وجهة نظر في السجال الحاصل بين الأحزاب الكوردية و المستقلين الكورد (2/1)

  • بادئ الموضوع بادئ الموضوع Kurd Day
  • تاريخ البدء تاريخ البدء

Kurd Day

Kurd Day Team
48534kobani.jpg


الساحة السياسية الكوردية في سوريا ، متمثلة في أحزابها ، تكتظ بتناقضات صارخة تدعو المرء إلى التساؤل عن مدى صدقها و جديتها فيما تطرحه من برامج و تنشده من أهداف. لنأخذ على سبيل المثال مزاعم هذه الأحزاب بأنها تناضل في سبيل رفع الغبن الواقع على الشعب الكوردي و التصدي للنظام و مخططاته المعادية للكورد ، و لنحاول مقاربة الموضوع من خلال عدة تساؤلات نلخصها كما يلي:

هل يا ترى من أحد لا يزال يعتقد بأن الأحزاب السياسية الكوردية ، بما آلت إليه أحوالها من ضعف و تشتت ، بمقدورها الوقوف في وجه نظام إستبدادي ، لا رادع له و لا يتورع عن إستخدام العنف و الإرهاب بحق المواطنين و المعارضين لها ، كالنظام الحاكم في دمشق؟!
كيف يكون بإستطاعة الأحزاب الكوردية الدفاع عن مصالح الشعب الكوردي و هي تثبت لنا يومياً عجزها عن إبداء أدنى درجات الإلتزام بالمهام و المسؤوليات الجسيمة الواقعة على عاتقها حيال شعبها و قضيته؟! بل ألا يجمع معظم المتتبعين اليوم على إعتبارالأوضاع السيئة و المتردية جداً للأحزاب الكوردية كأحد منابع الخطر الهامة و المهددة للقضية الكوردية و لمصالح شعبها؟!
كيف تحقق الأحزاب الكوردية إنجازاً بسيطاً ، يستحق الإفتخاربه و يكون مقدمة لإنجازات أخرى ، و هي لا تكاد تترك مناسبة بدون أن تتنصل فيها من إستحقاقات النضال الكوردي و ما يترتب عليه من عزيمة صلبة و روح مؤمنة حقاً بمشروعية ما تناضل من أجله و مستعدة للتضحية بما آتاها في سبيل تحقيق أهدافها و تلبية طموحات الشعب و الجماهير؟!
كيف تكون الأحزاب الكوردية ممثل عن الشعب الكوردي و هي تدير ظهرها له و تبتعد عنه و عن شجونه و تتقاعس عن قيادته بخطى واثقة عند الوقوف في وجه النظام و أجهزته المختلفة؟!
كيف تعمل الأحزاب الكوردية على حل القضية الكوردية و هي تفتقد لتصور واضح و تفتقر إلى مشروع حل متكامل للمشكلة ، ضع جانباً أن تتفق فيما بينها على هكذا تصور أو مشروع؟!
كيف يكون بإمكان تشكيلات سياسية بدائية على شاكلة الأحزاب الكوردية تقديم حلول عصرية و معقولة لمشكلة معقدة و متشعبة كالمشكلة الكوردية ، بحكم تداخلاتها الإثنية و الدينية و الطائفية و ترابطاتها الوطنية و الكوردستانية و تداعياتها الإقليمية و الدولية ؛ و بالأخذ في نظر الإعتبار المتغيرات الدولية و الترابط المتأصل بين المجالين السياسي و الإقتصادي ، هذا إلى جانب إنتشار مفاهيم التسامح و التعايش السلمي بين الشعوب و الأديان و الثقافات في العالم؟!

أسئلة هي بمثابة غيث من فيض في ظل الواقع الكوردي المرير...

لنقف كمثال آخر عند إدعاءات الأحزاب الكوردية بأنها تعمل من أجل نشر الحرية و تحقيق الديمقراطية في البلاد. كيف يمكن تصديق ذلك و هذه الأحزاب نفسها تضيق الخناق على حرية الرأي و التعبير كوردياً و تفتقر في ممارساتها السياسية ، سواء في داخل تنظيماتها أو مع الأحزاب الأخرى أو مع المستقلين ، إلى أبسط مفاهيم الديمقراطية و الليبرالية؟ بل أن معظم المتتبعين للشأن السياسي الكوردي يجمعون على أن حالات الإنشقاق و التصادم الحاصلة في أوساط الأحزاب الكوردية ، مصدرها إنعدام الممارسة الحرة و الديمقراطية فيها ، في ظل تشبث العسكر القديم بمناصبهم و عدم الإستعداد للتخلي عنها حتى و لو كلف ذلك وحدة أحزابهم أو تطلب منهم المساومة على مبادئهم و قيمهم ، و كم هي كثيرة الأمثلة على ما نقول. و كما لا ننسى هنا أن نذكر إغلاق الأبواب في وجه المرأة الكوردية و حرمانها من الإسهام في الحياة السياسية ، إلى جانب عدم فسح المجال أمام الأجيال الجديدة و الشريحة الشابة لتسلق سلم المسؤوليات و إقصائهم عن دوائر القرار الحزبي ، لتتحول هذه الأحزاب مع مرور الوقت إلى ما يشبه مشيخات رجالية ، يترأس كل واحدة منها طويل عمر و من حوله حاشية من طويلي الأعمار ، لكل واحد منهم باع طويل في فصول التآمر الداخلي و مسلسل الإنشقاقات ، و قد تمكنوا عبر مسيراتهم من إستيعاب و تعلم الألاعيب و إكتسبوا من تجاربهم الخبرة الوافية و المكر الكافي للإحتفاظ بمناصبهم أو الإعتلاء إلى ما هو أرفع ، أو الإنقلاب على طويل عمر المشيخة و حتى على المشيخة ككل إذا ما إستدعت مصالحهم أو إنتهازيتهم ذلك.

قد يعترض مناصري أحد الأحزاب الكوردية على رأيي هذا ، مستشهدين بكون حزبهم هوالوحيد الذي يشهد عملية تغيير السكرتير بعد كل مؤتمر عام ؛ لأرد عليهم بأن تغيير السكرتير كل أربعة أعوام ، رغم كونه ظاهرة فريدة في تاريخ الأحزاب الكوردية ، إلا أنه ليس بالمقياس الحقيقي و لا بالموضوعي للحالة الحرة و للممارسة الديمقراطية ، بل أن المقياس يكون بالمشاركة الواسعة و الحقيقية لجميع أعضاء و قواعد الحزب في صياغة نهجه و أهدافه و في إتخاذ القرارات ، و من ثم ترجمة البرامج و القرارات المصدقة عليها على الصعيد العمل اليومي و وضعها حيز التنفيذ و عدم تركها مجرد حبر على ورق ، كما أن المقياس يكون بالإمتثال لرأي الأغلبية و إحترام نتائج التصويت و ليس بالإنقلاب عليها و ضربها عرض الحائط كما حصل أثناء و عقب المؤتمر الأخير لنفس الحزب. فلم أسمع يوماً ما طوال عمري أن شخصاً ما إنتسب إلى حزب سياسي لمجرد أن السكرتير يتغير ، اللهم إذا لم يكن في الحزب المقصود به هنا.

إزاء هذه التناقضات الملمة بالطرح و الحراك السياسي الكوردي و ما يعترض طريق الأحزاب الكوردية من سلبيات و نقاط خلل و ضعف تحولُ دون تحولها إلى ممثل حقيقي عن الشعب الكوردي و مُعبّر صادق عن أمانيه و طموحاته ، تتعالى الأصوات المعارضة للأحزاب الكوردية و الناقدة لأحوالها المتردية و الداعية إلى عملية إصلاح و لم شمل حقيقة ؛ و هذه الأصوات تدق ناقوس الخطر ، منبهة إلى الخطر المحدق بالشعب الكوردي و قضيته و محذرة في نفس الوقت من مغبة الإستمرار على هذا المنوال الذي أضحت آثاره الكارثية تمس صلب و جوهر القضية ، خاصة مع تصعيد النظام لهجمته الشرسة ضد الشعب الكوردي في السنوات الأخيرة و تماديه في جرائمه بحق المواطنين الكورد العزل كما حصل من قتل و إرهاب ضد المحتفلين الكورد بنوروز الرقة و غيرها من الإحتفالات في مناطق أخرى.

يتبع ...
 
رد: وجهة نظر في السجال الحاصل بين الأحزاب الكوردية و المستقلين الكورد (2/1)

إتساع دائرة المنتقدين و المعارضين لأحوال الأحزاب الكوردية يسري بشكل غير مألوف و قد تحولت الظاهرة إلى هاجس و مصدر قلق لها ؛ و هي التي لم تعتاد طوال مسيرتها أن تقابل برحابة صدر الإنتقادات الموجهة لها ، سواء أكانت من المتقربين منها أو أتت من معارضيها الصرحاء. بل العكس هو الصحيح ، فهذه الأحزاب دأبت في مواقفها و ردود أفعالها حيال الأصوات الناقدة على ممارسة القدح و كيل التهم ، بغية إضعاف موقع المنتقدين و خلط الأوراق بهدف حرف الأنظار عن جوهر الموضوع ، أي مدى صحة تلك الإنتقادات من عدمها. و هي لم تتوانى في مواقفها عن سلك منحنيات خطيرة ، مثلما وصل الأمر بسكرتير أكثر من حزب كوردي إلى إطلاق حملات على المواقع الإنترنتية الكوردية لثنيها عن نشر مواد الكتاب الكورد المنتقدين لها ، في مسعى منهم لكبت الأصوات الكوردية المستقلة و إنتهاكاً لحرية الرأي و التعبير و هي للمفارقة أشياء تعانيها هذه الأحزاب نفسها في ظل الديكتاتورية الحاكمة في سوريا.

نفس هذه المعضلة تتكرر في المنفى و خاصة في أوروبا ، حيث تتواجد جاليات كوردية كبيرة و حيث تمكنت الأحزاب الكوردية من إيجاد موطئ قدم لنفسها عبر تنظيماتها و فروعها في البلدان الأوروبية المختلفة. و كما أحزابها في الداخل ، فأن أحوال هذه التنظيمات كذلك لا تبعث على السرور ، لما تعانيه من ضعف و تعثر و إفتقاد لمستلزمات العمل السياسي المؤثر و الفعال ، و من آثار ذلك الجفوة الواقعة إزاءها في صفوف الجاليات الكوردية و التي تكاد تتحول إلى شرخ يصعب ردمه إذا ما لم يتم إصلاح الأمور و وضعها في نصابها الصحيح ؛ حيث تتعرض هذه التنظيمات ، على غرار أحزابها في الداخل ، لإنتقادات واسعة بسبب إنهماكها بمشاكلها و صراعاتها ، الداخلية و الجانبية ، و تقاعسها عن القيام بمهامها كما يجب. و كما لم تختلف مواقفها من الإنتقادات و أصحابها عن مواقف أحزابها في الداخل ، بل يمكن القول أنها فاقتها في حدتها ، بدليل قيامها ، ربما بإيعاز من قيادييها في الداخل ، بتأليب أعضائها و مؤازريها على أصحاب الكتابات النقدية و إعلان القطيعة معهم و تسخير طاقاتها من أجل عزلهم و إقصائهم ، بدلاً من التناقش و التحاور و محاولة سد الفجوة الحاصلة معهم ، بإتجاه بلوغ نوع من التفاهم و التعاون المشترك. و هذا ما يصعب فهمه في ظل المناخ الأوروبي المتسم بالحرية و الديمقراطية و المغاير لما هو موجود في سوريا.

محاولات التنظيمات الكوردية لكبت الأصوات الناقدة بائت ، و لحسن الحظ ، بالفشل حتى الآن ؛ بل إننا نلاحظ في الفترة الأخيرة تصاعد وتيرة الإنتقادات مع إتساع دائرة المنتقدين و إنضمام أصوات جديدة إليهم ؛ و قد شجعهم في ذلك التقبل الخجول الذي بدأ يبدر عن بعض التنظيمات حيال الإنتقادات الموجهة لها و الحساب الذي باتت تبديه للآراء المخالفة. و إذا كان لهذا الجانب إيجابياته ، إلا أنه على المنتقدين ، في نفس الوقت ، توخي الحذر و اليقظة من إحتمال إنحدار المشهد الكوردي ، سواء في الداخل أو في أوروبا ، نحو التطرف في الآراء و المبالغة في حدة الإنتقادات و ردود الأفعال المضادة. فمهما يكن و رغم كل نواقصها و عيوبها ، إلا أنه يجب الإقرار بأن هذه الأحزاب و تنظيماتها لا تزال تهيمن على المشهد السياسي الكوردي ، في غياب مبادرات مستقلة جادة لإيجاد ما هو أفضل ، و ذلك بسبب تشتت و تنافر المستقلين أنفسهم إلى حد ما نتيجة ظروفهم و إرتباطاتهم المختلفة. لذلك فأن سد الأبواب بشكل كامل في وجه الحوار الهادئ و التواصل و التعاطي المرن مع هذه التنظيمات قد يأتي بنتائج عكسية ، من الصعب التكهن بآثارها و عواقبها و قد تؤسس لحالة كوردية أكثر تردياً مما كانت عليه. و هذا لا ينصب في مصلحة الشعب الكوردي و قضيته و جالياته و يكون قد تم بلوغ غاية غير مستقصدة.

إذاً ، و حسب رأيي ، فأن الحل لا يكون إلا بالإعتراف و الإحترام المتبادلين بين جميع الأطراف المعنية و الإقرار بحقوق و واجبات الكل في ظل الإرتباط بِهَمّ و مصير مشترك. فالتنظيمات الكوردية ، من جهة ، مطالبة بمراجعة ذاتها و قبول الإنتقادات الموجهة لها برحابة صدر و العمل بقدر الإمكان على الإستفادة منها ، وبالتأكيد فأن ذلك لا يكون بالنظر إلى الإنتقادات على أنها أعمال عدائية موجهة ضدها و إعتبار أصحابها مجرد معتدين من الصعب الجلوس و الحوار معهم ؛ كما أنها ، و خاصة في أوروبا ، مدعوة إلى الإنفتاح على المستقلين الكورد و التنسيق و التشاور معهم بالشؤون التي تخص الشعب الكوردي و قضيته و أوضاع جالياته المتواجدة في المنفى و الإستفادة من قدرات و طاقات الكل دونما إستثناء أو إقصاء ؛ حيث لم يعد مقبولاً و لا معقولاً إقصاء المستقلين الكورد و إبعادهم عن العمل الكوردي و لن يترتب على الإصرار على هكذا موقف سوى المزيد من التزمت و التوتر و تعكير الأجواء مع شريحة هامة ، آخذة في النمو ، من النشطاء الكورد ، و ما في ذلك من هدر لطاقات من المؤسف أن لا يتم الإستفادة منها بشكل أفضل. و لا حاجة إلى القول بأن مصلحة الشعب الكوردي و السوري عموماً تقتضي من الجميع حشد الطاقات و نبذ الخلافات و الصراعات و السعي إلى إيجاد الحلول المناسبة لها ، من أجل التفرغ للوظيفة الأهم و هي التصدي للنظام و العمل على إيجاد البديل الديمقراطي له و حل القضية الكوردية. أما المستقلون و معارضي و منتقدي الأحزاب الكوردية ، فهم بدورهم مطالبون بخفض حدة اللغة المستخدمة في إنتقاداتهم و تصريحاتهم مهما كانت صائبة ، و بإبداء بعض من حسن النية تجاه هذه الأحزاب بغية ترطيب الأجواء و تهيئة مناخ أفضل يمكن فيه الحوار و النقاش حول معظم المشاكل و العوائق.

لم يبقى سوى القول بأن مصلحة الشعب الكوردي و معاناته و جرائم القتل المستمرة بحق أبناءه المسالمين و العزل تقتضي من ضمائر جميع المعنيين بالأمر الحوار و التواصل و العمل على رص الصفوف و حشد كل الطاقات و الإمكانيات بغية إيجاد ما هو أفضل لهذا الشعب الصامد ، في سبيل خلاصه بأسرع وقت من مخالب النظام العنصري و الأرهابي الحاكم في دمشق و إستعادته لحقه الطبيعي في العيش بأمن و سلام.

ورد في تقارير أخبارية أن منظمة العفو الدولية بصدد التحضير لتظاهرات أمام جميع سفارات النظام السوري في ذكرى إستقلال سوريا المصادف ليوم السبت 17 نيسان الحالي. كلي أمل أن تتحول هذه المناسبة إلى فرصة للجميع لإبداء حسن النية و إثبات أن في وسع الكورد ، حزبيين و مستقلين ، أن يكونوا في مستوى المسؤوليات الملقاة على عاتقهم و الترفع على خلافاتهم أمام مصالح شعبهم و قضيته العادلة. كما لأنها فرصة مؤاتية لإظهار حراك كوردي سوري من نوع آخر ، بالتنسيق و التعاون مع جميع القوى الديمقراطية السورية ، و التلذذ و الإستمتاع بطعم ثماره ، و هو طعم لم نعتاد تذوقه منذ أن إستلم البعث لسدة الحكم في سوريا.
 
هور يانعه في بساتين المنتدى نجني ثمارها من خلال الطرح الرائع لمواضيع اروع
وجمالية لا يضاهيها سوى هذا النثر البهي
فمع نشيد الطيور
وتباشير فجر كل يوم
وتغريد كل عصفور
وتفتح الزهور
اشكرك من عميق القلب على هذا الطرح الجميل
بانتظار المزيد من الجمال والمواضيع الرائعه
 
عودة
أعلى