملحمة زالت الحدود والتحمت الأجساد لتحتضن رصاصات الصهاينة لتقول هذه هي الحرية يا كل المتشدقين بها , أين هي الكذبة التي يسمونها حقوق الإنسان لعلها تنتظر أوامر أمريكا التي تنتظر بدورها أوامر الصهاينة , اين مشايخ السعودية للإفتاء بالجهاد والزحف لتحرير القدس وباقي المناطق المحتلة .
لنتحد معا أيها الشباب العربي ضد إسرائيل ولنخرج في مظاهرات سلمية كل يوم وكل ساعة إلى فلسطين والجولان وجنوب لبنان وغيرها لنعتنق شرف الشهادة أوتكتحل بنور النصر وألقه
ونقلت صحيفة يديعوت احرونوت الاسرائيلية عن عضو الكنيست المتطرف من حزب الاتحاد الوطني، ميخائيل بن آري، قوله ردا على قتل الجنود الإسرائيليين مواطنين سوريين اقتحموا بلدة مجدل شمس على الحدود السورية- الفلسطينية: " يجب منح الجنود وساما لما قاموا به، وعلى كل أم أن تعلم بأن كل سوري يقتحم الحدود سيُقتل.
وتوقع وزير الحرب الإسرائيلي ايهود باراك حصول محاولات جديدة وأكثر تعقيداً لاختراق الحدود مع إسرائيل في ظل ما حدث في يوم النكبة والذي أسفر عن سقوط العديد من الشهداء الفلسطينيين.
وزعم باراك أن جيشه تصرف "بحكمة" مشيرا إلى أنه لولا ضبط النفس لكان عدد القتلى وصل إلى المئات. وقال: إن جيشه سيحقق في أحداث مجدل شمس التي أسفرت عن استشهاد 10 أشخاص في ظل نجاح مئات المتظاهرين في اختراق الحدود والوصول إلى الجولان.
من جهته اعتبر رئيس الأركان الإسرائيلي السابق موشيه يعلون أن ما حدث يدل على أن إسرائيل مازالت تدافع عن وجودها، مشككاً بنوايا رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس بتحقيق السلام مع إسرائيل.
وطالب يعلون بالتحقيق في كيفية اختراق الفلسطينيين للحدود في مجدل شمس، مشيراً إلى أنه لم يكن هناك استعداد كافٍ رغم ورود معلومات استخبارية عن محاولات لاختراق الحدود.
إلى ذلك ذكر موقع/ نيوز1 /الإسرائيلي أن نجاح متظاهرين عرب باختراق الحدود في الجولان فجّر موجة اتهامات بين ضباط القيادة الشمالية في الجيش الإسرائيلي تركزت حول عدم جاهزية جيش الاحتلال لصد المتظاهرين السوريين قرب مجدل شمس.
وقالت مصادر في شعبة الاستخبارات العسكرية: إنها أبلغت ضباط القيادة الشمالية بأن متظاهرين من اللاجئين الفلسطينيين من سكان سورية سيصلون إلى منطقة الحدود. لكن القيادة الشمالية ردت بأنها تلقت معلومات عامة وغير محددة لاقتحام الحدود شمالي الجولان.
وبحسب الموقع فإن شعبة الاستخبارات العسكرية تلقي باللوم على ضباط المنطقة الشمالية، في حين تحمل هذه الأخيرة شعبة الاستخبارات كامل المسؤولية عما حصل.
وكان أعضاء كنيست طالبوا جيش الاحتلال باستخدام كل ما لديه من قوة لردع المتظاهرين الذين كانوا يحاولون اجتياز الحدود إلى الأراضي المحتلة.
وقال عضو الكنيست موشيه متالون: "إن التعامل مع عشرات الأشخاص بطريقة تنم عن الضعف والعجز، من شأنه أن يجر وراءه آلاف وعشرات الآلاف من الأشخاص في المرة القادمة".
من جانبه أعلن عضو الكنيست ميخائيل بن آري من حزب المفدال: إنه يجب التعبير عن كل الاحترام للجيش الإسرائيلي لاستخدامه القوة المفرطة ضد المتظاهرين. وأضاف: "إنه لا يجوز بأي حال من الأحوال أن تكون "حدود إسرائيل" مستباحة، وان على سورية أن تعلم أن كل من يحاول التسلل إلى إسرائيل، فإن حياته ستكون معرضة للخطر".
وقال بن آري: إنه "يجب على جنود الجيش إطلاق النار بكثافة على المتظاهرين, لأن أي تصرف غير ذلك من شأنه أن يجر مظاهرات مليونية في المستقبل".
بدورها صرحت ليئا نسيه نائب وزير شؤون المواطنة "أنه لا يمكن لإسرائيل أن تمر مرور الكرام على مشاركة فلسطينيي الداخل في مثل هذه المناسبة". وأضافت: "إن على الحكومة أن تضرب بيد من حديد على يد أمثال هؤلاء، وأن تسحب جنسيتهم فورا، ولاسيما في الوقت الذي يسعى فيه رئيس الحكومة جاهداً من أجل الحصول على اعتراف بإسرائيل كوطن لليهود, وعدم منح الفلسطينيين فرصة لإعلان دولتهم من جانب واحد".
وحيث أن قضية اللاجئين هي القضية الوحيدة المتبقية منذ الحرب العالمية الثانية والتي لم تجد طريقها إلى الحل بسبب تعنت الحكومات الاسرائيلية المتعاقبة مدعومة من الولايات المتحدة الأمريكية، برفضها الاعتراف بحق اللاجئين بالعودة إلى ديارهم وممتلكاتهم التي هجروا منها وفق القرار الأممي 194.
فمنذ ولادة القرار 194 كان موضع تجاذب بين الجانبين العربي والاسرائيلي، فإسرائيل كانت ترى فيه سيفاً مسلطاً على رقبتها رافضةً الاعتراف به سياسياً، وأدعت أنه لا ينطبق على الفلسطينيين لانهم لا يتمتعون بكيانية سياسية وليست لهم دولة، كما أنهم ليسوا مواطنين في دولة إسرائيل، وتهربت منذ اقراره من استحقاقات تنفيذه، معتبرةً أن عودة اللاجئين الفلسطينيين إلى ديارهم وممتلكاتهم من شأنه أن يقضي على إسرائيل كدولة صهيونية ويهودية في آن واحد. وكانت تدعو على الدوام إلى توطين اللاجئين الفلسطينيين في الدول العربية مدعية انه كما عملت إسرائيل على "احتضان يهود العالم" في دولتها، على العرب هم أيضاً ان يحتضنوا اللاجئين الفلسطينيين في بلدانهم. لكن هذا لم يحل دون أن تعيد الأمم المتحدة في دوراتها السنوية التأكيد على القرارالمذكور وعلى ضرورة تنفيذه.
ورغم مرور 63 عاماً على ولادة قضية اللاجئين، فإنها ما زالت تعيش ماثلة في الأذهان والعقول وفي البرامج السياسية للفصائل المختلفة وفي نضالات الشعب الفلسطيني، الذي ما زال متمسكاً بحق العودة والرافض لكل الحلول البديلة وما تم تقديمه في مفاوضات كامب ديفيد في تموز/يوليو 2000 وبما يتعلق بشكل خاص بقضية اللاجئين وحق العودة، أو مفاوضات طابا في يناير 2001. حيث ان ما تم التوصل اليه لا يتعدى حلول جزئية يتراوح بعودة بضعة آلاف من فلسطينيي لبنان وتشكيل صندوق للتوطين والتعويض دون تحميل إسرائيل أي مسؤولية عما حل باللاجئين، وحل وكالة الغوث وانهاء خدماتها على أن يحل محلها صندوق دولي لتغطية مصاريف حل قضية اللاجئين.
كما أن الدول العربية قدمت في قمة بيروت 2002 مبادرة للسلام أسقطت من نصوصها "حق العودة" وأشارت إلى "حل عادل متفق عليه مع الجانب الاسرائيلي"، مع الأخذ بالاعتبار رفض لبنان توطين اللاجئين في أراضيه ورفض الأردن استقبال المزيد من اللاجئين.
إن المشاريع المطروحة بما فيها المشاريع الأوروبية والتي تقوم على مبدأ اسقاط حق العودة لصالح حلول بديلة كمشروع توني بلير لاقامة خط قطار في الضفة الفلسطينية يقام على جانبيه مدن وبلدات جديدة تؤهل لاستقبال أعداد من اللاجئين وفي مقدمتهم اللاجئون في لبنان مقابل توطين الباقين في الأردن وسوريا على خلفية اندماجهم في المجتمع المحلي، وكذلك في عدد من الدول العربية "ذات الندرة السكانية" ودول المهجر في أوروبا وأمريكيا اللاتينية وأستراليا، أو مشروع ساركوزي الذي يتحدث عن عودة 5 آلاف لاجئ من لبنان يتم تسكينهم في النقب و5 آلاف آخرين يتم استضافتهم كأي جالية عربية ونقل الآخرين الى بلدان أخرى ورصد 80-100 مليار دولار لتوزيع التعويضات على باقي اللاجئين في الأقاليم الأخرى في الدول المضيفة.
في كل الأحوال تتجاهل هذه المشاريع والاقتراحات بشكل كامل مصير اللاجئين الفلسطينيين في الضفة والقطاع، وتفترض ان قضيتهم قد حلت ضمناً بمنحهم الجنسية الفلسطينية وحق المواطنة في الدولة الفلسطينية المستقبلية. كما تتجاهل في السياق ذاته مصير لاجئي 48 في اسرائيل الذين ما زالوا مشردين خارج ديارهم وممتلكاتهم التي هجروا منها وما زالوا يناضلون للعودة إليها، وتعتبر هذه المشاريع والاقتراحات قضيتهم مسألة إسرائيلية داخلية، في الوقت الذي يعتبرها أصحابها جزء من قضية اللاجئين في الشتات ينطبق عليهم القرار 194.
إن تحركات الشعب الفلسطيني من عموم الحركة الوطنية ومن ضمنها حركة اللاجئين تحت شعارات التمسك الحازم بحقق العودة إلى الديار والممتلكات التي هجروا منها ورفض الحلول التصفوية والبدائل القائمة على التوطين والتأهيل والتعويض. وأثبتت مرور 63 عاماً لم يضعف تمسك اللاجئين بحقهم بالعودة واثبتت هذه التحركات انخراط واسع للشباب بتأكيد حقهم على العودة رغم مولدهم في الشتات "مما يؤكد حق العودة" وهي حركة في كل مناطق اللاجئين في أراضي الـ48 و 67 والشتات والمهاجر.
إن تلمس المخاطر التي تهدد قضية اللاجئين وحقهم في العودة بتسليط الضوء عليها، يدعو عموم حركة اللاجئين في كافة مناطق تواجدهم والهيئات والمؤسسات الأهلية والمجتمعية لتسليط الضوء على هذا الخطر المحدق بهم ورفع الصوت من أجل التمسك بحقق العودة إلى الديار والممتلكات والتمسك بقرارات الشرعية الدولية ذات الصلة وفي المقدمة القرار 194، وكما فسرته اللجنة القانونية في الأمم المتحدة. والتحذير بالمقابل من أية محاولات للالتفاف على هذا الحق أو إفراغ القرار المذكور من مضمونه ودعوة المفاوض الفلسطيني إلى التمسك بهذا الحق مع رفض أي موقف يتجاوزه أو يتخلى عنه أو يعرضه للمساومة أو التجزئة أو يقايض به.
كما يتطلب من مجموع حركة اللاجئين إلى توحيد الصفوف دفاعاً عن هذه الحقوق بغض النظر عن الانتماء الحزبي والسياسي والتنظيمي.
تأتي الذكرى الثالثة والستين وشعبنا يعيش أجواء المصالحة بفرح وحذر شديدين تخوفاً من انتكاسة جديدة، وهذا يتطلب البدء بانجاز تطبيق الاتفاق على الأرض بعيداً عن المحاصصة مع الأخذ بالاعتبار تحفظات وملاحظات كافة القوى على الاتفاق. فالآن هو وقت انجاز الوحدة لأن المشكلة الأكبر هي الانقسام والاتفاق على برنامج مشترك مما يساعد التحركات الرئيسية للاجئين وفق الاتجاهات التالية:
- الابقاء على حق العودة مدرجاً على جدول أعمال الحركة السياسية الفلسطينية وتصلب الموقف السياسي والتفاوضي الفلسطيني والتمسك بحق العودة إلى الديار والممتلكات وفق القرار 194 كشرط لأي تسوية.
- الضغط على وسائل صناعة القرار واستطلاعاتهم للتعامل مع الرأي العام الفلسطيني والنضال من أجل صيغة يمكن للاجئين من ابداء رأيهم خاصة فيما يتعلق بحق العودة.
- تبني الملفات الرئيسية الضاغطة على أوضاع اللاجئين كملف اعادة بناء مخيم نهر البارد ومنع وقوع المخيمات في لبنان رهينة لسياسات لا تمت بصلة الى القضية الفلسطينية، كذلك ملف اللاجئين في العراق الذين يعانون الأمرين على يد الميليشيات المسلحة وسياسات التهجير للخارج.
- الضغط الجماهيري على الأونروا لوضع حد لسياسة تقليص الخدمات المباشرة المقدمة للاجئين وتحسينها وفك ارتباط الوكالة بالعملية التفاوضية ورفض ادخال اي تعديل على وظيفتها وعدم تعاملها مع مشاريع التأهيل بوجهة التوطين أو تخفيض الخدمات تحت دواعي العجز المالي.
- توسيع العمل الاعلامي والدعاوى وانجاز الدراسات والأبحاث واصدار المواقف والمعلومات عن اللاجئين وتطورهم، وايلاء اهتمام واسع بالتعبئة والتوعية بحقق العودة والقرار 194 بكل أبعاده القانونية والسياسية والتاريخية.
- رفع الغطاء السياسي والمالي وكافة أشكال الدعم المالي عن الشخصيات والمؤسسات التي تنخرط بالترويج لاسقاط حق العودة.
- رفض كل المشاريع التصفوية لحل قضية اللاجئين بما فيه مشروع أوباما الأخير والذي يقايض بين حق العودة والاعتراف بدولة فلسطين على أراضي 67.
تشكل الذكرى الثالثة والستون للنكبة محطة كفاحية جديدة لتقريب ساعة النصر والخلاص من الاحتلال وعودة اللاجئين، ولا نصر بدون انهاء الانقسام واعادة بناء الوحدة الوطنية بقوانين ديمقراطية تقوم على الشراكة الوطنية الشاملة وفق التمثيل النسبي الكامل داخل الوطن وفي اقطار اللجوء والشتات عملاً بمبدأ "شركاء في الدم شركاء في القرار"، والعمل على توحيد صفوف الحركة الوطنية الفلسطينية حول حقق العودة كحق مقدس وتوحيد صفوف الحالة العربية حول هذا الحق باعتباره حقاً وطنياً قومياً سياسياً انسانياً وقانونياً. ولتتضافر الجهود لتحمل من العام الثالث والستين لللنكبة عاماً للاجئين الفلسطينيين يحققون خلاله انتصارات ومكاسب تقربهم من ساعة العودة
درس وطنيات في يوم النكبة
لو كانت اسرائيل أكثر ثقة بعدالتها؛ ولو كانت اسرائيل ذات نظام أكثر انفتاحا – لأحيوا اليوم في كل المدارس في اسرائيل، اليهودية والعربية، ذكرى يوم النكبة. كان يمكن بعد بضعة ايام من احتفالاتنا بيوم الاستقلال التي تحدثنا فيها عن البطولة وعن الانجازات التي تستحق الفخر بها، أن نجيز اليوم درسا في المواطنة، درسا في المواطنة من نوع آخر، يعرض ايضا قصة الطرف الثاني المنكرة والمكبوتة. وما كانت لتسقط شعرة واحدة من شعر رؤوسنا لو فعلنا ذلك اليوم. أصبح من الممكن بعد 63 سنة والدولة قوية نامية أن نبدأ برواية الحقيقة كلها لا جزئها البطولي الذي تريح روايته فقط.
كان يمكن في هذا اليوم أن نقول لطلابنا انه يحيا الى جانبنا شعب يعتبر يوم فرحنا بالنسبة اليه يوم كارثته بسبب ذنبه وذنبنا. ويمكن ان نقول لطلاب اسرائيل انه قد جرت في حرب 1948، كما في كل حرب، غير قليل من المظالم وجرائم الحرب. ويمكن التحدث عن اعمال الطرد والمذابح – اجل وقعت مذابح واسألوا شيوخ 1948 – والتحدث عن المدن التي "طُهرت" والقرى التي أُخربت، وعن آلاف السكان الذين وُعدوا بالعودة خلال ايام وهو وعد لم يتحقق، وعن "المتسللين" البؤساء الذين حاولوا العودة الى بيوتهم وأملاكهم كي يُخلصوا من هناك بقايا حياتهم وقتلهم الجيش الاسرائيلي أو طردهم. يمكن فضلا عن أن ندع الفلسطينيين الاسرائيليين يتذكرون يوم تراثهم ويُعبرون عن ألمهم القومي والشخصي، وهو شأن يجب ان يكون مفهوما من تلقاء ذاته، أن ندرس ايضا عندنا نحن اليهود الرواية الاخرى.
يمكن تسويغ كل ما فعلته اسرائيل في 1948، وتمكن ايضا إثارة اسئلة صعبة – لكن يجب أن نعرف (كل شيء). يجب ان نعرف انه كانت هنا 418 قرية مُحيت عن وجه الارض، ويجب أن نذكر أنه كان أكثر من 600 ألف من أبناء البلاد هربوا أو طُردوا بغير عودة عن بيوتهم وأن أكثرهم يعيشون حتى هذا اليوم هم وذرياتهم – في ظروف بائسة يحملون مفاتيح بيوتهم الضائعة. ويجوز ويجب أن نروي لطلابنا انه يوجد لهذا القمر المضيء الذي يُسمى نهضة اسرائيل جانب مظلم ايضا. يجب أن ندرس هذا كي نعرف تاريخنا وكي نتفهم أشواق الفلسطينيين وإن لم توجد نية للاستجابة لها. بل يمكن أن نسمي هذا "إعرف عدوك"، لكن يجب أن نعرف.
يجب ان نعلم أنه تحت كل حرجة (حرش) تقريبا للكيرن كييمت تكمن خرائب حرصت اسرائيل على محوها لئلا تصبح أدلة عليها ومواقع تراث اخرى. ويجوز ان نعلم انه تحت "متنزه كندا" الزاهر تكمن أنقاض ثلاث قرى أخربتها اسرائيل ايضا بعد حرب الايام الستة وحملت سكانها في حافلات وطردتهم. ويجوز ان نوجه أنظارنا الى أنقاض البيوت التي بقيت على جوانب الطرق التي نصرف عنها وجوهنا وأن نتذكر أنه كانت فيها ذات مرة حياة. بل يجوز أن ننصب لافتات ذكرى، في ارض شواهد الذكرى تذكارا للقرى التي لم تعد موجودة ايضا. ويجوز ان نسأل كيف لم تبق على طول السهل الساحلي بين يافا وغزة قرية واحدة. ويجب ايضا ان نسأل لماذا أُحيط المسجد في قلب بلدة زخاريا بجدار وعليه اللافتة المثيرة: "حذارِ، مبنى خطر". كلا، ليس خطرا، هذا المبنى المقدس لهم. ويجوز ايضا ان نسأل أين يعيش اليوم أبناء زكريا التي قامت على أنقاضها زخاريا (الجواب: في مخيم اللاجئين البائس الدهيشة). ليس هذا بالضرورة كفرا بالأصل وليس بالضرورة خيانة للفكرة الصهيونية. هذه استقامة تاريخية وفكرية قد تكون شجاعة لكن الواقع يقتضيها.
في يوم النكبة هذا كان يمكن البدء برواية الحقيقة كلها. اذا كنا فخورين جدا بها فما الداعي الى اخفائها. واذا كنا نخجل منها فقد آن أوان الكشف عنها ومواجهتها. في اليوم الذي يتعلم فيه طلاب اسرائيل فقط عن النكبة سنعرف ان الارض لم تعد تحترق تحت أقدامنا وأن المشروع الصهيوني قد تم.
