كول نار
Kurd Day Team
أتت الديانات السماوية تشرع أجمل الحقوق للنساء، وتتالت الأزمنة واختلفت التطبيقات، وفي عجيبة من عجب هذا الزمان ابتكر بعض ممن حكروا حق الإفتاء في أنفسهم وتناسوا الظلم التاريخي الذي تعيشه المرأة منذ آلاف السنين فخلقوا إشكاليات كثيرة عبر فوضى الفتاوى ومنها إرضاع المرأة للكبير!. فما هو نص هذه الفتوى؟ وماذا تقول الشريعة في ذلك؟ ثم ما هي ردة فعل الرجل حول فحوى هذه الفتوى؟ وماذا تقول النساء في هذا الصدد؟
حقيقة لو بدأنا الأسئلة لن نجد لها النهايات وسنختلف في ردود الأفعال حكما، وسيسخر منها الكثيرون في هذا العالم المختلف المتخلف في أشياء كثيرة، خاصة فيما يتعلق بواقع النساء وحقوقهن ولنتخيل معاً، مشهد لطابور طويل من الرجال في انتظار دورهم للرضاعة من زميلة العمل تطبيقا لفتوى "إرضاع الكبير" التي أثارت ضجة عالمية عنيفة عند صدورها من أحد علماء الأزهر الكبار قبل نحو عامين، المشهد والطابور جزء من مسرحية مصرية باسم"القهوة السادة"، أي مسرحية ستعرض مسارحنا بعد أن أفتى المستشار القضائي بوزارة العدل السعودية الشيخ عبد المحسن العبيكان فتوى يبيح إرضاع المرأة المسلمة للأجنبي؟ قد تكون المسرحية جزء من واقع خليجي، فالمجتمعات الخليجية تعاني من اختلال كبير في تركيبتها السكانية لصالح العمالة الأجنبية، قد تكون صورة المشهد لامرأة تُرضع خدمها الهنود وحشمها السريلانكيين وسائقها الأوروبي، أو امرأة مسلمة في مطار غربي يقف زوجها مُنَّظِماً لطابور الأجانب لإتمام إرضاعهم، أو حيرة الزوج بتوفير تكاليف شراء الأقداح أو العلب كي تضع الزوجة حليبا ليشرب الجمع في الطابور و يقول لهم هنيئا مريئاً دون إحراج لكون الرضاعة غير مباشرة لان فتوى الشيخ أكد بإمكانية الإرضاع الغير مباشر. قد يخرج ممثلا عن النص المسرحي مٌجبراً ومُتَّصلا ًبالشيخ عبر موبايله ليسأله بلكنة انكليزية (يا للهول يا للهول... شيخنا أنا مستر هريدي سمث سايق بنت الست، في مشكلة، ما في صدرها حليب) ينقطع الاتصال لان وحدات الموبايل لم تكن كافية لإجراء المكالمة، يحتار هريدي سمث ويرتاح الشيخ لأنه كان سيحتار لحين اكتشاف فتوى جديدة بطريقة التعامل مع هكذا حالات. المشاهد قد تكون غير كافية لتأكيد سقوط العقل في منطقة مظلمة لا ترى في النساء غير جسد و مادة للإثارة، فهكذا فتاوى تخلق حوارا بمستوى الحدث وضياعا بحجم الكارثة فيكتب احدهم (ستصبح منطقه الشرق الأوسط كلهم أخوه أخيرا) طبعا لا يقصد الشرق الأوسط الكبير لأنه أمريكاني، بل شرق يتوحد عبر حليب التحليل. وآخر يكتب بتهكم (اسأل فضيلة الشيخ إذا كانت الموظفة غير حلوبة فهل يمكن أن تصنع للموظف كوب حليب نيدو؟) وموظف يحتار بين الحليب ومديره وزوجته فيكتب ( يا أخي أنا شغلي مراقب بالشركة وبطبيعة شغلي كل يوم بدخل مكاتب هالحريم وحدة وحدة وبعملوا كونترول طبعا على الشغل فما هو الحلال؟ لا ادخل ولا أقوم بعملي فيطردني فارس؟ أو ادخل واقضي نصف نهاري رضاعة ويطردني فارس؟ أو تسمع زوجتي انو غيرت الحليب وساعتها يا ويلي).
فتوى الإرضاع بقسميها الإسلامي والأجنبي رغم عدم تحديد الشيخ مفهوم الأجنبي إن كان من أهل كتاب أو دونه سيضع مفارز الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر التي تبحث عن السائقات واللابسات الجنيز والميني في ورطة التعامل مع فتاة تعلن إنها أرضعته خمس رضعات ونيف دفعا للشبهة، أي فكر نعيش ونقاشنا يدور حول صدر النساء وحليب يحلل الخلوات ما ظهر منها وما بطن. البعض يرى في الفتوى ضرورة لإضفاء روح النكتة في مجتمعاتنا المقهورة والمتخمة بالحزن حتى في أغانينا، وآخرون يجدونها وسيلة للانتقاص من الدين الإسلامي وفي أفضل الأحوال من بعض القائمين على مؤسساته. السؤال الذي يطرح نفسه في خلوة الروح ورحلة البحث في تراثنا الذي يكشف الخلل الذي نعيشه بزحف لغة الجنس وصوره بعد اقتحامها للسينما والأغاني والفيديو كليب ليجد فضاءا جديدا يتمثل بالخطاب الديني عند البعض، فمن المعلوم إن الإرضاع المعتبر يكون في حولين وان الرضاعة لا تحرم إلا ما كان دون الحولين وما كان بعد الحولين الكاملين فانه لا يحرم شيئا وروى مالك في الموطأ عن نافع أن ابن عمر رضي الله عنه قال: (لا رضاعة إلا لمن أُرضع في الصغر، ولا رضاعة لكبير) وقال ابن قدامة في المغني: "من شرط تحريم الرضاع أن يكون في الحولين. وهذا قول أكثر أهل العلم، روي نحو ذلك عن عمر وعلي وابن عمر وابن مسعود وابن عباس وأبي هريرة، وقال أبو حنيفة: يحرم الرضاع في ثلاثين شهرا: لقوله سبحانه: (وحمله وفصاله ثلاثون شهرا). بعد كل هذا يطل علينا مجتهدا احد الشيوخ بفتوى الإرضاع فهل يقترح مكاتب العمل والتشغيل فقرة في عقد العمل أو التشغيل، لهن بموافقتهن بإرضاع الزملاء والمراجعين ولهم بالموافقة صاغرين.
نص الفتوى لمن فاته الخبر اليقين وضاعت جهينة بين حانة أخبارنا ومانة وقائعنا ( إذا احتاج أهل بيت (ما) إلى رجل أجنبي يدخل عليهم بشكل متكرر وهو أيضاً ليس له سوى أهل ذلك البيت ودخوله فيه صعوبة عليهم ويسبب لهم إحراجاً وبالأخص إذا كان في ذلك البيت نساء أو زوجة، فإن للزوجة حق إرضاعه)
خاتمة القول: كل نساء الكون ضد أي فتوى تهين كرامتهن، لعلنا قد نتفق جميعنا بينما يبدو الزمن في طريقه إلى النهاية!
