التفاؤل بإطلالة 2010 أفضل من البكاء على أطلال 2009

  • بادئ الموضوع بادئ الموضوع Kurd Day
  • تاريخ البدء تاريخ البدء

Kurd Day

Kurd Day Team
clear.gif

نوري بريمو
جريدة صوت الأكراد*

في مشهد رحيل كل سنة ميلادية وقدوم أخرى، وفي هكذا فترة انتقالية تفرض علينا خيار الخوض السياسي وجها لوجه في تحضيرات الانقلاب السنوي الدَّوري الذي لا مفرَّ منه لأنَّ عقارب ساعة عجلة التاريخ تدور بطبيعتها إلى الأمام ولا تدور نحو الوراء على الإطلاق..، يقف المرء حائراً بين أمرين اثنين، إما أن يتشاءم بآلام العام الراحل ويسرد أحداثه ويقف مكتوف الأيدي ويبكي على أطلاله بكاء المستجير من الرمضاء بالنار، أو أن يستعيد حساباته ويجري جرداً لأحواله ويودع التشاؤم ويتفاءل بالآمال مع إطلالة العام الجديد.
وما بين التشاؤم والترهل والبكاء على أطلال عام 2009 وبين التفاؤل والاجتهاد والتبسُّم لإطلالة عام 2010م، ينحصر خيار آدميي شرق أوسطنا لدى استقبالهم لعامهم الجديد الذي قد لا يختلف كثيراً عن أسلافه التي تورِّثه بالفطرة ثمة ملفات حقوقية عالقة بلا حلول تحت سطوة أنظمة دكتاتورية تستبد بدواخل البلدان التي تحكمها في الوقت الذي تتراقص فيه تلك الأنظمة على أنغام دولية وإيقاعات إقليمية تغزو ديارنا وتطبع قضايانا بطابع عنفي يتأجج بفعل مفاعيل إختلافية تستمد وجوديتها من خلفيات قومية ودينية وطائفية في بلدان ومناطق يطلق عليها البعض تسمية البقاع الساخنة كالعراق وتركيا وكوردستان وإيران وسوريا ولبنان وفلسطين واليمن والسودان و..الخ.
وبهذا الصدد وقبل الخوض في تفاصيل هذه البانوراما ومن قبيل التفاؤل بمستقبل أفضل لشعوبنا وللآخرين، يُستحَسنْ الاستهلال بتقديم رزمة من التهاني لكافة محبي الحرية ومناصري قضايا الديمقراطية وحقوق الإنسان والأمم، بمناسبة عيد ميلاد السيد المسيح ورأس السنة الميلادية.
أما في التفاصيل فيُفضل أن نتناول أبرز أخبار العام الماضي عبر الاستئناس بأحداثها دون الاسترسال في ثناياها، لأنّ غرضنا الأساسي هو الوقوف لا بل التوقف في عتبة المشهد السياسي الراهن بقصد تحليل ظاهره وباطنه وتداعياته وتقديم تصوراتنا ومواقفنا حياله، لكنَّ هكذا مُراد لن يتحقق ما لم نحتكم إلى أسلوب التبويب وفق مبدأ وضع النقاط على حروف بعض العناوين العريضة التي باتت تشغل بال إنساننا التواق لتحسين أحواله، ولعلَّ أبرز تلك العناوين تتلخص بالنقاط والمحاور التالية:
1 ـ العراق الفدرالي التعددي المقبل مع بداية ربيع العام الجديد على إجراء انتخابات برلمانية مصيرية ويُعوَّل عليها في تحديد موازين القوى في دفة الحكم وفي الميدان بشكل قد يكون مختلفا عما هو قائم حاليا وبصيغ قد تكون أكثر قرباً من الواقع الديموغرافي الذي سيفرض نفسه على الأرض في كل الأحوال، قد يتعرّض (أي العراق) لمزيد من الاستهدافات العنفية التي باتت أشبه ما تكون بمسلسل دامي عنوانه الإعاقة ومحاولة إدارة عجلة العملية السياسية بعكس إرادة أهل بلاد الرافدين بمختلف مكوناتها القومية والدينية والطائفية، لكنْ ولحسن الحظ يبدو أنّ كافة الأيام الدامية (الأربعاء والأحد والثلاثاء وباقي أيام الأسبوع) المداهمة لديار العراقيين لن تحيدهم عن مسيرتهم لأنّ بئرهم الفدرالي سيكذب غطاس أيتام صدام ومَنْ لفّ لفهم، وأنّ قطار العراق سيسير فوق سكته التوافقية الآمنة رغم كثرة أسافين المتربصين بحاضره وبمستقبله.
2 ـ إقليم كوردستان الذي استطاع أن يبرهن للعالم والعراق عبر تجربته الفدرالية المتنامية بشكل يومي لا بل لحظي ينعكس إيجابياً على شعبنا في الإقليم والأجزاء الأخرى، بأنه بات كياناً قومياً ديمقراطياً بامتياز رغم كثرة الشوفينيين المتربصين بمسيرته الحافلة بالنجاح حاليا والمكتظة بالجراح ماضياً، سيواصل تحقيق المزيد من الإنجازات بفضل ممارسة قيادته السياسية ورئيسه المنتخَبْ مسعود بارزاني لحكمة امتهان دبلوماسية السباق مع الزمن عبر الاستنارة بأنوار السياسة الدولية الجديدة المنتشية في كنف عصر العولمة.
3 ـ تركيا المرتبكة كثيراً والمنهمكة حاليا ببذل الغالي والرخيص في سبيل فك كربها الطوراني وتخفيف أزماتها الداخلية وتحقيق حلمها الأوربي وإيجاد مخرج للقضية الكوردية في كوردستان الشمالية، قد تشهد (أي تركيا) تغيّرات نوعية بفضل انتصار الإسلاميين على العلمانيين الذين تحوَّلوا إلى صف المعارضة المعرقلة لأي انفتاح يطلقه أردوغان وحزب العدالة الذي يعتبر نفسه صاحب مشروع إصلاحي من شأنه أن يسوق تركيا صوب استعادة أمجادها التي أضاعها العلمانيون عبر مراحل حكمهم المليئة بالسياسات المنغلقة، إذ من المتوقع أن تشهد القضية الكوردية هناك ثمة انفراج سياسي فيما إذا احتكمت الأطراف المعنية إلى لغة الحوار السلمي بعيدا عن مسلكية عسكرة الحلول التي كانت تجري على قدم وساق بلا أي حساب لمئات الآلاف من الضحايا لدى الجانبين التركي والكوردي اللذين لم يبق لديهما أي بديل سوى الاعتراف بالتعددية القومية والتعامل مع الآخر كشريك في الحكم وفي باقي مناحي الحياة التي تعكرت صفوتها بين ترك الأناضول وكور كوردستان على خلفيات شوفينية بحتة.
4 ـ إيران الفاقدة لتوازنها الإقليمي والدولي والغائصة حاليا في بحر من التنازع الحدِّي بين ملاليها الذين طغوا على البلاد فتفرق شملهم وانشطروا إلى فريقين (محافظ وإصلاحي) متصارعَين على النفوذ تحت عمامة ولاية الفقيه التي يعتبرها الفريقان بأنها من أقدس المقدسات التي لا يجوز لأحد المساس بها في أي ظرف كان، لكنّ معظم المحللين السياسيين يرون بأنّ نظام الملالي لم يعد يتلاءم مع الحاضر ولم يعد قادراً على ما هو عازم على فعله في إيران وفي غيرها من بلدان منطقتنا كالعراق وسوريا ولبنان واليمن وغيره لأنّ الرياح الداخلية والخارجية أصبحت تسير بما لا تشتهيه سفينة ولاية الفقيه .
5 ـ لبنان الخارج بشكل مؤقت من دائرة السخونة وسط حالة أشبه ما تكون باستراحة مقاتل أثر فوز سعد الحريري بالأكثرية النيابية وبرئاسة الحكومة، وبفضل حكمته في إدارة طاولة الحوار اللبناني وفي كيفية التعامل مع الجارة سوريا المضغوط عليها عربيا وإقليميا ودوليا، حيث يُتوَقَّع أن تدوم حالة الاستقرار المؤقت هذه إلى حين حدوث تغييرات شرق أوسطية تأرجح كفة ميزان المعادلة اللبنانية باتجاهات أخرى قد لا تكون لا على البال ولا على الخاطر.
6 ـ فلسطين التي قضيتها عالقة وباقية برسم التأجيل بسبب التأجيج الداخلي الحاصل بفعل فاعل فلسطيني منقسم على نفسه إلى اتجاهين متنافسين يخوضان صراعاً عنفياً فيما بينهما، في حين يُتوقَّع أن تقف إسرائيل موقف المتفرج بانتظار توافق فتح وحماس والتحاقهما بعملية السلام الشرق أوسطي أو بالأحرى الصلح الفلسطيني الإسرائيلي الذي قد يخضع للتسويف ريثما يصبح في خبر كان لعدم جدية الحكومة الاسرائيلية اليمينية التي يبدو أنها لا تكترث بأحوال أهل فلسطين الذين لم يهنأوا بالعيش الآمن منذ عقود زمنية عديدة.
7 ـ السودان المبتلي بسلطة دكتاتورية غير مبالية بأية مطالب أهلية أو نصائح إفريقية أو إنذارات دولية، قد يبقى غائصاً وسط المشاكل مادام رأس النظام ماضٍ في مسلكية عرقلة الجهود الدولية العالمية الساعية لإيجاد مخارج إنسانية لإقليم دارفور وحلول سياسية لجنوب البلاد الذي قد ينفصل عن شماله في أقرب وقت ممكن بعد الاستفتاء المزمع إجراءه العام المقبل.
8 ـ اليمن الغائص حتى أذنيه في حرب ضروس ضد الحوثيين، قد ينقسم مرة ثانية إلى يمنين أو ثلاثة على خلفية تصاعد هذه الحرب التي قد تتأجج أكثر وتتحول إلى حرب أهلية مفتوحة الأبواب على كافة الاحتمالات التي قد تنعكس لجهة تقهقر أهل الحكم في إيجاد أية حلول، مما سيضطرهم إلى الاستنجاد بالخارج حشره ضد الداخل على مبدأ استغاثة الغريق بأية قشة قد تنقذه من الغرق ، ثم جاء تدخل منظمة القاعدة الساخن على الخط .
9 ـ الصومال المتحوِّل مؤخراً إلى أفغانستان ثانية لجهة إيوائه لمجاميع إرهابية تعبث بأمن أهل البلد، قد ينقسم إلى عدة إمارات تسلطن عليها قوى الظلام الفارة من هنا وهناك على أثر تلقيها لضربات موجعة أجبرتها على الالتجاء إلى أدغال الصومال التي آلت إلى ساحة مستباحة للإرهاب القادم من كل مكان.
10 ـ سوريا التي يحكمها نظام حكم استبدادي حيال شعبنا الكوردي وحيال كافة السوريين ومضطرب حيال محيطه العربي ، قد تشهد (أي سوريا) احتباسا سياسيا حتى أمد آخر وعلى شتى الأصعدة الداخلية والخارجية، إذا لا تلوح في الأفق القريب أية ملامح لأية تغييرات رغم طول أمد انتظارها سورياً وإقليمياً ودولياً، فقضية الديمقراطية وحقوق الإنسان تُحتبَس يوما بعد آخر تحت سطوة القبضة الأمنية المستمدة لجبروتها من حالة الطوارئ والأحكام العرفية التي تطلق يد الأجهزة الأمنية التي تصول وتجول وتحبس من تشاء وفي أي وقت تشاء فيه فرض هيبة الدولة على رقاب العباد والبلاد التي تكتظ سجونها بالسجناء السياسيين كمعتقلي إعلان دمشق وغيرهم من مناضلي المعارضة الديمقراطية السورية، أما بشأن القضية الكوردية وأحوال شعبنا فتسير الأمور من سيئ إلى أسوء في ظل استمرار تطبيق فصول السياسة الشوفينية التي عنوانها الأبرز هو التعامل الأمني الذي ينتهجه أهل الحكم الذين جلَّ غايتهم تتمركز على متابعة كل صغيرة وكبيرة وملاحقة وحبس القياديين والكوادر الناشطين لثني عزيمة قيادة حركتنا السياسية التي يبدو أنها ستسعى ما بوسعها للتخلص من أزماتها الذاتية والسير صوب التلاقي وتوحيد الصفوف، ولعلّ إعلان تأسيس المجلس السياسي الكوردي قد يكون فاتحة خير ويشكل بادرة خيَّرة لتعزيز قدرات الجانب الكوردي المؤمن بمقولة "خطوة عملية خير من دزينة برامج نظرية" والمقبل على مرحلة جديدة بكل أحداثها وتداعياتها على طريق نيل الحقوق القومية المشروعة لشعبنا المقهور في إطار الحل الديمقراطي العام الذي من شأنه الإتيان بدولة الدستور والحق والقانون.
في الختام.. وبما أنَّ خير الكلام ما قلَّ ودل، فإنَّ كثرة الاختلافات المؤسفة الحاصلة على خلفية سخونة هذه البقاع الجغرافية المتاخمة لبعضها والحاوية لأقوام وأديان وطوائف متنوعة، لا يعني أبداً أن نبكي على أطلال 2009م الذي ولى بدون أن يجد حلولا لقضايانا المختلف عليها، وإنما ينبغي أن نتفاءل بإطلالة 2010م الحامل لبوادر إيجابية لا ينبغي التقليل من شأنها، وأن نبني مزيدا من الآمال المعقودة على مدى جدية الحراك الديمقراطي الجاري لجهة إجراء تغييرات ديمقراطية في كل مكان من أمكنتنا المقهورة بطبائع الاستبداد.
--------------------------------------------
* صوت الأكراد: الجريدة المركزية للحزب الديمقراطي الكردي في سوريا (البارتي) ـ العدد (422) كانون الثاني
 
رد: التفاؤل بإطلالة 2010 أفضل من البكاء على أطلال 2009

كل الشكر لالك عبدو
 
هور يانعه في بساتين المنتدى نجني ثمارها من خلال الطرح الرائع لمواضيع اروع
وجمالية لا يضاهيها سوى هذا النثر البهي
فمع نشيد الطيور
وتباشير فجر كل يوم
وتغريد كل عصفور
وتفتح الزهور
اشكرك من عميق القلب على هذا الطرح الجميل
بانتظار المزيد من الجمال والمواضيع الرائعه
 
عودة
أعلى