أكثر شيء يمتعني في الحياة هو الكسل، هو ملذتي الشخصية الأولى، وأحياناً ولفرط تمتعي بها تصبح الوحيدة، فلتسقط أيها الموعد، فأنا لن أذهب إليك اليوم، لكن أشد أعداء الكسل هو ذلك الضمير المؤنّب الذي يظهر فجأة ويصرخ بك للحظة أن هيا إلى موعدك المهم، هيّا أيها الكسول، لا وقت لديك للاسترخاء والتمطمط، والتمطمط يا حبيب هو أحد أهم تجليات الكسل،
وإحدى وسائل تعبيره الشهيرة، تعال نؤجل الموعد قليلاً يا معلم، بنساويه بعد الظهر، شو رأيك؟!.. جبتها يا أبو شريك، أنا كمان جايي على بالي أكنكن وأقعد جنب الصوبيا، قصدي جنب الشوفاج، بعد الظهر بيكون أفضل، ألله يخلي لنا الموبايل شو عم يحل لنا مشاكل، شو رأيك نخليها لبكرة، أصلاً اليوم جمعة، ويوم الجمعة حبيبنا، لا شغلة ولا عملة، حتى أنو الشوارع فاضية، كل الناس عم تتسيرن وما حدا فاضي لحدا، وأنا سيراني هو الكسل، متسطح عالكنبة يا معلم، وقدامي التلفزيون اللي مالي جلد على التفرج عليه أصلاً، عم أتطلع فيه بس بدون ما اشوف شي، وبجنبي سلة الملذات الشخصية تبعي، مشان إذا بدي اكب فيها شي محرمة، أو إذا بدي أمسح الطاولة كل ساعتين مرة بدون ما أتحرك من محلي، ومشان القعدة تكون مرتبة، وقنينة المي عالطاولة، وابريق الشاي اللي السكر بقلبه مشان نخلص من عتت صب السكر بالملعقة ومن ثم التحريك، ولي.. كل شي ولا صب السكر بالملعقة والتحريك، هي أصعب مهمة في التاريخ، أخي خلي وجعه بقلبه، أو متل ما بيقولوا بالجزيرة، دردُه بقلبه، والسكر بقلب الشاي، والكاسة عم ينصَبّ فيها كل شوي، والتلفزيون شغال، والمسلسل ما عم يخلص، ولسه المتة ما قالت كلمتها بعد، ابريق المي السخنة موجود، ومشان ما ننقطع في ابريق تاني احتياط على نار هادية، أما تقارير الأطباء والعلماء عن المتة وفوائدها وأضرارها فلقد كانت موحدة ومقتضبة، لا تضر ولا تنفع، وهذا يعني أن شرب المتة هو ضربٌ من ضروب العبث واللاجدوى، ورحمة الله عليك يا سيزيف اليوناني الذي عاقبته الآلهة بأن يدفع صخرة من السفح إلى قمة الجبل كل يوم، وما إن تصل الصخرة إلى القمة حتى تتدحرج إلى السفح الآخر من جديد، ويأتي حبيبنا المعاقب سيزيف ويعيد دفعها إلى القمة، وتعود وتتدحرج، ويعود لدفعها، وهكذا دواليبك إلى آخر حياته التي يقضيها عبثاً بعبث، لذا ضحكنا جميعاً ونحن نشفط من شليمونة المتة، فعقوبتنا أريح، ما فيها لا صخرة ولا جبل، بنقعد هيك يا حبيب وبنطمطعز وبنشفط بهالمتة، لا شغلة ولا عملة، لن يزحزحنا نداء عن الكنبة، لن تحركنا صرخة، هامدون كصخرة، يمنعنا الكسل عن فعل أي شيء، حتى اللي ببالي بالَك ما بيقدر يسحبنا من كسلنا اللذيذ، بس خود بالَك، ولا يروح بالك لبعيد، خليك هون أكسل لك، خليك قريب، وتمتع بالتنبلة، لا تنط، لا تخطُ، لا تقفز، لا تتكلم، لا ترد على الموبايل، لا تشرب الماء إلا إذا شربوك اياه بالزور، لا تأكل حتى يأتي من يمضغ اللقمة عنك، ولا تمت ليجيك الموت، يحيا الكسل، يعيش يعيش يعيش ...