Kurd Day
Kurd Day Team

في بريطانيا العظمى التي يحكمها نظام ملكي ديموقراطي، لم يمرَّ سوى أسبوع واحد على إعلان نتائج الانتخابات البرلمانية، حتى انبرى ديفيد كاميرون رئيس حزب المحافظين، وأعلن عن فوزه وعن نيته بالتحالف مع خصمه نيك كليج رئيس حزب الديموقراطيين الأحرار الذي وافق على العرض مباشرة رغم تخالفات الماضي القريب، وقام الرجلان بعد التكليف من قبل الملكة ايليزابيت بتشكيل حكومة جديدة استطاعت أن تجتمع بكامل وزرائها خلال يومين إثنين فقط.
بينما في العراق التعددي الذي يحكمه نظام جمهوري إتحادي ديموقراطي، فقد مرّ أكثر من شهرين ونصف على الانتخابات البرلمانية التي جرت بتاريخ (7 ـ 3 ـ 2010)، من دون أن تتوصل الكتل الفائزة إلى توافق سياسي وبرلماني يمكنها تشكيل حكومة تدير شؤون البلد في هذه المرحلة العراقية الحساسة والشرق أوسطية المقبلة على أحداث قد تكون أكثر حساسية مما يجري في العراق!؟.
وبما أنّ استحقاق الإقرار بنتائج العملية الانتخابية وترجمتها على أرض الواقع، هو بحد ذاته أداء ديموقراطي يندرج في إطار الإنكباب على توفير مستلزمات استكمال مهام كثيرة تصبُّ جلها في صلب العملية السياسية الجارية في العراق الحالي، قد تأخر (أي الإقرار والترجمة) أكثر من اللزوم ووصل إلى حدٍّ تسويفي فاق تصورات معظم المحللين السياسيين المهتمين بشأن بلاد الرافدين!؟، فإنّ من حق العراقيين بمختلف مكوناته القومية والدينية والطائفية، أن يستغربوا ويمتعضوا ويبدوا قلقهم المشروع حيال هذا التأجيل الضار الذي لم يعد باستطاعة أصحابه أن يجدوا له أية مبررات مقبولة لدى الشارع العراقي الذي تُهدَر دماء بناته وأبنائه بالجملة على يد قوى دخيلة تسرح وتمرح وتلعب لعبتها الدموية وتسجل أهدافها في الوقت بدل الضائع من المباراة العراقية التي أمست تمضي ببطء في هذه الجولة الأخيرة التي باتت قاب قوسين أو أدنى من النهاية والتي قد تفضي بنتيجتها إما إلى الإيجابية التي يتوخاها كافة أخيار العراق أو إلى السلبية التي يرفضها القاصي والداني.
إنّ هذا التأخير الذي مازالت أسبابه كواليسية، يجري في الوقت الذي نجد فيه بأنَّ غالبية ممثلي الكيانات الفائزة يبدون منتهى الروح التفاؤلية ويوهمون الرأي العام بإمكانية وإتيان الفرج القريب عبر تصريحات متبادلة تصدر عن هذا الفريق أو ذاك، في حين أنّ مثل هذه الإطلالات الغير مترافقة بخطوات عملية يتلمسها المواطن ويراها بأم عينه، تبقى مجرد وعود لا تنطلي على العراقيين المكتوين بلظى نيران العنف اليومي، والذين يفسرونها بأنها مجرد مجاملات تندرج في إطار التمظهر بالتفاؤل لأغراض دبلوماسية لابد منها حين ظهور أي مسئول في شاشات الفضائيات وفي مختلف وسائل الإعلام!!؟.
ومهما أطلنا حديثنا، فإنّ لسان حال العراقيين بلا استثناء يؤكد بأنّ المطلوب الملح هو الخروج من الأزمة الحالية بأقرب وقت ممكن وبأقل الخسائر ووفق مبدأ التداول السلمي للسلطة عبر التوافق الديموقراطي السياسي الذي لا بديل عنه في فضاء هذا البلد الذي لا تحتمل ديمغرافيته أي شطب على أي مكون رئيسي يحق له أن يشارك في مفاصل الحكم بموجب الدستور المستفتى عليه منذ عدة سنوات، بمعنى أكثر دقة لا يستطيع الشيعة إقصاء السنة والعكس صحيح أيضا، أي لا يستطيعون إقصاء الشيعة عن الحكم، وليس بمقدور الطرفين معا تشكيل حكومة بدون مشاركة ممثلي القومية الثانية، أي مشاركة التحالف الكوردستاني الذي أفصح عن موقفه منذ البداية على لسان رئيس إقليم كوردستان السيد مسعود بارزاني الذي أكد بأنّ الجانب الكوردستاني سيصبح كتلة واحدة في البرلمان العراقي وسيكون على استعداد تام للدخول كشريك حقيقي في أية حكومة توافقية تعترف بالحقوق الكوردية وتحترم الدستور وتسعى لتطبيقه وخاصة المادة 140 وتعمل على حل كافة القضايا الخلافية بين هولير وبغداد.
وإذا كان استحقاق اختيار الرئاسات الثلاثة (الجهورية والحكومة والبرلمان) في العراق المحكوم عليه إتحادياً بوجوب احتضان السلطة اللامركزية في بغداد لكافة الأطياف التي لا يجوز تجاهلها أو حذفها من مكونات المعادلة السياسية، فهل سيستجيب المعنيون بالأمر لنداء أهل البلد بضرورة الإسراع لجهة تشكيل حكومة قوية بمقدورها قيادة البلد وحمايته من مختلف المخاطر الخارجية والداخلية، أم أنّ الأمر سيبقى في خانة تسويف الحلول رغم أنّ الوقت يمضي ولا ينتظر أحدا؟.
نوري بريمو
15 ـ 5 ـ 2010