Kurd Day
Kurd Day Team
تحدثت جماعة حقوقية عن ظروف اعتقال "رهيبة" وحالات من "احتجاز الرهائن" تجري في سورية على أيدي الأجهزة الأمنية في البلاد ، مطالبة بتدخل مفوضية حقوق الإنسان الدولية لتقصي الحقائق في ذلك، ومحملة الرئيس السوري بشار الأسد المسؤولية عن هذه الانتهاكات المفترضة.
فقد أكدت "اللجنة السورية لحقوق الإنسان"، ومقرها لندن، أنّ مئات المعتقلين السوريين الذين "أرهقهم التعذيب في سجن تدمر الصحراوي على مدى عقدين، وأنهكتهم الأمراض الفتاكة"، حسب وصفها، نقلوا أواخر صيف سنة 2001 إلى سجن صيدنايا شمال العاصمة السورية دمشق.
ورأت اللجنة المدافعة عن حقوق الإنسان في سورية، في مذكرة تلقتها وكالة "قدس برس"، أنه "ليس بمقدور أحد أن يجيب عن أسباب استمرار احتجاز سجناء الرأي هؤلاء بعد مدد طويلة من الاعتقال"، مشيرة إلى أنّ "كثيرين منهم مضى على اعتقالهم أكثر من عشرين عاماً. بينما تزداد أعداد المعتقلين على الدوام من خلال نقل محتجزين جدد غالبيتهم من الذين سووا أوضاعهم وعادوا إلى البلاد يحلمون بالاستقرار، لكنهم فوجئوا بنقلهم إلى سجن صيدنايا".
وقالت "اللجنة السورية لحقوق الإنسان" إنها ميّزت في ما سمته هذا "السجن المرعب"، أسماء حوالي 450 من المعتقلين المحسوبين على جماعة "الإخوان المسلمين"، و60 ممن يُشتبه بأنّ لهم صلة بـ"حزب التحرير" الإسلامي، وأعداد أخرى احتجزوا لصلتهم ب"حزب البعث"- جناح العراق"، أو "رابطة العمل الشيوعي"، أو غيرهم. وبهذا يناهز العدد 600 معتقل رأي في سجن صيدنايا وحده، حسب البيانات التي نشرتها اللجنة.
معتقلون... حتى بعد انتهاء محكومياتهم
أكد المصدر الحقوقي أنّ كثيراً من المعتقلين القدامى "أنهوا فترات محكومياتهم غير المنصفة أصلاً، والتي تمت أمام محاكم ميدانية قضت عليهم بدقائق معدودة بالسجن لمدد طويلة".
وكانت اللجنة الحقوقية قد أصدرت نداء في السابع من أيلول/ سبتمبر 2002 للإفراج عن ثلاثة طيارين اعتقلوا لمدة عشرين عاماً، وبعد انتهاء مدة محكوميتهم أعادت مخابرات القوى الجوية اعتقالهم وتحفظت عليهم في سجن مطار المزة العسكري.
وأكدت اللجنة أنّ المعتقلين الثلاثة، وهم محمد رفيق الحمامي، ومحمود كيكي، ومحمد بشار العشي، أخضعوا من جديد لأنواع شتى من الضغوط النفسية والجسدية والتعذيب، رغم أنهم يعانون من "أمراض نقص التروية والضغط والقلب. أما الحالة الإنسانية لمحمد رفيق حمامي فقد تجاهلتها السلطات رغم قساوتها واستمرت في اعتقاله"، كما جاء في المذكرة.
وأوردت اللجنة السورية لحقوق الإنسان الكثير من الإفادات، منها قصة فؤاد نعسان إسماعيل، من قرية كفر عويد بمحافظة إدلب، الذي اعتقل بتهمة صداقته مع شخص يعتقد أنه من الإخوان المسلمين، ومن المفترض أن يكون قد أفرج عنه، لكنه شوهد مرة أخرى في السجن حيث يقبع حتى الآن.
وقالت اللجنة السورية لحقوق الإنسان إنها علمت أنّ الصيدلي محمد أيمن الملقي، وهو من دمشق، لا يزال معتقلا في السجن بعد 15 سنة على انتهاء مدة محكوميته عام 1988. أما نصوح البكري، الذي اعتقل إثر زيارة عادية له من السعودية، حيث كان يقيم ويعمل، فقد حكم عليه بالسجن لمدة عام، لكنه وبعد ست سنوات من اعتقاله لم يفرج عنه، مع أنه يعيش برئة واحدة، وكان أجريت له قبيل اعتقاله عملية في القلب.
ولم يفرج عن مصطفى الرنة، من محافظة إدلب، على الرغم من انقضاء محكوميته منذ عشر سنوات. ويعاني رياض حمصي من مرض نفسي خطير وانتهت محكوميته منذ مدة ولكن لم يفرج عنه. ولم يفرج عن الأخوين سليمان ومصطفى الشطي من أهالي مدينة الرقة رغم انتهاء مدة محكوميتهما، فيما يعاني مصطفى من الإصابة بالشلل التام.
أما عمار محمد عدنان لاذقاني، المولود خارج سورية، فقد جاء عام 1997 لزيارة والده العقيد عدنان لاذقاني، الذي أفرج عنه بعد سجن دام عشرين عاماً، فما كان من السلطات الأمنية إلا أن اعتقلته وحكمت عليه بالسجن لمدة عام وأودعته سجن صيدنايا، ولم يفرج عنه رغم انقضاء خمس سنوات على اعتقاله.
وفي السياق ذاته؛ تشير المذكرة إلى انتهاء فترة محكومية عبد الرحمن حساني، من بلدة صوران قضاء حماة، البالغة عشرين عاماً منذ عدة أشهر، إلا أنه لم يفرج عنه. وانتهت فترة محكومية عصام محمد العمر، من بلدة الدانة قضاء إدلب، منذ عام 1999، وعلى الرغم من حالته الصحية الحرجة ومعاناته من أمراض الحساسية والانفصام ووجود كسر في ظهره وانزلاق في فقرات الظهر، إلا أنه لم يفرج عنه، لسبب يتمثل، وفقاً للجنة الحقوقية، في أنّ خاله هو الكاتب والأديب البارز إبراهيم عاصي، الذي يعتقد أنه كان "أحد ضحايا مجزرة سجن تدمر الشهيرة التي نفذتها السلطات السورية بحق السجناء في حزيران (يونيو) 1980".
تأكيد لحقوقي لسياسة "احتجاز الرهائن"
كما تحدثت اللجنة السورية لحقوق الإنسان في مذكرتها عن ما سمته "احتجاز رهائن"، إذ يُحتجز يحيى وجيه علواني، من مدينة حماة، منذ عام 1979 بسبب شقيقه، الذي اعتقلته وأعدمته السلطات السورية في أوائل الثمانينيات، رغم أنّ يحيى مصاب بمرض نفسي أفقده توازنه.
ومن الأمثلة التي أوردتها اللجنة؛ حالة عامر نصر كوجان من أهالي مدينة حماة، المحتجز منذ عام 1980 "رهينة عن أخوته الذين اعتقلوا وقتلوا في سجن تدمر". وألقي القبض على مدحت منير طيفور وحكم عليه بالسجن ثلاثة عشر عاماً لأن شقيقه قيادي في جماعة الإخوان المسلمين، ومع أنّ مدحت كان يعمل في السعودية وعاد إلى سورية في زيارة عادية، إلا أنه اعتقل لدى وصوله الحدود البرية السورية ونقل إلى سجن تدمر ثم إلى سجن صيدنايا، بينما يعاني من مرض نفسي بدون أن يلقى أدنى عناية شأنه شأن بقية المعتقلين في هذا "السجن الرهيب"، وفق ما تقول اللجنة.
ومن الحالات التي توثقها المذكرة ما يتعلق بمحمد إحسان المراد، فهو، طبقاً للمصدر، معتقل منذ عام 1988 لقرابته من اثنين من علماء حماة، وهما الشيخ سعيد علي المراد، والشيخ محمد علي المراد، وقد أفاد معتقلون سابقون أنه تعرض للتعذيب الشديد بسبب قرابته من مفتي مدينة حماة الذي اعتقلته السلطة وقتلته عام 1982.
وفي السياق ذاته؛ ترد حالة محمد خير طحان، المعتقل منذ "قرابة ربع قرن رهينة لمجرد تعاطفه مع أخيه المعتقل محمد علي طحان"، وفق المذكرة، التي تشير كذلك إلى حالة محمد محمد حاتم الطبشي، وهو من مدينة حماة، فقد "اعتقل رهينة عن والده أثناء زيارة عادية له إلى سورية قبل بضع سنوات، ولا يزال في السجن دون أن يقترف ذنباً، سوى كون أبيه معارضاً" سياسياً، حسب تعبير اللجنة.
وتشير اللجنة الحقوقية التي تتخذ من لندن مقراً لها إلى اعتقال أحمد ماهر بركات، شقيق المعتقل صبحي، بعدما "نقلت عناصر أمنية خبر وفاة أخيه في السجن وتقاضوا على ذلك مبلغاً من المال، فبادر إلى تسجيل شقيقه في سجل المتوفين وعمل على تسوية الحالة المدنية للأسرة على اعتبار أنّ أخاه متوفى، ثم علم أنّ شقيقه لا يزال على قيد الحياة فاستأذن لزيارته، فما كان من رئيس الاستخبارات العسكرية اللواء حسن خليل إلا أن ألقى عليه القبض ونقله إلى سجن صيدنايا"، على حد تأكيدها.
ويشبه ذلك حالة الطالب عبادة أكرم الحريري، وهو من مدينة درعا، إذ كان مقيماً مع أسرته في السعودية، وحضر إلى سورية بقصد الدراسة، لكنه اعتقل وأودع في سجن صيدنايا لأنّ والده من الإخوان المسلمين، ويعاني عبادة من مرض نقص التروية، وتقول أحدث التقارير إنه معتقل في جناح "ج. يسار" في السجن المذكور، طبقاً للمعلومات التي نشرتها اللجنة.
وحذرت اللجنة من أنه "قد يصعب التفريق بين حالة معتقل وآخر في سجن صيدنايا، فالجميع يعاني من أمراض القلب ونقص التروية، والعديدون يعانون بسبب التعذيب القاسي وطول فترة الاحتجاز من الأمراض النفسية والعقلية، والأمراض المنتشرة بين المعتقلين كثيرة، ولكن ليس هناك من يهتم بإعطائهم حتى الدواء المسكن".
ومن الحالات التي أوضحتها اللجنة في هذا السياق ما يتعلق بالدكتور لؤي محمد الخاير، من دير الزور، وهو أخصائي الأمراض النسائية من فرنسا، والذي اعتقل عام 1983، وهو مصاب بالشلل نتيجة جلطة دماغية أصابته في السجن نتيجة التعذيب الشديد الذي تعرض له، وهو في حالة صحية حرجة.
كما يعاني الضابطان في الجيش العميد تيسير لطفي، من حماة، والعميد صلاح حلاوة من دمشق، المعتقلان منذ عام 1982 من أمراض نقص التروية وارتفاع الضغط الشرياني والسكر والتهاب الأعصاب المزمن (الروماتيزم)، مع ذلك فلا يجدان أي نوع من الرعاية الصحية أو العلاج، حسب تأكيدات المصدر الحقوقي.
أما ياسر جاموس، وهو من بلدة تل منين قضاء دمشق؛ فيعاني من الرعشة العصبية والألم المستمر في ساقه الوحيدة، إذ أن ساقه الأخرى مبتورة، وعلى الرغم من حالة العجز والألم التي يعاني منها، إلا أنه لا يجد حتى الأدوية المسكنة.
ويعاني عبد الباقي كلو، وهو من الميادين، من مرض نفسي بسبب استمرار اعتقاله في ظروف غاية في الصعوبة لمدة 23 عاماً، نظراً لاستضافته اثنين من الطلاب المطلوبين لأجهزة المخابرات، عندما كان طالباً في كلية الهندسة بجامعة دمشق.
وقالت اللجنة الحقوقية "لعل الوضع الصحي السيئ لعبد الرحمن جبارو من أعقد وأصعب الأوضاع في سجن صيدنايا، لكنه لا يجد علاجاً أو رعاية". بينما يعاني مصطفى الشطي، وهو من الرقة، من الشلل التام في السجن. ويعاني عبد الرحمن مصدر، وهو من حماة، من مرض القلب والضغط، ولا يلقى علاجاً في السجن مع أنّ "أهله وأخوته قتلوا جميعاً داخل منازلهم خلال مجزرة حماة (1982)، وقد قررت اللجنة الأمنية في السجن إخلاء سبيله عام 2001 لكنه لم يفرج عنه"، وفق تعبيرها.
مطالبة بوفد حقوقي دولي لتقصي الحقائق
دعت "اللجنة السورية لحقوق الإنسان" المفوضية العامة لحقوق الإنسان التابعة للأمم المتحدة لتشكيل وفد لتقصي الحقائق في هذا المعتقل، والوقوف على أوضاع السجناء فيه. كما ناشدت "المنظمات الإنسانية والحقوقية العربية والدولية، ودعاة حقوق الإنسان في العالم، التحرك العاجل لإبراز قضية المعتقلين في سجن صيدنايا، والعمل على استنقاذهم من بين مخالب الموت الذي يتهددهم في أي لحظة في هذا السجن المرعب، بعد أن قتلت السلطات الأمنية في سورية أو أعدمت قرابة 17000 معتقل في سجن تدمر الصحراوي سيء السمعة"، كما ورد في المذكرة.
وأعربت اللجنة الحقوقية عن استغرابها لغاية "السلطات الأمنية في سورية من معتقلين أنهك التعذيب والاعتقال والسجن أجسادهم وأبلاها"، وقالت متعجبة: "ماذا تريد من رهائن قضوا في سجونها المرعبة عشرات السنين؟ ولماذا يحتجز هؤلاء بعد انقضاء فترات محكومياتهم التي تعتبر غير قانونية أصلاً"؟
كما دعت اللجنة الرئيس السوري بشار الأسد إلى الإفراج الفوري عن هؤلاء المعتقلين، وحملته "المسؤولية الكاملة عن كل الممارسات اللاإنسانية التي تمارس بحقهم".
قدس برس
فقد أكدت "اللجنة السورية لحقوق الإنسان"، ومقرها لندن، أنّ مئات المعتقلين السوريين الذين "أرهقهم التعذيب في سجن تدمر الصحراوي على مدى عقدين، وأنهكتهم الأمراض الفتاكة"، حسب وصفها، نقلوا أواخر صيف سنة 2001 إلى سجن صيدنايا شمال العاصمة السورية دمشق.
ورأت اللجنة المدافعة عن حقوق الإنسان في سورية، في مذكرة تلقتها وكالة "قدس برس"، أنه "ليس بمقدور أحد أن يجيب عن أسباب استمرار احتجاز سجناء الرأي هؤلاء بعد مدد طويلة من الاعتقال"، مشيرة إلى أنّ "كثيرين منهم مضى على اعتقالهم أكثر من عشرين عاماً. بينما تزداد أعداد المعتقلين على الدوام من خلال نقل محتجزين جدد غالبيتهم من الذين سووا أوضاعهم وعادوا إلى البلاد يحلمون بالاستقرار، لكنهم فوجئوا بنقلهم إلى سجن صيدنايا".
وقالت "اللجنة السورية لحقوق الإنسان" إنها ميّزت في ما سمته هذا "السجن المرعب"، أسماء حوالي 450 من المعتقلين المحسوبين على جماعة "الإخوان المسلمين"، و60 ممن يُشتبه بأنّ لهم صلة بـ"حزب التحرير" الإسلامي، وأعداد أخرى احتجزوا لصلتهم ب"حزب البعث"- جناح العراق"، أو "رابطة العمل الشيوعي"، أو غيرهم. وبهذا يناهز العدد 600 معتقل رأي في سجن صيدنايا وحده، حسب البيانات التي نشرتها اللجنة.
معتقلون... حتى بعد انتهاء محكومياتهم
أكد المصدر الحقوقي أنّ كثيراً من المعتقلين القدامى "أنهوا فترات محكومياتهم غير المنصفة أصلاً، والتي تمت أمام محاكم ميدانية قضت عليهم بدقائق معدودة بالسجن لمدد طويلة".
وكانت اللجنة الحقوقية قد أصدرت نداء في السابع من أيلول/ سبتمبر 2002 للإفراج عن ثلاثة طيارين اعتقلوا لمدة عشرين عاماً، وبعد انتهاء مدة محكوميتهم أعادت مخابرات القوى الجوية اعتقالهم وتحفظت عليهم في سجن مطار المزة العسكري.
وأكدت اللجنة أنّ المعتقلين الثلاثة، وهم محمد رفيق الحمامي، ومحمود كيكي، ومحمد بشار العشي، أخضعوا من جديد لأنواع شتى من الضغوط النفسية والجسدية والتعذيب، رغم أنهم يعانون من "أمراض نقص التروية والضغط والقلب. أما الحالة الإنسانية لمحمد رفيق حمامي فقد تجاهلتها السلطات رغم قساوتها واستمرت في اعتقاله"، كما جاء في المذكرة.
وأوردت اللجنة السورية لحقوق الإنسان الكثير من الإفادات، منها قصة فؤاد نعسان إسماعيل، من قرية كفر عويد بمحافظة إدلب، الذي اعتقل بتهمة صداقته مع شخص يعتقد أنه من الإخوان المسلمين، ومن المفترض أن يكون قد أفرج عنه، لكنه شوهد مرة أخرى في السجن حيث يقبع حتى الآن.
وقالت اللجنة السورية لحقوق الإنسان إنها علمت أنّ الصيدلي محمد أيمن الملقي، وهو من دمشق، لا يزال معتقلا في السجن بعد 15 سنة على انتهاء مدة محكوميته عام 1988. أما نصوح البكري، الذي اعتقل إثر زيارة عادية له من السعودية، حيث كان يقيم ويعمل، فقد حكم عليه بالسجن لمدة عام، لكنه وبعد ست سنوات من اعتقاله لم يفرج عنه، مع أنه يعيش برئة واحدة، وكان أجريت له قبيل اعتقاله عملية في القلب.
ولم يفرج عن مصطفى الرنة، من محافظة إدلب، على الرغم من انقضاء محكوميته منذ عشر سنوات. ويعاني رياض حمصي من مرض نفسي خطير وانتهت محكوميته منذ مدة ولكن لم يفرج عنه. ولم يفرج عن الأخوين سليمان ومصطفى الشطي من أهالي مدينة الرقة رغم انتهاء مدة محكوميتهما، فيما يعاني مصطفى من الإصابة بالشلل التام.
أما عمار محمد عدنان لاذقاني، المولود خارج سورية، فقد جاء عام 1997 لزيارة والده العقيد عدنان لاذقاني، الذي أفرج عنه بعد سجن دام عشرين عاماً، فما كان من السلطات الأمنية إلا أن اعتقلته وحكمت عليه بالسجن لمدة عام وأودعته سجن صيدنايا، ولم يفرج عنه رغم انقضاء خمس سنوات على اعتقاله.
وفي السياق ذاته؛ تشير المذكرة إلى انتهاء فترة محكومية عبد الرحمن حساني، من بلدة صوران قضاء حماة، البالغة عشرين عاماً منذ عدة أشهر، إلا أنه لم يفرج عنه. وانتهت فترة محكومية عصام محمد العمر، من بلدة الدانة قضاء إدلب، منذ عام 1999، وعلى الرغم من حالته الصحية الحرجة ومعاناته من أمراض الحساسية والانفصام ووجود كسر في ظهره وانزلاق في فقرات الظهر، إلا أنه لم يفرج عنه، لسبب يتمثل، وفقاً للجنة الحقوقية، في أنّ خاله هو الكاتب والأديب البارز إبراهيم عاصي، الذي يعتقد أنه كان "أحد ضحايا مجزرة سجن تدمر الشهيرة التي نفذتها السلطات السورية بحق السجناء في حزيران (يونيو) 1980".
تأكيد لحقوقي لسياسة "احتجاز الرهائن"
كما تحدثت اللجنة السورية لحقوق الإنسان في مذكرتها عن ما سمته "احتجاز رهائن"، إذ يُحتجز يحيى وجيه علواني، من مدينة حماة، منذ عام 1979 بسبب شقيقه، الذي اعتقلته وأعدمته السلطات السورية في أوائل الثمانينيات، رغم أنّ يحيى مصاب بمرض نفسي أفقده توازنه.
ومن الأمثلة التي أوردتها اللجنة؛ حالة عامر نصر كوجان من أهالي مدينة حماة، المحتجز منذ عام 1980 "رهينة عن أخوته الذين اعتقلوا وقتلوا في سجن تدمر". وألقي القبض على مدحت منير طيفور وحكم عليه بالسجن ثلاثة عشر عاماً لأن شقيقه قيادي في جماعة الإخوان المسلمين، ومع أنّ مدحت كان يعمل في السعودية وعاد إلى سورية في زيارة عادية، إلا أنه اعتقل لدى وصوله الحدود البرية السورية ونقل إلى سجن تدمر ثم إلى سجن صيدنايا، بينما يعاني من مرض نفسي بدون أن يلقى أدنى عناية شأنه شأن بقية المعتقلين في هذا "السجن الرهيب"، وفق ما تقول اللجنة.
ومن الحالات التي توثقها المذكرة ما يتعلق بمحمد إحسان المراد، فهو، طبقاً للمصدر، معتقل منذ عام 1988 لقرابته من اثنين من علماء حماة، وهما الشيخ سعيد علي المراد، والشيخ محمد علي المراد، وقد أفاد معتقلون سابقون أنه تعرض للتعذيب الشديد بسبب قرابته من مفتي مدينة حماة الذي اعتقلته السلطة وقتلته عام 1982.
وفي السياق ذاته؛ ترد حالة محمد خير طحان، المعتقل منذ "قرابة ربع قرن رهينة لمجرد تعاطفه مع أخيه المعتقل محمد علي طحان"، وفق المذكرة، التي تشير كذلك إلى حالة محمد محمد حاتم الطبشي، وهو من مدينة حماة، فقد "اعتقل رهينة عن والده أثناء زيارة عادية له إلى سورية قبل بضع سنوات، ولا يزال في السجن دون أن يقترف ذنباً، سوى كون أبيه معارضاً" سياسياً، حسب تعبير اللجنة.
وتشير اللجنة الحقوقية التي تتخذ من لندن مقراً لها إلى اعتقال أحمد ماهر بركات، شقيق المعتقل صبحي، بعدما "نقلت عناصر أمنية خبر وفاة أخيه في السجن وتقاضوا على ذلك مبلغاً من المال، فبادر إلى تسجيل شقيقه في سجل المتوفين وعمل على تسوية الحالة المدنية للأسرة على اعتبار أنّ أخاه متوفى، ثم علم أنّ شقيقه لا يزال على قيد الحياة فاستأذن لزيارته، فما كان من رئيس الاستخبارات العسكرية اللواء حسن خليل إلا أن ألقى عليه القبض ونقله إلى سجن صيدنايا"، على حد تأكيدها.
ويشبه ذلك حالة الطالب عبادة أكرم الحريري، وهو من مدينة درعا، إذ كان مقيماً مع أسرته في السعودية، وحضر إلى سورية بقصد الدراسة، لكنه اعتقل وأودع في سجن صيدنايا لأنّ والده من الإخوان المسلمين، ويعاني عبادة من مرض نقص التروية، وتقول أحدث التقارير إنه معتقل في جناح "ج. يسار" في السجن المذكور، طبقاً للمعلومات التي نشرتها اللجنة.
وحذرت اللجنة من أنه "قد يصعب التفريق بين حالة معتقل وآخر في سجن صيدنايا، فالجميع يعاني من أمراض القلب ونقص التروية، والعديدون يعانون بسبب التعذيب القاسي وطول فترة الاحتجاز من الأمراض النفسية والعقلية، والأمراض المنتشرة بين المعتقلين كثيرة، ولكن ليس هناك من يهتم بإعطائهم حتى الدواء المسكن".
ومن الحالات التي أوضحتها اللجنة في هذا السياق ما يتعلق بالدكتور لؤي محمد الخاير، من دير الزور، وهو أخصائي الأمراض النسائية من فرنسا، والذي اعتقل عام 1983، وهو مصاب بالشلل نتيجة جلطة دماغية أصابته في السجن نتيجة التعذيب الشديد الذي تعرض له، وهو في حالة صحية حرجة.
كما يعاني الضابطان في الجيش العميد تيسير لطفي، من حماة، والعميد صلاح حلاوة من دمشق، المعتقلان منذ عام 1982 من أمراض نقص التروية وارتفاع الضغط الشرياني والسكر والتهاب الأعصاب المزمن (الروماتيزم)، مع ذلك فلا يجدان أي نوع من الرعاية الصحية أو العلاج، حسب تأكيدات المصدر الحقوقي.
أما ياسر جاموس، وهو من بلدة تل منين قضاء دمشق؛ فيعاني من الرعشة العصبية والألم المستمر في ساقه الوحيدة، إذ أن ساقه الأخرى مبتورة، وعلى الرغم من حالة العجز والألم التي يعاني منها، إلا أنه لا يجد حتى الأدوية المسكنة.
ويعاني عبد الباقي كلو، وهو من الميادين، من مرض نفسي بسبب استمرار اعتقاله في ظروف غاية في الصعوبة لمدة 23 عاماً، نظراً لاستضافته اثنين من الطلاب المطلوبين لأجهزة المخابرات، عندما كان طالباً في كلية الهندسة بجامعة دمشق.
وقالت اللجنة الحقوقية "لعل الوضع الصحي السيئ لعبد الرحمن جبارو من أعقد وأصعب الأوضاع في سجن صيدنايا، لكنه لا يجد علاجاً أو رعاية". بينما يعاني مصطفى الشطي، وهو من الرقة، من الشلل التام في السجن. ويعاني عبد الرحمن مصدر، وهو من حماة، من مرض القلب والضغط، ولا يلقى علاجاً في السجن مع أنّ "أهله وأخوته قتلوا جميعاً داخل منازلهم خلال مجزرة حماة (1982)، وقد قررت اللجنة الأمنية في السجن إخلاء سبيله عام 2001 لكنه لم يفرج عنه"، وفق تعبيرها.
مطالبة بوفد حقوقي دولي لتقصي الحقائق
دعت "اللجنة السورية لحقوق الإنسان" المفوضية العامة لحقوق الإنسان التابعة للأمم المتحدة لتشكيل وفد لتقصي الحقائق في هذا المعتقل، والوقوف على أوضاع السجناء فيه. كما ناشدت "المنظمات الإنسانية والحقوقية العربية والدولية، ودعاة حقوق الإنسان في العالم، التحرك العاجل لإبراز قضية المعتقلين في سجن صيدنايا، والعمل على استنقاذهم من بين مخالب الموت الذي يتهددهم في أي لحظة في هذا السجن المرعب، بعد أن قتلت السلطات الأمنية في سورية أو أعدمت قرابة 17000 معتقل في سجن تدمر الصحراوي سيء السمعة"، كما ورد في المذكرة.
وأعربت اللجنة الحقوقية عن استغرابها لغاية "السلطات الأمنية في سورية من معتقلين أنهك التعذيب والاعتقال والسجن أجسادهم وأبلاها"، وقالت متعجبة: "ماذا تريد من رهائن قضوا في سجونها المرعبة عشرات السنين؟ ولماذا يحتجز هؤلاء بعد انقضاء فترات محكومياتهم التي تعتبر غير قانونية أصلاً"؟
كما دعت اللجنة الرئيس السوري بشار الأسد إلى الإفراج الفوري عن هؤلاء المعتقلين، وحملته "المسؤولية الكاملة عن كل الممارسات اللاإنسانية التي تمارس بحقهم".
قدس برس