Kurd Day
Kurd Day Team

الساحة السياسية الكوردية في سوريا ، متمثلة في أحزابها ، تكتظ بتناقضات صارخة تدعو المرء إلى التساؤل عن مدى صدقها و جديتها فيما تطرحه من برامج و تنشده من أهداف. لنأخذ على سبيل المثال مزاعم هذه الأحزاب بأنها تناضل في سبيل رفع الغبن الواقع على الشعب الكوردي و التصدي للنظام و مخططاته المعادية للكورد ، و لنحاول مقاربة الموضوع من خلال عدة تساؤلات نلخصها كما يلي:
هل يا ترى من أحد لا يزال يعتقد بأن الأحزاب السياسية الكوردية ، بما آلت إليه أحوالها من ضعف و تشتت ، بمقدورها الوقوف في وجه نظام إستبدادي ، لا رادع له و لا يتورع عن إستخدام العنف و الإرهاب بحق المواطنين و المعارضين لها ، كالنظام الحاكم في دمشق؟!
كيف يكون بإستطاعة الأحزاب الكوردية الدفاع عن مصالح الشعب الكوردي و هي تثبت لنا يومياً عجزها عن إبداء أدنى درجات الإلتزام بالمهام و المسؤوليات الجسيمة الواقعة على عاتقها حيال شعبها و قضيته؟! بل ألا يجمع معظم المتتبعين اليوم على إعتبارالأوضاع السيئة و المتردية جداً للأحزاب الكوردية كأحد منابع الخطر الهامة و المهددة للقضية الكوردية و لمصالح شعبها؟!
كيف تحقق الأحزاب الكوردية إنجازاً بسيطاً ، يستحق الإفتخاربه و يكون مقدمة لإنجازات أخرى ، و هي لا تكاد تترك مناسبة بدون أن تتنصل فيها من إستحقاقات النضال الكوردي و ما يترتب عليه من عزيمة صلبة و روح مؤمنة حقاً بمشروعية ما تناضل من أجله و مستعدة للتضحية بما آتاها في سبيل تحقيق أهدافها و تلبية طموحات الشعب و الجماهير؟!
كيف تكون الأحزاب الكوردية ممثل عن الشعب الكوردي و هي تدير ظهرها له و تبتعد عنه و عن شجونه و تتقاعس عن قيادته بخطى واثقة عند الوقوف في وجه النظام و أجهزته المختلفة؟!
كيف تعمل الأحزاب الكوردية على حل القضية الكوردية و هي تفتقد لتصور واضح و تفتقر إلى مشروع حل متكامل للمشكلة ، ضع جانباً أن تتفق فيما بينها على هكذا تصور أو مشروع؟!
كيف يكون بإمكان تشكيلات سياسية بدائية على شاكلة الأحزاب الكوردية تقديم حلول عصرية و معقولة لمشكلة معقدة و متشعبة كالمشكلة الكوردية ، بحكم تداخلاتها الإثنية و الدينية و الطائفية و ترابطاتها الوطنية و الكوردستانية و تداعياتها الإقليمية و الدولية ؛ و بالأخذ في نظر الإعتبار المتغيرات الدولية و الترابط المتأصل بين المجالين السياسي و الإقتصادي ، هذا إلى جانب إنتشار مفاهيم التسامح و التعايش السلمي بين الشعوب و الأديان و الثقافات في العالم؟!
أسئلة هي بمثابة غيث من فيض في ظل الواقع الكوردي المرير...
لنقف كمثال آخر عند إدعاءات الأحزاب الكوردية بأنها تعمل من أجل نشر الحرية و تحقيق الديمقراطية في البلاد. كيف يمكن تصديق ذلك و هذه الأحزاب نفسها تضيق الخناق على حرية الرأي و التعبير كوردياً و تفتقر في ممارساتها السياسية ، سواء في داخل تنظيماتها أو مع الأحزاب الأخرى أو مع المستقلين ، إلى أبسط مفاهيم الديمقراطية و الليبرالية؟ بل أن معظم المتتبعين للشأن السياسي الكوردي يجمعون على أن حالات الإنشقاق و التصادم الحاصلة في أوساط الأحزاب الكوردية ، مصدرها إنعدام الممارسة الحرة و الديمقراطية فيها ، في ظل تشبث العسكر القديم بمناصبهم و عدم الإستعداد للتخلي عنها حتى و لو كلف ذلك وحدة أحزابهم أو تطلب منهم المساومة على مبادئهم و قيمهم ، و كم هي كثيرة الأمثلة على ما نقول. و كما لا ننسى هنا أن نذكر إغلاق الأبواب في وجه المرأة الكوردية و حرمانها من الإسهام في الحياة السياسية ، إلى جانب عدم فسح المجال أمام الأجيال الجديدة و الشريحة الشابة لتسلق سلم المسؤوليات و إقصائهم عن دوائر القرار الحزبي ، لتتحول هذه الأحزاب مع مرور الوقت إلى ما يشبه مشيخات رجالية ، يترأس كل واحدة منها طويل عمر و من حوله حاشية من طويلي الأعمار ، لكل واحد منهم باع طويل في فصول التآمر الداخلي و مسلسل الإنشقاقات ، و قد تمكنوا عبر مسيراتهم من إستيعاب و تعلم الألاعيب و إكتسبوا من تجاربهم الخبرة الوافية و المكر الكافي للإحتفاظ بمناصبهم أو الإعتلاء إلى ما هو أرفع ، أو الإنقلاب على طويل عمر المشيخة و حتى على المشيخة ككل إذا ما إستدعت مصالحهم أو إنتهازيتهم ذلك.
قد يعترض مناصري أحد الأحزاب الكوردية على رأيي هذا ، مستشهدين بكون حزبهم هوالوحيد الذي يشهد عملية تغيير السكرتير بعد كل مؤتمر عام ؛ لأرد عليهم بأن تغيير السكرتير كل أربعة أعوام ، رغم كونه ظاهرة فريدة في تاريخ الأحزاب الكوردية ، إلا أنه ليس بالمقياس الحقيقي و لا بالموضوعي للحالة الحرة و للممارسة الديمقراطية ، بل أن المقياس يكون بالمشاركة الواسعة و الحقيقية لجميع أعضاء و قواعد الحزب في صياغة نهجه و أهدافه و في إتخاذ القرارات ، و من ثم ترجمة البرامج و القرارات المصدقة عليها على الصعيد العمل اليومي و وضعها حيز التنفيذ و عدم تركها مجرد حبر على ورق ، كما أن المقياس يكون بالإمتثال لرأي الأغلبية و إحترام نتائج التصويت و ليس بالإنقلاب عليها و ضربها عرض الحائط كما حصل أثناء و عقب المؤتمر الأخير لنفس الحزب. فلم أسمع يوماً ما طوال عمري أن شخصاً ما إنتسب إلى حزب سياسي لمجرد أن السكرتير يتغير ، اللهم إذا لم يكن في الحزب المقصود به هنا.
إزاء هذه التناقضات الملمة بالطرح و الحراك السياسي الكوردي و ما يعترض طريق الأحزاب الكوردية من سلبيات و نقاط خلل و ضعف تحولُ دون تحولها إلى ممثل حقيقي عن الشعب الكوردي و مُعبّر صادق عن أمانيه و طموحاته ، تتعالى الأصوات المعارضة للأحزاب الكوردية و الناقدة لأحوالها المتردية و الداعية إلى عملية إصلاح و لم شمل حقيقة ؛ و هذه الأصوات تدق ناقوس الخطر ، منبهة إلى الخطر المحدق بالشعب الكوردي و قضيته و محذرة في نفس الوقت من مغبة الإستمرار على هذا المنوال الذي أضحت آثاره الكارثية تمس صلب و جوهر القضية ، خاصة مع تصعيد النظام لهجمته الشرسة ضد الشعب الكوردي في السنوات الأخيرة و تماديه في جرائمه بحق المواطنين الكورد العزل كما حصل من قتل و إرهاب ضد المحتفلين الكورد بنوروز الرقة و غيرها من الإحتفالات في مناطق أخرى.
يتبع ...