أين ضاعت العقيدة (الجزء الثاني)

  • بادئ الموضوع بادئ الموضوع muhmmad alo
  • تاريخ البدء تاريخ البدء

muhmmad alo

كاتب

ما السبب في كل ذلك؟ السبب: طريقة طرح العقيدة للناس وتربيتهم عليها! ولقد كان الناس يلتزمون الاعتقاد السليم في القلوب ويتحركون من خلال السلوك الإيماني الملتزم وإن خالطهم الضعف أحيانا ، و الجسد المسلم بقي كمجتمع يعيش في بحبوحة الإيمان وجنته الاعتقادية والسلوكية والقولية ، وبدأ الترهل يغزو الدولة مع اتساع الفتوحات ووفرة الأموال وحصلت انحرافات وبقيت للخير راية.
وعندما بدأ الغزو الفكري والتأثر بعقائد البلاد المفتوحة ازداد تصدي العلماء له وانهمكوا بجد كبير لمقارعته واتسعت أبواب النقاش وأصبح التركيز على الأمور الكلامية واللفظية شديدا لأن الانحراف الاعتقادي والسلوكي بدأ يتسلل منها ، ولكن هناك جانبا خطيرا لم يعط حقه وهو الجانب العملي التطبيقي ، أو قل ربط الناس بالإسلام من خلال الواقع الحياتي المعاش لا من خلال الكتب لأن المعركة الكلامية استنفذت كثيرا من الطاقات ، وربما ظن العلماء أن قسطا ضئيلا من التركيز العملي كاف للمجتمع من خلال القدوة الصالحة ، واعتمادا على الفطر النقية التي كانت منتشرة فعليا في المجتمع ، ثم حصلت سلبيات لم تعالج بالقدر الكافي منها:
1- طبيعة توسع الدولة الإسلامية واحتكاكها مع الحضارات الأخرى فرض نوعا من التوسع في الشرح والإغراق في التفاصيل الذي كان يجب أن يتوقف عند انتهاء الفائدة منه ولكنه استولى على محاور التحرك فغابت فيه وتحولت تلك الفرعيات إلى أهداف استهلكت الطاقات والجهود والأوقات ، ولم تأت بطائل.
2- رغم وجود مدارس إسلامية واضحة البصمات إلا أنها كانت تجمعا فرديا حول بعض الأفكار أعطاها البعد المدرسي ؛ أما التعاون الجماعي العلمي والعملي من أجل نهضة الأمة فقد كان مشروعا ضعيفا لم يكن التصدي له إلا بشكل فردي لا جماعي.
3- قامت كثير من المدارس الصوفية بجهد واضح لإعادة تذكير الناس بالإسلام ولكن النظر الجزئي عندها قلص من فعاليتها وأغرقها في أساليب تحولت إلى غايات أو أمور مبتدعة توضعت بشكل مغاير للإسلام نفسه وغير مقبول.
4- لم ينتبه كثير من العلماء إلى آفة الآفات : تدخل السياسة في الدين مع أن المفترض هو توجيه الدين للسياسة في الدولة المسلمة ؛ فقد دخلت في طريقة التحرك الدينية رغبات سياسية للدول أو الخلفاء والسلاطين ؛ فما رغبوه أصبح مع الوقت والطرح جزءا من الاعتقاد والسلوك ، وجلهم لم يكن يبحث عن الدين بقدر ما كان يبحث عن غطاء ديني يبرر به تصرفاته أمام الجماهير ، وأبسط تلك البصمات ما نشاهده عند الشعوب المسلمة حتى اليوم من رضاها بالظلم باسم القدر وعدم اعتراضها على انتهابها باسم التسليم ، وكل ذلك غير مقبول ومرفوض ، وهذه أمور من أغلاط وسلبيات التحرك الديني نفسه ؛ أما الأسباب الأخرى الخارجية فقد تحدثنا عنها في خطب ماضية.
إن النتيجة هي قصور في فهم الاسلام وعدم التحرك به ثم التقوقع ضمن بعض جزئياته وبعدها الاقتتال فيما لا يبني عقيدة ولا ينفع في دنيا ولا آخرة ، والسماح للقوى السياسية بفرض بصماتها وتحويل الفهم الديني إلى شكل لا يزعجها ، وبالتالي فقد كان متوقعا وجود كثير من السلبيات في تفكير المسلمين ووجود خلل كبير في اعتقادهم أو ما يسمونه اعتقادا ، ولقد فُقد من الساحة (الاسلام الشمولي المتفرد) وأصبحت الثياب الغربية تلقى عليه لتغيير صورته وتقزيمها وابعادها عن كل دور في الحياة.
لقد أخذت مسألة جواز وضع الصور على الحيطان أو حرمتها ما لم يأخذه سقوط الأندلس وانهيار الدولة العثمانية وغزو الصليبيين لديار المسلمين ، واحتلت مسألة حجاب الوجه للنساء من الاهتمام ما لم يحتله الحديث عن هتك حرمات المسلمات في أكثر من بلد ، أو منعهن من الحجاب كلية في الجامعات في بعض الدول الاسلامية!! وانصبت جهود كثيرين من الفقهاء على موضوع تبيين المنكر للابس خاتم الذهب أكثر بكثير مما انصبت على تبيين آثار الاستبداد السياسي وضرورة محاربته وتخليص الأمة منه ؛ لأنه من أكبر المنكرات ؛ أما صلاة التراويح وكونها ثماني ركعات أو عشرين فقد استهلكت من الأوراق والأوقات والصراعات والفتاوى ما لم يصرف جزء بسيط منه للبحث عن جواب السؤال التالي: ما هو الحكم الشرعي لمن يخون المسلمين ويبيع ديارهم ويفرط في حقوقهم ويقاتل عن شهواته بشراسة مرعبة ولا يقاتل في سبيل الله بل ويصد الناس عن سبيل الله.
لذا فإن العقيدة لا يمكن فهمها من كتب الفروع دون ربطها بالأصول الرئيسية أي كتاب الله تعالى والمؤيدات النبوية ، وكل إخراج للعقيدة بعيدا عن القرآن وسنة رسول الله الصحيحة فهو تقزيم لها وقتل ، والقرآن كتاب حياة وحركة وواقع ، وفهمه أسطرا لا تتحول إلى مصاحف بشرية يقضي على العقيدة وعلى المسلمين.
من خلال الواقع وحديث رسول الله صلى الله عليه وسلم : (الإيمان بضع وسبعون أو بضع وستون شعبة فأفضلها قول لا إله إلا الله وأدناها إماطة الأذى عن الطريق والحياء شعبة من الإيمان )
من عمل صالحا فلنفسه ومن أساء فعليها ثم إلى ربكم ترجعون.


الإحالات :

1-العنكبوت 41.
2- البقرة 202.
3- الأنفال 2-4.
4- البقرة 177.
5- مسلم ، الإيمان 49.
6- في الحديث التالي عن عبد الله بن مسعود أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (ما من نبي بعثه الله في أمة قبلي إلا كان له من أمته حواريون وأصحاب يأخذون بسنته ويقتدون بأمره ثم إنها تخلف من بعدهم خلوف يقولون ما لا يفعلون ويفعلون ما لا يؤمرون فمن جاهدهم بيده فهو مؤمن ومن جاهدهم بلسانه فهو مؤمن ومن جاهدهم بقلبه فهو مؤمن وليس وراء ذلك من الإيمان حبة خردل) .كتاب الإيمان من صحيح مسلم ، الحديث 50.
7- البخاري ، بدء الوحي 1.
8- مسلم ، الإيمان 35.
 
رد: أين ضاعت العقيدة (الجزء الثاني)

والله كلامك كلو صح..
الله يهدينا جميعاً يا رب..
جزاك الله ألأف خير..
الم..
 
رد: أين ضاعت العقيدة (الجزء الثاني)

بارك الله فيك اخي

والله يجزيك الخير يارب
 
رد: أين ضاعت العقيدة (الجزء الثاني)

سلام عليكم ورحمة الله وبركاته
اخت الم
بارك الله بكِ
مشكورة على المرور
 
هور يانعه في بساتين المنتدى نجني ثمارها من خلال الطرح الرائع لمواضيع اروع
وجمالية لا يضاهيها سوى هذا النثر البهي
فمع نشيد الطيور
وتباشير فجر كل يوم
وتغريد كل عصفور
وتفتح الزهور
اشكرك من عميق القلب على هذا الطرح الجميل
بانتظار المزيد من الجمال والمواضيع الرائعه
 
عودة
أعلى