عرضنا منشور أينما حللنا وارتحلنا، نحاول فلا تجدي المحاولة، ونماطل فلا تجدي المماطلة، وننبطح فلا يجدي الانبطاح، وذنبنا أننا أكراد ، نقف على أبواب السفارات ، فإذا حنت علينا الأختام المرحبة بنا في عندهم نكون محظوظين، ونهاجر على أمل التمتع بميزة النسيان، ولكن عرضنا المنشور يلاحقنا عبر الإذاعات، وعبر التلفزيونات، ومن
خلال وكالات الأنباء، فنحن أبطال العالم في الأخبار، نحن الأسماء التي تمشي بكل سرور على الشريط الإخباري أسفل الشاشة، ونحن الذين يتراقصون مذبوحين من الألم ومن الرصاص ومن شظايا القنابل حطها السيل من عل، وبعد أن تجلس في المهجع عفواً في المهجر فرحاً بتغيير أوضاعك على الرغم من هزات البدن اليومية التي تنتج عن مشاهدتك لنشرات عرضك فيما سموه بنشرات الأخبار، نيوز.. يا لطيف.. يا ستار.. أكلناها أكيد، ولو .. ليش في غيرنا يا جان برين بيقدر يكسب شرف الظهور بالخبر العاجل، ومين أحسن منا لحتى يطلع بدالنا بالخبر الأول، له يا جان برين عالحسبة أنك معاشر وبتفهم، نحنا هون، علقانة تحتنا، وعلقانة يميننا، وعلقانة شمالنا، وماشي الحال، ما عنا مشكلة، أصلاً لو في مشكلة ما كنا لوفود المهاجرين عن الحروب مستقبلين، والله يا أبو الجوج راسنا مرفوع، شو أننا لم نفقد طبيعتنا اللطيفة والكريمة والملهوفة والمحبة، شو لأننا على مر العقود كنا الملاذ الآمن والكريم لكل من بلاهم رب العالمين بالويلات والحروب، والله يا أخ جان نحن دراويش بس قلوبنا غنية، وإيدينا جاهزة لأنها تنمد للصديق وقت الضيق، ووقت الألم، ووقت الخوف، ووقت الحزن، ووقت الشتات، والله يا جان نحنا كوول، ما بتعرف شو الكوول، الله يسامحك، ما أنت أكبر كوول أكلته بحياتي ههههههههه، عم أمزح معك، يعني إذا ما مزحت معك مع مين بدي أمزح يا أبو الجوج ، وذلك لأن الناس عنا ما بتتحمل مزح، حساسة اسم الله عليها، الكل بينقز من المزحة، الكل بيدور بالكلمة الواحدة عما وراء السطور والرأي والرأي الآخر والاتجاه المعاكس، ما عدنا أبرياء يا أبا الجوج ، ولا تآخذني حطيت لك ألف مع الباء، مشان نبين متعلمين وبنفهم بالإعراب والأعراب، له كان يا أبو الجوج ، قصتنا صارت على كل لسان، وسيرتنا عم تنعلك بين الأسنان، ولساتنا على حالنا، ما تغيرنا كتير، بس شوي أوضاعنا صارت بتهوي، وأنت قاعد ومو فارقة معك، بدك مين يهوي عليك، كأنك هارون الرشيد، مع أنك مو رشيد، دائماً بتهدر المي والكهربا وما بتسمع كلام جماعة الترشيد.
ولك آخ يا جانوو ، شو بدك تحكي إذا علقانة شمالك، وخربانة تحتك، وقايمة القيامة يمينك، شو بدك تقول، والله ما عاد فيك تحكي بالحب وما حب، وبالفن وما فن، وبالأدب وما أدب، ولك حتى ما عاد فيك تحكي عن طلعة الأسعار بالويل، وعن قلة الأعمال والمشاريع، وعن الأحوال التعبانة يا كــــول نـــار ، عفواً يا أبو الجوج ، ما عاد فيك تحكي شي، والله ما بعرف شو بدي قول، بس والله نحنا كوول، يعني في أمل منا، طالما أننا لم نفقد أنفسنا بعد، طالما أننا ما زلنا محبين كرماء وملهوفين ولطفاء رغماً عن قنزعة المازوت والكهرباء، طالما أننا كووول، شوبك جان لهلأ ما فهمتها، كووول يا زلمة كووول ..
[/font]