[من أوائل الوافدين من الأكراد إلى لبنان , لم يكونوا مهاجرين وإنما كانوا من القادة العسكريين , ومحاربين أكراد , أوفدهم خلفاء العباسيين للدفاع عن الدولة الأسلامية في وجه الغزاة , حسب مصالح العباسيين في ذلك الوقت كما هاجر , أو بالأحرى رحل عدد من الأسر الأقطاعية الكوردية , مصطحبين معهم عدد كبير من أبناء عشيرتهم أو قبيلتهم , وما ساعدهم في الوصول بسهولة إلى لبنان , هو عدم وجود حدود سياسية ولا جغرافية في المجتمع الأسلامي آنذاك , وقد اندمجوا بشكل سريع في المجتمع اللبناني , وساعدهم على هذا الأندماج السريع , مقاومتهم المادية والبشرية , والرغبة في الأندماج , وإعجابهم بالطبيعة الخلابة للبنان , وكذلك المجتمع اللبناني والشعب اللبناني المتسامح وغير المتطرف , حتى في ذلك الوقت حيال الوافدين الجدد إلى موطنهم 4]ففي عام 1139 عين والد صلاح الدين الأيوبي والياً على مدينة بعلبك وقائداً لحماية المدينة , ونستطيع القول : بأن هذه هي كانت بداية وصول الأراد إلى لبنان , وبعد ذلك في القرن السادس عشر وحتى الثامن عشر , وصلت أسر أخرى من الكورد إلى لبنان , واندمجت أيضاً بشكل سريع , وحتى نستطيع أن نقول : بأن قسم كبير منهم انصهروا في المجتمع اللبناني , وأصبحوا منهم وفيهم , ولعبت بعد ذلك دوراً بارزاً في صيانة تاريخ لبنان الوسيط والحديث ]ومن الوافدين إلى لبنان , كثيرون , أمثال مرعب بن القاضي عيسى , وكان أحد الأمراء في جيش صلاح الدين الأيوبي , وأمراء بني سيفا في طرابلس وعكار وحصن , وقد وفدوأ بعد تعيين أميرهم يوسف سيفا والياً على مدينة طرابلس عام 1579]و في عام 1630 وفد أسرة الزعيم اللبناني الشهير كمال جنبلاط , فهم سليلوا أسرة جانبولات بك التي توارثت الحكم في كلّس , شمال حلب , وأليها تنتمي أسرة الزعيم الدرزي وليد جنبلاط , وأصلهم من مدينة العمادية ( آميدي ) n]أما المهاجرون الحقيقيون من الكورد , بدأوا بالهجرة عام 1920 أي في فترة الحرب العالمية الأولى ,والتي رافقتها النكبة الكوردية ألا وهي تقسيم كوردستان بين تركيا الحالية ومملكة العراق وسوريا وأيران , لاسيما الذين وقعوا تحت الاحتلال التركي الطوراني , في القسم الشمالي من كوردستان , التي جلبت الويلات للشعب الكوردي , وأكثرية المهاجرين كانوا من ولاية ماردين وضواحيها , وقد تزامنت هجرتهم مع هجرة الأرمن , الذين فروا من بطش الدولة الطورانية ,والأضطهاد القومي والتتريك الأجباري لهم , وللشعب الكوردي معاً , والتي أتبعتها الدولة الكمالية منذ نشأتها بزعامة كمال أتاتورك سنة 1923.[4]أما السبب الثاني لهجرة الأكراد إلى لبنان , هي البحث عن حياة أفضل , وعن فرص عمل خارج موطنهم الأصلي , التي تضطهدهم سياسياً , أجتماعياً واقتصادياً , كما كان أحد الأسباب , هي اهمال الدولة الطورانية , المناطق الكوردية ]أما السبب الثالث هو ازدهار الأقتصاد اللبناني وجلب الكثير من رؤوس الأموال الأجنبية والعربية , لاستثمارها في لبنان , مما أدى إلى إيجاد فرص كثيرة للعمل ]أما سبب هجرة الأكراد من جنوب كوردستان إلى لبنان , لأن المناطق التي ألحقت بالمملكة العراقية , كانت مسرحاً للثورات الكوردية المتتالية , دفاعاً عن حقوقهم القومية , ومسرحاً للعمليات العسكرية التي شنتها القوات البريطانية والعراقية ضد الشعب الكوردي , كل هذه الأسباب , كانت عوامل مؤثرة في هجرة الكورد إلى لبنان , ونستطيع أن نقول بأنها كانت عوامل أساسية لهجرة الكورد إلى لبنان , إلى جانب انتعاش الأقتصاد اللبناني في تلك الفترة وتوالي الأزمات السياسية في جميع أنحاء كوردستان , واستمرار الدول الغاصبة باضطهاد الشعب الكوردي من جميع النواحي الأجتماعية والأقتصادية والسياسية ]أما هجرة المثقفين والثوريين الكورد إلى لبنان , هو أن بيروت كانت, ومنذ بداية العشرينات , منبراً أعلامياً نشيطاً , للدفاع عن القضايا السياسية للشعوب ومنها قضية الشعب الكوردي , وكما كانت بيروت مقراً للصحافة الكوردية المسموعة والمكتوبة في تلك الفترة , تلك الأنشطة التي ساهم فيها إلى جانب المثقفين الكورد , عدداً من الصحفيين والمثقفين اللبنانيين , ففي لبنان ظهرت مجلة – هاوار – أي الصرخة عام 1923 حتى 1935 , كما انعقد أول مؤتمر لجمعية – خوءيبون – ( الأستقلال ) عام 1927 , وصدرت في لبنان مجلة – روجا نو – ( اليوم الجديد ) 1946 – 1947 ]وبلغت هجرة الأكراد إلى لبنان ذروتها في الأربعينات والخمسينات من القرن المنصرم , حيث أدت الانقلابات المتتالية في الدولة التركية , لاسيما خلال الثمانينات من القرن الماضي , وإعلان المناطق الكوردية , مناطق حربية ساخنة ومناطق عمليات عسكرية , مما أدى إلى دفع أعداد أخرى من الكورد للهجرة إلى لبنان , وطبعاً يجب أن لاننسى أن الظروف الملائمة في لبنان للحصول على اثبات الهوية وحصول بعضهم على الجنسية اللبنانية , والمساواة الموجودة بين المهاجرين والسكان الأصليين , والديموقراطية الموجودة في ذلك الوقت , هذه العوامل كلها ساعدت الكورد في التفكير بالهجرة إلى هذا البلد , ومع ذلك يجب أن لاننسى الجوانب السلبية التي الحقت الأذى بالأكراد الموجودين في لبنان , حيث بقي الكثير منهم يعاني أقتصادياً وأجتماعياً , بسبب حجب الجنسية اللبنانية عنهم لفترة طويلة , رغم حقهم القانوني وفق الدستور اللبناني ]وهكذا فمسألة حصول الأكراد على حقوق المواطنة , مرت بمراحل عديدة ومعقدة , حتى صدور مرسوم لبناني عام 1994 , الذي نصّ بمنح الجنسية اللبنانية للأكراد المقيمين في لبنان ]لقد شارك الكورد , جنباً إلى جنب مع الشعب اللبناني عام 1943 للمطالبة باستقلال لبنان من فرنسا , وقدموا الكثير من الشهداء في سبيل موطنهم الجديد ودفاعاً عن الأرض البنانية المفدّسة .[/]وفي خمسينيات القرن الماضي , برز الأكراد كقوة تحسب لها في الأنتخابات البرلمانية , ففي عام 1968 دعت القوى الوطنية اللبنانية إلى تحالفات سياسية مع الأكراد , وبولادة منظمة الشبيبة الديموقراطية الكوردية , بدأ الأكراد باتجاه التنظيم الحديث للأحزاب السياسية , وأخذ الوعي الفكري والأجتماعي والفني , يتطور شيئاً فشيئاً , جنباً إلى جنب , مع نجاحاتهم في مستياتهم المعيشية والثقافية , واندماجهم في المجتمع اللبناني , ومشاركتهم في الحياة العامة السياسية والأجتماعية والثقافية , وجمعياتهم الخيرية والفنية والرياضية ]وتواصل النخبة الكوردية نشاطاتها في جميع المجالات والميادين , وقد نجحت في الأندماج في المجتمع اللبناني , دون أن تنسى يوماً بأن تدافع عن حق الشعب الكوردي في جميع أنحاء كوردستان , مع الأحتفاظ بهويته الكوردية , وصلته القومية بنضال الأكراد في جميع أجزاء كوردستان ]