bijar_love
Active Member
مصطلح كوردستان (كورد=القومية الارية الشهيرة ومعناها في الفارسية الشجعان أو الفرسان وستان=موطن أو مكان) فيكون المعنى بلاد الفرسان أو بلاد الشجعان وخلاصة الأمر إن صفة الشجاعة علامة مميزة و ملازمة للكورد عبر العصور المختلفة ، يطلق على المنطقة التي يعيش فيها الشعب الكوردي وهي تقع في المنطقة التي يطلق عليها اليوم تسمية الشرق الأوسط ، وتم استخدام هذا المصطلح لأول مرة في التاريخ في أواسط القرن الثاني عشر الميلادي ،عندما أقتطع السلطان سنجر السلجوقي جزءأً من إقليم الجبال للأغلبية الكوردية وأطلق عليها إسم كوردستان وعين عليها ابن أخيه السلطان سليمان سنة 1159م وكانت تشتمل على ست عشر ولاية .وينفرد بذكر هذه الحقيقة البلداني الفارسي حمد الله المستوفي القزويني المتوفي سنة 1350م . وكانت مصطلحاً إدارياً وسياسياً وإقليمياً وكانت مساحتها أصغر من كوردستان الحالية حيث كانت تشمل كل من كرمنشاه وهمدان ودينور وشهرزور وسنجابي .
علماً أن الرحالة الإيطالي ماركو بولو 1254-1323م سبق القزويني في إستعمال المصطلح ولكن مع إختلاف بسيط في التلفظ حيث أوردها بشكل كاردستان.
فيما يخص وضع المصطلح على الخرائط الجغرافية فإن إبن حوقل المتوفي سنة977م أول من دونه في خارطته لاقليم الجبال باسم (مصايف الاكراد ومشاتيهم). وفي فترة لاحقة ذكر محمود القاشغري في خريطته المناطق التي يعيش فيها الكورد وسماها ارض الاكراد عام 1076م.أما مصطلح العراق والذي يعني من الناحية اللفظية في العربية الاراضي النخفضة أو القريبة من البحر فاننا نلاحظ حتى الربيع الاول من القرن السابق لم يتجاوز حدوده الشمالية خط هيت تكريت [بل الذي كان معروفاً هو أرض ( ميزوبوتاميا ) وهو بالمعنى الحرفي للكلمة ( هبة اكبر نهرين في الشرق الاوسط - دجلة والفرات ) أو بلاد ما بين النهرين ويشمل كامل العراق الحالي وجزء من سوريا وبلاد الآناضول ] وبعبارة أخرى سلسلة جبال حمرين. وبهذا الشرح يتوضح لنا الجزء الجنوبي من حدود كوردستان
- وتحيط بكوردستان البلدان التالية :-
- من الشرق ايران.
- من الغرب تركيا وسوريا.
- من الجنوب العراق وايران.
- من الشمال تركيا وأذربيجان.
- تحديد مساحة كوردستان بشكل دقيق أو ترسيم الحدود لها ليس بالعمل السهل ، وقد ساعد في زيادة تعقيد هذا الأمر ما يلي:-
- تقسيم كوردستان من قبل الدول الإستعمارية الكبرى (خاصة بريطانيا وفرنسا)في أعقاب الحرب العالمية الأولى.
- قيام الدول التي تقاسمت كوردستان بتغير الحدود وذلك بتغير نسب الكثافات السكانية على الأسس القومية.
- عدم وجود إحصائات دقيقة ومحايدة للمناطق التي يسكن فيها الشعب الكوردي.
- الممارسات الشوفينية القومية العنصرية التي مورست من قبل الأنظمة الحاكمة والمسيطرة على كوردستان.
- وتقدر مساحة كوردستان بـأكثر من 400000 كم مربع ، وتقع أراضيها في كل من الدول التالية:-
- 194400كم مربع في تركيا.
- 124900 كم مربع في ايران.
- 72000كم مربع في العراق.
- 18300كم مربع في سوريا.
- ومساحات أخرى في أذربيجان وإتحاد جمهوريات السوفيتية السابقة.


فمن الناحية الستراتيجية لديها موقع مهم من العالم لربطها قارات العالم القديم-اسيا واوربا وأفريقيا .أما من ناحية الموارد الطبيعية ففيها نهرا دجلة والفرات والزاب الكبير والزاب الصغير وأراس وقزل أوزن وسيروان وغيرها كثير، وهناك بحيرات مثل بحيرة وان في كردستان تركيا وبحيرة أورومية في كوردستان إيران وأخرى .كما انها غنية بالمعادن والنفط حيث تنتشر الابار في اغلب مناطق كوردستان حيث يوجد في الجزء العراقي ابار خانقين وكركوك والموصل وفي الجزء التركي ابار سعرت وفي الجزء السوري ابار رميلان .كما تنتشر المعادن الاخرى مثل النحاس والكبريت والكروم والملح في كردستان العراق وتركيا والفحم الحجري في كوردستان ايران .كما ان الثروة الحيوانية وزراعة القطن والفواكه والخضروات وجميع انواع الحبوب كالاذرة والشعير والحنطة والرز وتعتبر من أهم موارد الدخل لسكان كوردستان.
يشكل الاسلام دين 95% من الاكراد وأغلبهم من المذهب الشافعي ومنهم من المذهب الجعفري ويعرف عنهم التمسك بأهداب الدين الحنيف تمسكاً قوياً وهذا ليس بعجيب فقد ذكرهم تبارك وتعالى في القرأّن المجيد { قُلْ لِلْمُخَلَّفِينَ مِنَ الْأَعْرَابِ سَتُدْعَوْنَ إِلَى قَوْمٍ أُولِي بَأْسٍ شَدِيدٍ تُقَاتِلُونَهُمْ أَوْ يُسْلِمُونَ فَإِنْ تُطِيعُوا يُؤْتِكُمُ اللَّهُ أَجْرًا حَسَنًا وَإِنْ تَتَوَلَّوْا كَمَا تَوَلَّيْتُمْ مِنْ قَبْلُ يُعَذِّبْكُمْ عَذَابًا أَلِيمًا } (سورة الفتح 16 ) فأورد ابن كثير شرح هذه الأية ( حدثنا أبي حدثنا ابن أبي عمر حدثنا سفيان عن ابن أبي خالد عن أبيه عن أبي هريرة رضي الله عنه في قوله تعالى "ستدعون إلى قوم أولى بأس شديد" قال هم البارزون قال ابن أبي عمر وجدت في مكان آخر حدثنا ابن أبي خالد عن أبيه قال نزل علينا أبو هريرة رضي الله عنه ففسر قول رسول الله صلى الله عليه وسلم "تقاتلوا قوما نعالهم الشعر" قال هم البارزون يعني الأكراد ) وكذلك ورد في تفسير العلامة الألوسي ((روح المعاني 149/8 )) أن المراد بأولي البأس الشديد ((الكورد )) على بعض الأقوال ، ويتوزع الباقين على الاشوريين واليهودية واليزدية و الكاكية والعلوية غيرها من الاديان .
- ويسكن في كوردستان قرابة 39 مليون نسمة يتوزعون على الشكل التالي:-
- 20 مليون في تركيا .
- 9 مليون في ايران .
- 6 مليون في العراق .
- 1.5 مليون في سوريا .
- وأقل من مليون في أذربيجان .
تأريخ ومنشأ الكورد
عاش الكورد قبل الميلاد بآلاف السنين في كوردستان أي الموطن الأصلي للكورد وقد خلق الله هذا الشعب كبقية الشعوب وأوجب عليه وعليها أن تتعارف أو تتدافع بالتي هي أحسن , وجعل الله في أفواه الكورد لغة كبقية اللغات في أفواه الشعوب, وجعل الله لهذا الشعب وطنا هي من أحب البلاد إليه شأن كل شعب يسكن أرضه ويحمي حدوده ويقيم عمرانه وحضارته. إن للكورد كبقية الشعوب أصلاً ضارباً في القدم وليس كما يحاول البعض تصويرهم على إنهم إما عرب إختلطت لغتهم بالعجمية أو كما يصورهم أعدائهم من الترك إنهم بدو الفرس فننصح كل من حاول الكتابة أن يدقق ويبحث بعلمية لأن ما يكتبه سيكون عليه كما قال الشاعر...
فما من كاتب إلا وتبقى كتابته وإن فنيت يداه
فلا تكتب بيدك غير شيء يسرك في الآخرة أن تراه
فأرضه أولاً هي مهد للحضارة وهذا ما لا ينكره عاقل فجبل الجودي وهو الجبل الذي رست عليه سفينة سيدنا نوح عليه السلام قال تعالى [ واستوت على الجودي وقيل بعداً للقوم الظالمين ] سورة هود\42 والذي يتحدث عنه العالم زينوفون إذ يقول إن اسم الجبل مأخوذ من كوردونيين [ الذي يذكره طه باقر عن بيروسوس وهو كاتب بابلي الذي يذكر الجبل بهذا الاسم ومعناه عندهم جبل الأكراد ] ، كما يذكر زينوفون في ( اناباز ) أو ( رحلة الألف ميل ) شعباً إسمه ( الكوردوخ )في عام 401-400 ق.م الذي كانت لهم صفات و خصائص و سماة مطابقة لأكراد اليوم ، وأطلق على أرض كوردستان إسم سوبارتو . وهؤلاء هم أحفاد الميدين والميدين أنفسهم هم أحفاد الكَوتيين والكاساي واللوللو وهي الشعوب التي سكنت جبال زاكروس قبل آلاف السنين .وأن أبا التاريخ هيرودوتس اليوناني الذي يذكر العناصر المكونة لجيوش اكسيرس قد ذكر الجيش الكرودي المذكور بهذين الاسمين: ساسبيرين والاردينز، في حين ان المؤرخين الايرانيين يذكرونهم باسم كورداه. ويذهب العالم الروسي ف. مينكورسكي في كتابه( الأكراد ملاحظات وانطباعات) إلى القول إنهم ينحدرون من القبائل القديمة التي سكنت غرب المنحدرات الشرقية لجبال طوروس وحتى زاغروس . وكلمة ( كور ) في السومرية تعني الجبل بحيث أن كلمة ( كوردي )تعني الجبلي في اللغة السومرية ، لهذا نركز دوما بتصحيح اللفظ من كردي والشائعة بين إخوتنا العرب إلى كوردي أي إستخدام الواو بدلاً من الضمة .
وقد أثبتت مباحث علمي الأنتروبولجيا والاتنولوجيا بالأدلة العلمية القطيعة، ان الكرد من الآريين وان هؤلاء الآريين قدموا هذه الجبال في عهد ما قبل التاريخ واندمج سكانها الأصليون فيهم بفعل الزمان والحضارة التي أحدثوها بها. فالخلاف الان بين العلماء منحصر في الزمن الذي قدم به هؤلاء الآريون الى هذه البلاد، ومن أين قدموا. وأحدث النظريات في هاتين المسألتين هي أنهم قدموا اليها ما قبل التاريخ من جهة اسكانديناويا. ومهما يكن زمن الهجرة ومكانها، فالذي لا يقبل الجدل ولا يتسرب اليه الشك بوجه من الوجوه هو ثبوت الحقيقتين التاليتين ثبوتاً تاماً في نظر العلماء الأخصائيين في علم الأجناس البشرية والأنساب:-
1 ـ أن الكرد أمة من الأمم الآرية ومن ذريتهم الخالصة.
2 ـ أن الكرد قدموا الى البلاد التي يسكنونها الآن منذ فجر التاريخ.
وهناك دليل آخر على أن الكرود من الأقوام الآرية القديمة وهو أن الدين الوطني الرسمي في كوردستان لغاية انتشار الاسلام كان " دين زرادشت " الذي لم يعرف إلا بين الأقوام الآرية، إذ كان ديناً وطنياً عاماً بين الآريين قاطبة. وبالرغم من مرور عصور مديدة على انقراض هذا الدين، فلا يزال يوجد في أنحاء كوردستان من هم متمسكين به ويبلغ عددهم ربع مليون شخص.
من الأدلة المهمة على كون الشعب الكوردي أصيل إنهم كانوا يتكلمون لغتاً لا تمت إلى أي من اللغات السامية المعروفة {العربية والعبرية والأكدية والأمورية . . . . . . الخ} ، وإنما تنتمي إلى المجموعة المعروفة بالهندواوربية والتي يتكلم بها {الكورد الحاليون والفرس والهنود وأغلب شعوب أوربا } وبدورها تشكل مع مجموعة لغات الأورال تاي { التي يتكلم بها الترك والمنغوليون والصينيون }مجموعة مجهولة أُطلق عليها إصطلاحاً مجموعة اللغات القفقاسية أو الاسيانية Asiatic . وتعود التسمية الاولى الى حقيقة ان بعض شعوب القفقاس تتكلم بلغات تعود بدورها الى مجموعة مجهولة كما ان هجرات شعوب كوردستان الاولى الى كوردستان قد جاءت من القفقاس .
كما يذكر المؤرخون أن الهجرات حدثت في الألف الثالث قبل الميلاد وكانت هذه الشعوب تسمى اللوللو lullu أو اللوللوبيين lullubi التي كانت تسكن المنطقة المحصورة بين نهري الزاب الأسفل وسيروان ( ديالى )أو ما يطابق محافظة السليمانية الحالية.ويرجح ان اندثار هذه الحضارة كانت منتصف الألف الأول قبل الميلاد.
والشعب الاخر الاكثر شهرة هم الكوتيون أو (الجوتيون ) Guti الذين استطاعوا بين القرنينالثالث والعشرين والثاني والعشرين قبل الميلاد من احتلال العراق وحموه لنا ما يقرب قرن من الزمان وموطنهم الاصلي غير محدد بدقة فقد يحتمل انه كان جنوب اللوللو او شمالهم وهو الارجح وقد يكونوا في الجنوب اولا ثم انتقلوا الى الشمال او كانوا موجودين في اماكن متعددة ثم ازيحوا من قبل الاقوام المجاورة. ان سبب هذا الشك يعود الى حقيقة ان اسمهم بالاضافة الى دلالات المحددة على شعب معين كان مصطلحا عاما يوصف به الكثير من الشعوب الجبلية الاخرى كما كان بلد الكوتيين Gutium وهي صيغة اكدية كان في كثير من الاحيان يطلق على المنطقة الجبلية شمال شرق وادي الرافدين او الجزء الاعظم من كوردستان العراق.وعمر هذا الشعب يقارب من عمر اللوللو.
وهناك إمارة أخرى لا تدع من شك في كونها أصل مهم من أصول الشعب الكوردي وهي إمارة كوردا . والشعب الاكثر انتشارا هم الخوريون Khurri المعروفون في المصادر العربية باسم الحوريين.وهذا الشعب كان يسكن ديار بكر وجميع ارجاء كوردستان الشمالية واقسام كبيرة من باقي كوردستان اي انه كان يسكن النصف الشمالي من كوردستان الكبرى .ويكاد هذا الشعب هو الوحيد الذي نعلم لغته بسبب من وجود مدونات بلغته تمت ترجمتها.
وكذلك من القبائل الكوردية المهمة هو الكوشيين أو (الكاشيين ) الذين كانوا يستوطنون جبال زاكروس وكانوا أقوياء البنيةاستولوا على كامل ارض سومر واكد بعد انسحاب الحيثيون منها وأقاموا دولة عضيمة استمرت 577 عاماً حكم خلالها 36 ملكاً وكانت عاصمتهم هي دوركوريكلزو الواقعة قرب عقرقوف حالياً.
وهناك قبائل كوردية أخرى كانت تعرف بالميديين وكانوا يتكلمون باللغة الهندو أرية ومن القبائل الأخرى القبيلة التي أقامت دولة اوراتو Urartu التي كانت مدينة توشبا الواقعة على ضفة بحيرة وان عاصمة لها.
وهذه هي الحضارات التي أنشأها الكورد في فجر التاريخ وقـد تأكـدت ولم تبق سوى شكوك أولئك الفاشيين حول هذه الدول وكورديتها ،ولكـن هناك دول وحضارات هناك بعض الشك كونها كوردية ولكن اللغة والأصل الهندو-أوربي والبنية الجسدية وكذلك عقدها للأحلاف مع الدول الكوردية تشير إلى كونها كوردية وهي:-
- العيلاميين.
- الحيثيين.
كوردستان تركيا
في اعقاب انهيار الامبراطورية العثمانية التي دامت اكثر من 600 عام والتي كانت تسيطر في اوج قوتها على جنوب شرقي اوروبا و معظم دول الشمال الافريقي و دول غرب اسيا، ومنذ تأسيس الدولة التركية الحديثة من قبل مصطفى كمال باشا الملقب بأبو الاتراك " أتاتورك " على طرازالانظمة الغربية وقيامه باحداث التغييرات في النواحي الاقتصادية والسياسية و الاجتماعية واللغوية واقامة ما يسمى بنظام علماني قومي على غرار النظام الفاشي في ايطاليا والنظام النازي في المانيا اللذان ظهرا في الربع الاول من القرن الماضي واسسا كيانين قوميين في اوروبا ، دأبت تركيا الكمالية على اتباع سياسة قومية عنصرية وشوفينية. منذ ذلك الحين وتركيا تستمر في نهجها بفرض سياسة الاستبداد والقمع ضد كل الشعوب الغير ناطقة باللغة التركية كالاكراد والارمن والسريان والعرب والاقليات العرقية الاخرى كاليونان واليهود القاطنيين في اسطنبول والمدن الساحلية التركية . وقد مارست السلطات التركية المتعاقبة سياسة التتريك والتطهير العرقي بكل وحشية، ولغاية يومنا هذا لايزال الشعار NE MUTLU TURKIM DIYENA " كم سعيد من يقول انا تركي " الذي اطلقه اتاتورك هو النهج المتبع في تركيا ويمكن للمرء ملاحظته اينما يذهب في المرافق الرسمية والمدارس والساحات العامة في المدن التركية قاطبة وبالاخص المناطق الكردية. ذهب الارمن ضحايا السياسة الشوفينية للاتراك عندما ابيد ما يقارب مليون ونصف مليون ارمني في مجازر رهيبة دبرت لابادتهم جماعيا في السنوات الاخيرة من الحكم العثماني. طالت تلك السياسة الاقلية اليونانية كذلك فكان نصيبهم التشرد والتعرض الى النهب والسلب خصوصا بعد اندلاع الحرب مع اليونان سنة 1922. ثم جاء دور الاكراد حيث اتبع سياسة لاانسانية في التعامل معهم بغية مسح هويتهم القومية بابادتهم وتشريدهم من مناطقهم بعد انهيار ثورتي " آرارات " و درسيم في الثلاثينات من القرن الماضي.
وكوردستان تركيا لا تختلف كثيراً عن باقي أنحاء كوردستان فنفس التاريخ والأصل يشتركون فيه وجغرافيتهم الموحدة وكذلك كانت كوردستان الشمالية مركزاً لكثير من الإمارات الكوردستانية في العصور الوسطى . كما شهدت تركيا الحديثة ومنذ تأسيسها عام 1923 العديد من الثورات و الانتفاضات الدامية ضد الطورانية التركية والتي أخمدتها السلطات بوحشية . ومن أهم هذه الثورات ، كانت ثورة الشيخ سعيد، والتي اندلعت في عام 1925 و كانت في رأيهم بمثابة ثورة شعبية شملت عدة مناطق كردية، حيث كونت بعض الشخصيات الكردية لجنة أطلق عليها لجنة الاستقلال الكردي، في أعقاب إعلان قيام الجمهورية التركية و كان الشيخ سعيد يجوب القرى الكردية ويمارس توعية الفلاحين وإقناعهم بضرورة إقامة دولة كردية وتحريرها من الظلم التركي لكن الحكومة التركية استبقت الأحداث ولم تمهل الشيخ سعيد حتى يكمل استعداده للثورة فقامت ببضع الأعمال الاستفزازية على أثرها ثار الأكراد في عام 1924 وأعلنت قيادة الثورة إنشاء حكومة كوردية مؤقتة وفي عام 1925 احتل الثوار الأكراد مدينة خربوط الهامة، و تسمى الآن(الازيج)، بالتركية وتقدمت القوات الكردية حتى وصلت ديار بكر وكذلك كوردستان العراق وسيطرت على أكثر من ثلث كوردستان ككل وأمام هذا الزحف السريع جردت تركيا حملة عسكرية بمساعدة فرنسا وأخمدت الثورة بوحشية غير مسبوقة وأصدرت الحكومة التركية منذ ذلك الوقت أهم قوانين الطوارئ التي تطبق في المنطقة الكوردية حتى الآن.
والأكراد ومنذ ثلاث عقود ثاروا مرة أخرى وبقيادة أوجلان والتي ذاقت من وطأته تركيا الأمرين حتى ألقت القبض عليه بمعونة إسرائيل وأمريكا .ولحد الأن تمثل كوردستان تركيا بؤرة توتر والتي لا بد من يوم تنال فيه حقوقها وتكون دولتها مع باقي أجزاء كوردستان الكبرى ، كباقي الشعوب فهم ليسوا أفضل من الكورد في شئ.
كوردستان إيران
عندما نتحدَث عن الحركات التحررية الكوردية في غرب كوردستان فإننا نعود – في أغلب الأحيان – إلى ماضيها وتجاربها وانتكاساتها وانشقاقاتها وواقعها الراهن، ولكن قلَة من المهتمين بها ينظرون إلى المستقبل وآفاقه والمخاطر التي يمكن أن تتعرَض لها في مسيرتها نحو الأمام وهي حركة منطقة جغرافية متوتَرة وتشَق طريقها في بحر لجَي شديد العواصف، ولم يسعفها الحظ يوما من الأيام لاقتناء سفينة قوَية وقادرة على تخطَي الصعاب..إنها حركة مجزَأة ممزَقة حسب رغبات وإشارات أعدائها وغير قادرة في هذه المرحلة على لمَ صفوفها وجبر أجنحتها المكسورة لجملة من الأسباب الذاتية والموضوعية، وفي مقدمتها الهجوم القمعي المتواصل للنظام العفلقي العنصري عليها منذ عقود طويلة في معركة غير متكافئة حقا. وهي في وضعها الحالي أشبه بقلعة "دمدم" الكوردية الأبية التي كانت محاصرة من كل أطرافها بجيوش المحتل الطوراني، أو ب"طروادة" التي أدخل الأعداء فيها حصانهم الغادر...ومن الأعداء من يرتدي عباءة المعارضة وينفي وجود شعب كوردي في سوريا ، كما ينكر وجود "قضية كوردية" على الإطلاق، ولكن بعض زعماء الكورد لا يزالون يعتبرون هؤلاء – مع الأسف – حلفاء محتملين مستقبلا. ( من كلام الأخ جان كورد )
في إيران كانت أول ثورة في القرن العشري تهدف إلى إقامة الدولة الكردية الكبرى المستقلة وقد استطاع سيمكو (إسماعيل آغا) أن يسيطر في الفترة 1925 - 1930على المنطقة الكردية غرب بحيرة اورميا وقام بالتنسيق مع الشيخ محمد البرزنجي في السليمانية كردستان العراق، وحققا معاً بعض النجاحات مما أخاف انجلترا فعملت على إضعاف الحركة.
و في عام 1925 سعى الحاكم الإيراني رضا خان إلى فرض سلطة طهران على كل الأراضي الخاضعة للدولة الإيرانية وأراد أن يتخلص من سيمكو والحركة الكردية لكن سرعان ما اندلعت ثورة أخرى في عام 1931 في جنوب كردستان إيران بقيادة جعفر سلطان وكانت محدودة وكانت بداية التحول في أهداف الحركة الكردية في إيران من المطالب القومية إلى المطالب الوطنية ففي عام 1944 تشكلت منظمة كردية باسم جمعية الإحياء الكردي ، والتي مهدت لقيام الحزب الديمقراطي الكردستاني في إيران وكان قاضي محمد وهو شخصية دينية و سياسية مرموقة في مهاباد من مؤسسي الحزب و كان برنامج الحزب: تحقيق الحرية في إيران و الحكم الذاتي في كردستان داخل الحدود الإيرانية و الإخاء مع الشعب الأذربيجاني وكل الأقليات غير الفارسية وبالفعل أعلن قاضي محمد في 1946 قيام جمهورية كردستان الديمقراطية ضمن الكيان العام الإيراني واستناداً إلى حقوق الشعوب في تقرير مصيرها ، وتم تشكيل الحكومة ورفع العلم كما تم عقد معاهدة بين الحكومة الكردية الجديدة وحكومة أذربيجان وحاول قاضي محمد التفاوض مع حكومة طهران حول علاقة جمهورية مهاباد وهي سلطة حكم ذاتي بالحكومة المركزية ولم تقبل إيران التفاوض وتمكنت من استعادة مهاباد وبسط سياداتها على الإقليم وانهارت الحركة الكردية.
واليوم كذلك الكورد ناشطون وسوف يتحقق الحلم مرة أخرى إن شاء الله .
كوردستان العراق
لابد من وقفة موجزة عن تأريخ كردستان العراق للتعرف على الأكراد وموطنهم وأثر الأسلام فيهم ، حيث دخل الأسلام الى هذه المنطقة في زمن الخليفة العادل ( عمر بن خطاب ) رضىالله عنه وذلك سنة 16 هجرية وقد دخل الأكراد في الاسلام ، فأسلموا وآمنوا به مع وصول أول قافلة من المجاهدين من اخوانهم العرب الذين حمّلوا اليهم راية الحرية والعدالة والمساواة ، وخرجوا من ديارهم لنشر الاسلام وتعاليم القرآن لأخراج اخوانهم البشر من عبادة العباد الى عبادة رب العباد ومن جور الأديان الى عدل الاسلام . وبهذا خرج الأكراد من الحكم الفارسي الجائر ودخلوا في حكم الاسلام . وأصبحت أرض كردستان قطعةً من أرض الخلافة الاسلامية ، وأصبح الكرد جزءً من الأمة الاسلامية ، وكانوا في خدمة الدين وبدأوا بالجهاد وتقديم التضحيات في سبيل هذا الدين . وشاركوا في أغلب الفتوحات الاسلامية في مراحلها المختلفة وفي كافة العهود من عهد الخلفاء الراشدين مروراً بالأمويين والعباسين والعثمانين ، وكل ذلك من أجل اقامة شعائر الله وتثبيت حكم الله في الأرض ، وهي أصل وظيفة الانسان في الأرض .
وبعد نشوب الحرب العالمية الأولى خلال سنوات 1914 – 1918 تم الاتفاق بين حكــــومتي ( بريطانيا العظمى وفرنسا ) سنة 1916 بأسم اتفاقية ( سايكس ـ بيكو ) للأقرار على توزيع الأراضي الاسلامية والعربية التي كانت تحت سيطرة الخلافة الاسلامية أو ( الدولة العثمانية ) آنذاك في حال هزيمتها في الحرب .
وعند انتهاء الحرب في ( 11 / 11 / 1918 ) تم توزيع هذه الأراضي فعلياً بين الحلفاء ، وموطن الأكراد ( كردستان ) ايضاً وقع عليه التوزيع بعد معاهدة ( لوزان ) سنة 1923م وزعت على هذه الدول ( تركيا ــــ ايران ـــ عراق ـــ روسيا ـــ سوريا ) بالرغم من وعد الحلفاء للأكراد بوطن مستقل حسب البنود ( 61 – 62 – 63 ) من معاهدة ( سيفر ) 1920 على غرار القوميات الاخرى التى كانت تحت حكم الدولة العثمانية . ولكن لوجود بعض الأسباب المعقدة والسرية وبعض المصالح الخصوصية للحلفاء دفع بالحلفاء الى الغاء البنود الواردة في معاهدة ( سيفر ) بشأن حقوق الأكراد . اصبحت العراق مستعمرة بريطانية و تحول فيها الوضع من سيء الى اسوأ في كافة مجالات الحياة .
بعد انتهاء الحرب العالمية الاولى سنة 1918 بدأ الحلفاء بتنفيذ اتفاقية سايكس بيكو ، وكان العراق من نصيب بريطانياالعظمى ، وفي حينه كان العراق مكـــــــوناً من ثلاث ( ولايات ) ، ولاية الموصل الشمالية ذات الأغلبية الكردية وفيها محافظة الموصل وكركوك وأربيل وسليمانية ، والاكراد في العراق 95% هم سنة على المذهب الشافعي . ولاية بغداد في الوسط وكانت أغلب سكانهامن العرب السنة ، وولاية البصرة وكانت اغلب قاطنيها من العرب الشيعة . (( و وضع العراق تحت الأنتـــــداب البريطاني ، وتأسست الـــــدولة العراقية في بغداد يوم 10/ 11 / 1920 ولكن المندوب السامي البريطاني احتفظ لنفسه بحق الأشراف على ولاية الموصل دون تدخل ادارة الحكومة العراقية بذالك )) (( وفي آب 1921أقيمت حفلة لتتويج الامير فيصل واعتبر ملكاً على العراق وتم قبول العراق كعضو دائم في مجلس عصبة الأمم بتأريخ 28 / 1 / 1923 مشروطة بان يعالج العراق كل المشاكل التي تخض (الجنسيات والأقليات والأديان ) ، ويحترم حقوق الأقليات ويحفظ كرامتهم )).
الأكراد بداؤا بمطالبة حقوقهم بالأستقلال والتمتع بحكومة كردية مستقلة كماجاء في معاهدة سيفر 1920م ، ولكن بضغط من الحكومة التركية بقيادة ( كمال اتاتورك ) الغيت بنود ( 61 –62 –63 ) مـــن المعاهـــــدة وحـــــل محلها معاهـــدة لوزان في 20 / 11 / 1923 وجاء فيها (( من الضروري الحاق ولاية الموصل جنوب خط بروكسل بالعراق العربي مع مراعات الأكراد من الناحية الأدارية وتعين الموظفين المحليين والأهتمام بالثقافة الكردية )) . وفي سنة 1924 اعلن رسمياً الغاء الخلافة واعلان دولة تركية مؤقتة طورانية علمانية مكانها . ان النظرة المجردة الى ماحدث في باريس أثناء مفاوضات الصلح وما نجم عن هذه المفاوضات من مناورات ومساومات واتفاقات ومعاهدات بين الدول الكبرى ،تجعل المتتبع يتفق تماماً مع ما علق به الدبلوماسي الأمريكي ( جورج كنين ) على معاهدات الصلح حيث قال (( لقد دونت مآسي المستقبل في هذه المعاهدات بيد الشيطان ،فأقل مايمكن أن يقال عنها انها لم تستطع أن تجنب البشرية مأساة حرب عالمية ثانية ))
(( والحقت ولاية الموصل بالعراق بقرار من عصبة الأمم 16 / 12 / 1925 ، وثبت خط بروكسل بصورة رسمية وفي 18 / 7 / 1926 تم تصديق معاهدة بروكسل بين العراق وتركيا وقد اعطيت 10% من نفط ولاية الموصل للعراق العربي )) .
خلال الفترة ما بين عام ( 1920م – 1945م ) حدثت في العراق ثورات كردية عديدة ضد الحكومة العراقية ، وكانت اسباب تلك الثورات مزيجاً من الشعور الديني والقومي والشكاوى المحلية وعدم التزام الحكومة بالألتزامات التي على عاتقها التي وعدت بالوفاء بها وانتشار الفوضى والتخلف الأقتصادي والأجتماعي ، ومحاولات الحكومة العراقية حل القضية الكردية باستخدام القوة بدلاً من الحل السلمي .
وقد قاد الثورة الأولى والتي استمرّت من ( 1920م –1930م ) الشيخ محمود الحفيد وكان مركزها السليمانية ، وتبعه في الأربعينات ثورة الشيخ أحمد البارزاني وشقيقه ملا مصطفى البارزاني على مدى ثلاثين عاماً وأكثر .
(( وفي عام (1945م ) دخــــل العراق كعضو في الأمــــــم المتحدة بعد تأسيسها وتم اصدار قرار في عصبة الأمم بتحويل جميع المعاهدات والألتزامات والبيانات الدولية الى هيئة الأمم المتحدة دون تغيير وتحوير ، وبقيت هذه الألتزامات في ارشيف الأمم المتحدة دون الغائها )) .
كوردستان سوريا
يمتد تأريخ الكورد في سوريا الحالية إلى ما قبل التاريخ حيث الكورد هناك كانوا جزئاً من السوباريون والذين كانوا يعرفون بالهورو Huru أو الخوريون ، والعالم هورست كلينكل يقول " أن الهوريين بدؤوا بالظهور في سورية منذ مطلع الألف الثالث قبل الميلاد و استطاعوا تسلم القيادة السياسية في عدد من الحواضر السورية .
و بحسب بعض المصادر أيضا فإن مواطن الهوريين كانت تمتد غربا لغاية جبال أمانوس على الساحل الشمالي الشرقي للبحر الأبيض المتوسط . إستمر الحوريون حتى القرن السابع عشر قبل الميلاد والذين إنفصلوا عن الشرق ليستقطبوا أقوام أرية كوردية أخرى ليشكلوا مملكة ميتاني ، والذين برزوا بشكل كبير في القرن السادس عشر قبل الميلاد.ولكن تحول الحكم من الأكراد الخوريون في كوردستان سوريا الى حكم الآشوريون عام 732 ق.م. ولكن هذا لم يستمر طويلاً حيث عاد الأكراد الميديون كقوة كبرى في شرقي كوردستان خلال القرن السابع قبل الميلاد فقد تمكنوا من القضاء نهائيا على الآشوريين عام 612 ق. م ثم تقاسموا مع حلفائهم البابليين بلادهم التي كان الآشوريين يسيطرون عليها . فنال البابليون كلا من جنوب البلاد ما بين النهرين و سورية و فلسطين حيث تشكلت الامبراطورية البابلية الثانية . أما الميديون فقد استردوا شمال ما بين النهرين و باقي كوردستان بكاملها بما فيها مناطق الهوريين و الميتانيين اضافة الى بلاد فارس و كبادوكية " مناطق الحثيين " في أواسط الاناضول حيث تشكلت امبراطورية ميديا الكبرى . ومع مرور الزمن تم في هذه الامبراطورية اختلاط كافة الفئات الكوردية فيما بينها بشكل عام بما فيها الهوريون و الميتانيون .
على أن خط الحدود التي رسماها بين امبراطوريتهما منذ ذلك الزمن يؤكد ما كانت عليه مواطن الهوريين و الميتانيين " أي شمال سورية الحالية و الجزيرة العليا " مناطق أساسية من كوردستان . إذ كان خط الحدود بين الامبراطوريتين بعد انحرافه غربا و اختراقه نهر دجلة الى الشمال من مدينة - أكاد - كان يتجه شمالا في قوس كبير الى الغرب من آشور و الموصل " تاركا إياهما ضمن كوردستان " ثم يتحنى غربا باتجاه شمال سورية الحالية ليجتاز نهر الخابور و يمر من جنوبجبل عبد العزيز و يجتاز نهر الفرات و يمر بجنوب جبل الاكراد ليصل الى الساحل الشمالي الشرقي للبحر الأبيض المتوسط .
تل موزان : قرب بلدة عامودة الذي اكتشف فيها جورجيو بوتشيلاتي قصر الملك توبكيش الهوري - وسبق الحديث عنه - ومن الآثار الهورية الرائعة هو ضريح " النبي هورو " الذي لايزال قائما منذ ذلك الزمن القديم سليما حتى اليوم في جبل الاكراد شمال غربي حلب . ولاشك في أن ما كان عليه هذا النبي من مكانة مقدسة بين الهوريين قد جعل اسمه يتمثل اسم الهوريين نفسهم . وهكذا نرى في ذلك كله ما يثبت بشكل قاطع استيطان الاكراد في شمال سورية منذ اقدم العصور ، وينفي نفيا قاطعا ادعاء الدكتور ذكار سهيل من أن الاكراد لم يستقروا في الجزيرة قط !.
حدثت الهجرات العربية إلى كوردستان مع الهجمات السامية المتمثلة بالآراميين الساميين والآشوريين هذا قبل الإسلام ، أما بعد دخول البلاد الإسلام وبالتحديد في عهد الخليفة المنصور ( 754-775م ) الذي كلف " يزيد بن أسيد " بالتوجه الى حران الواقعة بين تل أبيض جنوبا و أورفا شمالا لتحريرها من البيزنطيين وبعد أن نجح في مهمته فانه نظمها وأقام فيها . وفي هذه الفترة كانت هذه المنطقة من كوردستان هدفا لنزوح بعض القبائل العربية إليها و الأستقرار فيها كالقبائل اليمنية و بني قيس و النزارية . فكان ذلك هي المرة الثانية بعد الآراميين لتغلغل العناصر العربية الى هذه المناطق الكوردية و التي أصبحت فيما بعد على طرفي الحدود بين تركيا و سورية . و منذ القرن العاشر الميلادي و بعد اضمحلال الدولة العباسية و ضعف البيزنطيين في الغرب و كذلك انقسام الدولة السلجوقية التركية الى دويلات " أتابكية " و الصراع بينها و بروز بعض الامارات الكوردية تمثل دورها على مسرح التاريخ فان الشرق الاسلامي كان قد أصبح هدفا سهلا للصليبيين من الغرب ، ثم لقمة سائغة للمغول من الشرق ولما كان للاكراد الدور الرئيسي في الحروب الصليبية و الانتصار فيها ، فمن المعروف إن الدعم الكوردي للزعيم صلاح الدين الأيوبي كان يأتيه من جميع أنحاء كوردستان و تصله عبر تجمعه في الموصل و الجزيرة " بوتان " و ديابكر . وهذا ما يؤكد ثانية على كوردية الجزيرة في سورية الحالية .
أما بعد الحروب المذهبية بين الإيرانيين و العثمانيين على أرض كوردستان ثم احتلال العثمانيين للبلاد العربية منذ عام 1516م و الذين تقاسموا كوردستان مع الإيرانيين . فكان هناك كوردستان الإيرانية و كوردستان العثمانية التي من ضمنها كوردستان سورية التي عرفها العثمانيين باسم ولاية حلب العثمانية . كما ان تلك الامارات الكوردية السابقة الذكر قد أصبحت منذ عام 1747م تحت حكم الدولتين المباشر .
إن ما عاناه الاكراد من الفرس بين العهد المكدوني وأخيرا من العثمانيين ما لبث أن أصبح حافزا قويا أثار المشاعر ضد كل ما هو مجحف بحقهم كأمة لها كيانها خاصة لما كانت عليه العصور الحديثة آنذاك من خصائص الروح القومية بين الشعوب . فكان أن حدث انعطافهم التاريخي نحو المصلحة القومية الكوردية .الامر الذي أدى مجددا الى بروز إمارات كوردية حديثة و ثارت ضد العثمانيين المحتلين الذين نجحوا في القضاء عليها تباعا . وقد اخترنا من هذه الامارات في كوردستان ما كانت مناطق كل منها تشمل أجزاء من شمال سورية الحالية أبان احتلال العثمانيين للبلاد العربية و عدم وجود أية حدود سابقة وعلى الرغم من فشل هذه الثورات فإن الباب العالي كان يبقي على علاقته بتلك القاعدة الاجتماعية الكوردية التي كان بوسعه الاعتماد عليها في حروبه ، وكم من مرة نال البعض من زعماء هذه الثورات العفو السلطاني العثماني .
ان أولى هذه الثورات كانت في "امارة جانبولات=جنبلاط 1607م "وكان مركزها "كلس" التي كانت تشمل جبال الاكراد الى الغرب منها و كذلك منطقة حلب الى الجنوب الشرقي منها أيضا وبعد ان قتل العثمانيون أميرها " الأمير حسين " الذي كان يتولى شؤون الامارة من حلب لأنه لم يلتحق و رجاله بالسلطان العثماني في إحدى حروبه فما كان من أخاه "الأمير علي " إلا ان أعلى الثورة من حلب ولكن العثمانيين قضوا عليها .
كما أن إمارة بدرخان باشا خلال الاعوام ( 1812-1848 م ) كان مركزها " جزيرة بن عمر = بوتان " الواقعة في تركيا الحالية قرب الحدود السورية في أقصى الشمال الشرقي منها .
أما امارة إبراهيم باشا المللي فكان مركزها "ويران شهر" الواقعة الى الشمال من بلدة رأس العين وكانت تمتد الى الجنوب من رأس العين لمسافة تزيد عن "50" كم داخل شمال سورية الحالية أيضا و قد ثارت هذه الامارة بعد ان اتحد الاكراد و القبائل العربية التي كانت تستقر في هذه المنطقة منذ أيام العباسيين . إلا أن العثمانيين ضيقوا الخناق على إبراهيم باشا في جبل العزيز و قبضت عليه و أعدمته عام ( 1908 م ) ويقول السيد فؤاد عليكو و هو من أبناء المنطقة و العارفين بأحوالها أن إبراهيم باشا دفن في قرية "صفيا الحالية شمال مدينة الحسكة .
وعلى ذلك فان المناطق الكوردية من هذه الامارات في شمال سورية الحالية يثبت أيضا قدم استقرار الاكراد فيها و مدى ما كان بين هؤلاء الاكراد أصحاب الارض الأصليين و بين العرب و الآشوريين من علاقات وطيدة.
أما منذ أواخر القرن التاسع عشر الميلادي وما حدث للاكراد من مآسي بعد قضاء الاتراك على ثوراتهم الآنفة الذكر و غيرها . فان مناطق هؤلاء الاكراد في شمال سورية و بالاخص منطقة الجزيرة أصبحت مرة أخرى عرضة لتواجد بعض القبائل العربية فيها بدءا بقليل من الاعراب " الشوايا " الذين تبعثروا على ضفاف الخابور جنوب الحسكة .
وعن هذه الفترة فان السيد عبد الحميد درويش و هو من أبناء المنطقة و العارف بأحوال الجزيرة يقول في كتيبه " لمحة تاريخية من اكراد الجزيرة " كانت الجزيرة في أوائل هذا القرن يسكنها عدد قليل من السكان قدر آنذاك بحوالي أربعين ألف نسمة و كانوا ينتمون الى العنصر الكوردي و العربي و قليل من اليعاقبة. و كانت العشائر العربية في حالة البداوة و هي الطي و كانت تسكن جنوب القامشلي و الجبور و حول الحسكة ثم البكارة في منطقة جبل عبد العزيز و الشرابيين في منطقة رأس العين و عدد قليل من عشيرة "شمر" التي كانت في غالبيتها الساحقة في العراق . أما الاكراد فكانوا نصف حضر يسكنون الى الشمال من هؤلاء العرب وفي الجزيرة العليا جنوب سلسة جبل طوروس في العديد من القرى وهم ينتمون لعدد من العشائر الكوردية . وينقل عن السيد محمد علي إبراهيم باشا في مخطوطته المعدة للطبع تعداده للعشائر الكوردية الموجودة في الجزيرة عندما قامت عشيرة شمر عام ( 1904 ) بحملة واسعة ضد عشيرة الملية الكوردية التي كانت تنافسها على النفوذ في منطقة الجزيرة ، و ان العشائر الكوردية في الجزيرة آنذاك كانت ميران - سنان - آشيتية - عباسيان - اليان - دقورية- ملاني خضر - كيكية وهذا منقول عن شهادات العشرات من المعمرين عربا و أكراداً وعن العديد من المؤرخين و الوثائق المكتوبة .. مما يثبت و جود العشائر الكوردية المذكورة في هذه المنطقة منذ أمد بعيد ،على عكس ادعاءات الدكتور زكار من أنهم قدموا إليها بعد ثورة الشيخ سعيد عام 1925م .
أما بعد خروج العثمانيين من البلاد العربية في الحرب العالمية الأولى ( 1914-1918 ) واحتلال الفرنسيين و الإنكليز لها و اقتسامها بينها بموجب اتفاقية سايكس بيكو 1916 ، فان هذه الاتفاقية الاستعمارية قد اشتملت على تقسيم كوردستان العثمانية أيضا بحيث قسمت بين تركيا و كل من العراق و سورية اللتان أنشئتا حديثا ، وبقي القسم الشرقي من كوردستان تحت الحكم الإيراني . فكان أن حرم الاكراد من الانتفاع بمبدأ تقرير المصير للشعوب الواقعة تحت السيطرة العثمانية الذي أعلن رسميا آنذاك الامر الذي أصيب معه الاكراد باكبر نكسة عرفها تاريخهم الحديث .
وما أن تم رسم الحدود بين تركيا و سورية فان الخط الحديدي الذي أنشى بينهما قد قسم تلك العشائر الكوردية و العربية الى قسمين قسم بقي ضمن حدود الدولة التركية و القسم الآخر اصبح تابعا للدولة السورية .
وعن العشائر الكوردية التي أصبحت إلى الجنوب من هذه الحدود ، ينقل السيد عبد الحميد درويش في كتابه عن الاستاذ احمد مصطفى زكريا بتعرضه لهذه العشائر في كتابه (عشائر الشام 1917) حيث يقول "على أن السواد الأعظم من عشائر الاكراد يقطن محافظة الجزيرة و يمتد من أقصى شمالها الشرقي في قضاء ديريك قرب نهر دجلة و يتجه نحو الغرب الى قضاء القامشلي ثم الى ناحية رأس العين (ص658) ثم يعدد هذه العشائر من الشرق الى الغرب كما يلي " ميران- الحسنان- هاوركية- آ ليان- آشيتية -أطراف شهر- بوبلان- الموسينية- بينارعلي- ملاني خضر- دقورية- الكابارة- الكيكية-الملية " ص659-664 "
وما أن استقرت الاحوال في سورية بعد الاستقلال حتى بدأت الاوساط الشوفينية منذ أوائل الخمسينات تدعوا المسؤولين من اجل القيام بتطبيق سياسة التمييز القومي حيال الاكراد بهدف القضاء على تطلعاتهم القومية ، وذلك عبر اجراءات استثنائية من شأنها العمل على هجرة الاكراد من الجزيرة و صهروهم في المجتمع العربي وكان على رأس هؤلاء - محمد طلب هلال - ضابط الأمن السابق في الحسكة الذي جاهر علانية عام 1962 بكل ما يتعلق بهذه الاجراءات العنصرية و قام الاخذ بها ، فكان أن بدأ بتطبيقها في محافظة الجزيرة حيث تم أولا تنفيذ مشروع الإحصاء الاستثنائي بتاريخ 5-10-1962 الذي أدى الى تجريد 150 ألف مواطن كوردي في محافظة الجزيرة من جنسيتهم السورية و اعتبروا لاجئين بعد أن حرموا من حقوقهم المدنية و بعد سنوات تم تنفيذ المشروع الاستثنائي الآخر الذي سمي بالحزام العربي حيث جرى بموجبه مصادرة الاراضي التي كان يستقر فيها آلاف العائلات الفلاحية الكوردية و يستثمرونها أبا عن جد ووزعتها على العائلات العربية التي جلبت من الناطق التي غمرتها مياه سد الفرات و من مناطق داخلية أخرى و اسكنتها في قرى أنشأت لهم على طول الشريط الشمالي للجزيرة و المتاخم للحدود التركية ، فكان ان تم ما استهدفت اليه الأوساط الشوفينية و فصلي بين أكراد سورية و تركيا على طرفي الحدود . هذه الاجراءات الاستثنائية و سياسة التميز العنصري كان لها فاعليتها و تأثيراتها اللاإنسانية المباشرة على كافة الاكراد في الجزيرة دون غيرها من القوميات الاخرى سواء من الناحية الاقتصادية و أقلها ندرة العمل الزراعي و فرض العمل الاخرى ،أو الاجتماعية من حيث الفقر و الحاجة و التخلف أو الثقافية و حرمان الكثيرين من الاكراد من الارتقاء بمستواهم الثقافي عبر المراكز الثقافية و المعاهد العليا أو السياسية و منع الاكراد من مزاولة حقوقهم االثقافية الكوردية و ممارسة فلكلورهم الشعبي ، علاوة على معاناة المجردين من الجنسية و حرمانهم من الحقوق المدنية الامر الذي جعلهم محرومين من اللحاق بركب الحضارة البشرية المتطورة.
ومما زاد في هذه المعاناة عندما استقدمت الدولة آلاف الموظفين العرب الذين شغلوا الوظائف في مختلف دوائر الدولة و مؤسساتها و مدارسها و معاهدها الثقافية و قدمت لهم و لعائلاتهم التسهيلات اللازمة للسكن في الجزيرة في الوقت الذي منع فيه العنصر الكوردي من شغل هذه الوظائف ، حتى أنه منع من نقل مسكنه من مكان لآخر ضمن حدود المحافظة الادارية ، وإذا ما أراد بناء دار أو ترميمه أو شراء مسكن أو أراضي زراعية أو آ لية وجب عليه مراجعة الجهات الأمنية بخصوص ذلك .
أما أسلوب التعريب فقد شمل أسماء القرى و البلدات الكوردية المعروفة بأسمائها الكوردية منذ القديم و استبدلت بأسماء عربية تتبعا لما سبق لتركيا و قامت به في كوردستان الشمال حتى جبل الاكراد " منطقة عفرين " التابع لمحافظة حلب و المعروف بهذا الأسم منذ القديم قد استبدل باسم " جبل حلب " . و في هذا الخصوص يقةل المنصف العربي في مجلة الحوار ردا على المحامي ممتاز الحسن الذي يقول " إن الجغرافيا ترتبط ارتباطا و ثيقا بالتاريخ " . فيجيبه " نعم هذا صحيح وإلا لما رأينا مئات القرى و هي تعرف بأسماء كوردية منذ القديم ، ولو لم تكن هذه الأسماء كوردية لما تم تعربيها ، ترى لماذا تم تعربي الأسماء الكوردية و تركت الاسماء اليونانية و الرومانية و الصليبية و كذلك الفرنسيين الذين استبد لو اسم جبل ليلون باسم " جبل سمعان " ؟؟ ويتابع قائلا و سمي جبل الاكراد باسم جبل حلب بينما كان الأجدر أن يطلق على جبل سمعان اسم جبل حلب لأنه لا يبعد أكثر من (30)كم من حلب بينما يبعد جبل الاكراد عن حلب حوالي (90)كم خاصة وإنه يمتد داخل الاراضي التركية لمسافة (40)كم أيضا .