أصداء القضية الكردية في الإعلام التركي



بقلم : زيور العمر
متابعة شبه يومية للصحافة التركية المكتوبة باللغة الإنكليزية , قد لا تعكس مقاربة دقيقة لما يجري من نقاش ساخن حول الخطوات المرتقبة من اجل حل القضية الكردية في تركيا . أغلب الصحافيين و الأكاديميين
الأتراك الذي يكتبون باللغة الإنكليزية في الصحافة التركية , تلقوا تعليمهم الجامعي في أعرق المؤسسات الأكاديمية الغربية . مقاربتهم للحل و جذر المشكلة في تركيا , تكاد تختلف . و مع ذلك نكاد نصل من خلالهم الى معرفة مستويات النقاش الراهن , و محاور القضايا المطروحة على طاولة البحث عن مخارج الحل .
في تركيا , تتصدر مناقشة مشروع« الإنفتاح الديمقراطي على المسألة الكردية » , سلم أولويات الإعلام و السياسة في الوقت الراهن . تكاد لا تخلو أي صحيفة تركية من مقالات و أفكار و رؤى حول المسألة الكردية . وكل ما يطرح سواءا ً على شكل مواقف من ساسة , أو آراء من قبل إعلاميين , تشير إلى شئ واحد لا غير: لا يمكن الإستمرار في تجاهل المشكلة , و إبقاءها دون حل . و بالرغم من إختلاف المواقف , و من خلفها النوايا و الأهداف , إلا أن التطور الحاصل هو أن الأتراك لم يعدوا يصفون الكرد بأتراك الجبال , و لا اللغة الكردية على أنها إحدى لهجات اللغة التركية , بل أنهم يشكلون قومية لها خصوصية متميزة عن الشعب التركي .
النقاش الدائر يكمن في كيفية الوصول الى رؤية الحل . أردوغان و حزبه العدالة و التنمية يطرح مشروع الإنفتاح الديمقراطي الذي يتمثل في عزم الحكومة على إتخاذ جملة من الخطوات التدريجية لإلغاء القيود و الموانع على اللغة الكردية , و إعادة تسمية المدن و القرى و البلدات الكردية بأسمائها الأصلية , و تنمية المنطقة الكردية , و تغيير معالم هوية الدولة . أوجلان طرح رؤيته للحل أيضا , و هو يقترب في مشروعه حسب تسريبات أولية , من مفهم الإدارة الذاتية للمناطق الكردية , في إطار دستور ديمقراطي جديد , يعكس التعدد الإثني في تركيا , و يجسد مبدأ المساواة بين جميع أبناء البلاد , بما يؤمن للشعب الكردي الحرية , و المشاركة الكاملة في رسم مستقبل البلاد , و تحقيق ذاته القومية من خلال تعلم و تنمية لغته و تراثه و ثقافته القومية بشكل ديمقراطي في إطار حدود الدولة التركية الراهنة . المشروع من حيث المبدأ لا يتعارض مع ما يطرحه العديد من الكتاب و المثقفين الأتراك . جنكيز أكتار عبر في صحيفة حرييت التركية باللغة الإنكليزية عن أهمية النموذج الأوروبي , المتمثل في الحكم المناطقي , من حيث الإدارة و تسسير شؤون المواطنين و التعليم و الشرطة , الذي يؤمن حكم أوسع للمناطق و المقاطعات , على حساب الإدارة المركزية ووجد الكاتب في هذا النموذح الحل الأمثل لحل المسألة الكردية , من منطلق أن إعطاء صلاحيات واسعة للأقاليم و المناطق من حصة سلطة المركز من شأنه أن يعطي الفرصة و الإمكانية للكرد لبلوغ طموحاتهم , من قبيل تسيير شؤونهم الإدارية و بالأخص التعليم و الصحة و الخدمات .
و بالرغم من أن هذا الطرح يشكل محاولة للإلتفاف على مطالب الكرد الرئيسية , و يهدف الى تمييع المسألة الكردية في التفاصيل الإجرائية , من خلال تجاوز الخطوات الأساسية لبلوغ الحل المبدأي , إلا أنه يشكل مع ذلك تقدما ً ملحوظاً من جانب وسائل الإعلام التركي في مناقشة القضية , على إعتبار أنها تشكل أم القضايا في داخل تركيا .
أما فيما يتعلق بوسائل الإعلام القريبة من أوساط حزب العدالة و التنمية , كجريدة الزمان على سبيل المثال , فقد شن بعض كتابها الرئيسيين هجوما ً حادا و مركزا على حزب المجتمع الديمقراطي , و على تصريحات قادته فيما يخص مسألة التخاطب أو الجهة الواجب مخاطبتها من أجل بلوغ الحل الديمقراطي للمسألة الكردية . أحد الكتاب في الزمان إتهم قادة حزب المجتمع الديمقراطي بالعمل على إفشال مشروع الحكومة للإنفتاح الديمقراطي على المسألة الكردية , بسبب دعوة هؤلاء رئيس الوزراء للتحاور مع أوجلان , و أعتبر أن رؤية الحكومة للحل لا تشير إلى هذا الأمر .
الأسابيع الماضية كشفت عن حجم الضغوط التي تتعرض لها الحكومة في مساعيها لحل ملفات مهمة ظلت مغلقة . المسألة الكردية و العلاقة مع أرمينيا كانتا أهم قضيتين شغلت الراي العام الرسمي و الشعبي في تركيا . الإعلام عكس من جهته إختلاف وجهات النظر حيالهما . من وقف الى جانب أردوغان في مسألة تطبيع العلاقات مع أرمينيا , إتخذ نفس الموقف حيال المسألة الكردية , و من وقف الى جانب المعارضة التركية كان واضحا ً رفض الإنفتاح على كلتا القضيتين . الخلاف الظاهر و الخفي , أثار و ما يزال نقاشا ً محموما ً , يلقي بظلاله على الرأي العام . و هو ما يؤدي الى تنفيس الرأي العام , و يساعد على تشكيل أجواء جديدة في تركيا . قد يكون الحل ما يزال بعيدا ً بعد الشئ , ولكنه لم يكن أقرب الى الرؤية , مما هو عليه الآن .
تطورات الداخل التركي , تشير الى تقدم عجلة التاريخ الى الأمام ,و صعوبة العودة الى الوراء . الكرد أصبحوا قوة عظيمة في تركيا , و تضحيات أبناءه و عزيمة و إرادة حركته التحررية , فتحت ابواب الحل السياسي لقضيتهم , و هي باتت قاب قوسين أو أدنى من التحقيق .




بقلم : زيور العمر
متابعة شبه يومية للصحافة التركية المكتوبة باللغة الإنكليزية , قد لا تعكس مقاربة دقيقة لما يجري من نقاش ساخن حول الخطوات المرتقبة من اجل حل القضية الكردية في تركيا . أغلب الصحافيين و الأكاديميين
الأتراك الذي يكتبون باللغة الإنكليزية في الصحافة التركية , تلقوا تعليمهم الجامعي في أعرق المؤسسات الأكاديمية الغربية . مقاربتهم للحل و جذر المشكلة في تركيا , تكاد تختلف . و مع ذلك نكاد نصل من خلالهم الى معرفة مستويات النقاش الراهن , و محاور القضايا المطروحة على طاولة البحث عن مخارج الحل .
في تركيا , تتصدر مناقشة مشروع« الإنفتاح الديمقراطي على المسألة الكردية » , سلم أولويات الإعلام و السياسة في الوقت الراهن . تكاد لا تخلو أي صحيفة تركية من مقالات و أفكار و رؤى حول المسألة الكردية . وكل ما يطرح سواءا ً على شكل مواقف من ساسة , أو آراء من قبل إعلاميين , تشير إلى شئ واحد لا غير: لا يمكن الإستمرار في تجاهل المشكلة , و إبقاءها دون حل . و بالرغم من إختلاف المواقف , و من خلفها النوايا و الأهداف , إلا أن التطور الحاصل هو أن الأتراك لم يعدوا يصفون الكرد بأتراك الجبال , و لا اللغة الكردية على أنها إحدى لهجات اللغة التركية , بل أنهم يشكلون قومية لها خصوصية متميزة عن الشعب التركي .
النقاش الدائر يكمن في كيفية الوصول الى رؤية الحل . أردوغان و حزبه العدالة و التنمية يطرح مشروع الإنفتاح الديمقراطي الذي يتمثل في عزم الحكومة على إتخاذ جملة من الخطوات التدريجية لإلغاء القيود و الموانع على اللغة الكردية , و إعادة تسمية المدن و القرى و البلدات الكردية بأسمائها الأصلية , و تنمية المنطقة الكردية , و تغيير معالم هوية الدولة . أوجلان طرح رؤيته للحل أيضا , و هو يقترب في مشروعه حسب تسريبات أولية , من مفهم الإدارة الذاتية للمناطق الكردية , في إطار دستور ديمقراطي جديد , يعكس التعدد الإثني في تركيا , و يجسد مبدأ المساواة بين جميع أبناء البلاد , بما يؤمن للشعب الكردي الحرية , و المشاركة الكاملة في رسم مستقبل البلاد , و تحقيق ذاته القومية من خلال تعلم و تنمية لغته و تراثه و ثقافته القومية بشكل ديمقراطي في إطار حدود الدولة التركية الراهنة . المشروع من حيث المبدأ لا يتعارض مع ما يطرحه العديد من الكتاب و المثقفين الأتراك . جنكيز أكتار عبر في صحيفة حرييت التركية باللغة الإنكليزية عن أهمية النموذج الأوروبي , المتمثل في الحكم المناطقي , من حيث الإدارة و تسسير شؤون المواطنين و التعليم و الشرطة , الذي يؤمن حكم أوسع للمناطق و المقاطعات , على حساب الإدارة المركزية ووجد الكاتب في هذا النموذح الحل الأمثل لحل المسألة الكردية , من منطلق أن إعطاء صلاحيات واسعة للأقاليم و المناطق من حصة سلطة المركز من شأنه أن يعطي الفرصة و الإمكانية للكرد لبلوغ طموحاتهم , من قبيل تسيير شؤونهم الإدارية و بالأخص التعليم و الصحة و الخدمات .
و بالرغم من أن هذا الطرح يشكل محاولة للإلتفاف على مطالب الكرد الرئيسية , و يهدف الى تمييع المسألة الكردية في التفاصيل الإجرائية , من خلال تجاوز الخطوات الأساسية لبلوغ الحل المبدأي , إلا أنه يشكل مع ذلك تقدما ً ملحوظاً من جانب وسائل الإعلام التركي في مناقشة القضية , على إعتبار أنها تشكل أم القضايا في داخل تركيا .
أما فيما يتعلق بوسائل الإعلام القريبة من أوساط حزب العدالة و التنمية , كجريدة الزمان على سبيل المثال , فقد شن بعض كتابها الرئيسيين هجوما ً حادا و مركزا على حزب المجتمع الديمقراطي , و على تصريحات قادته فيما يخص مسألة التخاطب أو الجهة الواجب مخاطبتها من أجل بلوغ الحل الديمقراطي للمسألة الكردية . أحد الكتاب في الزمان إتهم قادة حزب المجتمع الديمقراطي بالعمل على إفشال مشروع الحكومة للإنفتاح الديمقراطي على المسألة الكردية , بسبب دعوة هؤلاء رئيس الوزراء للتحاور مع أوجلان , و أعتبر أن رؤية الحكومة للحل لا تشير إلى هذا الأمر .
الأسابيع الماضية كشفت عن حجم الضغوط التي تتعرض لها الحكومة في مساعيها لحل ملفات مهمة ظلت مغلقة . المسألة الكردية و العلاقة مع أرمينيا كانتا أهم قضيتين شغلت الراي العام الرسمي و الشعبي في تركيا . الإعلام عكس من جهته إختلاف وجهات النظر حيالهما . من وقف الى جانب أردوغان في مسألة تطبيع العلاقات مع أرمينيا , إتخذ نفس الموقف حيال المسألة الكردية , و من وقف الى جانب المعارضة التركية كان واضحا ً رفض الإنفتاح على كلتا القضيتين . الخلاف الظاهر و الخفي , أثار و ما يزال نقاشا ً محموما ً , يلقي بظلاله على الرأي العام . و هو ما يؤدي الى تنفيس الرأي العام , و يساعد على تشكيل أجواء جديدة في تركيا . قد يكون الحل ما يزال بعيدا ً بعد الشئ , ولكنه لم يكن أقرب الى الرؤية , مما هو عليه الآن .
تطورات الداخل التركي , تشير الى تقدم عجلة التاريخ الى الأمام ,و صعوبة العودة الى الوراء . الكرد أصبحوا قوة عظيمة في تركيا , و تضحيات أبناءه و عزيمة و إرادة حركته التحررية , فتحت ابواب الحل السياسي لقضيتهم , و هي باتت قاب قوسين أو أدنى من التحقيق .